{البينالي} يتوسع والسكان يتساءلون «فينيسيا لمن؟»

حصل بينالي فينيسيا على إذن بالتوسع بشكل أكبر في منطقة آرسنالي ما أثار تذمر السكان (نيويورك تايمز)
حصل بينالي فينيسيا على إذن بالتوسع بشكل أكبر في منطقة آرسنالي ما أثار تذمر السكان (نيويورك تايمز)
TT

{البينالي} يتوسع والسكان يتساءلون «فينيسيا لمن؟»

حصل بينالي فينيسيا على إذن بالتوسع بشكل أكبر في منطقة آرسنالي ما أثار تذمر السكان (نيويورك تايمز)
حصل بينالي فينيسيا على إذن بالتوسع بشكل أكبر في منطقة آرسنالي ما أثار تذمر السكان (نيويورك تايمز)

منذ تأسيسه في عام 1895، أصبح «بينالي فينيسيا» أحد أهم الأماكن في العالم التي تعرض الفن المعاصر، حيث يجذب مئات الآلاف من الزوار إلى المدينة بفضل معارضها وعروضها المؤثرة.
الحدث الذي يستمر هذا العام حتى 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، يبقي فينيسيا في قلب الحدث الثقافي في العالم. وبصورة أكثر عملية، فإنه يجلب زواراً متكررين يقضون ليلة واحدة، ولهذا السبب فإن المدينة تبدو كمن تفضل الزوار اليوميين العابرين.
لكن بعض السكان المحليين الذين يتقلص عددهم بسرعة في فينيسيا يشعرون أن البينالي، بمساعدة حكومة المدينة الحالية، يحتكر مساحة يمكن أن يستخدمها السكان المحليون لخلق حياة ثقافية واقتصادية مستدامة على مدار العام تتجاوز السياحة.
بحصول البينالي هذا العام على إذن بالتوسع على مساحة أكبر في منطقة آرسنالي (حوض بناء سفن سابق كانت جدرانه الطويلة المصنوعة من الطوب الأحمر تشهد إنتاج سفينة حربية يومياً) تورط في نقاش معقد حول مستقبل واحدة من أكبر الأماكن العامة في المدينة، بالتالي للمدينة نفسها.
«الآرسنالي أكبر بكثير من البينالي»، علق جورجيو سوبيجي سكرتير «منتدى مستقبل آرسينالي»، وهو تحالف يضم أكثر من 60 مجموعة محلية أمضت عقداً من الزمان في الضغط من أجل زيادة إمكانية إتاحة الموقع للزيارة، التي رفعت دعوى قضائية لمنع القرار الصادر في مارس (آذار). نظمت المجموعة احتجاجاً في فبراير (شباط) قبل قرار المدينة حضره مئات من سكان فينيسيا، الذين حملوا لافتات تقول: «من آرسينالي إلى المدينة» و«آرسينالي مفتوحة وحية طوال العام».
يقول المنتدى، إن ورش العمل التاريخية في «آرسينالي» يجب أن تكون مخصصة لبناء القوارب ومجموعات التجديف وعرض المراكب المائية التقليدية، وكلها يمكن أن تخلق فرص عمل مع الحفاظ أيضاً على أسلوب الحياة التقليدي في فينيسيا.
وأضاف سوبيج أن البينالي «شيء جميل بالنسبة لمدينة البندقية، فليكن ذلك واضحاً للجميع». غير أنه أضاف: «لكنه لا يجب أن يكون على حساب أشياء أخرى أكثر أهمية».
تعد «آرسينالي» التي تبلغ مساحتها 120 فداناً جزءاً كبيراً من المركز التاريخي لمدينة فينيسيا، وهي مملوكة بشكل مشترك لمدينة فينيسيا وللبحرية الإيطالية، التي لا تزال تحتفظ بقاعدة نشطة هناك. استمر المجمع الضخم مغلقاً تماماً أمام الجمهور حتى بدأ عرض البينالي هناك في عام 1980، وحتى الآن لا يمكن للسكان المحليين دخول العديد من مناطق آرسنالي إلا بعد شراء تذكرة بينالي مقابل 20.50 يورو، ما يعادل 21.40 دولار أميركي. ونادراً ما يكون جزء كبير من ممتلكات المدينة في «آرسينالي» متاحاً للجمهور، لكن الكثير منه غير مستخدم.
يمهد قرار مارس - نتيجة اتفاق بين المدينة ووزارة الدفاع ووزارة الثقافة - الطريق أمام البينالي لإنشاء المركز الدولي لأبحاث الفنون المعاصرة، وهو مكان للفنانين والأكاديميين للعمل. وبموجب الخطة، سيبني البينالي أيضاً منشآت لجناحه التعليمي المتنامي، تتضمن كليات البينالي، وسيستثمر الملايين لترميم الجدران والمباني والقنوات الهشة في «آرسينالي».
قال روبرتو سيكوتو، رئيس البينالي، إن الهدف كان «إعادة توطين هذا الجزء من المدينة وإحياء منطقة آرسينالي 365 يوماً في السنة»، مما يجعلها مكاناً لا يُعرض فيه الفن فحسب، بل يُبتكر أيضاً. وأضاف أن المركز الجديد سيجلب زواراً لفترات طويلة ووظائف دائمة، على الرغم من أنه من السابق لأوانه تحديد عددهم.

