فتح جدل قانوني بشأن الاستقالة الجماعية لنواب الكتلة الصدرية من البرلمان العراقي، بناء على أوامر زعيمهم مقتدى الصدر، نافذة أمل قد تكون مخرجاً مناسباً لعودتهم في ظل وجود تلميحات بعدم قناعة عدد من قياداتهم بما أقدم عليه زعيمهم.
وبدا الصدر الذي دعا نواب كتلته الـ75 إلى لقاء معه في مقره بحي الحنانة في مدينة النجف، ليس في وارد العودة عن قراره بعد أن أربك الخصوم والحلفاء معاً. لكن الأوساط السياسية العراقية تتداول طوال الأيام الثلاثة الماضية سيناريوهات مختلفة بشأن قرار الصدر، إن كان من الناحية القانونية أم السياسية. فمن الناحية القانونية تباينت آراء الخبراء في أمر هذه الاستقالة الجماعية التي تحصل للمرة الأولى في الحياة البرلمانية العراقية، التي بدأت بعد سنتين من سقوط النظام السابق، أي منذ 17 عاماً، عند أول انتخابات برلمانية عام 2005. وبينما يرى بعض خبراء القانون أن النائب لكي يستقيل من عضوية البرلمان فإنه ينبغي أن يمضي عاماً كاملاً، يرى خبراء قانون آخرون أن هذا النص جرى تعديله سنة 2018. أما الخبير القانوني فيصل ريكان فيؤكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كانت استقالة النواب طبيعية من تاريخ التوقيع عليها بالموافقة من قبل رئيس البرلمان، فإن استقالة النائب الأول لرئيس البرلمان، وهو القيادي الصدري البارز حاكم الزاملي تحتاج إلى التصويت عليها داخل البرلمان». ويمضي ريكان قائلاً إن «استقالة النائب الأول تستدعي موافقة وتصويت الأغلبية المطلقة بالمجلس، وترشيح بديل عنه للفوز بالمنصب»، مع أن هناك خبراء قانون آخرين يرون أن استقالة النائب الأول كانت من عضوية البرلمان التي هي الأصل، وليست من منصب النائب الأول، ولذا فإنها لا تحتاج إلى تصويت أعضاء البرلمان عليها.
ويتفق ريكان بشأن إمكانية عدول النواب عن الاستقالة مع الخبير القانوني جمال الأسدي. ريكان يقول إنه «في حال قرروا العودة عن قرار الاستقالة الآن، يمكنهم الرجوع عن القرار، أما إذا قرروا العودة إلى البرلمان بعد الانتهاء من إجراءات الاستقالة، فهنا يكون الأمر خارج صلاحيات مجلس النواب». أما الخبير القانوني جمال الأسدي فيرى بدوره أن «الكتلة الصدرية بإمكانها التراجع عن الاستقالة الجماعية التي قدمها أعضاؤها إلى رئيس مجلس النواب». وقال إن «موضوع العودة عن الاستقالة لا يعالجه أي نص قانوني أو دستوري؛ بل ممكن أن يكون بإجراء إداري، ويكون كالآتي: يقدم النائب طلباً بالعدول عن استقالته مقروناً بموافقة رئيس البرلمان عليه».
سياسياً، كشف رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، في تصريحات متلفزة أمس الأربعاء، أنه تواصل مع عدد من الشخصيات المهمة في التيار الصدري بعد استقالة نوابهم، مبيناً أن عدداً منهم لا يستطيع التحدث مع الصدر. وبينما تبين تصريحات علاوي أن هناك تحفظاً من قبل قيادات صدرية على قرار زعيمهم الانسحاب من العملية السياسية، كونه ترك «الجمل بما حمل» لقوى «الإطار التنسيقي»، فإن ما يدور في كواليس هذا الإطار أن هناك خلافات بين قياداته بشأن التعامل مع تلك الخطوة.
علاوي أشار إلى أن «زعيم التيار الصدري شعر بالحرج من عدم تشكيل الحكومة رغم امتلاكه 73 مقعداً»، مبيناً أن «خيارات الكتلة الصدرية المقبلة قد تكون اللجوء إلى الشارع». وأضاف أنه «التقى في بيته بأهم شخصيتين في التيار الصدري قبل الاستقالة، وقالا إنهما يخشيان الحديث مع الصدر حول استقالة النواب». كما أكد علاوي أنه «تواصل مع حاكم الزاملي النائب الأول لرئيس البرلمان، ووجده مبعثر التفكير ويشعر بالانزعاج من قرار استقالة نواب الكتلة والإصرار عليها».
في مقابل ذلك، فإنه طبقاً لما يتردد في كواليس قوى «الإطار التنسيقي» فإن هناك خلافات داخل قيادات هذا الإطار في كيفية التعامل مع خطوة الصدر التي فاجأت الجميع. فبينما ترى قيادات في «التنسيقي» أنه ينبغي المضي في إجراءات تشكيل الحكومة بالتحالف مع الأطراف الأخرى، فإن طرفاً يقف في المقدمة منه زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، يرى أنه لا بد من مواصلة الحوار مع الصدر. وفي هذا السياق، وطبقاً لما كشفه مصدر مقرب من «الإطار» في تصريحات صحافية/ فإن «(الإطار التنسيقي) بعث برسالة إلى الكتلة الصدرية لتحديد الموقف إزاء عزم وفد يمثلهم الذهاب إلى الحنانة للقاء الصدر، والتباحث معه للعدول عن قرار الانسحاب وبدء المفاوضات». وأضاف أنه «إذا جاء الرد من الكتلة الصدرية بالقبول، فحينها سيتوجه وفد من (الإطار) برئاسة هادي العامري إلى الحنانة للتفاوض، أما إذا كان الرد أن التفاوض سيكون في بغداد فسيحضر الجميع لطاولة حوار مستديرة». وتابع بأن: «الإطار ينتظر رد الكتلة الصدرية على رسالته»، منوهاً إلى أن «من بين أهم المحاور التي تضمنتها الرسالة أنهم (الإطار) سيمضون باتجاه تشكيل أغلبية موسعة، ولا بد من إطلاع الكتلة الصدرية على ذلك لتحديد موقفهم إزاء ذلك، ومحاولة إقناعهم بالعدول عن موقفهم».
وطبقاً للمصدر فإن العامري هو من يقود هذا الحراك في موازاة مبادرة سيطلقها الرئيس العراقي برهم صالح، من أجل عودة الصدر إلى المشهد السياسي ثانية، كأكبر قوة برلمانية.
جدل قانوني يفتح نافذة أمل بعودة {الصدريين} إلى البرلمان العراقي
العامري يقود محاولة الفرصة الأخيرة
جدل قانوني يفتح نافذة أمل بعودة {الصدريين} إلى البرلمان العراقي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة