«إخوان إيطاليا» يسعون إلى السلطة

الحزب الفاشي الجديد... انتقل من بدايات انشقاقية متواضعة

«إخوان إيطاليا» يسعون إلى السلطة
TT

«إخوان إيطاليا» يسعون إلى السلطة

«إخوان إيطاليا» يسعون إلى السلطة

ثمّة تعبير يعشقه الإيطاليون في لغتهم ويحلو لهم استخدامه في الأحاديث التي تدور حول سباق السيارات والمنافسات الرياضية، وصراعات الأحزاب في المشهد السياسي الذي يتبدّل وتتغيّر تحالفاته باستمرار. هذا التعبير هو «سورباسو» Sorpasso الذي يدلّل على تجاوز أحد المتبارين خصومه، والذي كان أيضاً عنواناً لأحد أشهر الأفلام السينمائية التي أخرجها دينو روسّي مطالع ستينات القرن الفائت ومرجعاً فنّياً لما يعرف بالكوميديا الإيطالية، وانتقل بصيغته الأصلية إلى اللغات اللاتينية الأخرى لشدة دلالته. منذ مطلع هذا الأسبوع يكثر استخدام هذا المصطلح لتوصيف المشهد السياسي اليميني في إيطاليا، بعد الانتخابات البلدية الأخيرة التي أجريت يوم الأحد الفائت وأسفرت، كما توقعت الاستطلاعات، عن فوز تحالف اليمين الوسط بفارق غير كبير عن الأحزاب التقدمية واليسارية. إلا أن الجديد اللافت كان تصدّر حزب الفاشيين الجدد «إخوان إيطاليا» الأحزاب اليمينية، متجاوزاً حزب «فورتسا إيطاليا» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلوسكوني، بل مضاعفاً نتائج حزب «الرابطة» الذي يرأسه ماتّيو سالفيني. وكان هذا الأخير لأشهر قليلة خلت يتزعّم التحالف اليميني، ويتطلّع للوصول إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات العامة في ربيع العام المقبل.
في نهاية العام 2012 قرّر وزير الدفاع الإيطالي الأسبق إيغناسيو دي لا روسّا، المنسّق العام لحزب «شعب الحرية»، الانشقاق عن الحزب الذي كان يتزّعمه سيلفيو برلوسكوني. وعقبه بعد أيام قليلة انشقاق آخر بقيادة جيورجيا ميلوني يضمّ الجناح اليميني الذي كان يجمع الأعضاء السابقين في حزب «الحلف الوطني»، الذي بدوره قام على أنقاض «الحركة الاجتماعية الإيطالية» الفاشية التي كانت تعتبر نفسها الوريثة الشرعية للحزب الفاشي الذي أسسه بنيتو موسوليني.
وقبل انقضاء أسبوع واحد على ذلك الانشقاق المزدوج - الذي تبيّن لاحقاً أنه حصل بتنسيق تام بين الطرفين - قرّر التيّاران المنشقّان تشكيل كتلة برلمانية واحدة تضمّ 10 أعضاء في مجلس الشيوخ، وخوض الانتخابات التشريعية في العام التالي تحت اسم «إخوان إيطاليا»، أو «فراتيلي ديتاليا». وهذا الاسم الذي اختارته ميلوني مقتبس من البيت الأول للنشيد الوطني الإيطالي الذي وُضع أواسط القرن التاسع عشر بعد توحيد إيطاليا على يد جيوزيبي غاريبالدي.

شعار حزب «إخوان إيطاليا»

