بوتين: اعتزام السيسي الترشح للرئاسة قرار مسؤول

الرئيس الروسي أعرب عن أمله في توسيع التعاون مع مصر عقب الانتخابات

بوتين (يمين) يصافح السيسي أثناء اجتماعهما في نوفو- أوغاريوفو قرب موسكو أمس (رويترز)
بوتين (يمين) يصافح السيسي أثناء اجتماعهما في نوفو- أوغاريوفو قرب موسكو أمس (رويترز)
TT

بوتين: اعتزام السيسي الترشح للرئاسة قرار مسؤول

بوتين (يمين) يصافح السيسي أثناء اجتماعهما في نوفو- أوغاريوفو قرب موسكو أمس (رويترز)
بوتين (يمين) يصافح السيسي أثناء اجتماعهما في نوفو- أوغاريوفو قرب موسكو أمس (رويترز)

وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتزام المشير عبد الفتاح السيسي قائد الجيش المصري الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر بـ«القرار المسؤول». وقال بوتين مخاطبا المشير السيسي: «إنني أعرف أنكم اتخذتم قرارا بالترشح للرئاسة في مصر، وهذا قرار مسؤول للغاية لأنكم تضعون على عاتقكم مصير الشعب المصري»، معربا عن تمنياته الطيبة بالنجاح، وأمله في تعاون واسع النطاق بين روسيا ومصر بعد الانتخابات الرئاسية.
وقال بوتين أثناء استقباله وزيري الدفاع والخارجية المصريين أمس في موسكو: «لدي أمل أنه بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل الحكومة، سوف نتمكن من إطلاق كل آليات التعاون بين بلدينا».
وأجمع مراقبون على أن الحفاوة التي استقبل بها وزيرا الدفاع والخارجية المصريان في روسيا تعزز عمق العلاقات التاريخية بين القاهرة وموسكو، وتعيد إلى الأذهان أوجها الاستراتيجي خاصة خلال الحقبة الناصرية في الستينات، وبداية سبعينات القرن الماضي.
وشارك الرئيس الروسي بوتين في الاجتماع الروسي - المصري الذي عقد أمس في موسكو على مستوى وزراء خارجية ودفاع البلدين.
من جهته، شدد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في ختام المباحثات مع المشير عبد الفتاح السيسي، النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع والإنتاج الحربي، على ضرورة أن يتسم التعاون العسكري الثنائي بتوجه عملي، وأن يقوم على أرضية تشريعية وطيدة، كاشفا عن أنه بحث مع السيسي إمكانية صياغة اتفاقية للتعاون العسكري والتقني العسكري بين روسيا ومصر.
وأبرز شويغو الاهتمام الروسي الكبير بالعلاقات مع مصر، التي وصفها بـ«دولة رئيسة في المنطقة». وقال في تصريحات أوردتها وكالة أنباء «إيتار - تاس» الروسية: «لدينا باع طويل في التعاون بين وزارتي الدفاع، ونحن مرتاحون إزاء طابع الشراكة، الذي يطبع هذا التعاون». وأضاف أن لقاءه بالسيسي «يؤكد تمسك البلدين بتعزيز العلاقات العسكرية بينهما»، لافتا إلى أن أهمية ذلك تنبع من خلال التحديات والأخطار المشتركة، التي تهدد بلدينا والتي يأتي الإرهاب في مقدمتها، مشيرا إلى أن «البلدين سوف يواصلان العمل المشترك لمنع وقوع أسلحة الدمار الشامل بأيدي العناصر الإجرامية».
وذكر شويغو أن ما خلصت إليه المباحثات مع ضيفه المصري أبرزت وحدة مواقف البلدين إزاء قضايا الأمن الإقليمي والعالمي. وقال: «نجمع كذلك على ضرورة أن يحمل التعاون بين روسيا ومصر طابع التوجه العملي وأن يسهم في الارتقاء بمستوى القدرات القتالية للقوات المسلحة في البلدين».
وأشار وزير الدفاع الروسي إلى أن المباحثات مع نظيره المصري تناولت قضايا ذات اهتمام مشترك تتوسطها مشاريع توسيع تبادل الوفود وإجراء المناورات المشتركة واستقبال العسكريين المصريين للدراسة في المعاهد والجامعات والأكاديميات العسكرية الروسية. وأضاف: «تطرقنا أيضا إلى سبل التعاون عبر قنوات قوات البلدين البحرية والجوية».
وذكرت وكالة أنباء «إيتار - تاس» الروسية أن المشير عبد الفتاح السيسي في مستهل لقائه مع نظيره الروسي قال: «إننا نجري اليوم مباحثات لتكون استمرارا لأواصر الصداقة التي تربط بين الشعبين الروسي والمصري، وهذه اللقاءات تعكس طموح الشعبين والبلدين لتطوير التعاون القائم بينهما».
