نظرة فلسفيّة في معنى «الإعجاب» على مواقع التواصل

كأنها عُملة «رأس مال» اجتماعي

نظرة فلسفيّة في معنى «الإعجاب» على مواقع التواصل
TT

نظرة فلسفيّة في معنى «الإعجاب» على مواقع التواصل

نظرة فلسفيّة في معنى «الإعجاب» على مواقع التواصل

لقد غيّر انتشار الإنترنت أشياء كثيرة في هذا العالم. ولا شك في أن تأثيره على مجال التواصل بين البشر كان ثوريّاً بحق، إذ جعل من هذا الكوكب المترامي الأطراف قرية صغيرة، بحيث يمكن بأقل الجهد وأرخص التكاليف ربط أي عدد من الأشخاص معاً، وتبادل الرسائل فيما بينهم بأشكال مختلفة، كما منح الجميع فرصة تأسيس دوائر اتصال تتراوح بين عدد محدود من الأقرباء والأصدقاء إلى جمهور عالمي قد يغدو كبيراً، وكل ما بينهما.
التغيير الأهم مع ذلك مسّ معنى التواصل وماهيته، إذ إن الشبكات الاجتماعيّة أضافت جوانب جديدة لصيغ التخاطب الإنساني، مثل «الإعجابات» أو إعادة التغريد، كما أشكال جديدة للتعبير، مثل «الإيموجي»، والتعبيرات المختصرة، والـ«جي آي إف»، وغيرها، والتي أصبحت خلال أقلّ من عقد واحد جزءاً لا يتجزأ من خبرة التواصل لما يقارب 4 مليارات مستخدم للمنصات الاجتماعيّة عبر العالم، يقضي كل منهم ما معدله ساعتين ونصف يومياً في التفاعل معها.
ومع كل هذه التغييرات الهائلة المتسارعة، ما زال البحث الفلسفي والقانوني واللغوي بشكل عام متأخراً عن تفكيك وتفسير سرعة أدوات الخطاب الجديد تلك. ومن ذلك -مثلاً- الجدل القانوني الذي شهدته محكمة في زيوريخ (سويسرا) عام 2020، بعدما حكم القضاة بأن وضع علامة الإعجاب على منشور مسيء على «فيسبوك» يرتقي كي يكون عملاً جرمياً، على اعتبار أن علامة الإعجاب إشارة إلى تأييد المحتوى –المسيء في هذه الحالة– والمساعدة على نشره، بحكم أن خوارزميات هذه المنصة توصل المنشورات بطريقة أو بأخرى إلى جمهور صاحب علامة الإعجاب. وهناك حالات قانونيّة سُجلت في بريطانيا والهند وتايلاند لأناس استُدعوا إلى المساءلة أو اعتُقلوا جراء إبدائهم الإعجاب بمنشورات معينة.
ومن المعروف أن خاصية الإعجاب بالتحديد تمتاز بسهولتها المطلقة، إذ لا تتطلب كبير جهد سوى الضغط على الزر المناسب. لكن قبل إضافتها لمواقع التواصل كان رد الفعل الممكن الوحيد هو كتابة تعليق، الأمر الذي لا يفضله كثيرون لما يتطلبه من وقت وجهد وحذر أيضاً. والواقع أن استخدام خاصية الإعجاب على الشبكات الاجتماعيّة لا تعني بالضرورة أن الشخص يقول بأنّه يمتدح محتوى المنشور، بقدر ما هو ينخرط في سلوك اجتماعي أقرب إلى تعابير الوجه أو الابتسامة أو التلويح باليد أو الأصوات التي نصدرها كي نُشعر