سكان بكين يتحررون من قيود «كورونا»

إصابة وزيرة الخارجية الألمانية بالفيروس خلال زيارتها باكستان

وزيرة الخارجية الألمانية تقطع زيارتها لباكستان (أ.ف.ب)
وزيرة الخارجية الألمانية تقطع زيارتها لباكستان (أ.ف.ب)
TT

سكان بكين يتحررون من قيود «كورونا»

وزيرة الخارجية الألمانية تقطع زيارتها لباكستان (أ.ف.ب)
وزيرة الخارجية الألمانية تقطع زيارتها لباكستان (أ.ف.ب)

قطعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك زيارتها إلى باكستان بعد اكتشاف إصابتها بفيروس كورونا، وفق ما ذكرت محطة «إن تي في» التلفزيونية.
وألغت بيربوك ما تبقى من اجتماعاتها في باكستان وفقدت حاسة التذوق، حسبما أفادت «إن تي في».
وكانت باكستان المحطة الأولى في جولة بيربوك، التي كان من المقرر أن تشمل أيضاً زيارات إلى اليونان وتركيا، بحسب «رويترز».
وفي الصين، احتفل سكان العاصمة بكين برفع القيود وإعادة فتح المطاعم، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وانتهزت شين شونمي فرصة رفع القيود ضد كوفيد بعد شهر من العزلة للخروج لتناول طبق من القريدس المقلي، وهذا ما كانت «تتوق إليه».
ومنذ بداية مايو (أيار)، تم إغلاق الحانات والمقاهي والصالات الرياضية والمتاحف، بالإضافة إلى عشرات محطات المترو في العاصمة الصينية البالغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، لمواجهة تفشي وباء كوفيد.
وقالت شونمي والابتسامة تعلو وجهها: «كنت أتوق إلى المجيء، خصوصاً أنني لم أتمكن من الخروج منذ فترة طويلة. كل يوم، كنت أطلب الطعام من الخارج أو أطهو. لذلك أردت حقاً الذهاب إلى المطعم».
وسجلت بكين عشرات الإصابات اليومية فقط بكوفيد، ولكن مثل أي مكان آخر في الصين، طبقت البلدية استراتيجية «صفر كوفيد» للحد من انتشار الفيروس والوفيات.
وأُجبر السكان لأسابيع على إجراء فحص البوليميراز المتسلسل (بي سي آر) كل 48 ساعة على الأقل، وأغلقت مبانٍ ووضع أشخاص في الحجر الصحي.
وقالت شونمي إن المجمع السكني الذي تقطن فيه خضع للحجر لمدة أسبوعين، بعد رصد إصابة. وبعد الأيام الخمسة عشر هذه، أغلقت محطة المترو التي تخدمه بدورها. وأضافت: «منذ ذلك الحين، لزمت المنزل». وأوضحت: «في البداية، أحببت العمل من المنزل. ولكن بعد فترة، أصبح الأمر مملاً حقاً».
مع الانخفاض التدريجي بعدد الإصابات الجديدة في بكين (تم الإعلان عن إصابتين فقط الثلاثاء)، سمحت السلطات الآن للسكان بالعودة إلى المكتب. وستفتح المدارس من جديد تدريجياً بدءاً من 13 يونيو (حزيران).
وأعلن متنزه «يونيفرسال ستوديوز» الترفيهي عن إعادة فتح أبوابه في 15 يونيو. كما تعاود دور السينما والصالات الرياضية استقبال روادها بنسبة 75 في المائة من طاقتها الاستيعابية في الوقت الحالي. وهكذا، أصبح ارتياد المطاعم ممكناً مرة أخرى، باستثناء حيين في بكين يواصلان تطبيق القيود بسبب تسجيل إصابات.
وسمحت تدابير مكافحة كوفيد بالحد من الوفيات الناجمة عن الفيروس، إلا أنها أدت بشكل واضح إلى إلحاق خسائر اقتصادية بالمطاعم.
وقال تشانغ شينغتاو، وهو مدير العمليات في سلسلة مطاعم شهيرة تقدم المأكولات البحرية، بأسف: «انخفض حجم مبيعاتنا في مايو (أيار) بنحو 65 في المائة مقارنة بالعام الماضي».
وعلى غراره، كان وو زوين الذي يدير مطعماً يقدم أطباقاً من شرق الصين، ينتظر «التعافي بفارغ الصبر». وأضاف: «بالطبع فقدنا المال» خلال الشهر الماضي، حتى وإن ساعدتنا تلبية الطلبات الخارجية قليلاً على تخفيف وطأة الصدمة. لكن التعافي لم يكتمل بعد. وأشار وو إلى أن المنشآت لا يمكنها العمل إلا بطاقة 50 في المائة «حتى لو تدفق الزبائن».
ويتعين على سكان بكين اصطحاب نتيجة سلبية لفحص البوليميراز المتسلسل (بي سي آر) لا تتجاوز مدته 72 ساعة لدخول معظم المباني واستخدام وسائل النقل العام.
وقالت لجنة الصحة الوطنية أمس (الثلاثاء)، إن بر الصين الرئيسي سجل 209 إصابات جديدة بفيروس كورونا في السادس من يونيو، منها 57 مصحوبة بأعراض و152 من دون أعراض.
وأضافت أن الصين رصدت في اليوم السابق 171 إصابة جديدة، منها 31 ظهرت عليها أعراض و140 من دون أعراض.
ولم تسجل البلاد وفيات جديدة، وبهذا تظل حصيلة الوفيات 5226. وسجل بر الصين الرئيسي حتى السادس من يونيو 224398 إصابة مؤكدة بفيروس كورونا.
وسجلت العاصمة بكين إصابتين جديدتين من دون أعراض مقابل حالة واحدة في اليوم السابق، وفقاً لما ذكرته الحكومة المحلية. ولم يتم رصد أي حالات مصحوبة بأعراض في بكين في السادس من يونيو، مقابل خمس حالات في اليوم السابق.
وفي شنغهاي، تم تسجيل ثلاث إصابات جديدة مصحوبة بأعراض، انخفاضاً من أربع حالات في اليوم السابق وسبع إصابات من دون أعراض مقابل أربعة قبل يوم.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