عام «مودي» الأول في الهند.. الفساد يتراجع والاقتصاد ينمو.. ولا قيود على الاستثمار

اعتراف بأن سقف توقعات الحكومة كان مرتفعًا إلى حد غير واقعي

رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي خلال زيارته للصين منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي خلال زيارته للصين منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

عام «مودي» الأول في الهند.. الفساد يتراجع والاقتصاد ينمو.. ولا قيود على الاستثمار

رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي خلال زيارته للصين منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي خلال زيارته للصين منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)

مر عام على الفوز الانتخابي الساحق، الذي حققه حزب بهاراتيا جاناتا تحت قيادة نارندرا مودي عام 2014، وهو ما مثل إنجازًا تاريخيًا لم يحدث منذ 30 عامًا، وعلى حصول الحزب على أكثر من ثلثي مقاعد البرلمان، ووعده للهنود بأيام هانئة قادمة. هل جاءت تلك الأيام الهانئة حقا؟ ماذا عن الوعود الخاصة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي؟ هل الاقتصاد على المسار الصحيح؟ هل المتطرفون يتسببون في صدع داخل المجتمع؟ هل ينبغي على رئيس الوزراء مودي التعامل بشدة وحزم مع من يحاولون تقسيم البلاد على أساس ديني؟ يبدو أن هناك اتفاقًا كبيرًا على أن هذه الحكومة تعني التجارة والأعمال. ويبعث المحللون برسائل مختلطة في هذا الشأن. وحاولت صحيفة «الشرق الأوسط» التحدث مع صناع السياسة، والمحللين السياسيين، ورجال السياسة، والأكاديميين، ورجال الأعمال، من أجل معرفة إنجازات وإخفاقات حكومة مودي.
هناك شعور بتراجع الفساد بشكل مجمل. وهناك توقعات بسنّ تشريع مهم مثل الضريبة على السلع والخدمات. مع ذلك الحكومة بوجه عام مرتبكة، وتعاني من صعوبة في السيطرة على الأمور، وتتعثر في التنفيذ والتفاصيل. وهناك اعتراف بأن سقف توقعات حكومة مودي كان مرتفعًا إلى حد غير واقعي.
يذكر أن مودي اتخذ الكثير من الخطوات من أجل إعادة توجيه دفة السياسات الاقتصادية نحو مجال التجارة والأعمال؛ حيث زاد الإنفاق على البنية التحتية، ووضع خطة تأمين اجتماعي شاملة، وخفض الضريبة على الشركات إلى 25 في المائة على مدى الأربعة أعوام المقبلة.
كذلك قررت الحكومة رفع القيود المفروضة على الاستثمار المباشر في قطاعات مثل التأمين، والدفاع، وتحرير أسعار الديزل، والاستثمار في التحويل المباشر للنقود لصالح الدعم. وتلك الأمور على سبيل المثال لا الحصر.
وتشير كل من مجلة «فوربس إنديا»، ومسح لمستشاري «بي إم أر» تم إجراؤه في أبريل (نيسان) بين شخصيات بارزة في هذا المجال بشأن خطة الحكومة الخاصة بالأعمال إلى الاعتقاد السائد بأن الحكومة اتخذت خطوات من أجل تحقيق نمو اقتصادي. وقال سوميت مازومدار، رئيس اتحاد الصناعات الهندية، الذي كان ضمن وفد رجال الأعمال، الذي رافق مودي في عدة رحلات إلى دول أجنبية: «لقد تمكنوا من توفير مناخ مناسب يشجع على الاستثمارات والنمو، ووضع الأساس السليم. ولا أعتقد أن هدف الحكومة هو جذب الكثير من الاستثمارات، بل ترتيب البيت من الداخل». وقال دكتور محمد بردول ألام، الأستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة «ميليا الإسلامية» في نيودلهي: «أعتقد أن أداءه كان جيدا. صحيح أنه لم يحقق سوى بعض الإنجازات الكبرى المحدودة، لكن كانت إخفاقاته أيضا كذلك. ومن بين تلك الإنجازات التي أود الإشارة إليها هي (حملة نظافة الهند)، وحملة (اصنع في الهند)، وتبني الحكومة لاستراتيجية توفير أنظمة شراء وبيع إلكترونية على كل المستويات الممكنة وفي كل المعاملات مع التركيز على التحويل المباشر إلى حسابات مصرفية؛ وكلها أمور جديرة بالثناء. كذلك عليه التعامل مع مشروع قانون امتلاك الأراضي ومحاولة إقناع الناس به وشرح ما يعنيه القانون وكيف يمكنه المساعدة».
