مصر: جدل وترقب لزيادة أسعار تذاكر المواقع الأثرية

الأهرامات وقلعة صلاح الدين بين الوجهات المستهدفة

منطقة الأهرامات (وزارة السياحة والآثار المصرية)
منطقة الأهرامات (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: جدل وترقب لزيادة أسعار تذاكر المواقع الأثرية

منطقة الأهرامات (وزارة السياحة والآثار المصرية)
منطقة الأهرامات (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أثار قرار المجلس الأعلى للآثار المصرية بزيادة أسعار تذاكر دخول المواقع والمتاحف الأثرية، حالة من الجدل والترقب على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد للقرار باعتباره أمراً طبيعياً وضرورياً في ظل افتتاح عدد من المتاحف الجديدة، وتطوير كثير من المواقع السياحية والأثرية، وبين معارض يرى أن «الزيادة قد تؤثر على حركة السياحة الداخلية في مصر، خصوصاً في ظل ما يعانيه المصريون من أوضاع اقتصادية صعبة نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار».
وأصدر المجلس الأعلى للآثار قراراً في بداية الشهر الجاري، يقضي بزيادة أسعار زيارة المتاحف والمناطق الأثرية للمصريين، على أن يبدأ تنفيذ القرار بدءاً من أول يوليو (تموز) المقبل، وينص القرار على أن تكون أسعار تذاكر دخول مناطق أهرامات الجيزة، وقلعة صلاح الدين، وقصر البارون، وقلعة قايتباي بالإسكندرية، ووادي الملوك بالأقصر، وقصر محمد علي بشبرا 60 جنيهاً للمواطن المصري، و30 جنيهاً للطالب المصري (الدولار الأميركي بـ 18.7)، بينما تبلغ أسعار تذاكر دخول معابد الكرنك، ومعبد حتشبسوت بالأقصر، ومعبد فيلة وكوم أمبو وإدفو بأسوان 40 جنيهاً للمصري، 20 جنيهاً للطالب.
وأكد الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قرار زيادة الأسعار، وقال إن «القرار تم اتخاذه في اجتماع المجلس الأعلى للآثار الذي عقد نهاية مايو (أيار) الماضي، بعد إنفاق ملايين الجنيهات على تطوير البنية التحتية للمواقع والمناطق الأثرية، والتي تضمنت توفير خدمات وشركات أمن ونظافة في هذه المواقع».
وأثار القرار الجدل فور انتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الأسعار الجديدة، مصحوبة بتعليقات تشير إلى أن «هذه الأسعار ستمنع المصريين من زيارة آثارهم والتعرف عليها، وأنها تتناقض مع سياسة الدولة في تشجيع السياحة الداخلية».
وأكد أحمد عبد العزيز، الخبير السياحي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الأسعار الجديدة لن تؤثر على معدل زيارة المصريين للمواقع الأثرية، لأنها تتماشى مع حالة التضخم وارتفاع الأسعار في كل المجالات، والتي زادت تكلفة الباقات السياحية بشكل عام»، موضحاً أن «معدل السياحة الداخلية تراجع بالفعل بسبب ارتفاع الأسعار عموماً، مقارنة بما كانت عليه عام 2014. و2016»، لافتاً إلى أن «سعر الليلة السياحية الآن في الغردقة يصل إلى 1200. وهذا الرقم يساوي تكلفة الرحلة كاملة ثلاثة أيام قبل سنوات قليلة، وهو ما أدى إلى تراجع السياحة الداخلية بشكل عام».
واتفق معه الخبير السياحي محمد كارم، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «أسعار التذاكر في مصر تعد الأرخص على مستوى العالم في أسعار دخول وزيارة المناطق الأثرية»، مضيفاً أن «الزيادة الجديدة ليست كبيرة ولن تؤثر على معدل الزيارات السياحية، وهي أمر طبيعي في ظل الأزمة الاقتصادية ويتوافق مع حجم الإنفاق على تطوير المواقع الأثرية وافتتاح متاحف جديدة»، لكنه في الوقت نفسه قال إن «التكلفة قد تكون كبيرة إذا ما تحدثنا عن الأسرة ككل، وليس الأفراد، وهنا يمكن إقرار خفض للمجموعات».
غير أن عدداً من الأثريين والمتعاملين مع القطاع السياحي في مصر أكدوا أن «توقيت رفع الأسعار غير مناسب خصوصاً مع حالة التضخم والأزمة الاقتصادية، وبالتأكيد سيؤثر على معدل الزيارات السياحية، إذا ما تم حساب تكلفة زيارة أسرة مكونة من 5 أو 6 أفراد».
وشهدت أسعار تذاكر دخول المناطق الأثرية زيادات متكررة خلال السنوات الأخيرة، حيث كانت تذكرة دخول الأهرامات حتى عام 2015 تبلغ 10 جنيهات للطالب، و20 للمواطن المصري، قبل أن تتم زيادتها إلى 40 الشهر الماضي، ثم 60 في الزيادة الجديدة.
ويأتي قرار الزيادة في أعقاب إصدار وزارة السياحة والآثار قرار الأسبوع الماضي بمنح أسعار مخفضة لتصاريح الزيارة السنوية لطلاب المدارس والجامعات، والمصريين والعرب المقيمين في مصر، حيث يبلغ سعر تصريح الزيارة السنوي لطلاب المدارس 50 جنيهاً، كما يبلغ سعر التصريح الخاص بطلاب الجامعات المصريين والعرب المقيمين 125 جنيهاً، أما التصريح الخاص بالمصريين والعرب المقيمين فيبلغ 400 جنيه سنوياً، ولا تشمل هذه التصاريح زيارة مقابر كل من الملكة نفرتاري، الملك ست الأول، الملك توت عنخ آمون، والملك رمسيس السادس، والمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.
وفي سياق منفصل أعلن المجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي الاثنين، عن اكتشاف كتل حجرية من الجرانيت من عصر الملك خوفو بمعبد الشمس، وذلك أثناء استكمال حفائر البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة والعاملة بمنطقة المطرية (هليوبوليس) في الجانب الغربي من المتحف المفتوح بمسلة الملك سنوسرت الأول بالمطرية.
وقال وزيري، في البيان الصحافي، إن «هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن وجود آثار من عهد الملك خوفو في منطقة عين شمس، والتي ربما كانت أجزاءً من مبنى غير معروف، أو ربما نقلت من منطقة أهرامات الجيزة لاستخدامها كمواد بناء في عصر الرعامسة وهي الفترة التي شاع فيها استخدام الأحجار من المباني الأقدم تاريخياً».
وأوضح الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة من الجانب المصري، أن «البعثة كشفت عن عدد من الطبقات الأثرية يرجع تاريخها إلى عصر الأسرة صفر (فترة نقادة الثالثة)، إضافة إلى طبقات من رديم الفخار، والذي يشير إلى نشاط ديني وطقسي في الألف الثالث قبل الميلاد في هذه المنطقة، مع وجود أدلة تشير إلى استخدام المنطقة في عصر الأسرتين الثالثة والرابعة، حيث عثرت البعثة على قطعة من الجرانيت للملك بيب الأول (2280 ق. م) عليها نقش بالبارز للصقر حورس».
ومن بين المكتشفات قاعدة تمثال للملك أمازيس (أحمس الثاني)، وعدد من المذابح التي كان يقدم عليها القرابين من العصر المتأخر، وأجزاء لتماثيل على شكل أبو الهول.
وقال الدكتور ديترش راو، رئيس البعثة من الجانب الألماني، إن «البعثة كشفت أجزاء من النواويس والمذابح من عصر الملوك أمنمحات الرابع، سوبك حتب الرابع، آي، ست الأول، أوسركون الأول، تكيلوت الأول، وبسماتيك الأول، إضافة إلى الكشف عن نموذج نحتي من الكوارتز على شكل أبو الهول للملك أمنحتب الثاني، وقاعدة تمثال ضخم لقرد من الجرانيت الوردي لقرد البابون».


