قائد الأمن الكردي: طوزخورماتو تحول إلى مسرح للاغتيالات

بعد دخول الميليشيات المسلحة إلى القضاء في كركوك

رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال استقباله وفد الكتلة التركمانية في مجلس محافظة كركوك في مكتبه في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال استقباله وفد الكتلة التركمانية في مجلس محافظة كركوك في مكتبه في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

قائد الأمن الكردي: طوزخورماتو تحول إلى مسرح للاغتيالات

رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال استقباله وفد الكتلة التركمانية في مجلس محافظة كركوك في مكتبه في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال استقباله وفد الكتلة التركمانية في مجلس محافظة كركوك في مكتبه في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)

بات قضاء طوزخورماتو (75 كم جنوب محافظة كركوك) مسرحا لعمليات الاغتيال التي تطال وبشكل مستمر أبناء المكون السني فيه، وبحسب المصادر الأمنية في القضاء فإن السنة يكونون نسبة 98 في المائة من الذين يغتالون في عمليات مسلحة مجهولة داخل القضاء، فيما تؤكد أن هذه العمليات ازدادت بعد مجيء ميليشيات «الحشد الشعبي» إليه الصيف الماضي.
وقال الرائد فاروق أحمد، مدير الآسايش (الأمن الكردي) في طوزخورماتو لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما يحدث في قضاء طوزخورماتو يدخل في خانة التصفيات السياسية بين المكونين السني والشيعي، والذين يستهدفون من خلال الاغتيالات 98 في المائة منهم من أبناء المكون السني الذين نزحوا بسبب المعارك من قراهم التي تقع في أطراف القضاء إلى داخله، حيث وصل عدد الأشخاص الذين قتلوا خلال المدة الماضية إلى أكثر من 25 شخصا، وازدادت حالات الاغتيال هذه بعد مجيء الميليشيات الشيعية إلى المنطقة».
وكشف أحمد عن أن القوات الكردية في طوزخورماتو المتألفة من قوات الآسايش وقوات شرطة الطوارئ التابعة لحكومة الإقليم وشرطة طوزخورماتو قررت تشكيل غرفة عمليات مشتركة بإشراف من قائمقام وعضو من مجلس المحلي للقضاء، من أجل إدارة الوضع الأمني داخله.
بدوره، قال أحمد عزيز، مسؤول اللجنة المحلية للحزب الديمقراطي الكردستاني في طوزخورماتو، لـ«الشرق الأوسط»: «بعد مجيء (الحشد الشعبي) إلى القضاء ازداد التدهور الأمني، المتمثل بالاغتيالات وعمليات الاختطاف والتهديد، ونتيجة لهذا الوضع، بدأنا نحن الأحزاب الكردية محاولاتنا لإعادة الاستقرار والحد من هذه الظواهر من خلال عقد اجتماعين مع الطرف التركماني الشيعي، وننتظر أن تتمخض هذه المباحثات عن نتائج إيجابية تؤدي إلى إعادة الاستقرار إلى طوزخورماتو»، مضيفا بالقول: «نحن وباستمرار نؤكد للطرف المقابل أنه مثلما قوات البيشمركة موجودة على حدود طوزخورماتو وتمارس واجباتها ومهامها في حماية هذه الحدود والوقوف بوجه (داعش)، يجب على (الحشد الشعبي) أيضا أن تنفذ واجباتها في حماية تلك الحدود خارج القضاء، وهم أكدوا لنا أنهم لن يسمحوا للحشد بأن يوجدوا داخل القضاء، لكن مشكلة هي استمرار عمليات الخطف وكتابة عبارات التهديد على حيطان المنازل والاغتيالات، فلو تمكنا من السيطرة على الوضع الأمني حينها يمكننا أن نخطو خطوات أخرى».
ودخلت ميليشيات الحشد الشعبي إلى قضاء طوزخورماتو في نهاية أغسطس (آب) الماضي خلال عملية فك الحصار الذي فرضه مسلحو «داعش» على ناحية آمرلي التركمانية الشيعية التابعة للقضاء، وبعد انتهاء العملية تمركزت هذه الميليشيات في المنطقة.
من جانبه، قال حسن بهرام، نائب مسؤول مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في طوزخورماتو، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة العراقية هي المسؤولة الأولى عما يجري في طوزخورماتو، لأنها لا تلعب دورا جيدا في تمتين مؤسساتها الأمنية، بالإضافة إلى تعميق الصراعات الطائفية، والدور السلبي لبعض من فصائل (الحشد الشعبي)، وكل هذا ساهم في ضعف الأمن في هذا القضاء، بالإضافة إلى وجود (داعش) في المنطقة التي تعتبر من المناطق الساخنة، ويوجد فيها الأكراد والعرب والتركمان والسنة والشيعة، وهي محاذية للمناطق العربية، لذا تمتلك موقعا مهما وحساسا والصراعات فيها تكون ذا انعكاسات سلبية، ويجب على بغداد أن تكون عادلة في التعامل مع كل المكونات لا أن تفضل مكونا معينا على الآخرين، فهي فضلت الشيعة على الآخرين في القضاء».
وفي السياق ذاته، قال صباح إبراهيم، عضو المجلس المحلي للقضاء، عن الكتلة العربية السنية، لـ«الشرق الأوسط»: «تدهور الوضع الأمني كثيرا في الآونة الأخيرة، خاصة بعد تحرير ناحية آمرلي ودخول الحشد الشعبي إلى المنطقة، والضحايا هم السنة، فعمليات الاغتيال تطال المواطنين والموظفين من هذا المكون»، مبينا أن طوزخورماتو كانت مدينة آمنة عندما كانت قوات البيشمركة تتولى زمام الأمور فيها، مشددا في الوقت ذاته بالقول: «إن حل الوضع الأمني في القضاء يكمن عن طريق إعادة النازحين إلى قراهم التي حررت من (داعش) وتشكيل قوات من أبناء تلك القرى لمسك الأرض وحماية مناطقهم بأنفسهم، وبالتالي يقل الضغط الحاصل داخل القضاء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.