لا يمكن للسكان دخول العديد من مناطق آرسنالي إلا بعد شراء تذكرة مقابل 20.50 يورو (نيويورك تايمز)

وقال سيكوتو إن الجدل حول مستقبل آرسنالي كان له علاقة بإدارة المدينة للمجمع أكثر من مشاركة البينالي. وأضاف أن مركز البينالي الجديد سيشغل المباني التي ستكون غير صالحة للاستعمال ما لم يتم تجديدها. واستطرد: «نحن نعيد الأشياء التي دمرت. ستكون جريمة ألا نستغل هذا المكان ونعرضه للعالم».
سيكون المركز الجديد في النهاية مجرد جزء صغير من نشاط حضور البينالي في فينيسيا، الذي يمتد الآن إلى ما هو أبعد من موقعه الأصلي في «جيارديني ديلا بينالي»، حيث تقدم العديد من البلدان أجنحتها الوطنية. يمكن مشاهدة الأحداث الجانبية الرسمية، وكذلك المعارض المنظمة بشكل مستقل، التي تهدف إلى أن تتزامن مع البينالي، حتى في أبعد أركان المدينة.
في السياق ذاته، قال ماركو غاسبارينيتي، المدافع عن حقوق السكان وعضو مجلس مدينة البندقية، «البينالي يلتهم كل شيء». وأضاف أن الحرفيين كافحوا للعثور على ورش عمل ميسورة التكلفة، لأن الملاك يفضلون استئجار مساحة في الطابق الأرضي للبينالي، مضيفاً أن «الإيجار من أجل البينالي، حتى لبضعة أشهر أو بضعة أسابيع، يدر مبالغ لا تصدق».
وقال غاسبارينيتي، إنه رغم أن البينالي يجلب مئات الوظائف إلى فينيسيا، فإن العديد منها منخفض الأجر وموسمي. ورغم النيات الحسنة للثقافة، فإن البينالي يساهم في الشعور المتزايد لدى بعض السكان بأن البندقية «ليست لنا بل للآخرين».
في سياق متصل، قالت دوناتيلا توسو (67 عاماً)، وهي معلمة متقاعدة تعيش في منطقة كاستيلو، بالقرب من آرسينالي، إنها استمتعت بزيارة البينالي، وكانت «فخورة بأن تكون مدينتي مقراً لمثل هذا الحدث الثقافي المهم». لكنها أضافت أنه بينما كانت ترى حيها يتغير، لم تستطع إلا أن ترى البينالي على أنه «جزء من ديناميكية نزع الملكية التي أفقرت المدينة»، مضيفة أن ارتفاع الإيجارات يدفع السكان إلى الخروج، وتم تخصيص المزيد من المساحات في الحي لفعاليات البينالي.
من جانبه، قال ليو جيمس سميث (23 عاماً)، مدير منظمة محلية غير ربحية تركز على التجديد الحضري في البندقية، «بالنسبة لي، فإن البينالي عمل ساحر. هناك الكثير من الأنشطة من جميع أنحاء العالم في فينيسيا، والبينالي هو التعبير الفني عن ذلك». لكنه قال إنه يدرك بشكل متزايد أن البينالي يستخدم «قوته الاقتصادية الهائلة لشغل الكثير من المساحات التي يمكن استخدامها بشكل أفضل».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