- بداية متواضعة لـ«الإخوان»
في تلك الانتخابات التي فاز بها تحالف الأحزاب اليسارية بقيادة الحزب الديمقراطي بغالبية ساحقة، لم يحصل «إخوان إيطاليا» سوى على 9مقاعد في مجلس الشيوخ و11 مقعداً في مجلس النواب. وبالتالي، بقي لسنوات حزباً ثانوياً على هامش الائتلاف اليميني الذي كان يقوده برلوسكوني قبل أن ينضمّ إليه حزب «الرابطة» (الانفصالي سابقاً) الذي كان نشاطه يقتصر على مقاطعات الشمال، وكان قد أسس أصلاً بهدف المطالبة باستقلالها عن إيطاليا.
وبعدها، في انتخابات العام 2018 فازت حركة «النجوم الخمس» بالمركز الأول، وتلاها حزب «الرابطة» بزعامة ماتّيو سالفيني الطامح إلى قيادة المعسكر اليميني الذي كان لواء زعامته معقوداً لبرلوسكوني منذ سنوات، بينما لم يحصل «إخوان إيطاليا» على أكثر من 4.3 في المائة من الأصوات. وهكذا، ظل لاعباً ثانوياً في المشهد السياسي الذي كان سالفيني يحدد أجندته اليمينية من موقعه وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الحكومة التي ولدت من الائتلاف بين «الرابطة» وحركة «النجوم الخمس»... التي كانت فرضت لرئاستها أستاذ الحقوق جيوزيبي كونتي، رغم عدم انتمائه للحركة، ولا عضويته في البرلمان.

