اللبنانيون يقبلون على الطاقة الشمسية للتزود بالكهرباء

«مصرف الإسكان» يطلق حزمة قروض مدعومة هذا الأسبوع

ألواح الطاقة الشمسية باتت تغطي أسطح المنازل في عدد واسع من منازل بيروت والمناطق (شاتر ستوك)
ألواح الطاقة الشمسية باتت تغطي أسطح المنازل في عدد واسع من منازل بيروت والمناطق (شاتر ستوك)
TT

اللبنانيون يقبلون على الطاقة الشمسية للتزود بالكهرباء

ألواح الطاقة الشمسية باتت تغطي أسطح المنازل في عدد واسع من منازل بيروت والمناطق (شاتر ستوك)
ألواح الطاقة الشمسية باتت تغطي أسطح المنازل في عدد واسع من منازل بيروت والمناطق (شاتر ستوك)

أسهمت الوعود غير المحققة لمؤسسة كهرباء لبنان بتحسين التغذية بالتيار الكهربائي من ساعتين إلى 10 ساعات يومياً، بتحول المستهلكين، أفراداً ومؤسسات، بكثافة نحو خيار التزود بالكهرباء عبر الاستثمار في إنشاء شبكاتهم الخاصة من ألواح الطاقة الشمسية، والتخلي قسراً عن خيار الاشتراكات في المولدات الخاصة التي أضحت كلفتها التي تضاهي 3 ملايين ليرة بالحد الأدنى شهرياً، متعذرة تماماً عن معظم الفئات الاجتماعية.
وفي ظل تقلص الآمال بزيادة التغذية بالتيار العمومي ربطاً بالمعوقات السياسية التي تصاحب ملف استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، ومع قرب انتهاء عقد التزود بالفيول العراقي لمعامل الإنتاج بعد شهرين، أصبح من السهولة لمتابعي هذا الملف، ملاحظة الانتشار الكبير للخيم الحديدية الحاملة للألواح السوداء على سطوح الأبنية والمنازل وحتى الحدائق والفسحات المتاحة، ولا سيما في البلدات والقرى، والتي تعكس حجم الإقبال الاستثنائي على الخيار البديل.
ويترافق ذلك مع نمو لافت للعروض في الأسواق للبيع والتركيب من قبل الشركات المستوردة للتجهيزات وتجار الجملة الذين تتضاعف أعدادهم بشكل غير منظم وبما يفيض عن حجم الطلب الكبير، فيما يحاول مالكو الشقق في أبنية المدن الكبرى إنضاج اتفاقات خاصة أو انتظار حلول مؤاتية تعالج مشكلة الملكيات المشتركة للسطوح والفسحات المتاحة.
وبالوتيرة السريعة ذاتها، رصدت «الشرق الأوسط»، تنبه إدارات المصارف إلى جدوى التوظيف التمويلي في هذه السوق الواعدة، فعمد العديد منها إلى تصميم منتجات لتوفير قروض تستجيب لإمداد المحتاجين بالسيولة المطلوبة بالتقسيط لقاء فوائد تراوح بين 5 و10 في المائة سنوياً، بهدف تمكينهم من الحصول الفوري على شبكاتهم الخاصة من الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية، ما سيحقق حتماً اندفاعاً قوياً ومضاعفاً لهذه السوق الناشئة، علماً بأن الكلفة المتوسطة للشبكة المنزلية تتراوح بين 5 و7 آلاف دولار، أي ما يوازي ما بين 150 و200 مليون ليرة، بحسب سعر الصرف السائد.
وإذ تترقب الأسواق الانطلاقة الأولى لعمليات التسليف الجديدة مطلع الأسبوع المقبل مع إفصاح «بنك الإسكان» عن عنوان بوابته الإلكترونية المختصة بتلبية طلبات قروض الطاقة من ضمن مبادرة متكاملة تشمل حزمة من منتجات القروض الإسكانية الموجهة خصوصاً لذوي الدخل المحدود، ولا سيما في الأرياف، أكد مصرفيون لـ«الشرق الأوسط»، أن ما لا يقل عن 6 بنوك تعكف بالتزامن على وضع اللمسات الأخيرة لإطلاق منتجات مستحدثة للتمويل بالتجزئة وتتصدرها القروض المخصصة للطاقة الشمسية.
ويمثل هذا الدفق التمويلي المرتقب بالليرة حصراً في المرحلة الحالية بسبب المحاذير الكامنة أمام استئناف الإقراض بالدولار ريثما تتوفر ضمانات كافية للسداد بالعملة عينها، استعادة استثنائية، ولو خجولة في بداياتها، لوظيفة البنوك في قطاع الائتمان، بعد اعتكاف قسري وطويل يشرف على ختام عامه الثالث جراء الأزمات المالية والنقدية التي قوضت معظم العمليات المصرفية ومنظومات التسليف للأفراد والشركات على حد سواء، وأدت إلى تقلص حاد في محافظ التمويل لدى الجهاز المصرفي من مستويات قاربت 53 مليار دولار إلى أقل من 20 مليار دولار، ووسط نزف كبير في القيم المسددة بالسعر الرسمي لليرة للقروض المحررة بالدولار، وهو ما يسري أيضاً على كامل التمويلات السابقة بالليرة.
ويؤكد رئيس مجلس إدارة «مصرف الإسكان» ومديره العام أنطوان حبيب، أن المبادرة لتصميم رزمة قروض خصصها مصرف الإسكان لمساعدة اللبنانيين من ذوي الدخل المحدود، تقع في أساس وجود البنك ومهامه.
