ثلاثة أيام في روما

ثلاثة أيام في روما
TT

ثلاثة أيام في روما

ثلاثة أيام في روما

غالبا ما يضجر سكان لندن من زحمتها ووتيره الحياة السريعة والروتينية فيها، فتراهم يهربون من عاصمة الضباب إلى مدن مجاورة في أوروبا بحثا عن راحة البال، ولو لعطلة أسبوع طويلة لا تزيد عن ثلاثة أيام. توفر شركات الطيران مثل "ريان اير" و "ايزي جيت" رحلات بأسعار معقولة لوجهات عديدة في أوروبا، ولكن اختيارنا في فصل الربيع الدافئ وقع على "المدينة الأبدية"، روما الحضارة والثقافة.
استغرقت رحلة الوصول ساعتين ونصف الساعة في الصباح الباكر، حلقنا مرورا فوق فرنسا لتحط طائرتنا في مطار تشامبينو في العاصمة الإيطالية. وعند وصولنا، استقبلنا مقهى المطار بقهوة الاسبريسو الشهيرة صاحبتها ابتسامات وترحيبات من شعب بشوش. ثم أقلتنا حافلة من المطار إلى قلب العاصمة مرورا بشوارع مليئة بالحياة وبنايات ملونة علقت على شرفاتها حبال الغسيل. وبدأت رحلتنا القصيرة إلى مدينة تزخر بتاريخ عريق وحاضر يعلم من يزورها حب الحياة.
تقع روما بين التلال والبحر، بنيت في الأصل على "التلال السبعة" الشهيرة التي ما زالت تشكل جزءا من المدينة. ورغم أن الماضي المجيد للمدينة الخالدة ما زال حيا في كل زاوية وشارع، إلا أنها اهتمت بمزج عراقتها بحداثتها وكل ذلك في مدينة أقرب للخيال من الواقع. حيث أصبحت العاصمة الإيطالية اليوم مدينة حيوية ومركز الثقافة والفنون والأعمال والمناظر الطبيعية الخلابة والطعام.
ومن المثير أن حوالى ستين في المائة من مجمل الأعمال الفنية بالعالم مركزه في إيطاليا، إذ تتصدر القوائم بكل ما يتعلق بمواقع التراث لليونسكو مع 50 موقعا الأكثر من أية دولة أخرى على قائمة التراث العالمي، وكم كبير منها تحتضنه روما.
الطقس الربيعي المعتدل مكننا من استكشاف المدينة ومعالمها سيرا على الأقدام، فلم نستقل الميترو والباص أكثر من ثلاث مرات. وخلال ثلاثة أيام مضت بلمح البصر استطعنا رؤية أهم معالم المدينة بدءا من الميدان الروماني والمدرج الفلافي (كولوسيوم) وانتهاء بـ"بياتزا ديل بوبولو".
يقع الميدان الروماني في واد صغير بين تلال بلاتين والكابيتولين، وكان قديما في ايام الامبراطورية الرومانية مركزا للشؤون التجارية ومكانا للتجمع والمسيرات وإلقاء الخطب العامة.
ويتوسط المدينة المدرج الفلافي العملاق أو الكولوسيوم، ويتسع لأكثر من 50 ألف مشاهد كانوا يتوافدون في عهد الامبراطورية الرومانية لمشاهدة قتال المصارعين (الغلادياتورز).
وبعيدا عن الآثار التاريخية نقف لنتأمل المدينة في داخل المدينة؛ الفاتيكان بمتاحفها التي تحتضن آلاف الرسومات والمنحوتات الشهيرة وكنيستها المميزة. أسس البابا بوليوس فى القرن السادس بعد الميلاد متاحف الفاتيكان التي تضم تشكيلة كبيرة من الآثار المهمة في العالم، وتشمل أيضا سلالم حلزونية وغرف رافائيل وكنيسة سيستين الرائعة التي قام الرسام الشهير ميكيلانجيلو برسم سقفها بين 1508 و 1512 م لتصبح من أهم وأجمل أعماله. وتضم المتاحف أهم أعمال النحات بيرنيني والرسام ماتيس المعاصر وغيرهم. وأما كنيسة القديس بطرس التي تبعد خطوات معدودة عن المتحف فتعد مركزا للكاثوليكية في العالم ومن أهم الأماكن جذبا للسياحة، حيث يبلغ ارتفاعها من الداخل 120 مترا وتعتبر معلما معماريا رائعا من الداخل والخارج.