الآخر بأننا نستمع له، أو حتى تلك التعابير الفارغة من المعنى التي نتبادلها كنوع من المجاملة، مثل: «كيف الحال»، و«يا له من طقس جميل»، وهكذا. وهو ربما يعني مديح المحتوى للبعض؛ لكنه أيضاً قد يكون بمثابة تقدير متبادل بين طرفين يتبادلان الإعجابات، ربما دون الاطلاع على تفاصيل مادة المنشور. وهناك حتى أمثلة لمنشورات تعلن عن وفاة أشخاص حازت إعجابات مليونيّة، لم يكن أصحابها بالتأكيد يعبرون عن إعجابهم بموت نجومهم، بقدر ما كان نوعاً من إبداء المشاركة العاطفيّة في الحدث الحزين، أو حتى تأكيداً اجتماعيّاً للاطلاع على ذلك المنشور. ولذلك فإن المعنى الحقيقي للإعجاب يظل في أفضل الأحوال ملتبساً وغير محسوم.
وحتى عندما حاولت منصة «فيسبوك» –أكبر الشبكات الاجتماعيّة على الإطلاق بحوالي 2.5 مليار مستخدم– إضافة تعبيرات أدق للتعبير عن المشاعر تجاه المنشورات، فإن معناها النهائي أيضاً غير مؤكد. فهل إشارة الضحك تعني تأييداً للمنشور أم سخرية منه؟
على أنّ إبداء الإعجاب الفردي قد يكون أقل أهميّة في بيئة الشبكات الاجتماعيّة من عمليّة تراكمه، التي يبدو أنّها تمنح عند تكرره وتضخم أعداده، صاحب الحساب، نوعاً من مكانة أو سلطة، كأنها «رأس مال اجتماعيّ» على الصيغة التي وصفها عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو، يمكن أن يستثمر تالياً لكسب رأس مال سياسي أو اقتصاديّ، ناهيك عن قيمتها المضمرة كشبكة علاقات اجتماعيّة، تقارب تلك التي ينسجها المرء من خلال عضويته في نادٍ اجتماعي أو لجنة تطوعيّة.
وفي الحقيقة، فإن الحصول على الإعجابات قد يتضمن جوانب أبعد حتى من مسألة اكتساب المكانة تلك. فطبيعة التواصل عبر المنصات الافتراضيّة تبدو من دون تلقي ردود أفعال من الآخرين، أشبه بالصراخ في فضاء مفتوح، ولذلك فإن الإعجابات من تلك الناحية ضروريّة لمنح صاحب المنشور الشعور باكتمال عمليّة التواصل (مرسل ورسالة ومتلقٍّ)، وإن ما عبّر عنه يلقى نوعاً من القبول الاجتماعي، أقلّه على سبيل الافتراض، وإلا فغالباً ما سينتهي إلى الانسحاب من العمليّة.
وأيضاً، لا شكّ في أن منح الإعجابات يخلق بشكل عام نوعاً من الأجواء الإيجابيّة في العلاقات الاجتماعيّة، كما الهدايا أو البطاقات البريديّة التي يتم تبادلها في المناسبات، وبالطبع يبقى معناها النهائي مرتبطاً بالشخصين وطبيعة علاقتهما؛ سواء الحقيقية أو الافتراضيّة، مع الصلاحيّة للمتلقي دائماً في قبولها من عدمه، لا سيما في حالات تتعلق بشخصيات تقتصر معرفتنا بها على الشبكات، أو تتعلق بأفراد من جنسين مختلفين، إذ يمكن في بعض الأحيان أن تقرأ تلك الإعجابات في إطار إيماءات أقرب للغزل –الافتراضي دائماً-.