مقالات ذات صلة

مصر لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً

يوميات الشرق ميدان التحرير بعد تطويره ضمن  القاهرة الخديوية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً

ضمن توجه لإعادة إحياء «القاهرة الخديوية» واستثمارها سياحياً، تدرس مصر مقترحات بإنشاء كيان مستقل لإدارة المنطقة بوصفها أحد معالم السياحة الثقافية في العاصمة

عصام فضل (القاهرة )
يوميات الشرق الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

يصل ارتفاع الرأس المكتشف إلى 38 سنتيمتراً، وهو أكبر من الحجم الطبيعي لرأس الإنسان، ما يشير إلى أنه كان جزءاً من تمثال ضخم قائم في مبني ضخم ذي أهمية سياسية عامة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق قصر البارون إمبان بمصر الجديدة (وزارة السياحة والآثار)

قصور مصر التاريخية لاستعادة طابعها الحضاري

تسعى مصر لترميم وإعادة تأهيل القصور التاريخية لتستعيد تلك «التحف المعمارية» طابعها الحضاري وتدخل ضمن خطط السياحة الثقافية بالقاهرة التاريخية ذات السمات المميزة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق الدكتور محمد الكحلاوي يتسلم نجمة الاستحقاق الفلسطينية من السفير دياب اللوح (اتحاد الآثاريين العرب)