وعلى السلالم الاسبانية التي تتكون من 135 درجة وبنيت في القرن الثامن عشر الميلادي، يجلس السياح ليتأملوا سحر روما. وعلى مقربة من تلك السلالم الشامخة ينتصب أقدم مبنى في العاصمة الإيطالية؛ البانثيون. بني في الأصل كمعبد لجميع آلهة روما القديمة ومنذ القرن السابع استخدم المبنى ككنيسة. ويكمن سحر البانثيون بقبته المخرومة التي تدخل من خلالها اشعة الشمس لتنير الداخل. وصممت القبة بحرفية هندسية لا تسمح لدخول الأمطار إلى داخل الكنسية عند هطولها.
ومع أن أشهر نافورة في روما كانت خاضعة لأعمال ترميم أثناء الزيارة، إلا ان جمالها المعماري برز رغم أعمدة المعمار الحديدية. فهي أكبر نافورة باروكية لمنحوتات آلهة رومانية يرمي بها السياح عملات معدنية لتتحقق أمنياتهم وليعودوا يوما لزيارة المدينة.
ومرورا بوسط المدنية رأينا الشرفة التي ألقى منها بينيتو أندريا موسوليني قائد الحركة الفاشية في إيطاليا، خطابه في عام 1940 لإعلان الحرب على بريطانيا آنذاك. وعندها يتأكد للمرء كم هي غنية روما، وكيف استطاعت دمج التاريخ القديم بالمعاصر وخلق حاضر مليء بالثقافة.
ولا تكتمل الرحلة من دون تذوق الأطباق الإيطالية الشهيرة من البيتزا والباستا والأنتي باستي وجبنة الموزاريلا والبوراتا. وفي كل مطعم دخلناه تذوقنا طعاما بنكهة مميزة حميمية وكأنها مأكولات بيتية حضرتها جدة إيطالية على طريقتها السرية. ومن أجمل المطاعم التي جربناها كان مطعم "بروكوليتي" الحميمي الذي يقدم لوائح الطعام على ألواح طباشير لكل طاولة.
ومع أن الأمطار الربيعية انهمرت خلال زيارتنا، إلا اننا لم نكترث بالبلل، إذ أضافت زخات المطر شاعرية لا توجد إلا هناك. وتناسينا جو الشمسيات بالتهام الجيلاتو (البوظة) الشهيرة التي وفرتها المحلات في كل شارع فرعي بنكهاتها المختلفة.
وما أجمل روما من مدينة عندما يزينها نور القمر. مدينة حيوية بشعب بشوش يحب الحياة ويستغل ساعات الليل للراحة والالتقاء بالاصدقاء في ساحات المدينة المختلفة الموزعة شرق وغرب نهر التيبر. ومنها بياتزا نافونا وبياتزا ديل بوبولو وحي تراستافيري.
بنيت ساحة نافونا "بياتزا نافونا" في عام 1644م، فوق نفس المنطقة التي كان يقع فيها ستاد "دوميتيان" حيث كانت تقام الألعاب وسباقات الخيل في القدم. ولوجود نافورتين من أعمال "برنيني"، و مقاه ومطاعم حول جانبيها، وفنانين يبيعون أعمالهم في وسطها ، فهي مكان جذاب للسياح وسكان المدنية، حيث تباع أكبر الكميات من الجيلاتو هناك. وأما "بيازا ديل بوبولو" أو "ساحة الشعب" بالإيطالية فهي واحدة من أشهر الساحات، حيث كانت مكانا للمهرجانات. وتتوسط الساحة مسلة مصرية تحدد نقطة التقاء الشوارع الثلاث الشهيرة التي تبدأ في الساحة.
وللابتعاد عن المعالم السياحية وفروع المحلات التجارية، يهرب سكان روما إلى حي تراستيفيري، وهو حي من العصور الوسطى على الضفة الغربية لنهر التيبر. ويتميز شعار الحي برأس أسد ذهبي على خلفية حمراء وبوجود العديد من الممرات والأزقة الضيقة الجميلة والرائعة. عدا عن المحلات المختلفة والأسواق الشعبية والبصارات.
ثلاثة أيام في روما كانت كافية لنقع في حب هذه المدينة الفاتنة، ولكنها لم تكن كافية للضجر من رونقها. تعلمنا منها الاستمتاع بالأمور البسيطة في حياتنا اليومية، وتحمل الكروت البريدية لمعالمها (البوست كاردز) التي اشتريناها من هناك ذكريات لعطلة تغلغلت كل لحظاتها غذاء للجسد والروح.



عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.