معرض «الذهب والمجوهرات» المصري يستلهم الفنون الفرعونية

خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
TT

معرض «الذهب والمجوهرات» المصري يستلهم الفنون الفرعونية

خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)

افتتح وزير التموين والتجارة الداخلية المصري الدكتور شريف فاروق، الأحد، فعاليات معرض «نبيو» للذهب والمجوهرات 2024، بالعاصمة المصرية القاهرة، الذي «يعد أكبر حدث سنوي في صناعة الذهب والمجوهرات بمصر، ويعكس تميز القاهرة في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي»، بحسب بيان صحافي للوزارة.

ويستمر معرض «نبيو»، الذي يقام بقاعة المعارض الدولية بالقاهرة، حتى الثلاثاء المقبل، بمشاركة 80 عارضاً محلياً ودولياً، من بينهم 49 علامة تجارية مصرية، و31 عارضاً دولياً، بالإضافة إلى جناحين مخصصين لكل من تركيا وإيطاليا للمرة الأولى، بهدف «تعزيز البعد الدولي».

جانب من افتتاح المعرض (مجلس الوزراء المصري)

وتتضمن فعاليات «نبيو» معرضاً فنياً بعنوان «المجوهرات كانعكاس للهوية المصرية عبر التاريخ - الحقبة الفرعونية». وقال وزير التموين المصري، خلال الافتتاح، إن «المعرض يعكس الإرث الحضاري العريق لمصر في مجال الذهب والمجوهرات، ويمثل فرصة حقيقية لتعزيز الصناعات الوطنية وزيادة تنافسيتها في الأسواق العالمية».

وقال مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير: «الحلي والمجوهرات في مصر القديمة لم تكن مجرد زينة تجميلية، بل هي لغة معقدة مليئة بالرموز تعبر عن المكانة الاجتماعية، الروحانية، والصلات العميقة بالطبيعة والإلهية».

قطعة حلي فرعونية بالمتحف القومي للحضارة المصرية (الشرق الأوسط)

وأضاف عبد البصير لـ«الشرق الأوسط»: «المصريون القدماء استطاعوا بفضل مهارتهم الفنية وابتكارهم، صنع مجوهرات تحمل معاني وقيماً تفوق بكثير وظيفتها الجمالية»، مشيراً إلى أنهم «استخدموا الذهب في صناعة الحلي باعتباره رمزاً للخلود والنقاء، كما استخدموا أيضاً الفضة والنحاس وأحياناً البرونز، وزينوا المجوهرات بأحجار كريمة وشبه كريمة مثل اللازورد، والفيروز، والجمشت، والكارنيليان، والعقيق، والزجاج الملون».

ولفت عبد البصير إلى أن «المجوهرات كانت مؤشراً على الثراء والنفوذ، حيث اقتصر استخدام الذهب والأحجار الكريمة على الطبقة الحاكمة والنبلاء، بينما استخدمت الطبقات الأقل المواد البديلة مثل الزجاج».

وأشار إلى أن «هناك مجوهرات صنعت خصيصاً للموتى وكانت توضع بين الأثاث الجنائزي»، ضارباً المثل بالحلي التي اكتشفت في مقبرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون».

وأردف: «كانت المجوهرات جزءاً لا يتجزأ من حياة المصري القديم، حيث تعكس فلسفته وتصوره عن العالم، كما كانت رمزاً لفنون ذلك العصر».

المصريون القدماء أبدوا اهتماماً لافتاً بالحلي (الشرق الأوسط)

ويشير الخبراء إلى أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ، وكانوا يرتدونها للزينة ولأغراض دينية أيضاً، حيث كانت تستخدم مثل تميمة لحماية جسد المتوفى.

ويستضيف معرض «نبيو» أيضاً 166 مشاركاً من 19 دولة لـ«تعزيز التعاون التجاري وزيادة الصادرات»، إضافة إلى مسابقة لتصميم المجوهرات بمشاركة 13 دولة. وقال وزير التموين المصري إن «المعرض يجسد التعاون المثمر بين الدولة والقطاع الخاص، ويعكس رؤية القاهرة لأن تكون مركزاً عالمياً لصناعة الذهب والمجوهرات».