جيورجيا ميلوني  -  ماتيو سالفيني

- حكومة ماريو دراغي
عندما سقطت حكومة كونتي الثانية بعد المناورة الفاشلة التي قام بها سالفيني، طارحاً الثقة بالوزارة - التي كان أحد أبرز أعضائها - بهدف فرض إجراء انتخابات مبكرة كانت الاستطلاعات ترجّح فوزه بها، ألقى رئيس الجمهورية سيرجيو ماتّاريلّا بكامل ثقله لإقناع الحاكم السابق للمصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي بقبول تشكيل حكومة ائتلافية واسعة. وكان هدف رئيس الجمهورية تحاشي إجراء انتخابات عامة في ذروة جائحة «كوفيد 19» والانقسامات السياسية الحادة التي كانت تنذر بخلافات عميقة بين الأحزاب يمكن أن تحرم إيطاليا من الاستفادة من حصة الأسد التي حصلت عليها من صندوق الإنعاش، الذي كان أقره الاتحاد الأوروبي لمساعدة الدول الأعضاء على النهوض من تداعيات الجائحة.
وعندما فرض دراغي شروطه لتأليف الحكومة الائتلافية بمشاركة جميع أطياف الكتل البرلمانية وتعهدها بتأييد البرنامج الحكومي، وقبلت «الرابطة» الانضمام إلى الوزارة الجديدة والتعهد بألا تعرقل أعمالها، أدركت جيورجيا ميلوني، زعيمة «إخوان إيطاليا» أنها أمام فرصة توسيع قاعدتها الشعبية بين الناقمين الكثيرين على فشل الأحزاب السياسية التقليدية في التوافق على تكليف رئيس للحكومة من داخل البرلمان، واللجوء - للمرة الثالثة على التوالي - إلى اختيار شخصية لم يسبق لها أن خاضت انتخابات أو تولّت مناصب عامة.
- قيادة المعارضة اليمينية
لذا رفضت ميلوني الانضمام إلى الحكومة الائتلافية التي ضمّت جميع الأطياف الممثلة في البرلمان. وبقي حزبها «إخوان إيطاليا» وحده في المعارضة متفرّداً بانتقاد الحكومة، التي حظيت بتأييد واسع في المرحلة الأولى بعد تأليفها، لكنها سرعان ما بدأت شعبيتها تتراجع بفعل التناقضات العميقة والتضارب في مصالح الأحزاب التي تشكّلها.
في موازاة ذلك، كانت شعبية «إخوان إيطاليا» تصعد باطّراد في استطلاعات الرأي، وتتقدّم ميلوني على زعماء الأحزاب الأخرى، وبالأخص، على حساب سالفيني الذي فشل غير مرة في محاولاته إنشاء اتحاد للقوى والأحزاب اليمينية يستثني ميلوني. إذ كان يدرك أنها تشكّل وحدها الخطر الداهم على شعبيته وزعامته للمشهد اليميني المتقدّم بخطى ثابتة للفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة.
أما ميلوني، فبعدما تيقّنت من صعود شعبية حزبها، وتجاوزها «الرابطة» في جميع الاستطلاعات، قررت أن تخوض منفردة الانتخابات البلدية التي أجريت دورتها الأولى يوم الأحد الفائت، رافضة التحالف مع القوى اليمينية الأخرى حتى في المعاقل التي كان مضموناً فيها فوز التحالف. وجاءت النتائج لتؤكد صواب خيار «إخوان إيطاليا» الذي فاز وحده بما يعادل نتائج الأحزاب اليمينية الأخرى مجتمعة. وبالتالي، رسّخ موقعه في صدارة المشهد اليميني، واضعاً جيورجيا ميلوني على أبواب رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة... لتكون أول امرأة تتولاها في تاريخ إيطاليا.
- المزاج الشعبي... وأوكرانيا
تكمن أهمية هذه الانتخابات البلدية التي تجري قبل سنة تقريباً من الانتخابات العامة، في أنها تحدد المزاج السياسي الشعبي، وغالباً ما تطابق نتائجها تلك التي تسفر عنها الانتخابات التشريعية اللاحقة. وفي حين استوعبت كل الأحزاب السياسية أن الفاشيين الجدد بزعامة ميلوني أصبحوا قاب قوسين من رئاسة حكومة الجمهورية التي قامت على أنقاض النظام الفاشي - الذي يحظره الدستور الإيطالي ويمنع الدفاع عنه - يحاول سالفيني الآن تجاهل هذا الواقع الجديد. وهذا، مع أن حزب «إخوان إيطاليا» زادت شعبيته في جميع معاقل الرابطة، ولم يعد مستبعداً انكفاؤه إلى المقاطعات الشمالية، كما تطالب القيادات التقليدية التي كان سالفيني أبعدها بعد تولّيه زعامة الحزب... وقراره التمدد في جميع المناطق الإيطالية.
الواقع أنه بعد هذه الانتخابات، بات هامش المناورة أمام زعيم «الرابطة» محدوداً جداً، ولا سيما أن ميلوني تنشط في الملعب نفسه وبالأدوات ذاتها التي وفّرت لسالفيني شعبيته وصعوده في السنوات المنصرمة... مثل الشعارات المناهضة للهجرة والتنظيمات الإسلامية وحقوق المثليين، ورفض الانصياع لمشيئة المؤسسات الأوروبية والنظام المالي العالمي.
