الراعي: الدولة وحدها مسؤولة عن حسم أزمة الحدود مع إسرائيل

شنّ هجوماً على السياسيين الذين يستخدمون القضاء للانتقام من خصومهم

الراعي أثناء قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي أثناء قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي: الدولة وحدها مسؤولة عن حسم أزمة الحدود مع إسرائيل

الراعي أثناء قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي أثناء قداس الأحد (الوكالة الوطنية)

أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن الدولة اللبنانية هي الوحيدة المسؤولة عن حسم الأزمة الناشئة على الحدود البحرية بين لبنان. وشن في الوقت عينه هجوماً على السياسيين الذين يستخدمون القضاء والقضاة ضدّ خصومهم في السياسة والإدارة والمؤسسات المدنية والعسكرية لتعيين بدلاء عنهم يدينون لهم بالولاء والطاعة.
وقال الراعي في «عظة الأحد» أمس: «بالنسبة إلى الأزمة الناشئة على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل فإنها تعنينا جميعاً، ولا مجال للتفريط بحقوقنا تجاه إسرائيل أو كرمى لأي دولة. الحق حق أمام العدو والصديق. الجنوب عزيز على قلبنا، والثروات المنتظرة هي ثروات سيادية وطنية تعد بأرباح طائلة للدولة وللأجيال المقبلة. وجدير بالمسؤولين أن يعالجوا هذه الأزمة وصولاً إلى الحل لا إلى الحرب، ليتمكن لبنان من استخراج الغاز والنفط بالسرعة القصوى».
وأكد البطريرك الماروني في هذا الإطار أن «الدولة وحدها مسؤولة عن حسم هذا الموضوع. ووحدها مؤتمنة على قضايا السيادة والاستقلال، وعلى ثروات النفط والغاز. ووحدها الدولة مسؤولة عن إدارة المفاوضات مع الجهات الأجنبية، وتحديد دور الوسطاء، واتخاذ القرارات، وعقد المعاهدات، وتقرير الحرب والسلم. وعند الضرورة تستطيع استطلاع مواقف الأطراف السياسيين اللبنانيين نظراً لأهمية الموضوع ولدقة الظرف. ولكن، لا بد من أن يكون في النهاية مرجع يحسم الجدل القائم ويضمن حقوق لبنان. وفي كل ذلك ينبغي تحديد مهلة زمنية للمفاوضات الرامية إلى استخراج ثروتنا واستثمارها بأقصى سرعة». ولفت في بالمقابل، إلى «أنه حريٌّ بالدولة ألّا توظف هذه المفاوضات الحدودية في أي استحقاق داخلي سياسي أو انتخابي، بل في نهضة لبنان الجديد، والاضطلاع بدوره في الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط كدولة عضو في منتدى الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز».
ومن أجل كل ذلك، أكد الراعي أنه «يجب الإسراع في إجراء الاستشارات النيابية لتكليف رئيس حكومة وطني وذي صفة تمثيلية، ولتأليف حكومة كاملة الصلاحيات تشارك في المفاوضات الحدودية. لا يجوز دستورياً وميثاقياً تغييب مجلس الوزراء».
من جهة أخرى، كرر الراعي انتقاده لـ«تسييس القضاء». وقال: «يؤسفنا في قلب هذه الاستحقاقات المصيرية أن يبقى هاجس بعض المسؤولين مكافحة خصومهم في السياسة والإدارة والمؤسسات المدنية والعسكرية لتعيين بدلاء عنهم يدينون لهم بالولاء والطاعة. ولم يتحرروا بعد من شهوة الأحقاد والانتقام. ويؤسفنا أنهم، رغم مناشداتنا المتكررة، لا يزالون يستخدمون بعض القضاة ويعطونهم توجيهات مباشرة لفتح ملفات فارغة وإغلاق ملفات مليئة بالشوائب والاختلاسات. فيا ليت هؤلاء النافذين وهؤلاء القضاة يوظّفون جهودهم في دفع التحقيق في مرفأ بيروت لتصل العدالة إلى أهالي الشهداء والمصابين وإلى بيروت الجريحة، وليتم البتّ بمصير الموقوفين منذ سنتين من دون محاكمة!».
وأضاف: «يا ليتهم يلاحِقون من يمنع إغلاق المعابر الحدودية، ومافيات الكهرباء والطاقة، وتجار المخدرات الذين يعكرون علاقات لبنان بدول شقيقة وصديقة! يا ليتهم يحققون مع الذين يصادرون الأدوية ويحتكرون المحروقات ويخبئون المواد الغذائية ويتلاعبون بالأسعار! يا ليتهم يولُون اهتمامهم لتعويضات نهاية الخدمة، وهي ذخيرة العمر لأكثر من نصف مليون عائلة لبنانية، حيث انخفضت قيمتها، على حد تقرير مؤسسة محترمة، من نحو 8 مليارات دولار إلى نحو 430 مليون دولار، وهي غير متوفرة!».
ودعا إلى دعم الجيش اللبناني، قائلاً: «يتضح يوماً بعد يوم، بسبب الأحداث الأمنية والخروج من هيبة الدولة، واجب جميع اللبنانيين، شعباً وطوائف وأحزاباً، أن يدعموا الجيش اللبناني في كل آن، لا سيما وهو يتصدى للخارجين عن الشرعية والقانون أكانوا لبنانيين أم غرباء. إن الجيش يقوى أكثر فأكثر حين يشعر بأن الشعب معه في مهماته الوطنية. لذلك رفضنا ونرفض أن تكون أمام الجيش مناطق مفتوحة وأخرى مقفلة عليه. هذا جيش كل البلاد. ولا يحق لأحد أن يحرجه، أو أن يشكك في قدراته، وأن يضع له خطوطاً حمراً في هذه المنطقة أو تلك. فالجيش اللبناني قادر بقواه الذاتية على أن يدافع عن لبنان في الداخل وعلى الحدود».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً
TT