وبدءاً من الأسبوع المقبل، «سنضع هذه المنتجات بتصرف المستهدفين مقرونة باعتماد معدلات فوائد متدنية بالليرة لن تتعدى 5 في المائة، وبتسهيلات تقنية من خلال الموقع الإلكتروني الذي سيتيح تقديم الطلبات والحصول على الموافقات المبدئية كاملة قبل التوجه إلى مركزنا أو فروعنا في المحافظات».
واعتبر حبيب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن غياب البنوك عن التمويل لوقت طويل نسبياً يمكن أن ينتج مخاطر جسيمة مستقبلاً، بحيث يفصلها عن قواعد واسعة من عملائها وشراكاتها المباشرة في قطاعات الإنتاج كافة توظيف مواردها في تلبية حاجات الأفراد والشركات. فالائتمان هو أساس محوري في عمل البنوك ومصدر قوتها كقاطرة للاقتصاد الوطني، فضلاً عن صدارته في الجدوى الاستثمارية وديمومة الربحية في مرحلة التعافي الموعودة.
وعن ضيق الإمكانات المتاحة للبنوك، في ظل الضغوط الناشئة عن الأزمات وتقنين السيولة التي تعانيها البلاد، أكد حبيب أنه «إضافة إلى إمكاناتنا الخاصة المكونة من رساميلنا، ومن المخصصات التي نعول على انسيابها، من مساهمينا الموزعين بين 80 في المائة لمصارف خاصة، و20 في المائة للدولة، سنعتمد على مصدر تمويل سخي يبلغ نحو 165 مليون دولار عبر الجهود المبذولة لإنعاش اتفاقية قرض ميسر مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (ومقره الكويت)، علماً بأن اتفاقية القرض الميسر هي الثالثة من نوعها بين الصندوق والمصرف».
أما حزمة القروض التي سيطلقها المصرف، فهي تضم قرض شراء منزل يصل إلى مبلغ أقصاه مليار ليرة كبدل لشراء شقة بتقسيط السداد على 30 سنة، وقرض ترميم المنزل بمبلغ أقصاه 400 مليون ليرة مقسطاً على 10 سنوات. أما قروض الطاقة الشمسية فتراوح السقف المالي بين 75 و200 مليون ليرة تقسط على 5 سنوات. وسيتم اعتماد فائدة سنوية موحدة بنسبة 4.99 في المائة.
وفي سياق المبادرات المماثلة، كشف فوزي فرح، رئيس مجلس إدارة مؤسسة CFC المتخصصة بالتمويل بالتجزئة والتابعة لمجموعة «فرست ناشونال بنك»، عن إطلاق فعلي لمجموعة منتجات موجهة حصراً لتلبية الحاجات المالية للأفراد والمؤسسات الصغيرة، وبما يشمل القروض الخاصة بحيازة شبكة الطاقة الشمسية كبديل نموذجي، مالي وبيئي، للتزود بالتيار الكهربائي المتعثر على الشبكة العمومية والمتعذر بكلفته الباهظة على فئات كبيرة من أصحاب المداخيل المتدنية والمتوسطة.
وأكد فرح لـ«الشرق الأوسط»، أن توظيف السيولة المتوفرة بالليرة لدى البنوك وشركاتها المتخصصة وتوجيهها إلى عمليات التسليف يقع في صلب استهداف إعادة ترميم جسور الثقة والتفاعل بين أجهزة القطاع المالي والعملاء الذين عانوا الأمرين على مدار الانهيارات النقدية والمالية المتفاقمة تباعاً منذ خريف عام 2019.
وأشار إلى أن الأسواق متعطشة حالياً إلى مبادرات خلاقة من شأنها المساهمة في إعادة تصويب منظومات الخدمات المصرفية واستعادة التواصل الطبيعي بين موارد السيولة النقدية والتوظيفات الممكنة في قطاعات العمل والإنتاج، ما يؤسس لتسريع الخروج من دوامة الانهيارات وتزخيم النهوض في مرحلة التعافي.
ويوضح مدير عام المؤسسة طوني دبغيان، أن استئناف ضخ القروض الاستهلاكية يلاقي استجابة متزايدة من قبل محتاجي التمويل بالتجزئة والمتلهفين على شراء سلع أو أجهزة ضرورية لحياتهم اليومية وتنقلاتهم. كما تشكل الحلول المناسبة لأصحاب المهن ومؤسسات الأعمال الصغيرة الذين يتوقون إلى تنمية أنشطتهم وتحسين مداخيلهم عبر شراء معدات أو مواد أساسية. وقال: «سنطرح قريباً المنتج الخاص بالطاقة الشمسية بتمويل يصل إلى 250 مليون ليرة، مع مراعاة الفائدة الأنسب للمستفيد والاستثمار معاً».
وتضم حزمة القروض المتاحة حالياً، تمويل شراء دراجة نارية أو كهربائية للتنقل كبديل عن الكلفة المرتفعة للغاية لبدل البنزين للسيارات الخاصة. كذلك مجموعة من السلع المعمرة تشمل جميع الأجهزة الكهربائية والمنزلية كالبرادات والغسالات والتلفزيونات وسواها من اللوازم الضرورية للحياة اليومية، فضلاً عن القروض المالية الشخصية التي يحتاجها الأفراد أو المؤسسات الصغيرة لسداد حاجات مالية طارئة.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«كرّ وفرّ» على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
TT