يضاف إلى ما سبق أن ميلوني أصابت في اختيار موقعها من الحرب الروسية الأوكرانية. إذ أيدت موقف الحلفاء الغربيين، ودعت إلى تزويد أوكرانيا بما تحتاجه من الأسلحة لمواجهة الغزو الروسي، في حين يدفع سالفيني ثمن علاقاته الوطيدة مع موسكو، وتصريحاته التي كان يعرب فيها عن إعجابه الشديد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وللعلم، دخل سالفيني مرة مبنى البرلمان الأوروبي وهو يرتدي قميصاً عليه صورة زعيم الكرملين، ولقد ذكّره بها المتظاهرون الذين كانوا يحتجون على زيارته أخيراً أحد مراكز استقبال النازحين الأوكرانيين في بولندا.
ولا شك في أن موقف ميلوني من الحرب الأوكرانية كان الدافع وراء اختيار الحزب الجمهوري الأميركي لها ودعوتها لحضور مهرجانه الانتخابي الأخير وإلقاء كلمة فيه، على حساب سالفيني الذي كان يجهر إعجابه بالرئيس السابق دونالد ترمب وكان قد أعلن دعمه لإعادة انتخابه.
- تساؤلات... وهواجس
في أي حال، السؤال المطروح اليوم في الدوائر الأوروبية التي تراقب بقلق صعود القوى والأحزاب اليمينية المتطرفة، وتتوجّس من احتمال وصول الفاشيين الجدد إلى الحكم في إيطاليا هو التالي؛ ما هو المنسوب الحقيقي للموروث الفاشي في برنامج «إخوان إيطاليا»... وقدرة هذا الحزب - أو استعداده - على ضرب دعائم المشروع الأوروبي من الداخل في دولة وازنة مثل إيطاليا؟
إذ تواجه المجتمعات الديمقراطية صعوبة متزايدة في التعامل مع الطفرات الفاشية، أو «الفاشية الجديدة»، لأن هذه تتغذّى من التصادم بين الحق في حرية التعبير والحق المشروع أيضاً في أن يحمي المجتمع نفسه من الحركات المتعصبّة والعنيفة التي تهدف، في نهاية المطاف، إلى تقويض النظام الديمقراطي لتسود على أنقاضه.
وفعلاً تشهد بلدان أوروبية كثيرة منذ سنوات «صحوة» لهذه الحركات والتيارات التي تستغلّ الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تنشأ عن الأزمات، مثل الانهيار المالي في العام 2008 وجائحة «كوفيد 19»، وغالباً ما تنخرط في المظاهرات الاحتجاجية متماهية مع مطالبها. جدير بالذكر أن الدستور الإيطالي ينصّ في مادته الـ12 على حظر إعادة بناء الحزب الفاشي، الذي أسسه بنيتو موسوليني عام 1921 ولا يزال إرثه من أبشع الصفحات في التاريخ الإيطالي. وليست هذه المادة الدستورية مجرد «إعلان نيات» يهدف إلى طي صفحة الماضي الفاشي، بل هي وسيلة للدفاع عن النظام الديمقراطي الذي قام في إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية، تضع خارج إطار الشرعية كل حزب يستخدم العنف، أو يهدد باستخدامه، لتحقيق أهدافه السياسية، كما يمنع استخدام أي شعارات فاشية.
- الفاشية وليدة الأزمات
طبعاً، العالم اليوم يختلف عما كان عليه في العقود الثلاثة الأولى من القرن الماضي الذي شهد قيام الحركات الفاشية وازدهارها من «إيطاليا موسوليني» إلى «ألمانيا هتلر» و«إسبانيا فرنكو» و«برتغال سالازار». لكن كثيرين لا ينسون أن تلك الحركات إنما تولّدت من رحم الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تشبه إلى حد كبير الظروف الراهنة التي نشأت عن أزمات متلاحقة توّجتها جائحة «كوفيد 19» قبل أن تنشب الحرب في أوكرانيا. وكانت هذه الظروف الأرض الخصبة التي نمت فيها الحركات اليمينية المتطرفة لتصل إلى الحكم وتبدأ بتنفيذ برامجها وخططها العنصرية بتأييد شعبي واسع. ويضاف إلى ذلك أن أزمة الهجرة التي تتعاقب على أوروبا منذ سنوات ساهمت بنسبة كبيرة في صعود شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة التي كانت هامشية جداً قبلها، وأوصلت بعضها إلى السلطة في حكومات ائتلافية.
