الصدر يضع حلفاءه وخصومه أمام «خيارات حرجة»

(تحليل إخباري)

الصدر يضع حلفاءه وخصومه أمام «خيارات حرجة» بعد قراره استقالة نواب كتلته من البرلمان العراقي (د.ب.أ)
الصدر يضع حلفاءه وخصومه أمام «خيارات حرجة» بعد قراره استقالة نواب كتلته من البرلمان العراقي (د.ب.أ)
TT

الصدر يضع حلفاءه وخصومه أمام «خيارات حرجة»

الصدر يضع حلفاءه وخصومه أمام «خيارات حرجة» بعد قراره استقالة نواب كتلته من البرلمان العراقي (د.ب.أ)
الصدر يضع حلفاءه وخصومه أمام «خيارات حرجة» بعد قراره استقالة نواب كتلته من البرلمان العراقي (د.ب.أ)

وضع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بقراره مقاطعة العملية السياسية في العراق، حلفاءه في تحالف «إنقاذ وطن»، قبل خصومه في قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي، أمام «خيارات حرجة» يتعين عليهم الحسم فيها قريباً.
فقد كان واضحاً منذ البداية أن تحالف «إنقاذ وطن» الذي يتكون بالإضافة إلى الكتلة الصدرية من «تحالف السيادة» السني بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورجل الأعمال خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، يضع كل بيضه في سلة الصدر. وعلى الرغم من النكسات التي مُني بها هذا التحالف، على رأسها عدم قدرته على تأمين نصاب ثلثي أعضاء البرلمان اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية، فقد ظل متماسكاً ولم يتضعضع. كما ظل الصدر وفياً لحليفه «الديمقراطي الكردستاني»، على الرغم من صدور قرار للمحكمة الاتحادية ضد قيام إقليم كردستان ببيع النفط خارج إرادة الحكومة الاتحادية. وبرغم الموقف الحاد للصدر حيال العلاقة مع إسرائيل، فإن الصدر لم يتخذ موقفاً سلبياً من بارزاني. والأمر نفسه ينطبق على بارزاني الذي صوت أعضاء حزبه (الديمقراطي الكردستاني) في البرلمان العراقي على قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل. وفي السياق نفسه، بقي الصدر مصراً على تحالفه مع زعيمي «تحالف السيادة» السني محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، برغم ما أثير عن علاقات خارجية تربطهما مع دول عربية وإقليمية.
ولا شك أن قرار الصدر سيضع أيضاً خصومه في قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي أمام خيارات يتوجب الحسم فيها قريباً. وتمثل «قوى الإطار» كتلاً وفصائل قريبة من إيران، لكنها لم تكن تملك في البرلمان العراقي سوى «الثلث المعطل». والظاهر أن الصدر فهم أن «لعبة الإطار» هي الاستمرار في سياسة التعطيل عبر الثلث المعطل الذي تملكه، فقرر السير في اتجاهين مختلفين؛ الأول هو المضي في سريان عمل الدولة والحكومة حتى وإن كانت حكومة تصريف أعمال، وهو ما يغيض قوى «الإطار التنسيقي» التي تقف بالضد من حكومة مصطفى الكاظمي، فضلاً عن كونها خسرت تقريباً الغالبية العظمى من لجان البرلمان الجديد الذي سيطر عليه الصدر وشركاؤه. أما الثاني فهو إسقاط الحجج والذرائع عن قادة «الإطار التنسيقي»، وذلك بمنحهم المزيد من المدد الزمنية لتشكيل الحكومة. ومع نهاية آخر مهلة منحها لهم، جاء قرار الصدر الطلب من نوابه (75 نائباً) كتابة استقالاتهم لحين البت بها. لكن البت بالاستقالات لم يتأخر أكثر من ثلاثة أيام، إذ أمرهم الصدر بتقديمها إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي يوم الأحد فما كان منه سوى توقيعها «على مضض»، كما قال.
بلغة الأرقام، تعني استقالة نواب الصدر أن الفائز الثاني بأعلى الأصوات من الدائرة نفسها سيحل محل النائب المستقيل، وهو ما سيمنح العديد من قوى «الإطار التنسيقي» مقاعد إضافية. لكن التساؤل هنا يتعلق بما إذا كان يمكن الركون إلى لغة الأرقام في معادلة فيها الكثير من اختلال التوازن، مثلما هي المعادلة السياسية في العراق. فالصدر لا يملك فقط 75 نائباً بل يتبعه جمهور بالملايين.
وتفيد معلومات تسربت من داخل أوساط قوى «الإطار التنسيقي» بأن الخلافات تعصف بها لجهة كيفية تعاملها مع قرار الصدر، علماً بأنها هي الأخرى تملك، مثل الصدر، جمهوراً ليس فقط كبيراً عددياً بل هو مسلح أيضاً. وهناك على الأرجح اتجاهان داخل قوى «الإطار»، الأول يذهب لجهة المهادنة مع الصدر مع تقديم مبادرة سياسية يمكن أن تجعله يعيد النظر في موقفه، وبالتالي تمضي الأمور باتجاه تشكيل حكومة تجمع بين الأغلبية والتوافقية. أما الثاني فيدعو إلى المضي بالمواجهة مع الصدر إلى آخر مدى، وذلك بالتعامل مع استقالات نوابه بطريقة طبيعية، بحيث يصعد بدلاؤهم، وغالبيتهم من كتل تابعة لقوى الإطار الذي سيصبح الكتلة الشيعية الأكبر بلا منازع، وهو ما يعني هيمنتها الكاملة على البرلمان والحكومة.
كما أن هناك أحد السيناريوهات المطروحة، وهو حل البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«قرار متسرع وغير مسؤول»... غضب في إسرائيل تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
TT

