زيارة إلى كنوز مصر التشكيلية في عشرينات القرن الماضي

عبر معرض يبرز أعمال رواد تلك الحقبة بقصر عائشة فهمي

اللوحات تجاور المنحوتات في المعرض (الشرق الأوسط)
اللوحات تجاور المنحوتات في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

زيارة إلى كنوز مصر التشكيلية في عشرينات القرن الماضي

اللوحات تجاور المنحوتات في المعرض (الشرق الأوسط)
اللوحات تجاور المنحوتات في المعرض (الشرق الأوسط)

 يُعايش زوار قصر عائشة فهمي التاريخي (مجمع الفنون) في الزمالك (وسط القاهرة) هذه الأيام تجربة زمنية وبصرية استثنائية تعود بهم لفترة العشرينات من القرن الماضي، بكل ما تحمله من رهافة وخصوصية فنية؛ حيث يستضيف القصر معرض «الفن المصري في عشرينات القرن الماضي» الذي ينظمه قطاع الفنون التشكيلية.
ويحفل بهو القصر العريق وجدران غرفه الممتدة بين طابقين، بلوحات نادرة تحمل توقيع كبار رواد حركة الفن التشكيلي في مصر خلال فترة العشرينات، منهم  محمود مختار، ومحمود سعيد، وراغب عياد، ويوسف كامل، وجورج صباغ، ومحمد حسن، وإيمي نمر، وسوزان عدلي، وشعبان زكي، وغيرهم.
يستمر المعرض حتى الأول من أغسطس (آب) المقبل، ويضم 90 عملاً فنياً لـ20 فناناً من رواد الحركة التشكيلية المصرية.
«فترة العشرينات هي الفترة الذهبية في تكوين الفن المصري الحديث» حسبما يصفها الفنان إيهاب اللبان، مدير مجمع الفنون ومُعد المعرض. ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «تلك الفترة تحديداً شهدت كثيراً من التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية الضخمة، لذلك فهي فترة خصوبة للثقافة المصرية عموماً والفن التشكيلي بشكل خاص».
ويضيف اللبان: «تلت تلك الحقبة  ثورة 1919. لذلك انعكس عليها الحس الليبرالي الذي كان يشهده المجتمع المصري آنذاك، وهو ما سمح بخروج طيف جديد من المثقفين القادرين على تأسيس حركة مهمة في الثقافة المصرية، ومنها الفن التشكيلي، لذلك فإن المعرض يضم رموزاً من الرواد الأوائل الذين يحظون بتقدير كبير من متابعي الفنون في كل العالم العربي».
وداخل قصر عائشة فهمي، الذي تم تشييده عام 1907 على الطراز الإيطالي الكلاسيكي، يمكن الاقتراب من الوجوه والموضوعات التي طرحها فنانو هذا العصر، ولا سيما البورتريهات والمناظر الطبيعية. يقول اللبان: «هناك غلبة في المعرض لفن البورتريه، وكذلك للمدرسة التعبيرية والانطباعية؛ حيث هناك تأثيرات كبيرة للطبيعة، وتأثيرات أخرى مستلهمة من الحياة الاجتماعية المصرية مثل أعمال محمد ناجي، وعلي الأهواني، المتأثرة بالريف المصري بشكل خاص، علاوة على المنحوتات، ولا سيما منحوتات الفنان محمود مختار الذي يُعرض له 25 منحوتة». وبحسب اللبان، فإن «محمود مختار في حد ذاته نموذج متفرد بين فناني هذا العصر، تكفي الإشارة لتمثاله (نهضة مصر) الذي لا يزال إلى اليوم عملاً أيقونياً».

ويعتبر إيهاب اللبان حقبة العشرينات، فترة تأسيسية للفن الحديث، مشيراً إلى أن تنظيم هذا المعرض واجه تحديات عدة، لأن تلك الفترة (الذهبية) كانت غنية جداً بالأعمال الفنية المميزة. الأمر الذي استغرق جهداً ودقة في تجميع أعمال متفرقة. 
ويأتي المعرض ضمن احتفاء وزارة الثقافة المصرية بحقبة العشرينات، وذلك بتنظيم مجموعة من الأحداث المتنوعة التي تضم نماذج من مختلف ألوان الإبداع التي تم إنتاجها خلال تلك الفترة، من بينها الفن التشكيلي.
واستضاف قصر عائشة فهمي خلال السنوات الأخيرة سلسلة من المعارض تحت عنوان «كنوز متاحفنا» التي انطلقت بعد ترميم قصر عائشة فهمي، وافتتاحه للجمهور في 2017. وكان من بين تلك المعارض فعالية تضم أعمالاً فنية متفردة من مقتنيات أسرة محمد علي باشا بمصر، ومعرض آخر ضمّ مجموعة نادرة من روائع النسيج القبطي والإسلامي في المتاحف المصرية.  
واعتبرت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم أن عقد العشرينات من القرن الماضي، يمثل فترة زمنية مميزة في تاريخ مصر الحديث، وقالت خلال افتتاحها للمعرض أخيراً إن «فترة العشرينات شهدت أحداثاً وتحولات سياسية واجتماعية كثيرة مثلت مرحلة جديدة في عمر الوطن، إلى جانب الاتصال بالثقافة الغربية والاطلاع عليها».
ووصفت عبد الدايم المعرض بأنه يضم مجموعة من «كنوز الحركة التشكيلية» التي على حد تعبيرها تعكس «الثراء والزخم الفني خلال تلك الفترة»، وأضافت أن «الفن التشكيلي وسيلة لحفظ الهوية، باعتباره ذاكرة للأمم».