«إخوان إيطاليا» يدركون جيداً أن الذي كان ممكناً في أوروبا مطالع القرن الماضي بات اليوم مستحيلاً تسويقه لبلوغ سدّة الحكم في بلدان الاتحاد الأوروبي، الذي تحدد معاهداته شروطاً ملزمة للعمل السياسي واحترام حقوق الإنسان وصلاحيات الأجهزة القضائية. وهو الأمر الذي دفع الحزب اليميني خلال الأشهر الأخيرة إلى الجنوح نحو برنامج معتدل - في الداخل والخارج - عندما تيقّن أنه بات قاب قوسين من قيادة المشهد السياسي اليميني والوصول إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات العامة المقبلة. وفي هذا السياق، كان سالفيني قد حاول في الفترة الأخيرة إقصاء «إخوان إيطاليا» عن مشروع لتشكيل تحالف يضمّ الأحزاب والقوى المحافظة، بحجة أنه الحزب الوحيد خارج الحكومة وهو ما يتيح للتحالف اتخاذ مواقف موحّدة من الأداء الحكومي، والاتفاق على أن يتولّى الحزب الذي يفوز بأعلى نسبة في الانتخابات المقبلة رئاسة الحكومة.
غير أن برلوسكوني، الذي ما زال يرفض مجرد التفكير بخلف له، تباطأ في التجاوب مع دعوة سالفيني، فيما كانت شعبية ميلوني تصعد في استطلاعات الرأي، وبخاصة على حساب زعيم «الرابطة»، إلى أن أصبح وجودها حتمياً داخل التحالف، وحظوظها راجحة في قيادته بعد الانتخابات.
ومع جنوح سالفيني نحو مزيد من التطرف لاستعادة شعبيته المتراجعة، كانت ميلوني تميل أكثر إلى الاعتدال مستقطبة مزيداً من الدعم بين أنصار حركة «النجوم الخمس» التي أخذت تتصدّع تحت وطأة الخلافات، والنزاعات بين التيارات الكثيرة داخلها. ثم إن ميلوني تقترب الآن حالياً بثبات من مراكز القرار الاقتصادي والمالي التي لم تشعر أبداً بالارتياح للمواقف العدائية التي كان سالفيني يجهر بها ضد الاتحاد الأوروبي ومؤسساته... التي لا غنى للاقتصاد الإيطالي عن مساعداتها.
رمزية ميلانو الخاصة... في حسابات جيورجيا ميلوني
> اختارت جيورجيا ميلوني «تقديم بطاقة التعريف الجديدة» لحزبها في المؤتمر الأخير، الذي عقده مطالع الشهر الفائت، في مدينة ميلانو.
وراء هذا الاختيار رمزية شديدة الوضوح والتحدي، ليس فقط لكونها العاصمة الاقتصادية لإيطاليا، بل هي أيضاً مسقط رأس كل من ماتيو سالفيني وسيلفيو برلوسكوني ومعقلهما السياسي. وفي هذه المدينة سجّلت شعبية «إخوان إيطاليا» صعوداً كبيراً في الفترة الأخيرة، مع أن منبَته كان في روما وجذوره في وسط إيطاليا وجنوبها. وأمام الانهيار المتواصل الذي يعاني منها حزب «فورتسا إيطاليا»، الممتنع زعيمه برلوسكوني عن اختيار خلف له رغم تجاوزه الخامسة والثمانين من العمر، والانحدار السريع لـ«الرابطة» وافتقاره لوجهة عقائدية واضحة بعد الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها سالفيني، ظهرت ميلوني وحدها القادرة على قيادة المشهد اليميني. وهي عملياً تقول لحليفيها إنهما إذا كانا يريدان الوصول إلى الحكم عن طريق التحالف، لا بد لهما من مواكبتها... وهي وحدها في موقع القيادة.
لكن المشكلة هنا أن العلاقات تدهورت كثيراً خلال الأشهر المنصرمة بين أطراف التحالف اليميني، وبالأخص، بعد تضارب مواقفهم خلال انتخاب رئيس الجمهورية، وتباعدها إزاء الحرب في أوكرانيا ومواصلة تزويد كييف بالأسلحة. ومن المرجّح أن يتعمّق الخلاف أكثر بعد قرار موسكو استخدام سلاح الغاز الذي يعتمد عليه الاقتصاد الإيطالي بنسبة عالية، ولا سيّما أن «الرابطة» كانت ألمحت مراراً إلى ضرورة وقف مسلسل العقوبات الأوروبية ضد روسيا، بل عرض سالفيني الذهاب إلى موسكو للوساطة.
لذا يسعى برلوسكوني منذ أيام إلى التخفيف من حدة الخلافات داخل التحالف، لأن تماسكه ووحدة صفه وتقديمه لوائح مشتركة خطوة أساسية في الانتخابات المقبلة، بحكم القانون الانتخابي الذي يعتمد نظام الغالبية، والذي يجازي الأحزاب والتحالفات الكبرى على حساب الأحزاب الصغيرة واللوائح المنفردة.
ولأن ميلوني مهتمة بترسيخ تجاوزها لحزب «الرابطة»، بقدر ما هي مهتمة بتجاوز الحزب الديمقراطي (أقوى مكونات اليسار)، ليصبح «إخوان إيطاليا» الكتلة الأولى في البرلمان، فإنها تسعى منذ فترة إلى إقصاء الجيوب المتطرفة التي ما زالت تحنّ إلى جذورها الفاشية، أو إلى عزلها. وكانت قد قررت للمرة الأولى في تاريخ «الفاشيين الجدد» المشاركة في العيد الوطني الذي تحتفل به إيطاليا في 25 أبريل (نيسان) بمناسبة تحرير البلاد من الفاشية والنازية.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

