نفذ أور مابيل، المولود لأبوين من جنوب السودان في مخيم للاجئين بكينيا، ركلة الترجيح السادسة ثم شاهد حارس مرماه أندرو ريدمين وهو ينقذ الركلة السادسة لبيرو التي سددها أليكس فاليرا لتبلغ أستراليا نهائيات كأس العالم لكرة القدم للمرة الخامسة على التوالي.
وأكد مابيل أن تسجيل ركلة الترجيح الحاسمة كانت بمثابة شكر لأستراليا التي استضافته هو وعائلته كلاجئين. وقال اللاعب البالغ عمره 26 عاماً عقب لقاء الملحق الفاصل بين خامس آسيا وخامس تصفيات أميركا الجنوبية، الذي حسم بركلات الترجيح (5 - 4) بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي على استاد أحمد بن علي في الدوحة: «كنت أعلم أنني سأحرز هدفاً. كانت الطريقة الوحيدة لشكر أستراليا، مني ومن عائلتي. عائلتي هربت من السودان بسبب الحرب، ولدت في كوخ. غرفتي في الفندق هنا أكبر من الغرفة التي كانت لدينا كعائلة في مخيم اللاجئين. أستراليا استقبلتنا وأعادت توطيننا وأعطتني أنا وعائلتي فرصة للحياة».
ويأمل مابيل أن تساعد مساهمته في خلق نظرة جديدة للاجئين في أستراليا، وأضاف: «الآن أعتقد أنه قد يكون لي تأثير على كرة القدم الأسترالية. نحن ذاهبون إلى كأس العالم. لقد سجلت (ركلة الترجيح)، وسجل العديد من زملائي في الفريق، ولعبنا جميعاً دوراً. نعم، ربما لعب ذلك الطفل اللاجئ دوراً كبيراً. لذا فنيابة عن عائلتي فقط أقول شكراً لأستراليا بأكملها».
كما كان حارس المرمى البديل أندرو ريدمين هو صاحب الكلمة الفصل في حسم تأهل أستراليا، وحجز البطاقة الـ31 قبل الأخيرة المؤهلة إلى مونديال قطر نهاية العام الحالي بتصديه لركلة ترجيح حاسمة.
وأسهم ريدمين ببلوغ أستراليا، المصنفة 42 عالمياً، للمرة السادسة في تاريخها بعد مشاركتها الأولى في مونديال 1974 وبلوغها الدور الثاني في 2006 بتصديه للركلة الترجيحية السادسة الحاسمة لأليكس فاليرا.
ودفع مدرب أستراليا غراهام أرنولد بريدمين في الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع من الشوط الإضافي الثاني بدلاً من حارس مرمى ريال سوسيداد الإسباني ماتيو راين.
وأربك ريدمين لاعبي بيرو بحركاته على خط المرمى يميناً وشمالاً وساعده القائم الأيمن في رد الركلة الثالثة التي انبرى لها مدافع بوكا جونيورز الأرجنتيني لويس أدفينكولا، قبل أن يتصدى هو للركلة السادسة. واستهلت أستراليا ركلات الترجيح بإهدار الركلة الأولى عبر لاعب وسط الفيصلي السعودي مارتن بويل الذي كان أحد أفضل اللاعبين في المباراة.
وعلق ريدمين (33 عاماً) قائلاً: «كان الأمر صعباً والمشاعر مختلطة عندما وقع عليَّ الاختيار؛ لذا كان يتعين عليَّ أن أدخل وأعيش الأجواء. منذ أسبوعين وأنا أتدرب على ركلات الترجيح وجاءت اللحظة المناسبة واستطعت التصدي إلى هذه الركلة الترجيحية المؤهلة للمونديال. إنه إنجاز للمنتخب بأكمله».
وعن تحركاته على خط المرمى والقفز لأعلى وتحريك ذراعيه بشكل بهلواني علق ريدمين: «لو كنت سأستفيد بنسبة واحد أو اثنين في المائة بفعل شيء أحمق وأجعل من نفسي أضحوكة، سأفعل ذلك. هذه الحركات ربما أربكت لاعبي بيرو، ويبدو أن الأمر نجح. لعبت دوراً بسيطاً للغاية، لا أعتقد أنني بطل أو أي شيء. اللاعبون اجتهدوا وركضوا على مدار 120 دقيقة أمام فريق جيد للغاية».
وأضاف: «أعتقد أن الحكم تعجب من أسلوبي، وهدد بإنذاري أكثر من مرة لمحاولة إزعاج اللاعبين. وقلت إنني لا أفعل ذلك. في آخر ركلتي ترجيح قال (الحكم) لو أنقذت هذه الركلة ستفوز لكن لا تحتفل لأننا بحاجة إلى مراجعة حكم الفيديو المساعد لأنك تتحرك كثيراً».