«كرّ وفرّ» على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)

يخوض كل من «حزب الله» والجيش الإسرائيلي معارك «كرّ وفرّ» في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، حيث يحاول الجيش التوغل داخل الأراضي اللبنانية. ونشر صوراً قال إنها التقطت هناك لجنوده يسيرون في قرية حدودية، فيما أعلن الحزب عن أن مقاتليه يصدون الهجوم الإسرائيلي، ويطلقون الصواريخ والمسيرات باتجاه أهداف في العمق.

وتفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، قواته المنتشرة عند الحدود الشمالية، بعد نحو أسبوع من بدء عملياتها البرية في جنوب لبنان. وبحسب ما ذكر مكتبه، في بيان، زار قاعدة الفرقة 36 في منطقة الحدود اللبنانية، وهي واحدة من فرقتين تخوضان العملية البرية بشكل أساسي في جنوب لبنان.

ولم يمضِ وقت طويل على الإعلان عن الزيارة، حتى نشر الجيش الإسرائيلي صوراً قال إنها لجنوده داخل بلدات حدودية في لبنان، حيث عثرت على مواقع إطلاق «صواريخ»، وفتحات أنفاق، ومبانٍ عسكرية ووسائل قتالية ودمرتها، كما عثرت على مركبات مسلحة ووسائل قتالية تابعة لـ«قوة الرضوان»، وهي قوة النخبة في الحزب. وانتشر مقطع فيديو يظهر دبابات إسرائيلية على أطراف بلدة يارون، فيما فجّرت قواته مسجداً في البلدة.

جنود إسرائيليون يقاتلون على الحدود مع لبنان ويظهرون في صورة وزّعها الجيش الإسرائيلي (رويترز)

وفيما لم يذكر الجيش الإسرائيلي أي معلومات عن اجتياح البلدة، قالت مصادر ميدانية مطلعة على سير المعارك إن الجيش الإسرائيلي لم يجتح البلدة التي تشهد معارك منذ 6 أيام على أطرافها، أسوة ببلدات أخرى مثل مارون الراس وبليدا والعديسة وكفركلا، حيث يصدّ مقاتلو الحزب محاولات التوغل الإسرائيلي.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات عنيفة تندلع في تلك المنطقة التي تشهد معارك «كرّ وفرّ»، من غير أن تنفي توغلات محدودة على أطراف البلدات. وتوضح أنها «تكون ضمن خطط تكتيكية للإيقاع بالجنود واقتيادهم نحو الكمائن»، نافية أن تكون القوات الإسرائيلية قد أحكمت قبضتها على أي من البلدات الحدودية. ونفت أن يكون خط الدفاع الأول على الحدود قد تعرض لاختراق.

وتمتد المواجهات على مساحة تصل إلى 30 كيلومتراً من يارون غرباً، حتى كفركلا شرقاً، وهو خط ملاصق للشريط الحدودي مع إسرائيل، وتوجد فيه مبانٍ على الجهة اللبنانية تفصلها بضعة أمتار فقط عن الحدود.

وتعد هذه المنازل بالمفهوم العسكري «خاصرة رخوة»، ويمكن التوغل فيها. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في «حزب الله» تأكيدها أن القوات الإسرائيلية دخلت إلى أطراف بعض القرى، لكنها لم تتمكن من التقدم حتى الساعة.

