الشرطة الألمانية تحقق في «مئات جرائم الحرب» المحتملة بأوكرانيا

التحقيقات ما زالت في بدايتها وستحدد المسؤولين العسكريين والسياسيين

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برفقة المدعي العام الأوكراني في خاركيف، في 15 يونيو (أ.ف.ب)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برفقة المدعي العام الأوكراني في خاركيف، في 15 يونيو (أ.ف.ب)
TT

الشرطة الألمانية تحقق في «مئات جرائم الحرب» المحتملة بأوكرانيا

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برفقة المدعي العام الأوكراني في خاركيف، في 15 يونيو (أ.ف.ب)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برفقة المدعي العام الأوكراني في خاركيف، في 15 يونيو (أ.ف.ب)

أعلن مكتب الشرطة الجنائية الاتحادي في ألمانيا، أمس، أنه يحقق في مئات جرائم الحرب الروسية المحتملة في أوكرانيا، مشيراً أيضاً إلى أنه يسعى لتحديد المسؤولين العسكريين والسياسيين عن هذه الجرائم.
وقال رئيس المكتب هولغر مونش لصحيفة «فيلت أم زونتاغ»، «حتى الآن، تلقينا أكثر من مئات الأدلة» في هذا الاتجاه. ولا يشمل التحقيق مرتكبي جرائم الحرب فحسب، وإنما المسؤولين العسكريين والسياسيين عن هذه الجرائم كذلك، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف مونش: «إنه الجزء الأصعب من تحقيقنا، إنه أحجية معقدة».
وأكد أن «هدفنا الواضح هو تحديد المسؤولين عن الفظائع، وإثبات أفعالهم من خلال تحقيقاتنا وإحالتهم إلى القضاء»، بما في ذلك في ألمانيا التي يتمتع قضاؤها بالاختصاص العالمي ما يسمح له بالمحاكمة على بعض الجرائم أينما ارتُكبت في العالم. وأقر مونش بأن «ذلك سيستغرق وقتاً»، لأن التحقيقات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا ليست إلا في «بدايتها».
وتساعد أجهزة الاستخبارات الألمانية مكتب الشرطة الجنائية الاتحادي في تحقيقاته. وقد سجلت الاستخبارات محادثات لاسلكية بين جنود روس تفيد صراحة بفظائع مرتبكة بحق السكان المدنيين. ولفت مونش إلى أنه من الممكن أيضاً إرسال محققين ألمان إلى أوكرانيا، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب الحصول على تفويض دولي.
بعد انسحاب القوات الروسية من مدينتَي بوتشا وإربين الواقعتين في شمال غربي كييف، اكتُشفت مئات الجثث العائدة إلى مدنيين. واتهمت السلطات الأوكرانية روسيا بارتكاب جرائم حرب، وهو ما تنفيه موسكو.
وأعلنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بأوكرانيا، الأربعاء، أنها جمعت عدة ادعاءات بشأن جرائم حرب محتملة ارتكبتها القوات الروسية في البلاد، لكن من السابق لأوانه استخلاص نتائج.
بدورها، عدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الخميس الماضي، أن «الفظائع التي لحقت بالسكان المدنيين» في مدينة ماريوبول الأوكرانية التي سيطر عليها الروس في مايو (أيار) بعد حصار طويل، «ستترك بصمة لا تمحى، بما في ذلك على الأجيال المقبلة».
وقالت ميشيل باشليه، أثناء عرضها تقريراً عن المدينة الساحلية الاستراتيجية أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، «بين فبراير (شباط) ونهاية أبريل (نيسان)، كانت ماريوبول بلا شك أكثر الأماكن دموية في أوكرانيا». وأضافت أن «شدة ونطاق القتال والدمار (وعدد) القتلى والجرحى توحي بشدة بوقوع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان».
وأشارت باشليه إلى «الآباء الذين اضطروا إلى دفن أطفالهم، والأشخاص الذين رأوا أصدقاءهم ينتحرون، والأسر الممزقة، وكل من اضطروا لمغادرة مدينتهم المحبوبة، وهم لا يعلمون إن كانوا سيرونها مجدداً».
وأوضحت المفوضة الأممية أن إدارتها أثبتت صلة مباشرة بين مقتل 1348 مدنياً، بينهم 70 طفلاً، والاشتباكات العنيفة التي دمرت المدينة إلى حد كبير. وأضافت أن «هذه الوفيات نتجت من ضربات جوية ونيران الدبابات والمدفعية، وكذلك الأسلحة الخفيفة أثناء القتال في الشوارع». لكنها أقرت بأن «الخسائر المدنية الحقيقية نتيجة القتال ربما تكون أعلى بعدة آلاف».
وأوردت باشليه أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقدر أن ما يصل إلى 90 في المائة من المباني السكنية في ماريوبول تضررت أو دمرت، بينما أجبر نحو 350 ألف شخص على مغادرة المدينة.
من جهتها، قالت ممثلة الحكومة الأوكرانية تيتيانا لوماكينا، عبر كلمة بالفيديو، إن «ما لا يقل عن 22 ألف شخص» قتلوا خلال الحصار و47 ألفاً «نُقلوا قسراً إلى روسيا أو الأراضي المحتلة».
ويمثل هجوم القوات الروسية على ماريوبول موضوع العديد من تهم جرائم الحرب، بما في ذلك استهداف مستشفى للولادة ومسرح لجأ إليه مئات النساء والأطفال.
أما السفير الروسي غينادي غاتيلوف، فاعتبر أنه لا داعي للتركيز على ماريوبول، وقال «لقد تم تحرير مدينة ماريوبول بالكامل»، مشدداً على أن «السلام عاد» إليها، وأضاف: «لا نرى أي فائدة لاجتماع اليوم».
لكن المفوضية السامية أكدت أن الوضع حالياً في ماريوبول لا يزال «كارثياً». وأشارت إلى أن السكان الذين بقوا هناك «يواجهون يومياً صعوبات مع وصول محدود إلى الخدمات العامة والخدمات الاجتماعية الأساسية مثل الرعاية الطبية».


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».