ولبناء رأس مال اجتماعي من وراء الإعجابات، سيكون ضرورياً الاستمرار في إنتاج المنشورات والتفاعل مع الآخرين على شبكة التواصل، وهي عمليّة تتطلب وقتاً وجهداً، ويضطر بعض المشاهير لتوكيل إدارتها اليوميّة لمساعدين. على أن الأبحاث أظهرت أن تلقي الإعجابات بأعداد كبيرة على الشبكات الافتراضيّة يمنح الشخص شعوراً بالسعادة، إذ وُجد أنها تطلق مادة «الدوبامين» في الدّماغ، تماماً كما لو كان الشخص قد تلقى هديّة مالية مثلاً، ولذلك فإن كثيرين ينتهون إلى مستوى ما من الإدمان على تلقي الإعجابات، والشعور بآثار الانسحاب عند انحسارها.
ويتفق كثيرون اليوم على أن الصيغة التي بُنيت عليها خوارزميات شبكات التواصل تساعد بشكل عام في نشر معلومات ومعارف وتحديثات وآراء، لم يكن ممكناً في أوقات سابقة الوصول إليها، أقلّه بالسهولة التي تقدّمها الشبكات في وقتنا الرّاهن. لكن ذلك ينبغي ألا ينسينا الجوانب السلبيّة التي يمكن لها أن تتضمنها تجربة الشبكات الافتراضيّة، ومنها السقوط في فخّ التخندق مع أشخاص يقاربوننا في الفكر، والابتعاد عمن لا تعجبنا أقواله دون دلائل. وهذا يؤدي إلى نشوء نوع من «غُرف صدى» من متشابهين لا يثقون بجمهور غرف الصدى الأخرى، على نحو يعيق صيغ الحوار السياسي بين مختلف فئات المواطنين، ويعيد إنتاج الاستقطابات القائمة بينهم ويعمقها. ويشتق من هذه الجهة أن التورط في غرف الصدى تلك يدفع بصاحبه إلى نوع من الكسل الفكري، وتوزيع الإعجابات كجزء من لعبة نكاية بالآخرين، الأمر الذي يخلق بيئة من العلاقات السطحيّة دون فهم معمّق لماهيّة المحتوى المتضمن في المنشورات والتغريدات، أو برغم رداءته، وهو ما يسميه الفلاسفة «سقوط المعنى». ولعل ذلك يفسّر ظواهر مثل: شعراء/ شاعرات «فيسبوك»، أو المفكرين الافتراضيين السطحيين الذين قد تدفعهم الإعجابات المتواردة إلى نشر مزيد من المادة الرديئة، وشغل الفضاء الافتراضي بها.
وقد تنبه القائمون على شبكات التواصل الاجتماعي إلى الجوانب السلبية لمسألة تجميع الإعجابات تلك، والسلوكيّات الخطرة التي يقوم بها البعض سعياً للحصول عليها. وهم بصدد إجراء تجارب للتخلّص من عداداتها الملحقة بكل منشور، بينما أضاف «فيسبوك» خدمة اختيارية يمكن من خلالها إخفاء العدادات الظاهرة أمام المستخدم على صفحته.
ومع ذلك، فإن الإعجابات تحديداً، وجوانب التواصل الإنساني التي أضافتها الشبكات الافتراضية، تظل في النهاية محايدة القيمة، كما كل تكنولوجيا حديثة، ومتعددة الأوجه، بحيث يمكن استخدامها في الأبيض من المعنى، كما في الأسود منه.