TT

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

روبيو
روبيو

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل فريق سياسة خارجية وأمن قومي «متجانس»، لا يكرّر الأخطاء والصدامات التي خاضها في ولايته الأولى؛ إذ على مدى السنوات الثماني الماضية، جمع ترمب ما يكفي من الموالين، لتعيين مسؤولين من ذوي التفكير المماثل؛ لضمان ألا تواجهه أي مقاومة منهم. ومع سيطرة الحزب الجمهوري - الذي أعاد ترمب تشكيله «على صورته» - على مجلسي الشيوخ والنواب والسلطة القضائية العليا، ستكون الضوابط على سياساته أضعف بكثير، وأكثر ودية مع حركة «ماغا»، مما كانت عليه عام 2017. وهذا يشير إلى أن واشنطن ستتكلّم عن سياستها الخارجية بصوت واحد خلال السنوات الأربع المقبلة، هو صوت ترمب نفسه. لكن وعلى الرغم من أن قدرته على قيادة آلية السياسة الخارجية ستتعزّز، فإن قدرته على تحسين مكانة الولايات المتحدة في العالم مسألة أخرى.

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، السيناتور ماركو روبيو، مرشحاً لمنصب وزير الخارجية، بعد قطع الأخير شوطاً كبيراً في تقديم الولاء له. للعلم، علاقة الرجلين التي بدأت منذ عام 2016، وانتهت بشكل تصادمي بعد هزيمة روبيو في الانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الجمهوري، تحولت إلى علاقة تحالفية إثر دعم روبيو كل ما قاله وفعله ترمب تقريباً إبّان فترة رئاسته الأولى.

هذا الواقع قد يعزّز تثبيت روبيو في مجلس الشيوخ - الذي يمضي فيه الآن فترته الثالثة - من دون عقبات جدية، في ظل دوره وتاريخه في المجلس، منذ أن فاز بمقعد فيه عام 2010. وحقاً، لاقى اختيار روبيو استحساناً حتى من بعض الديمقراطيين، منهم السيناتور الديمقراطي جون فيترمان، الذي قال إنه سيصوّت للمصادقة على تعيينه. كذلك أشاد السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات الحالي، في بيان، بروبيو ووصفه بأنه ذكي وموهوب.

ملف الخارجية للرئيس

روبيو، من جهته، لم يترك شكاً حيال مَن يقرر السياسة الخارجية للولايات المتحدة، عندما قال إن من يحددها، ليس وزير الخارجية، بل الرئيس. وبالتالي فإن مهمة مَن سيشغل المنصب ستكون تنفيذ سياسات هذا الرئيس، وهي تهدف إلى تأمين «السلام من خلال القوة»، ووضع مصالح «أميركا في المقام الأول».

وحقاً، يلخص روبيو رؤيته لأميركا بالقول: «هي أعظم دولة عرفها العالم على الإطلاق، لكن لدينا مشاكل خطيرة في الداخل وتحدّيات خطيرة في الخارج». وأردف: «نحن بحاجة إلى إعادة التوازن لاقتصادنا المحلي، وإعادة الصناعات الحيوية إلى أميركا، وإعادة بناء قوتنا العاملة من خلال تعليم وتدريب أفضل». واستطرد: «لا شيء من هذا سهل، لكن لا يمكننا أن نتحمل الفشل. هذا هو السبب في أنني ملتزم ببناء تحالف متعدّد الأعراق من الطبقة العاملة على استعداد للقتال من أجل هذا البلد والدخول في قرن أميركي جديد».

ولكن من هو ماركو روبيو؟ وما أبرز مواقفه الداخلية والخارجية؟ وكيف أدت استداراته السياسية إلى تحوّله واحداً من أبرز المرشحين للعب دور في إدارة ترمب، بل كاد يكون نائبه بدلاً من جي دي فانس؟

سجل شخصي

ولد ماركو روبيو قبل 53 سنة في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، التي يعدّها موطنه. كان والده يعمل نادلاً ووالدته عاملة في أحد الفنادق. وفي حملته الأولى لمجلس الشيوخ، حرص دائماً على تذكير الناخبين بخلفيته من الطبقة العاملة، التي كانت تشير إلى التحوّلات الطبقية التي طرأت على قاعدة الحزب الجمهوري، وتحوّلت إلى علامة انتخابية، مع شعار «فقط في أميركا»، بوصفه ابناً لمهاجرَين كوبيّين... أصبح عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي.

عندما كان في الثامنة من عمره، انتقلت الأسرة إلى مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، حيث أمضى نحو 6 سنوات من طفولته، بعدما وجد والداه وظائف في صناعة الفنادق المتنامية فيها. وفي سن الرابعة عشرة من عمره، عاد مع عائلته إلى ميامي. ومع أنه كاثوليكي، فإنه تعمّد في إحدى كنائس لطائفة المورمون في لاس فيغاس، غير أنه في فلوريدا كان يحضر القداديس في إحدى الكنائس الكاثوليكية بضاحية كورال غايبلز، وإن كان قد شارك الصلوات سابقاً في كنيسة «كرايست فيلوشيب»، وهي كنيسة إنجيلية جنوبية في ويست كيندال بولاية فلوريدا.