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

دخلت فصائل مسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا أمس، أجزاءً غرب مدينة حلب في شمال سوريا، وتقدمت على نحو كبير وسريع بعد قصفها في سياق هجوم بدأته قبل يومين على القوات الحكومية هو من أعنف جولات القتال منذ سنوات.

وبددت المعارك التي باغتت القوات الحكومية السورية؛ وروسيا وإيران الداعمتين لها، هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على الشمال الغربي السوري، بموجب تهدئة روسية - تركية.

وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لحلب. وقال شاهدا عيان من المدينة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا رجالاً مسلحين في منطقتهما، وسط حالة هلع في المدينة.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله».

ومع دخول ليل السبت، وتبين تقدم الجماعات المسلحة، أفاد «المرصد السوري» بتوجه «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة تابع لـ(ميليشيا لواء الباقر)، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور نحو حلب».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 255 شخصاً، وفقاً للمرصد، معظمهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 24 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام بالمعركة.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل بسطت سيطرتها على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد، في أكبر تقدّم تحرزه المجموعات المسلحة المعارضة للنظام منذ سنوات.

وفي المقابل، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى مدينة حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري الوكالة الفرنسية.

وقبل إعلان «المرصد السوري» دخول «هيئة تحرير الشام» إلى حلب، أفاد المصدر نفسه عن «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب».

وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل، ولن تتعرض لأي تهديد».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على إدلب وقرى محيطة بها.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا، التي تدعم قواتها في سوريا الرئيس بشار الأسد، تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا، وتريد من السلطات التحرك سريعاً لاستعادة النظام.

ودعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، بعد سلسلة الغارات الروسية - السورية.

وتسيطر «تحرير الشام» مع فصائل أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة «إكس»: «لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية»، مشيراً إلى «التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي».

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية، وأحياناً أصوات طائرات. آخر مرة سمعنا مثل هذه المعارك كانت قبل نحو 5 سنوات».

وأَضاف الموظّف في شركة اتصالات: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا، سئمنا هذه الحالة واعتقدنا أنها انتهت، لكن يبدو أنها تتكرر من جديد».

وكان عراقجي عدّ التطورات الميدانية في سوريا «مخططاً أميركياً - صهيونياً لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة»، وفق تصريحات أوردتها الوزارة الخميس.

وقال المحلّل نيك هيراس من معهد «نيو لاينز» للسياسات والاستراتيجية للوكالة الفرنسية، إن تركيا ترى أن «حكومة (الرئيس السوري) بشار الأسد تواجه وضعاً صعباً بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، وترسل رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن جهودهما العسكرية في شمال غربي سوريا».

ويرى مدير «المرصد السوري» لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن الجيش السوري لم يكن مستعداً أبداً لهذا الهجوم. وأعرب عن استغرابه الضربات الكبيرة التي يتلقاها الجيش السوري على الرغم من الغطاء الجوي الروسي.

وتساءل: «هل كانوا يعتمدون على (حزب الله) المنهمك حالياً في لبنان؟».

بدوره، قال مسؤول بالأمم المتحدة، الجمعة، إن 27 مدنياً، بينهم 8 أطفال، لقوا حتفهم في قتال بشمال غربي سوريا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحدى أسوأ موجات العنف منذ أعوام بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.