وشكر السيسي نظيره الروسي على حسن الضيافة والاستقبال الحار في روسيا، وقال: «تأتي زيارتنا هذه بمثابة انطلاقة جديدة للتعاون العسكري والتقني العسكري بين مصر وروسيا، إذ إن هذا التعاون ما انفك على الدوام يقوم على المصالح المشتركة وعلى أخذ هذه المصالح بالحسبان، بما يصب في منفعة الدولتين».
وأكد المشير السيسي على تمسك القاهرة بأواصر الصداقة ومشاعر الاحترام التي تكنها مصر لروسيا، مشيرا إلى أن «العالم في المرحلة الراهنة يعيش أوقاتا عصيبة، حيث تعصف التقلبات بمنطقة الشرق الأوسط». وتابع: «نواجه في مصر تحديات مختلفة في هذه المرحلة المعقدة، إذ يمثل الإرهاب المعضلة الأكبر في إطار هذه التحديات، إلا أننا نبذل قصارى جهدنا للسيطرة على الأوضاع».
وذكرت وكالة الأنباء الروسية أن المشير السيسي توجه لنظيره الروسي بالتهنئة على «التنظيم الرائع للألعاب الأولمبية» في إطار أولمبياد سوتشي الشتوية 2014، واصفا ما يشاهده في الأولمبياد «بالعروض التي لا تنسى».
بدوره قال شويغو «نتابع تطور الأحداث في مصر، ونريد لها أن تكون دولة قوية ومستقرة، ونحن سعداء بحقيقة تبني مصر دستورا جديدا». وهنأ شويغو السيسي في بداية الاجتماع على رتبة المشير، مشيرا إلى أنها «مكافأة على موقفه وضمان السلام والاستقرار في مصر».
وعلى صعيد الموقف السياسي، أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي في مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي أن المباحثات تناولت عملية السلام في الشرق الأوسط وضرورة التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق وفق الشرعية الدولية.
وقال فهمي إنه يوجد توافق في المواقف بين البلدين في ضرورة مساعدة دول المنطقة للتوصل إلى حل أزماتها دون تدخل خارجي لتحقيق مستقبل أفضل لشعوبها، مشيرا إلى أن المباحثات تناولت العلاقات الثنائية.
وأضاف أن هناك اهتماما بضرورة تنمية العلاقات الاقتصادية في إطار اللجنة الثنائية الشهر المقبل، موضحا أنه سيكون أمامها اقتراحات محددة لمصلحة الجانبين، وأن المباحثات تناولت التعاون الثقافي، فضلا عن ما جرى مناقشته في وزارة الدفاع فيما يتعلق بالتعاون العسكري.
وأعرب فهمي عن اعتقاده بأن أي تقييم جاد لآلية (2+2) لا بد أن يعكس رؤية مشتركة بين البلدين، موضحا أن التوجه الأساسي للبلدين حل القضايا من خلال مسارات سياسية، مشيرا إلى أن المسارات السياسية متشعبة الجوانب وتشمل الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الحوار بين موسكو والقاهرة حول المسائل الإقليمية والدولية يكتسب أهمية خاصة في المرحلة الراهنة. وذكر أنه «منذ أول لقاء بصيغة (2+2) عقد في القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قطعنا طريقا طويلا لتنفيذ الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها، ويتيح لنا لقاء اليوم فرصة جيدة لاستخلاص النتائج الأولية للعمل».
وأعرب لافروف عن أمله في زيادة التعاون التجاري مع مصر، وزيادة العلاقات العسكرية معها، كما أعرب عن أمله في حل كافة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط بالطرق السلمية بناء على الاحترام المتبادل بين الشعوب والوصول «إلى حل سلمى للأزمة السورية». معربا عن الدعم الكامل لمصر بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013. وأضاف: «نتمنى التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتكلل المفاوضات بينهم بنجاح وحل الصراعات في الشرق الأوسط»، لافتا إلى جهود تبذل حاليا لعقد مؤتمر دولي بشأن «حظر أسلحة الدمار الشامل».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.