يعرف عن روبيو أنه من مشجعي كرة القدم الأميركية، وكان يحلم بالوصول إلى دوري كرة القدم الأميركي عندما لعب في المدرسة الثانوية، إلا أنه لم يتلق سوى عرضين من كليتين جامعيتين. وبدايةً اختار كلية تاركيو غير المعروفة، التي تقع في بلدة يقل عدد سكانها عن 2000 شخص في المنطقة الشمالية الغربية الريفية من ولاية ميسوري. ولكن عندما واجهت الكلية الإفلاس وتعرّض للإصابة، تخلى روبيو عن كرة القدم وانتقل إلى فلوريدا، ليتخرّج ببكالوريوس في العلوم السياسية في جامعة فلوريدا، ثم في كلية الحقوق بجامعة ميامي.

في عام 1998، تزوّج روبيو من جانيت دوسديبيس، وهي أمينة صندوق سابقة في أحد المصارف، ومشجعة لنادي ميامي دولفينز لكرة القدم الأميركية، وأنجبا أربعة أطفال، وهو يعيش الآن وعائلته في ويست ميامي بولاية فلوريدا. ووفق موقع «أوبن سيكريت. أورغ»، بدءاً من عام 2018، كان صافي ثروة روبيو سلبياً؛ إذ تجاوزت ديونه 1.8 مليون دولار أميركي.

مسيرته السياسية الطموحة

يوم 13 سبتمبر (أيلول) 2005، في سن 34 سنة انتخب روبيو عضواً في مجلس النواب في فلوريدا، وأصبح رئيساً له عام 2006، بعد انسحاب منافسيه دينيس باكسلي وجيف كوتكامب ودينيس روس، ليغدو أول أميركي من أصل كوبي يتولى هذا المنصب، حتى عام 2008.

عام 2010، كان روبيو يُعد مرشحاً ضعيفاً ضد الحاكم (آنذاك) تشارلي كريست لترشيح الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ. وبالفعل، تعرّض لضغوط من قادة الحزب للانسحاب من السباق والترشح بدلاً من ذلك لمنصب المدعي العام، مع وعود من الحزب بإخلاء الميدان له. ويومذاك كتب في مذكراته «ابن أميركي»، قائلاً: «لقد أقنعت نفسي تقريباً بالانسحاب». غير أنه عاد وتمسك بموقفه، وكتب في تلك المرحلة أنه شعر بأنه لا يستطيع التراجع عن كلمته. وبقي في السباق، وفاز بأول فترة له في مجلس الشيوخ، حيث أعيد انتخابه في عام 2016، ثم مرة أخرى في عام 2022.

وعام 2016، دخل روبيو السباق الرئاسي منافساً مجموعة كبيرة من الجمهوريين، منهم دونالد ترمب، وفاز في لاية مينيسوتا، بينما حل السيناتور تيد كروز (من تكساس) ثانياً، وترمب ثالثاً. بعدها كانت انتصاراته الأخرى الوحيدة في واشنطن العاصمة وبورتوريكو. ومن ثم، انسحب بعدما هزمه ترمب في ولايته فلوريدا جامعاً 46 في المائة من الأصوات بينما جاء روبيو ثانياً بنسبة 27 في المائة. وخلال ذلك السباق، تبادل الرجلان الإهانات؛ إذ لقّبه ترمب بـ«ماركو الصغير»، وردّ روبيو بإهانة ترمب ووصفه بأنه «محتال» و«مبتذل». ولكن عندما أعادت قناة «آيه بي سي نيوز» في وقت سابق من هذا العام بث بعض تعليقاته عن ترمب عام 2016، قلل روبيو من أهميتها، بالقول: «كانت حملة». وفعلاً، بعد تولّي ترمب الرئاسة عام 2017، تحسنت علاقاتهما وظل على مقربة منه، حتى بعدما اختار ترمب السيناتور الشاب جي دي فانس (من أوهايو) لمنصب نائب الرئيس. بل سافر روبيو مع ترمب خلال المرحلة الأخيرة من سباق 2024، وألقى خطابات باللغتين الإنجليزية والإسبانية في العديد من التجمعات في اليوم الأخير من الحملة.

