العسل اليمني تحت تهديد المبيدات المحرمة والألغام الحوثية

TT

العسل اليمني تحت تهديد المبيدات المحرمة والألغام الحوثية

كشفت إحصائيات القطاع الزراعي في اليمن وتقرير دولي عن مخاطر كبيرة تهدد إنتاج العسل، جراء استخدام المبيدات الزراعية عالية السمية في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، إلى جانب انتشار القذائف والمتفجرات والألغام الأرضية، مضافاً إليها التغيرات المناخية، حيث تكبّدت 100 ألف أسرة تعمل في تربية النحل خسائر فادحة جراء ذلك.
ورصدت البيانات نفوق خمسة آلاف خلية نحل في محافظة ذمار وحدها بسبب المبيدات الحشرية عالية السمية، كما أن إغلاق الطرقات وانتشار القذائف والألغام حالت دون قدرة النحالين على التنقل بين المناطق بحثاً عن المراعي الخاصة بإنتاج الأنواع الجيدة من العسل.
ووفق بيانات الإدارة العامة لوقاية النباتات ومبادرة «حلم أخضر»، فقد تسبب استخدام المبيدات عالية السمية في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي في نفوق 15 ألف خلية نحل خلال العام الماضي في محافظة ذمار، منها 1800 خلية في وادي رماع بمديرية آنس، ونحو 13.200 خلية بمناطق: الجميحة، وصاب، وجبل الشرق، فيما خسر النحالون في محافظة عمران 100 خلية، كما نفقت 100 خلية نحل جراء رش المبيدات المحظورة في مديريات صوير، والعصيمات، والسوادية بمحافظة عمران شمال صنعاء وهي المناطق التي تنتج أجود وأغلى أنواع العسل في البلاد.
وفي محافظة حجة، تظهر البيانات نفوق 137 خلية في مناطق: الدرب، وكحلان، وعفار، وعزلة الدقيمي، نتيجة استخدام المبيدات المحظورة التي يتاجر بها قيادات وتجار يتبعون ميليشيات الحوثي، فيما تعرضت العديد من طوائف النحل في مديريات محافظة الحديدة للتسمم والنفوق جراء استخدام المبيدات عالية السمية في رش المزروعات التي يتغذى عليها النحل.
كما نفق المئات من طوائف النحل في منطقة حزيز بمحافظة صنعاء، للأسباب ذاتها وكذلك الحال في محافظة تعز، حيث تضرر مائة من النحالين في منطقة دبع الخارج بمديرية الشمايتين جراء تسمم خلايا النحل بالمبيدات، وكذلك الحال في مديرية ماوية، حيث نفق عدد من خلايا النحل جراء المبيدات.
وفي سياق متصل، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من نضوب العسل في اليمن، جراء الحرب وزراعة الألغام وعوامل التغير المناخي، وقالت إن قطاع إنتاج العسل تكبد خسائر فادحة بسبب الحرب، لأن المعارك منعت النحالين من التنقل في جميع أنحاء البلاد بحثاً عن المراعي، في حين قُتل العشرات منهم عند محاولتهم عبور جبهات القتال أثناء رعي نحلهم أو محاولة بيع منتجاتهم.
وبحسب اللجنة، فإن موجات نزوح السكان المتتالية فراراً من العنف وتأثير التلوث بالأسلحة في مناطق الإنتاج والآثار المتزايدة لتغير المناخ، دفعت بالآلاف من النحالين إلى حالة من عدم الاستقرار، حيث إن 100 ألف أسرة يمنية تعمل في تربية النحل وتعتمد عليها بوصفها المصدر الوحيد للدخل.
تقرير الصليب الأحمر ذكر أن الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، ضاعفت من معاناة العاملين في قطاع إنتاج العسل، إذ يتعرض النحالون أثناء رعي النحل في أماكن قريبة من الخطوط الأمامية التي يدور فيها القتال للاستهداف، وهذا الوضع أجبر الآلاف على التخلي عن صناعة العسل، وممارسة مهن أخرى تتطلب تنقلاً أقل.
ووفق ما جاء في التقرير، فإن صناعة العسل في اليمن تأثرت بشكل أكبر أيضاً بالتغيرات المناخية، إذ أدى ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة، إلى جانب التغيرات الشديدة التي طرأت على البيئة، إلى اضطراب النظام الإيكولوجي للنحل الذي يؤثر في عملية التلقيح.
ومع انخفاض معدل سقوط الأمطار عن المعتاد خلال العام الحالي، ترافق ذلك مع انخفاض منسوب المياه الجوفية وزيادة التصحر، «لهذا لم تعد المناطق التي كانت بيئة للأنشطة الزراعية وتربية النحل في السابق تحافظ على سبل العيش».
وبحسب ما قاله مزارعون، فإن عدم هطول الأمطار منذ شهور أدى إلى انخفاض كمية الزهور التي يتغذى عليها النحل، وبسبب عدم كفاية المدخول من تربية النحل وبيع العسل لتلبية احتياجات أسرهم، اضطر الأطفال للانقطاع عن الدراسة والعمل في قطاعات أخرى لتوفير احتياجاتهم اليومية.
وتشير اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن دعمها خلال العام الماضي استفاد منه 3.700 من النحالين في أرجاء البلاد، وقالت إنها تخطط لتوسيع دعمها للنحالين خلال هذا العام من خلال توفير التدريب والدعم المالي.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.