وكان ريدمين قد لعب دوراً في فوز فريق سيدني إف سي بلقب الدوري في 2019 عندما أنقذ ركلتي ترجيح. وأشار إلى أن فكرة مشاركته بدلاً من مات رايان في ركلات الترجيح تم طرحها قبل شهر على الأقل لكنه أخفى السر عن بقية اللاعبين.
وأشاد المدرب أرنولد بريدمين قائلاً: «إنه حارس مرمى مميز في ركلات الترجيح وأنا كنت أعرف أن لديه العقلية التي تؤهله وتمكنه من تحمل هذا الضغط والتصدي لركلات الترجيح، كان الأمر رائعاً، كان البطل وعريس الليلة».
وأضاف: «استطعنا التأهل ويجب على الجماهير أن تحتفل، أعتقد أننا حققنا إنجازاً، فالتأهل إلى كأس العالم إنجاز في حد ذاته، لا يسعنا إلا أن نشعر بالفخر».
وأشار أرنولد إلى أنه كان قريباً من الرحيل عن المنتخب الأسترالي خلال المشوار الصعب بتصفيات، لكنه شعر بأن عليه البقاء لرد الجميل للاعبيه على تضحياتهم، وأوضح: «واجهت العديد من التحديات، أصبت بفيروس كورونا مرتين خلال ثلاثة أشهر هذا العام، كما فقد جهود العديد من اللاعبين للسبب نفسه، كانت فترة عزلي عن الفريق الأصعب». وأضاف: «أسلوبي يعتمد على استخراج أفضل ما لدى اللاعبين والقيام بكل شيء وجهاً لوجه. محاولة الاجتماع مع اللاعبين عبر تطبيق زووم، ليس أسلوبي، ولا أحبه ولم أحبه على الإطلاق».
وتابع: «لكي أكون صادقاً، كانت هناك أوقات كدت أرحل عن المنتخب لأنه ليس أسلوبي في التدريب. اللاعبون هم السبب الوحيد لعدم رحيلي والتضحيات التي قاموا بها».
ومع إغلاق أستراليا حدودها حتى نهاية العام الماضي بسبب الجائحة، خاض المنتخب أغلب مبارياته في التصفيات خارج أرضه. لكن الجماهير والنقاد لم يرحموا الفريق وطالبوا برحيل أرنولد عندما فشلت أستراليا في خطف بطاقة التأهل المباشر. وبعد التأهل المثير قال أرنولد البالغ عمره 58 عاماً: «لا أجد ما أقوله في الوقت الحالي لأنه لم يمنحنا أي شخص في أستراليا الفرصة، العديد (من اللاعبين) شعروا بعدم وجود دعم في أستراليا... لكنهم واصلوا الإيمان بأنفسهم وهذا أهم شيء».
وكانت أستراليا قد تغلبت على الإمارات بصعوبة 2 - 1 الأسبوع الماضي في الدوحة في ملحق تحديد خامس القارة الآسيوية. ومرة أخرى خرجت أستراليا غانمة من الملحق، بعدما خاضته أكثر من مرة عندما كانت تخوض تصفيات أوقيانيا سابقاً أو آسيا راهناً، آخرها في تصفيات 2018 وتجاوزته أمام سوريا في الملحق الآسيوي (1 - 1 و2 - 1 بعد وقت إضافي) ثم العالمي أمام هندوراس (صفر - صفر و3 - 1).
وانضمت أستراليا في النهائيات العالمية في قطر إلى منتخبات المجموعة الرابعة المؤلفة من فرنسا حاملة اللقب والدنمارك وتونس، علماً بأن المنتخب كان ضمن مجموعة فرنسا والدنمارك وبيرو في المونديال الروسي قبل أربع سنوات. وقتها فازت بيرو 2 - صفر بهدفي أندي كاريو، المهاجم الحالي لنادي الهلال السعودي، وباولو غيريرو، وودع المنتخبان من الدور الأول في مجموعة تأهل عنها منتخبا فرنسا والدنمارك.
وفشلت بيرو، المصنفة 22 عالمياً والتي يقودها المدرب الأرجنتيني ريكاردو غاريكا منذ 2015 في الوصول إلى كأس العالم للمرة السادسة بعد 1930 و1970 و1978 و1982 و2018، وأخفقت بيرو في تكرار إنجازها قبل أربع سنوات عندما تأهلت عبر الملحق، بتخطيها نيوزيلندا (صفر - صفر و2 - صفر).
وقال غاريكا: «اللاعبون أهدروا بعض الفرص، وفي مثل هذه المباريات من يسجل هو من يفوز. كنا نريد الفوز بالمباراة لكننا لم نستطع».