جنود إسرائيليون يظهرون في صورة وزّعها الجيش الإسرائيلي وقال إنها في الأراضي اللبنانية (رويترز)

ونقل إعلام «حزب الله» عن ضابط ميداني، قوله إنّ «الثمن الذي يدفعه الجيش الإسرائيلي على مشارف بعض قرى الجنوب الملاصقة للحدود باهظ جداً على صعيد الخسائر البشرية والمادية». وأوضح أنّ «الصور التي نشرها جيش العدو (الإسرائيلي) لجنوده قرب منازل في قرية حدودية في جنوب لبنان صورت في بقعة جغرافية تبعد عشرات الأمتار عن الأراضي المحتلة، حيث كما يعلم الجميع أن بعض الجنوبيين بنوا منازلهم بالقرب من الحدود».

وأفاد إعلام «حزب الله» بأن «المقاومة حافظت على نوعية العمليات التي تتوزع على القصف بصليات صاروخية متعددة المديات والأنواع وكذلك القصف المدفعي والصواريخ الموجهة ضدّ الأفراد والدروع، وتم إدخال العبوات الناسفة إلى الميدان بعد إطلاق العدوّ عمليته البرية»، وذلك على مدى أيام.

وأعلن «حزب الله»، في بيان، أنه «لدى محاولة ‏قوة من جنود العدو الإسرائيلي التسلل باتجاه خلة شعيب في بليدا، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية الأحد بقذائف ‏المدفعية، فأُجبرت على التراجع وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة». كما أعلن عن قصف «تجمعات لجنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة المنارة ومحيطها بصلية صاروخية كبيرة»، واستهداف تحرك للجنود قرب المنطقة، فضلاً عن استهداف تجمع آخر في موقع بياض بليدا بقذائف المدفعية.

رجل يقود دراجة نارية قرب موقع استهداف إسرائيلي في منطقة صفير بالضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وتتبع القوات الإسرائيلية سياسة الأرض المحروقة في القرى الحدودية، بعمق يصل إلى 7 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، حيث نفذت عشرات الضربات الجوية، بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل يشمل جميع القرى الواقعة إلى جانب الحدود.

ولم تتوقف مدفعية الجيش الإسرائيلي عن قصف كفركلا وأطراف برج الملوك والخيام، كما أغارت طائراته على الخيام وكفركلا، فضلاً عن استهداف الكورنيش البحري في الغازية. وشنّ سلسلة غارات مستهدفاً بلدة جبشيت، وأطراف بلدتي زفتا وميفدون في قضاء النبطية.

خراب ناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت الكورنيش البحري في الغازية بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وأفيد عن تعرض بلدة الناقورة وجبل اللبونة لقصف مدفعي معادٍ، فيما استهدفت غارتان متتاليتان بلدة الخيام قرب منطقة الشاليهات، كما قصفت بلدتي دبين ومرجعيون.

وبعد الظهر، استهدفت غارة من مسيرة إسرائيلية دراجة نارية في بلدة جديدة مرجعيون، ومن ثم عادت ونفّذت غارة ثانية على الناس الذين هرعوا لإسعاف المصاب.

وتزامن التصعيد الجوي في الجنوب، مع تصعيد مماثل في ضاحية بيروت الجنوبية، شهد فجر الأحد ذروته، ونفذ قصفاً وُصف بـ«الأعنف»، وشمل طريق المطار القديم، ومحيط برج البراجنة ومنطقة الليلكي، ومنطقة صفير وحي الأميركان والمريجة والغبيري والشويفات والعمروسية. واستُهدفت الضاحية منذ فجر الأحد بأكثر من 25 غارة، سُمعت أصداؤها في بيروت وغطّت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة.

آثار الدمار الناتج عن غارات إسرائيلية استهدفت السويفات بالضاحية الجنوبية (رويترز)

وعلى طريق المطار، استُهدف مبنى فيه مستودع للمستلزمات الطبية، وقد اندلعت النيران فيه، وسُمعت أصوات مدوية بسبب وجود قوارير أكسجين بكمية كبيرة. كما استهدفت محطة للمحروقات أيضاً على طريق المطار القديمة. وقد تطايرت شظايا الصواريخ على المنطقة المحيطة بالضاحية. ولم تتمكن فرق الإسعاف والدفاع المدني من الدخول إليها بسبب نشاط الطيران المسير الذي يستهدف كل من يدخل الضاحية.

الدخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت محيط موقع آثار بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي شنّه سلسلة غارات خلال الليل على مرافق تخزين أسلحة تابعة لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت، كما أعلن مهاجمته وسائل قتالية للحزب في منطقة بيروت.

وفي البقاع، توسعت الغارات بشكل كبير، وطالت محيط موقع آثار مدينة بعلبك في شرق لبنان.