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

عودة «ليلة المتاحف» بعد توقف قسري إلى لبنان

وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة خلال المؤتمر الصحافي
وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة خلال المؤتمر الصحافي
TT

عودة «ليلة المتاحف» بعد توقف قسري إلى لبنان

وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة خلال المؤتمر الصحافي
وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة خلال المؤتمر الصحافي

أعلن وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة، خلال مؤتمر صحافي عقده اليوم في مقر المكتبة الوطنية، بحضور مديري المتاحف، عن عودة فعالية «ليلة المتاحف» في 29 من الشهر الحالي، بدءاً من السابعة مساءً حتى الحادية عشرة ليلاً، بعد أن كانت محجوبة عن الجمهور لسنوات.

وقال سلامة: «من دواعي سروري أن أُعلن عودة الوزارة إلى تجربة أثبتت نجاحها، غير أن ظروفاً استثنائية حالت دون استمرارها، لأسباب يعرفها الجميع، منها جائحة (كوفيد - 19)، والانهيار المالي. واليوم، تعود فعالية (ليلة المتاحف) إلى الحياة، ولا أخفي أن ذلك تطلّب جهوداً حثيثة من الوزارة، ومشاركة عدد من المؤسسات الداعمة، لا سيما مصلحة النقل المشترك، التي ستؤمّن الانتقال المجاني للزوار بين المتاحف المدرجة في الفعالية».

وأعرب سلامة عن أمله في أن يواكب المواطنون الحدث ويشاركوا فيه، انطلاقاً من المتحف الوطني، مروراً ببقية المتاحف. وأشار إلى أنه سيكون في كل متحف مرشد ثقافي مخصص لتقديم الشروحات والرد على استفسارات الزوار.

الدخول إلى المتاحف مجاني لتمكين أكبر عدد ممكن من المواطنين، لا سيما الشباب، من زيارة أكبر عدد منها والتنقل بينها. وستكون نقطة الانطلاق المركزية من أمام المتحف الوطني.

أما المتاحف المشاركة في هذه الفعالية فهي: بيروت: المتحف الوطني، ومتحف سرسق، ومتحف الجامعة الأميركية الأثري، ومتحف الجيولوجيا في الجامعة الأميركية، ومتحف المعادن - جامعة القديس يوسف، ومتحف ما قبل التاريخ - جامعة القديس يوسف، ومتحف المكتبة الشرقية، ومتحف بنك لبنان، والمعهد الفرنسي في لبنان - معرض للفنان سيرج بلوخ، فيلا عودة - ومجموعة فسيفساء خاصة، وجناح نهاد السعيد.

في جونيه: متحف جامعة الروح القدس الكسليك. وفي جبيل: متحف آرام بيزيكيان لأيتام الإبادة الجماعية الأرمنية، ومتحف موقع جبيل، وذاكرة الزمن - متحف الحفريات البحرية، مؤسسة بيبي عابد، ومتحف مقام. أما في طرابلس فتفتح قلعة سان جيل أبوابها.

وتمنّى وزير الثقافة أن تضمّ الفعالية في العام المقبل عدداً أكبر من المتاحف، وقال: «نحن نحضّر لمن سيخلفنا في الوزارة لإدخال متاحف جديدة ضمن هذه الفعالية. فالوزارة تعمل حالياً على بناء عدد من المتاحف».

كما تحدّث عن متحف أثري كبير في صور يتم استكماله حالياً، وأشار إلى أن العمل في متحف صيدا الأثري سيُستأنف بعد توقف دام سنوات، وقد أُنفق عليه نحو 6 ملايين دولار حتى الآن، مع البحث عن تمويل إضافي لاستكماله، وربما يحتاج إلى عامين لإنهاء العمل فيه.

وفي الختام، أشار الوزير سلامة إلى مشروع إنشاء متحف كبير في جبيل، حيث جرت اكتشافات أثرية في غاية الأهمية خلال العامين الماضيين، مؤكداً أهمية تسليط الضوء عليها أكثر فأكثر. وأضاف: «إن عدد المتاحف هذا العام كبير، ونتمنى أن نشهد في العامين المقبلين المزيد من المتاحف في كل المدن الأثرية في لبنان».