الحوثيون من «مناهضين للفساد» إلى ميليشيات ناهبة للحقوق والأموال

استيلاء على الرواتب.. وتهديدات واعتقالات للإعلاميين

الحوثيون من «مناهضين للفساد» إلى ميليشيات ناهبة للحقوق والأموال
TT

الحوثيون من «مناهضين للفساد» إلى ميليشيات ناهبة للحقوق والأموال

الحوثيون من «مناهضين للفساد» إلى ميليشيات ناهبة للحقوق والأموال

قبل انقلاب الجماعة الحوثية على الرئاسة الشرعية في اليمن يوم 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، كانت الحركة قد ضللت كثيرا من اليمنيين ممن أحسنوا الظن بها، بأنها حركة ثورية مناهضة للفساد ومُصلحة لأوضاع البلاد، لكنها اليوم وبعد سبعة أشهر على مسيرتها وثلاثة أشهر على حربها في المحافظات، نجدها في الممارسة الفعلية كاشفة عن وجهها القبيح الدميم الذي لطالما أخفته زمنًا وبدعوى محاربة الفساد المستشري في بنيان الدولة ومجتمعها كسرطان خبيث لا تنفع معه المسكنات والعلاجات الآنية بقدر ما يستوجب الاستئصال الكلي للأعضاء الفاسدة.
وعلى هذا الخطاب الخادع المتدثر بثوب الورع والنزاهة والصلاح، قدر لهذه الجماعة الوصول إلى العاصمة صنعاء، وبعد أن كان جل تطلعها لا يتعدى صعدة ومحيطها الجغرافي المعروف تاريخيا بتبعية أهله لمذهب زيد بن علي، اليوم وبعيد أشهر فقط على انقلابها وحربها، تتكشف حقيقة هذه الجماعة، فبعد تحالفها المؤكد والوثيق مع رأس الفساد في البلد ومع نظامه العائلي الاستبدادي ومع جيشه القبلي المناطقي الجهوي الذي خاضت الجماعة معه حربا شعواء كلفت صعدة وجوارها زهاء ربع مليون إنسان بين قتيل وجريح، ناهيك بالخراب والدمار الذي قدرت أضراره المادية فقط بمئات المليارات من الريالات (الدولار يساوي 222 ريالا)، وبعد أن غررت الجماعة بكثير من اليمنيين الذين تعاطفوا مع مظلمتها وقتا، وكذا من انطلت عليهم فكرة محاربة الدواعش والتكفيريين في البيضاء ومأرب وإب ومن ثم في محافظات الجنوب، مؤخرًا تخلت الميليشيات جزئيا عن فكرة قتال الدواعش والتكفيريين وبدأت باتباع أساليب قوات الرئيس المخلوع، فما من يوم يمر إلا وتظهر الميليشيات شيئا من سلوكها القمعي العبثي الهمجي، وما من معركة وجبهة عسكرية أو ناحية حياتية وإنسانية وسلوكية إلا وتبرز فيها الميليشيات حقيقة كوامنها المخفية الانتقامية العدوانية، كما تكشف بجلاء عن جوهرها القبيح البشع المستبد الفاسد الذي لا يختلف في رداءته وسوءته عن نظام المخلوع المستبد الفاسد الذي لا يتورع عن مصادرة حق إنسان أيا كان هذا الحق مرتبا شهريا أو رأيا مخالفا.
وقال أهالي المختطفين من قبل الميليشيات وأتباع صالح إن أبناءهم وأقاربهم تم خطفهم أو حجزهم، وهم الآن يقبعون في معسكرات وسجون مختلفة في لحج وإب وتعز وصنعاء، ومن هؤلاء في قاعدة العند. وأضاف أقارب المعتقلين أنهم وبعد متابعة الميليشيات الحوثية كانت الجماعة قد عرضت عليهم خلال الأيام الماضية الإفراج عن بعضهم نظير دفع فدية مالية تتراوح بين 100 ألف ريال و500 ألف ريال للشخص الواحد.
كما أكد والد أحد المختطفين أن قياديا في الجماعة بقاعدة العند طلب 500 ألف ريال مقابل إطلاق سراح الابن المختطف.
وقال هؤلاء إن الميليشيات تحتجز مئات المعتقلين، ومنذ أكثر من شهرين على اعتقالهم من الشوارع والأسواق والمنازل، ترفض إطلاق سراحهم إلا بمقابل مادي.
إلى ذلك، كان معلمو التربية والتعليم في مديرية يهر اليافعية شمال شرقي لحج قد أفادوا لـ«الشرق الأوسط» أن معاشاتهم لشهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين قد تم الاستيلاء عليه الأربعاء الماضي في نقطة تابعة لهذه الميليشيات في منطقة العند شمال لحج.
وقال المعلمون إنهم ولطالما انتظروا رواتبهم الشهرية المتوقفة منذ اندلاع الهجوم الحوثي الذي وصفوه بالعدواني البربري الغاشم، مع معاناتهم الناتجة عن حرب الميليشيات، وأعرب المعلمون والتربويون في يافع عن سخطهم واستيائهم حيال اعتداء الميليشيات على حقوق ومستحقات الموظفين. وأشاروا إلى أن هذه التصرفات خاطئة وتؤكد ممارسة الظلم بشكل جماعي لأبناء الجنوب، ناهيك بأنها تأجج الفتن والمشكلات، «فبدلا من أن يثبتوا عدالتهم وإنسانيتهم للآخرين الواقعين تحت ضغوط وأعباء اجتماعية ومعيشية، كانت هذه الميليشيات قد زادت من المعاناة والتذمر»، وطالبوا بالإفراج عن حقوقهم ودون مماطلة أو تسويف.
إلى ذلك، وضمن الإجراءات التعسفية المتخذة من ميليشيات الحوثي وأتباع صالح تجاه الصحافة الإلكترونية، أقدمت سلطات الحوثي وصالح في وزارة الاتصالات و«شبكة يمن» المشغل الوحيد للإنترنت في اليمن، ظهر يوم الجمعة الماضي الذي صادف العيد الفضي للوحدة اليمنية المجيدة في 22 من مايو (أيار)، على حجب موقع «الضالع نيوز» الإخباري في الداخل اليمني.
وحملت إدارة تحرير موقع «الضالع نيوز» الإخباري في بيان صحافي صادر عنها وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، الحوثيين وصالح المسؤولية الكاملة عن حجب الموقع دون إبداء الأسباب، وأضافت إدارة الموقع أنها حاولت التواصل مع المسؤولين في شبكة «يمن نت»، إلا أن كل محاولات التواصل باءت بالفشل، واعتبرت حجب الموقع إضافة إلى جرائم انتهاكات حق حرية الرأي والتعبير، ووصفت الإجراء التعسفي بأنه جريمة ضمن جرائم سابقة هدفها تضييق الخناق على ما تبقى من حرية للإعلام.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.