«التعاون الإسلامي» تدعم الشرعية في اليمن وتطالب العالم بإعادة الإعمار

وزراء خارجية المنظمة يدعون إيران لحسن الجوار.. ويدعمون بغداد في مواجهة «داعش»

وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اياد مدني في ختام اجتماع الكويت أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اياد مدني في ختام اجتماع الكويت أمس (أ.ف.ب)
TT

«التعاون الإسلامي» تدعم الشرعية في اليمن وتطالب العالم بإعادة الإعمار

وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اياد مدني في ختام اجتماع الكويت أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اياد مدني في ختام اجتماع الكويت أمس (أ.ف.ب)

أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أمس، أن القوة العربية المزمع تشكيلها ستكون مستعدة للتدخل في أي مكان في العالم العربي، ملمحا إلى إمكانية أن تلعب دورا في التدخل العسكري في اليمن.
وكان العربي يتحدث على هامش مشاركته في أعمال الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في الكويت.
وأعطى البيان الختامي لهذا المؤتمر دعما جديدا لإعادة الاستقرار في اليمن، وعودة الشرعية، ورفض الانقلاب. ودعا البيان الختامي لمنظمة التعاون الإسلامي لاستكمال العملية السياسية في اليمن وفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية. وهيمنت قضية النزاع في اليمن على البيان الختامي لوزراء خارجية البلدان الإسلامية، حيث أكد البيان الالتزام بأمن واستقرار اليمن ودعمه للشرعية المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي.
كما دعا البيان الأطراف اليمنية إلى العمل على «استكمال العملية السياسية وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216 والقرارات ذات الصلة».
وأشاد الوزراء بنتائج مؤتمر الرياض «من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية»، وهو المؤتمر الذي عقد خلال الفترة من 17 إلى 19 مايو (أيار) الجاري بمشاركة واسعة من كافة القوى والمكونات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني اليمنية. وصدر عن ذلك المؤتمر «وثيقة الرياض».
كما دعم الوزراء الأهداف التي حددها الرئيس اليمني في خطابه إلى خادم الحرمين الشريفين، وهي «المحافظة على أمن واستقرار اليمن، في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها، وعدم التعامل مع ما يسمى (الإعلان الدستوري) ورفض شرعيته، وإعادة الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الدولة، وعودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية، والخروج باليمن إلى بر الأمان، بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها، وأن تستأنف العملية السياسية وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وألا يصبح اليمن مقرا للمنظمات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة».
وقال البيان كذلك إنه يدعو «كافة المكونات السياسية اليمنية إلى سرعة الاستجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي باستئناف الحوار مع كافة الفرقاء».
كما رحب البيان بعملية إعادة الأمل «للنهوض باليمن وإعادة إعماره»، وأعرب الوزراء عن «عميق تقديرهم لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لإنشاء مركز موحد لتنسيق تقديم المساعدات للشعب اليمني».
وحثّ البيان الختامي باسم وزراء الخارجية «كافة الدول، بما فيها دول المنظمة والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية، بما فيها الهيئات التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي العاملة في المجال التنموي وفي المجال الإنساني، إلى تقديم المساعدات وتبني برنامج دولي للدعم الاقتصادي والتنموي الشامل لإعادة بناء اليمن».
وكان وزراء خارجية الدول الإسلامية، أعلنوا في ختام أعمال الدورة الـ42 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي التي اختتمت في الكويت أمس ترحيبهم بالاتفاق الإطاري الذي تم بين مجموعة (5+1) وإيران لكنهم دعوا الأخيرة إلى التحلي بسياسة حسن الجوار مع محيطها.
وقال البيان الختامي للمجلس، بأن هذه الدول ترحب بالاتفاق النووي بين الدول الكبرى وطهران وهي تتطلع «إلى استكماله من خلال إجراءات التوقيع النهائي في نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل»، لكنه دعا طهران «لاستكمال التعاون مع المجتمع الدولي لما يساهم في تعزيز عناصر الأمن والاستقرار وترسيخ علاقات حسن الجوار».
وفي الشأن العراقي قدم المجلس دعمًا سياسيا لحكومة بغداد في حربها ضد تنظيم داعش وأكد المجلس متابعته «لتطورات الأوضاع الأمنية المؤسفة في العراق ومحاولات ما يسمى بتنظيم (داعش) الإرهابي لتقويض أمنه واستقراره»، مؤكدا وقوفه مع العراق في الحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه.
وأكد دعم «مساعي الحكومة العراقية الجادة والمخلصة في سعيها لإنجاز برنامج المصالحة الوطنية بما يحقق صلابة الجبهة الداخلية وتعزيز الوحدة الوطنية لأبناء الشعب العراقي».
وفي الموضوع السوري، دعا المجلس في (إعلان الكويت) «المجتمع الدولي إلى موقف حازم تجاه وقف العنف وما يرتكب من تدمير متواصل للبنية التحتية السورية وكذلك الوقف الفوري لسفك الدم السوري وإزهاق الأرواح» مؤكدا على الحقوق المشروعة للشعب السوري ودعم الحل السياسي القائم على قرارات مؤتمر (جنيف1).
وفي الشأن الليبي دعا المجلس «الفصائل الليبية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه وقف العنف الدائر هناك والتمسك بالخيار السلمي الوحيد والممكن لإنهاء الأزمة الليبية».
وأشاد «بالجهود الحثيثة التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة لليبيا في إيجاد حل سياسي للأزمة» مؤكدين على ضرورة الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها وكذلك عدم التدخل في شؤونها الداخلية للحفاظ على استقلاليتها التامة.
كما أكد وقوفه مع الشعب الليبي للتصدي لمن يريد العبث بأمن ليبيا وذلك عبر تقديم الدعم اللازم في حماية الحدود الليبية والعمل على وقف الهجرة غير الشرعية وحجب تسلل الجماعات الإرهابية ومنع تدفق السلاح والعتاد العسكري.
وفي الشأن الفلسطيني أعلنت الدول الإسلامية دعمها «الكامل لقضية فلسطين والقدس الشريف ودعم الحقوق الشرعية لأبناء الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف بما فيها حق تقرير المصير والعودة».
وأعربوا عن دعمهم «لإعادة طرح مشروع جديد أمام مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإيجاد تسوية نهائية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة»، وعبروا عن تأييدهم «للمساعي والإجراءات التي قامت بها دولة فلسطين للانضمام إلى المؤسسات والمواثيق والمعاهدات والبروتوكولات الدولية».
وقدموا دعمهم لمبادرة الأمين العام إياد مدني في دعوة المسلمين لزيارة القدس، وقال البيان بأن الأعضاء رحبوا «بزيارات فرق الاتصال الوزارية بشأن مدينة القدس الشريف للكثير من الدول المؤثرة من أجل دعم إيجاد حل عادل شامل للقضية الفلسطينية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم