ظريف يتحدث في مسقط عن «حلول جديدة» للأزمة اليمنية.. وأنباء عن لقائه وفدًا حوثيًا

إيران وعُمان توقعان اتفاقًا لتحديد الحدود البحرية بين البلدين

ظريف أثناء إدلائه بتصريحات للصحافيين في مسقط إثر لقائه بوزير خارجيتها أمس (وكالة «فارس» للأنباء)
ظريف أثناء إدلائه بتصريحات للصحافيين في مسقط إثر لقائه بوزير خارجيتها أمس (وكالة «فارس» للأنباء)
TT

ظريف يتحدث في مسقط عن «حلول جديدة» للأزمة اليمنية.. وأنباء عن لقائه وفدًا حوثيًا

ظريف أثناء إدلائه بتصريحات للصحافيين في مسقط إثر لقائه بوزير خارجيتها أمس (وكالة «فارس» للأنباء)
ظريف أثناء إدلائه بتصريحات للصحافيين في مسقط إثر لقائه بوزير خارجيتها أمس (وكالة «فارس» للأنباء)

دعا وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، أمس، إلى إجراء حوار بين اليمنيين لا يستثني أحدا، في حين ذكرت مصادر أن الوزير الإيراني ربما التقى مندوبين عن جماعة الحوثي كانوا قد وصلوا إلى مسقط السبت الماضي لإجراء محادثات.
وبعد لقائه يوسف بن علوي عبد الله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، صرح ظريف بالقول «ينبغي البحث عن حلول جديدة وبذل جهود حثيثة لوقف إطلاق النار بشكل دائم وإرسال المساعدات الإنسانية الفورية للشعب اليمني». ولم يفصح الوزير الإيراني عن تلك الأفكار الجديدة التي تحدث عنها، إلا أن مصادر أشارت إلى أن الإيرانيين ينسقون مع العمانيين بشأن تسوية للأزمة اليمنية يمكن أن يشارك فيها حلفاؤهم الحوثيون.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن ظريف تأكيده «على ضرورة إجراء الحوار اليمني - اليمني»، منتقدا ما سماه «الأطر الأحادية لتسوية الأزمة اليمنية». وقال «لا يمكن تجاهل شريحة كبيرة من الشعب اليمني في وضع الحلول». ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن ظريف قوله خلال اللقاء مع بن علوي إن الأوضاع الجارية في المنطقة والتطورات الحالية «خطيرة جدا وتتطلب من دول المنطقة السعي إلى إعادة الأمن والاستقرار».
وتحدثت مصادر أن ظريف، الذي غادر أمس مسقط، التقى خلال زيارته موفدين عن جماعة أنصار الله (الحوثيين) كانوا قد وصلوا السلطنة على متن طائرة عمانية يوم السبت الماضي. في حين قالت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء إنه في ما يتعلق باليمن قال ظريف إن الطرفين الإيراني والعماني بحثا تنفيذ وقف لإطلاق النار وإجراء محادثات بين الفصائل المتحاربة وكيفية إدخال المساعدات. ونقلت الوكالة عن ظريف قوله «إيران وسلطنة عمان تريدان السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وتشتركان في المصلحة في هذا الشأن».
الوزير الإيراني بمناسبة انعقاد مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في دولة الكويت، الذي تبدأ أعماله اليوم وتنتهي غدا الخميس، دعا دول المنطقة إلى حوار إقليمي للمشاركة في «مبادرات بناء الثقة والأمن، ومكافحة الإرهاب والتطرف والصراع الطائفي، وضمان حرية الملاحة وتدفق النفط بحرية (...)، والحفاظ على البيئة في المنطقة».
وتقود سلطنة عمان التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع الحوثيين ومع طهران وساطة لإقناع الحوثيين بالانخراط في تسوية سلمية للأزمة اليمنية. ونقلت «رويترز» عن أحمد المخيني، المساعد السابق للأمين العام لمجلس الشورى في عمان، قوله إن السلطنة ستتوخى الحرص البالغ لعدم تقديم تنازلات في ما يتعلق بحيادها، وإنه يجب ألا ينظر إليها على أنها متأثرة بإيران بشأن الصراع في اليمن.
وكانت إيران وسلطنة عُمان وقعتا يوم أمس اتفاقا لتحديد الحدود البحرية بين البلدين، وذلك أثناء زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى مسقط. وأفادت وكالات أنباء إيرانية بأن وزير الخارجية ظريف وقع مع وزير الداخلية العماني حمود بن فيصل البوسعيدي على هذا الاتفاق الذي ينص على تحديد الحدود البحرية بين البلدين والتي تمتد في بحر عمان بطول 450 كيلومترا.
ويعتبر هذا الاتفاق هو الأول من نوعه بين إيران وعمان منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979. وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية «إيرنا» فقد اعتبر ظريف خلال لقائه يوسف بن علوي عبد الله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، أن توقيع البلدين على اتفاقية تحديد الحدود البحرية «يفتح صفحة مهمة في العلاقات الثنائية» بين البلدين.
في حين نقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن بن علوي قوله «إن العلاقات الودية بين البلدين يمكن تعزيزها لتشمل جميع المجالات»، مضيفا أن «التوقيع على اتفاقية تحديد الحدود البحرية بين البلدين يمكن أن يمهد الأجواء لارتقاء العلاقات الاقتصادية».
كما أثنى الوزير الإيراني على الدور الذي تضطلع به سلطنة عمان على صعيد المنطقة والعالم، وقال إن «هذا الدور يتميز بالأهمية الكبيرة بالنسبة لإيران».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.