المقاومة الشعبية تدك آخر معاقل الحوثيين في موقع السوداء

واصلت انتصاراتها في الضالع توجهًا نحو عدن

صورة لمنطقة في صعدة بعد أن فرت منها الميليشيات الحوثية (رويترز)
صورة لمنطقة في صعدة بعد أن فرت منها الميليشيات الحوثية (رويترز)
TT

المقاومة الشعبية تدك آخر معاقل الحوثيين في موقع السوداء

صورة لمنطقة في صعدة بعد أن فرت منها الميليشيات الحوثية (رويترز)
صورة لمنطقة في صعدة بعد أن فرت منها الميليشيات الحوثية (رويترز)

تمكنت المقاومة الشعبية من إحكام قبضتها في محافظة الضالع، بعد سيطرتها أمس على مواقع جديدة كانت تحت تحكم ميليشيات الحوثي والقوات الموالية لصالح، وسقط موقع السوداء، بالإضافة إلى موقع دحر وهي آخر معاقل الحوثيين في محافظة الضالع شمال عدن.
وقال مصدر عسكري في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، جرت اشتباكات عنيفة أمس مع المتمردين، وتم ذلك في ساعة مبكرة من صباح أمس الأربعاء، حيث جرى القتال في منطقة مثلث القراعي ومفرق الشعبيب ومحطة الشنفري التابعة لمحيط موقع السوداء، مضيفا: «هذه نتائج تبشر بالخير، وتعطينا مزيدا من الثقة والاستعداد، لمهمات كبرى، وعلى الرغم من الجهد الكبير والتضحية بالدم والمال من قبل أبناء الجنوب، فإننا يجب أن نثني على الدور الكبير لقوات التحالف، من خلال الدعم المختلف الذي نجده منهم، سواء من الأسلحة المتوسطة التي نجدها منهم، أو الدعم اللوجيستي أيضا، يضاف لذلك الدور الرئيسي في الغارات الجوية التي أنهكت الغزاة المعتدين (ميليشيات صالح والحوثي)، ونتمنى عليهم المواصلة في غاراتهم حتى نكمل تطهير جنوب اليمن من المتمردين وعملاء إيران».
وتناثرت أنباء عن أسر عشرات من الحوثيين والقوات الموالية لصالح، بعد فرار غالبيتهم من المواقع الاستراتيجية في الضالع التي تعد البوابة الشمالية لمحافظة عدن، وسقوط الضالع يقوض كثيرا من قوى المتمردين وميليشيات صالح، ولا سيما أنهم يستخدمون بعض المواقع في محافظة الضالع لإيصال المدد العسكري والغذائي للجنود الحوثيين الموجودين في محافظة عدن. وهو يحفز أبناء الضالع على بذل الكثير من الجهود لزيادة الحصار على الميلشيات ومن ثم الانطلاق إلى محافظة عدن وإخراج بقايا المتمردين هناك.
من جهته، أشار الشيخ محمد الضالعي أحد المشايخ في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» إلى تمكن أبناء المقاومة الشعبية من دخول منطقة سناح التي تبعد قرابة عشرين كيلومترا من مدينة الضالع، موضحا أنه «بعد تمكن أبناء المقاومة من موقع السوداء، تسهلت أمامهم المهمة في دخول منطقة سناح الهامة»، مضيفا: «أنا لست معهم في الميدان، لكن الأخبار تصلني من هناك من أفراد قبيلتي المشاركين بها، وهم يؤكدون أن الخيرات تتوالى عقب تطهير كل منطقة، فبعد سقوط موقع يسقط آخر، هذا بخلاف الأسلحة التي استولينا عليها بعد فرار المتمردين، وأستطيع أن أؤكد لكم استسلام ما لا يقل عن 30 فردا من جنود الحوثي، بخلاف المكاسب الأخرى مثل تدمير دبابات وعربات تابعة للقوات الموالية لصالح، والسيطرة على مبنى نادي النصر في شمال الضالع بمنطقة الجليلة».
وكان مطلع الأسبوع الحالي هو تاريخ الانتصارات لأبناء المقاومة الشعبية بالضالع لاستعادة منطقتهم بعد أن غزاها الحوثيون في 23 مارس (آذار) الماضي، والذي يوافق يومين فقط من انطلاق عملية «عاصفة الحزم» التي يجريها التحالف الدولي بقيادة السعودية.
وبدأت انطلاقات المقاومة الشعبية في الضالع بجنوب اليمن، الأحد الماضي بالسيطرة على مناطق الخزان والجرباء والمظلوم والقشاع وموقع الأمن العام في المحافظة، وتم ذلك بعد هجمة منسقة وشاملة من قبل أفراد المقاومة المدعومين بخبراء عسكريين من الجنوب سبقوا أن عملوا في الجيش اليمني.
وتواصل المقاومة بالضالع تقدمها رغم استمرار المواجهة الشرسة مع الحوثيين بمحيط معسكر عبود التابع لـ«اللواء 33 مدرع» الذي سيطرت عليه المقاومة، في الوقت الذي أعلن فيه عن الاستيلاء على 7 دبابات تابعة لميليشيات صالح، داخل معسكر الجرباء، وعربة «كاتيوشا»، و5 مدافع «هاون»، بالإضافة إلى مواقع عسكرية ومعسكرات تابعة لهم، وبدت السيطرة تامة للمقاومة على مواقع المظلوم ومبنى الأمن العام وموقع الخزان ومعسكر الجرباء وموقع القشاع.
ومن المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة اجتماعات واتصالات مستمرة بين قادة المقاومة الشعبية في الضالع ونظريتها في عدن لتخطيط لعملية مشتركة لتطهير اليمن، بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي الذي تقوده السعودية الداعم للشرعية في اليمن.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.