مقالات ذات صلة

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

مذاقات الشيف دواش يرى أنه لا يحق للبلوغرز إعطاء آرائهم من دون خلفية علمية (انستغرام)

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

فوضى عارمة تجتاح وسائل التواصل التي تعجّ بأشخاصٍ يدّعون المعرفة من دون أسس علمية، فيطلّون عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» في منشورات إلكترونية ينتقدون أو ينصحون...

فيفيان حداد (بيروت)
مبنى لجنة التجارة الفيدرالية في واشنطن - 4 مارس 2012 (رويترز)

لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية تتهم وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة ﺑ«مراقبة المستخدمين»

أفادت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية بأن وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة انخرطت في «عملية مراقبة واسعة النطاق» لكسب المال من المعلومات الشخصية للأشخاص.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
إعلام نك كليغ (ميتا)

إغلاق «كراود تانغل» يُجدد مخاوف انتشار «الأخبار الزائفة»

أثار قرار شركة «ميتا» إغلاق أداة تعقّب المعلومات المضلّلة «كراود تانغل» مخاوف الباحثين والصحافيين بشأن انتشار المحتوى المضرّ والمضلل

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

أمّهاتٌ قاتلات وأزواجٌ مجرمون... «راوية الجريمة» تعرض أفظع الجرائم الواقعيّة

يشهد عالم التلفزيون والإعلام مؤخراً اهتماماً مطّرداً من قبل الجمهور بالجريمة الواقعية. يأتي بودكاست «راوية الجريمة» عبر «الشرق» ليروي هذا العطش المستجدّ.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق توفيق بريدي تأكّد بأنّ تسطيح المحتوى لا ينفع (حسابه الشخصي)

توفيق بريدي... حكاية صانع محتوى لبناني تدارك الخطأ

يُخبر صانع المحتوى اللبناني توفيق بريدي «الشرق الأوسط» أنّ المرء يبدأ متهوّراً قبل تعلُّم الدرس. حذفُه فيديوهات البداية، إعلانُ تراجع من أجل صفحة جديدة.

فاطمة عبد الله (بيروت)

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
TT

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

يسجّل الشاعر سمير نخلة حالة خاصة بكلام الأغاني التي يكتبها. يتعرّف سامعها بسرعة على أنه هو موقّعها. تعاون مع أهم النجوم في لبنان والعالم العربي. حقق نجاحات متتالية مع فنانين مشهورين أمثال عاصي الحلاني، ونانسي عجرم، ووائل كفوري، ونجوى كرم، وراغب علامة وغيرهم.

كتب «بزعل منّك» لديانا حداد و«أنا هيفا» لهيفاء وهبي و«كلما غابت شمس» لملحم زين، فشكّلت مجموعة أغنيات من فئة العمر المديد. وفي «لون عيونك غرامي» لنانسي عجرم حقق نجاحاً هائلاً. فهو لا يزال يحصد صدى أعماله تلك حتى اليوم.

مع الفنان الراحل وديع الصافي (سمير نخلة)

وكما في الأغنية الرومانسية كذلك في الأعمال الوطنية استطاع سمير نخلة أن يحفر في ذاكرة اللبنانيين، ولعلّ أغنية جوزيف عطيّة «الحق ما بموت» من أشهر ما قدّمه في هذا الإطار.

فقلّة من الأغاني الوطنية التي تستطيع أن تحقق الانتشار الواسع على مدى سنوات طويلة. عمرها الذي ناهز الـ15 عاماً لم يقهره الزمن، وتُعدّ اليوم بمثابة نشيد وطني يتفاعل معه اللبنانيون في كلّ مرّة يستمعون إليها.

يقول الشاعر سمير نخلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن للأغنية الوطنية صفات خاصة كي تنجح. وإن كلاماً كثيراً اختصرته أغنيات وطنية لم تحقق هدفها.

ويتابع: «لا بدّ أن تنبع من الروح فلا تكون مجرّد صفّ كلام»، وهذا ما يفعله في كلمات أغنياته الوطنية وغيرها. وتابع: «لذا تصل إلى قلوب الناس بسرعة. فما ينبع من القلب لا يمكن أن يخطئ. كما أن التركيبة الثلاثية للأغنية من شاعر وملحن ومغنٍّ، تلعب دوراً مهماً».

يتشارك نخلة ملاحظات العمل مع الملحن والمغني، يقول: «أحياناً تُعدّل عبارة أو نوتة موسيقية أو أسلوب أداء. فالأمر يتطلّب اجتماع الركائز الثلاث على قاعدة الانسجام».