«قرار متسرع وغير مسؤول»... غضب في إسرائيل تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)

دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية حيز التنفيذ، في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، بعد أن وافق الجانبان على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، في انتصار نادر للمساعي الدبلوماسية في منطقة تعصف بها الحرب منذ أكثر من عام.

وقد قدَّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق، في سياق ما قال إنها «إنجازات غير مسبوقة» حققتها إسرائيل، على مدار العام الماضي، من حرب على سبع جبهات.

وقال إن إسرائيل أعادت «حزب الله» عشرات السنين إلى الوراء، وأنه لم يعد الجماعة نفسها التي كان عليها من قبل، وفق شبكة «بي بي سي» البريطانية.

وأشار نتنياهو إلى أن وقف إطلاق النار أيضاً سيسمح لإسرائيل «بالتركيز على التهديد الإيراني»، مؤكداً أن بلاده ستحتفظ بالحرية العسكرية الكاملة لمواجهة أي تهديد جديد من «حزب الله».

ولا يريد أي من الجانبين أن يُنظَر إلى اتفاق وقف إطلاق النار هذا بوصفه استسلاماً منهما.

إلا أن منافسي نتنياهو السياسيين، بل بعض حلفائه أيضاً، ينظرون إلى الاتفاق على أنه «استسلام بالفعل».

وأشار استطلاع للرأي، أُجريَ أمس، إلى أن أكثر من 80 في المائة من قاعدة دعم نتنياهو تُعارض الاتفاق، وأن السكان في شمال إسرائيل، الذين جرى إجلاء أعداد كبيرة منهم من منازلهم بسبب الضربات التي شنها «حزب الله» بالمنطقة، غاضبون أيضاً.

وعلى المستوى الداخلي في إسرائيل، كان هناك انقسام شديد بشأن الاتفاق. فقد أظهر أحد استطلاعات الرأي أن 37 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار، و32 في المائة يعارضونه، و31 في المائة لا يعرفون أن هناك اتفاقاً من الأساس.

وقالت شيلي، وهي معلمة لغة إنجليزية في بلدة شلومي، إن وقف إطلاق النار كان «قراراً سياسياً غير مسؤول، ومتسرعاً».

من جهتها، قالت رونا فالينسي، التي جرى إجلاؤها من كيبوتس كفار جلعادي بشمال إسرائيل، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، إنها تريد العودة إلى ديارها، وأن وقف إطلاق النار ضروري، لكن فكرة عودة السكان اللبنانيين إلى القرى القريبة من كفار جلعادي، مثل قرية العديسة اللبنانية، أعطتها «شعوراً بالقلق والخوف».

وأضافت: «الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أتمناه هو ألا يتسلل (حزب الله) إلى مثل هذه القرى القريبة ويبني شبكة جديدة له هناك».

وتابعت: «لا يوجد شيء مادي حقيقي يمكن أن يجعلني أشعر بالأمان إلا محو هذه القرى تماماً، وعدم وجود أي شخص هناك».

وقالت «بي بي سي» إنها تحدثت إلى كثير من سكان إسرائيل يرون أن على نتنياهو مواصلة الحرب في لبنان، ويتساءلون: لماذا يوقّع رئيس الوزراء، الذي تعهّد بمواصلة القتال في غزة حتى «النصر الكامل»، على وقف لإطلاق النار في لبنان؟!

وعارض وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الاتفاق، ووصفه بأنه «خطأ تاريخي».

وكتب بن غفير، في منشور على موقع «إكس» يشرح فيه معارضته الاتفاق: «هذا ليس وقف إطلاق نار، إنه عودة إلى مفهوم الهدوء مقابل الهدوء، وقد رأينا بالفعل إلى أين يقود هذا». وتوقَّع أنه «في النهاية سنحتاج مرة أخرى إلى العودة للبنان».

وعلى النقيض، أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن «هذا الاتفاق ربما يضمن أمن إسرائيل للأبد».