«وسام فلسطين» لرئيس «الآثاريين العرب»

منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، نجمة الاستحقاق ووسام دولة فلسطين للدكتور محمد الكحلاوي، رئيس المجلس العربي للآثاريين العرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من الكشف الأثري في جبَّانة أسوان بجوار ضريح الأغاخان (وزارة السياحة والآثار)

جبَّانة أسوان ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية عالمياً في 2024

جاءت جبَّانة أسوان الأثرية المكتشفة بمحيط ضريح الأغاخان في مدينة أسوان (جنوب مصر) ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية على مستوى العالم خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إطلاق مشروع لرصد السياسات اللغوية في الدول العربية

من النّدوة الدّوليّة لمناقشة تقرير السّياسات اللُّغويّة في الدّول العربيّة (مجمع الملك سلمان)
من النّدوة الدّوليّة لمناقشة تقرير السّياسات اللُّغويّة في الدّول العربيّة (مجمع الملك سلمان)
TT

إطلاق مشروع لرصد السياسات اللغوية في الدول العربية

من النّدوة الدّوليّة لمناقشة تقرير السّياسات اللُّغويّة في الدّول العربيّة (مجمع الملك سلمان)
من النّدوة الدّوليّة لمناقشة تقرير السّياسات اللُّغويّة في الدّول العربيّة (مجمع الملك سلمان)

أطلق مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة، بالتعاون مع المنظَّمة العربيَّة للتَّربية والثَّقافة والعلوم (ألكسو)، الاثنين، مشروع «منظومة السِّياسات اللُّغويَّة في الدول العربيَّة»، الذي يشتمل على إطلاق منصَّة رقميَّة تحتوي على وثيقة المشروع، وتقريراً ومنصَّة رقميَّة تضمُّ جميع السِّياسات اللُّغويَّة في الدُّول العربيَّة.

جاء الإطلاق ضمن أعمال النَّدوة التي نُفِّذت في مقر المنظَّمة بالعاصمة التونسية، وشهدت مشاركةً واسعةً من الخبراء اللُّغويِّين والمختصِّين بالتَّخطيط اللُّغوي، والمؤسَّسات اللُّغويَّة المرتبطة بسياسات اللُّغة وتخطيطها في الدُّول العربيَّة، ومندوبي الدُّول العربيَّة في المنظَّمة، وأمناء اللِّجان الوطنيَّة، الذين تجاوز عددهم 50 مشاركاً.

وبيَّن المجمع أنَّ هذا المشروع جاء انطلاقاً من إيمانه بقيمة التَّخطيط اللُّغوي؛ تحقيقاً للأهداف التي يسعى إليها عن طريق إجراء الدِّراسات والبحوث ونشرها، وإصدار التَّقارير الدوريَّة عن حالة اللُّغة العربيَّة ومؤشِّراتها.

وتتمثل فكرته في جمع السياسات اللغوية المعلنة الصادرة من جهات رسمية في الدول العربية، بلغ مجموعها ألفي قرار تقريباً، وتصنيفها بعد ذلك وفقاً لمجالاتها، وتواريخ إصدارها، وأعدادها في كل دولة، وأنواع التَّخطيط اللُّغوي الذي تنتمي إليه، وأهدافها.

واشتمل التقرير الختامي على دراسة للتاريخ اللغوي للدول العربية، وأهم التحديات اللغوية التي تواجه اللغة العربية، وأبرز التوصيات والحلول التي تسعى للنهوض بها في مجالات الحياة المتعددة.

وتميز المشروع بالبعد الاستراتيجي للمنظومة وأهميتها في اتخاذ القرار اللغوي على المستويين الدولي والإقليمي، وريادته من حيث الكم والكيف؛ إذ تجمع المنظومة بيانات السِّياسات اللُّغويَّة في البلاد العربيَّة - غير المتاحة في مدوَّنة واحدة - للمرَّة الأولى.

وتضمُّ المنظومة بيانات متخصِّصة في السِّياسات اللُّغويَّة عن 22 دولةً عربيَّةً، وتتيح مادةً ضخمةً بالغة الأهميَّة لفتح المجال أمام صنَّاع القرار، والباحثين، والدَّارسين، والمختصِّين؛ لإنجاز عمل لغوي استراتيجي فاعل إقليمياً وعالمياً.

وتسهم الشراكة بين المَجمع والمنظمة في تعزيز مبادرات نشر اللغة العربية، والمحافظة على سلامتها، وإبراز قيمتها الثقافية الكبرى، إضافة إلى تسهيل تعلُّمها وتعليمها، والارتقاء بالثقافة العربية.