كانت هناك مقاومة وتحديات في الداخل؛ وواجهت خطة الإصلاح الحكومية عددًا من العراقيل على مدى الأشهر القليلة الماضية، حيث يواجه قانون امتلاك الأراضي، الذي يستهدف الحد من صعوبة شراء أرض على الصناعة، عراقيل في البرلمان؛ حيث ترى المعارضة أنه يضر بمصالح المزارع. ويشار إلى تمتع رئيس الوزراء بسلطة مركزية كبيرة مما أدى إلى إزعاج كثير من الوزراء وبالتالي إعاقة جهود التنسيق.
مع ذلك قال دكتور براديب دوتا، الأستاذ في قسم العلوم السياسية بجامعة دلهي: «لقد اهتمت الحكومة حقا بأمر الأراضي والبيئة. الشيء الآخر الذي يثير قلقي الشديد هو زيادة الهجمات التي تستهدف الأقليات».
مع ذلك كانت سلسلة المناقشات الجدلية على مدى العام بمثابة تهديد بتشتيت الاهتمام بعيدا عن خطة «الحكم الرشيد» للحكومة. وكانت لعناصر متطرفة يمينية، وبعض الوزراء، وأعضاء البرلمان، المنتمين إلى حزب بهاراتيا جاناتا تصريحات ضد الأقليات. وواجهت حكومة مودي انتقادات بسبب حملات هندوسية مثل «أعيدوا المسلمين والمسيحيين إلى الهندوسية»، فضلا عن أعمال التخريب الأخيرة التي استهدفت كنائس في دلهي، وبعض المدن الهندية الأخرى.
وواجه مودي انتقادات بسبب «صمته» إزاء القضية، لكن في مقابلة أجراها مع مجلة «تايم»، تم سؤاله عن تصريحات قادة حزب بهاراتيا جاناتا بشأن الأقليات، والتي أثارت مخاوف المسلمين، والمسيحيين، وغيرهم بشأن مستقبل ممارسة شعائرهم الدينية في الهند، وأجاب قائلا: «لن تتسامح حكومتي أو تقبل أي تمييز على أساس الطبقة، أو العقيدة، أو الدين. وفيما يتعلق بحزب بهاراتيا جاناتا وحكومتي، لا يوجد سوى كتاب مرجعي مقدس واحد هو الدستور الهندي».
رغم الآراء المتباينة التي أثارها أداء مودي على الصعيد الاقتصادي، أقرّ كثيرون بالحماس، وتحديد الهدف، الذي اتسمت به علاقة الهند الجديدة بالعالم بفضله. وأثنى راجا موهان، كاتب العمود والصحافي البارز، على سياسة مودي الخارجية. وقال: «كان الزخم الأكبر الذي حظي به مودي في مجال غير متوقع وهو السياسة الخارجية. وتمثلت أهداف السياسة الخارجية لرئيس الوزراء في إعادة بث الروح والحماس في الشراكة المتجمدة مع الولايات المتحدة، والتعامل على نحو أفضل مع التحدي المتمثل في الصين، والانخراط المثمر مع دول الجوار في شبه القارة الهندية وآسيا، وتعزيز القوى الناعمة الكامنة للهند، ودفع نيودلهي باتجاه الساحة الدولية في إطار عملي».
وفي الوقت الذي بدت سياسته تجاه باكستان متأرجحة، اتجه بوضوح نحو تحسين العلاقات مع دول جوار أصغر مثل بنغلاديش، ونيبال، وسريلانكا. وقام مودي بتغيير وصف السياسة الهندية من «التطلع نحو الشرق» إلى «التوجه نحو الشرق» مع التركيز على دعم العلاقات الاقتصادية والأمنية مع دول الجوار الآسيوية مثل اليابان، وفيتنام، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، ومنغوليا. وظلت الهند تنظر لنفسها طوال عقود على أنها قوة توازن تحاول تقييد الغرب أو الصين. ويرى مودي حاليا أنه على الهند بما تمتلكه من إمكانيات قومية متنامية أن ترى نفسها كقوة تضطلع بقدر أكبر من المسؤولية تجاه بناء النظام العالمي والحفاظ عليه.



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.