لم يترك روبيو شكاً حيال مَن يقرر سياسة واشنطن الخارجية

عندما قال إن من يحددها هو الرئيس... لا وزير الخارجية

سياسات روبيو المحافظة

بدءاً من أوائل عام 2015، حصل روبيو على تصنيف بنسبة 98.67 في المائة من قبل «اتحاد المحافظين الأميركيين»، بناء على سجلّه التصويتي مدى الحياة في مجلس الشيوخ. وعام 2013 كان روبيو السيناتور السابع عشر الأكثر محافظة. ويصنّف مركز سن القوانين الفعالة روبيو باستمرار بين أعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة الأكثر فاعلية في الكونغرس.

يُذكر أن روبيو دخل مجلس الشيوخ بدعم قوي من جماعة «حفلة الشاي» التي كانت تمثل اليمين الأكثر محافظة في الحزب الجمهوري. لكن دعمه في عام 2013 لتشريع الإصلاح الشامل للهجرة بهدف توفير مسار للحصول على الجنسية لـ11 مليون مهاجر غير موثق في أثناء تنفيذ تدابير مختلفة لتعزيز الحدود الأميركية، أدى إلى انخفاض دعمهم له. وللعلم، رغم تمرير ذلك المشروع في مجلس الشيوخ، أسقطه المتشددون في مجلس النواب.

ثم، بمرور الوقت، نأى روبيو بنفسه عن جهوده السابقة للتوصل إلى «حل وسط» بشأن الهجرة؛ كالعديد من مواقفه الداخلية والخارجية التي عُدّت سبباً رئيساً لتغير علاقة ترمب به؛ إذ اعتمد مواقف أكثر تشدداً بشأن الهجرة، ورفض مساعي الحزب الديمقراطي إزاء ملف الهجرة منذ عام 2018 وحتى 2024.

في مارس (آذار) 2016، عارض روبيو ترشيح الرئيس باراك أوباما للقاضي ميريك غارلاند للمحكمة العليا، متذرعاً «لا أعتقد أنه يجوز لنا المضي قدماً بمرشح في العام الأخير من ولاية هذا الرئيس. أقول هذا، حتى لو كان الرئيس جمهورياً». لكنه في سبتمبر (أيلول) 2020، إثر وفاة القاضية الليبرالية روث بايدر غينزبيرغ، أشاد روبيو بترشيح ترمب للقاضية المحافظة إيمي باريت للمحكمة، وصوّت لتثبيتها في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، قبل 86 يوماً من انتهاء ولاية ترمب الرئاسية.

أيضاً في مارس 2018، دافع روبيو عن قرار إدارة ترمب بإضافة سؤال الجنسية إلى تعداد عام 2020. ورجح الخبراء يومها أن يؤدي إدراج هذا السؤال إلى نقص حاد في تعداد السكان وبيانات خاطئة؛ إذ سيكون المهاجرون غير المسجلين أقل استعداداً للاستجابة للتعداد.

وحول الميزانية الفيدرالية، يدعم روبيو مع إعطاء الأولوية للإنفاق الدفاعي، ويرفض الإجماع العلمي بشأن تغير المناخ، الذي ينص على أن تغير المناخ حقيقي ومتقدم وضار وينجم في المقام الأول عن البشر. كذلك يعارض روبيو قانون الرعاية الميسرة (أوباما كير) وقد صوّت لإلغائه رغم فشل المحاولة. وهو معارض صريح للإجهاض، وقال إنه سيحظره حتى في حالات الاغتصاب وزنا المحارم، مع استثناءات إذا كانت حياة الأم في خطر.وأخيراً، يدعم روبيو تحديد ضرائب الشركات بنسبة 25 في المائة، وتعديل قانون الضرائب، ووضع حد أقصى للتنظيمات الاقتصادية، ويقترح زيادة سن التقاعد للضمان الاجتماعي بناءً على متوسط العمر المتوقع الأطول. ويعارض المعايير الفيدرالية الأساسية المشتركة للتعليم، كما يدعو إلى إغلاق وزارة التعليم الفيدرالية.