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان. ونسأل الشاعر نخلة عن سبب الوقت الطويل الذي يفصل بين أغنية وطنية ناجحة وأخرى مثلها، يوضح: «الأغنية الوطنية صعبة الولادة وعندما كتبت (الحق ما بموت) استلهمتها من حلم يراودني. كنت حينها أحلم بلبنان ينتفض من كبوته ويستعيد دوره الريادي في العالم العربي. كل هذا الحب والشغف تجاه وطني فرّغته في كلمات هذه الأغنية. وهذه الأحاسيس الدفينة والعميقة لا يمكن أن تحضر بسهولة».

الشاعر سمير نخلة يرى أن ولادة الأغنية الوطنية صعبة (سمير نخلة)

وإذا ما تصفّحنا مشهدية الأغنيات الوطنية في لبنان، لاحظنا أن الرحابنة كانوا الأشهر فيها. وقد استطاعوا أن يُنتجوا كثيراً منها بصوت فيروز. ويعلّق نخلة: «كانت مسرحيات الرحابنة لا تخلو من الأغاني الوطنية. ويعدّونها أساسية بحيث تؤلّف مساحة لا يستهان بها من باقي الأعمال الغنائية المغناة بصوت فيروز. وأنا شخصياً معجب بعدد كبير من تلك الأغنيات. ومن بينها (رُدّني إلى بلادي) و(بحبك يا لبنان) و(وطني) وغيرها».

ولكن، ما ينقص الساحة اليوم لتوليد أغنيات بهذا المستوى؟ يقول: «زمن اليوم تبدّل عن الماضي، وأصبح العمل الرديء يطغى. ولكن لا شيء يمكن أن يمحو الأصالة. وعلى هذا الأساس نلحظ موت تلك الأغنيات بسرعة. ولكن ولحسن الحظ لا يزال لبنان ولّاداً لشعراء أصحاب أقلام جيدة. فإضافة إلى مخضرمين مثلي تلوح على الساحة أسماء جيل شاب يمكن التّعويل على الكلام الذي يكتبونه».

حالياً يعيش لبنان حالة حرب قاسية، فهل ألهمته كتابة أغنية وطنية؟ يردّ في سياق حديثه: «ما نعيشه اليوم مليء بالمآسي. ولا أستطيع شخصياً أن أكتب في هذه الأجواء. أميل أكثر إلى كتابة الكلام المفعم بالأمل وقيامة لبنان».

عادة ما يحصد المغني شهرة أغنية معينة، ويغيّب - إلى حدّ ما - اسم كلّ من ملحنها وكاتبها. يعلّق الشاعر سمير نخلة: «الكلمة في الأغنية هي الأساس، وهناك ألحان جميلة لم تلفت النظر بسبب ضعف الكلمة المغناة. وبشكل عام الملحن والشاعر لا يُسلّط الضوء عليهما. بعض الأحيان، نلاحظ أن الملحن يحاول الترويج لعمله من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك بالكاد تبقى مكانته محفوظة في الأغنية».

يعتب نخلة على المطرب الذي لا يذكر اسم ملحن وشاعر أغنية يقدّمها، «لا أتوانى عن التدخل مباشرة إذا ما لاحظت هذا الأمر. أتصل بالمغني وأصارحه بأنه نسي ذكر اسمي شاعراً، فأنا متابع جيد لعملي. وأحياناً، عندما يُكتب اسم شاعر آخر بدل اسمي على قناة تلفزيونية ألفت نظرهم إلى ضرورة تصحيح الخطأ».

يعاني الشعراء في لبنان من عدم حصولهم على حقوق الملكية لمؤلفاتهم، «هل تعرفين أنه على المغني دفع نسبة 8 في المائة من أرباح حفلاته للملحّن والشاعر. وهذا بند مدرج ضمن نص حقوق الملكية الفكرية في لبنان، ولكنه لا يُطبّق. في الدول الأجنبية الأمر طبيعي. وأركان العمل الغنائي تصلهم حقوقهم بلا أي معاناة. ولكن مع الأسف حقوقنا في لبنان مهدورة ولا أحد يهتمّ بها».