اتهامات للحكومة السورية بالمساهمة في فقر المواطن بعد رفع أجور الاتصالات

خبراء يقولون إن مداخيل المواطنين وحوالاتهم يتم تحويلها إلى مصدر تمويل رئيسي لخزينة الدولة

سوريون يتسوقون في إحدى أسواق دمشق القديمة أول من أمس (أ.ف.ب)
سوريون يتسوقون في إحدى أسواق دمشق القديمة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

اتهامات للحكومة السورية بالمساهمة في فقر المواطن بعد رفع أجور الاتصالات

سوريون يتسوقون في إحدى أسواق دمشق القديمة أول من أمس (أ.ف.ب)
سوريون يتسوقون في إحدى أسواق دمشق القديمة أول من أمس (أ.ف.ب)

عمّ استياء كبير أوساط شرائح واسعة من سكان مدينة دمشق، مع استمرار الحكومة السورية برفع عموم الأسعار وخصوصاً منها أجور الخدمات الأساسية التي تقدمها للمواطنين، في ظل اتهامات بأن الحكومة تسهم في مفاقمة حالة الفقر الشديد التي يرزح السوريون تحت وطأتها. ولفت خبراء إلى أن الحكومة وفي ظل الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي تعاني منه، حوّلت مداخيل المواطنين الشهرية إلى مصدر تمويل رئيسي لخزينتها، بسبب التراجع الحاد وشبه التام لمصادر التمويل وعجزها عن تمويل الاحتياجات الأساسية لهم.
ورغم طغيان مشهد تأزم الوضع المعيشي للمواطنين في مناطق سيطرة الحكومة، واصلت الأخيرة توجيه الضربات الموجعة لهم، إذ أعلنت «الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد»، في بيان مؤخراً، رفع أسعار الخدمات الأساسية المُقدمة من شركتي الخلوي «سيريتل» و«MTN» و«الشركة السورية للاتصالات» الحكومية بنسبة 50 في المائة اعتباراً من بداية يونيو (حزيران) الجاري، وذلك بعد أيام قليلة من رفع وزارة الداخلية رسوم إصدار جواز السفر «الفوري» إلى 300 ألف ليرة سورية، بدل 102 ألف ليرة، والذي سبقه رفع أسعار مادتي البنزين والمازوت غير المدعومتين، حيث تم تحديد سعر البنزين (أوكتان 90) بـ3500 ليرة، للتر الواحد، بعدما كان 2500، و(أوكتان 95) بـ4000 ليرة، بعدما كان 3500 ليرة، فيما رفعت سعر مادة المازوت الصناعي والتجاري من 1700 ليرة إلى 2500 للتر.
وقُوبل قرار «الهيئة» باستياء كبير من الأهالي في دمشق، لأن المواطن «منهَك أصلاً» بسبب الارتفاع الجنوني المتواصل لعموم الأسعار وتآكل القدرة الشرائية، إذ بات المرتب الشهري لا يكفى إلا لثلاثة أو أربعة أيام، حسبما يقول (م. ر) الموظف في شركة خاصة لـ«الشرق الأوسط». ويؤكد هذا الموظف أن «معظم العائلات أفرادها باتوا يعيشون على وجبة واحدة في اليوم، فيما يأكل بعضهم الخبز فقط». ويضيف «معظم العائلات بحاجة ماسّة إلى الإنترنت لأن لها أولاداً وأقارب في الخارج وتتحدث معهم بشكل شبه يومي، وفي ظل القرار الجديد باتت كل عائلة تحتاج إلى مرتب شهري خاص للاتصالات».
أما (س.ن) الذي يعمل في مجال البحوث والدراسات، فقد صبّ جامّ غضبه على الحكومة واتهمها بالمساهمة بشكل كبير في تجويع الناس وزيادة فقرها عبر قراراتها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تعرف (الحكومة) جيداً أن الناس تعاني من وضع معيشي قاهر، ورغم ذلك كل يوم تصدر قراراً برفع أسعار المواد والخدمات، بمعنى أنها تقول للمواطن: دبّر راسك بنفسك».
- مستقبل كارثي
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد حذّر، في بيان صدر مؤخراً، من تفاقم أزمة الغذاء في سوريا جرّاء ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة تتجاوز الـ800 في المائة خلال العامين الماضيين، مما تسبب بوصول أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2013.
ويترافق ارتفاع الأسعار مع تدهور مستمر لسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، إذ يصل حالياً إلى نحو 4 آلاف ليرة، بعدما كان في العام 2010 قبل اندلاع الحرب ما بين 45 و50 ليرة. ولم تسهم الزيادات على رواتب الموظفين ولو بشكل بسيط في ردم عمق الفجوة بين دخل العائلة الشهري وقيمة ما تتطلبه من احتياجات، ذلك أن مرتب موظف الدرجة الأولى لا يتجاوز 150 ألف ليرة، في حين باتت الأسرة المؤلفة من خمسة أفراد تحتاج إلى أكثر من مليوني ليرة في الشهر الواحد لتعيش في وضع وسط.
وقال عبد الرحمن الجعفري، عضو مجلس الشعب، في مداخلة أخيرة بجلسة للمجلس، إن «الحكومة تعيش بانفصال عن الواقع ويتجلى ذلك بموضوع الرواتب والأجور، والذي هو الهاجس الأكبر للمواطن في سوريا اليوم حيث أصبحت الهوة بين الدخل والمصروف أكبر من قدرة المواطن على التحمل وأصبحت الرواتب والأجور غير منصفة على الإطلاق مقارنة بأعباء المعيشة».
وقال خبير اقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إنه في ظل الوضع الاقتصادي والمالي المنهار في مناطق سيطرة الحكومة والذي يزداد صعوبة يومياً والعجز عن ترميمه بسبب انعدام الإنتاج بعد دمار أغلب المعامل والمصانع وخروج معظم حقول النفط والغاز والأراضي الزراعية ذات المحاصيل الاستراتيجية عن سيطرتها وانحسار السياحة، تراجعت إلى حد كبير واردات خزينة الحكومة وباتت شبه معدومة. وأضاف: «في ظل هذا الوضع ترفع الحكومة بشكل مستمر الأسعار والضرائب وأجور الخدمات، بمعنى أنها حوّلت مداخيل المواطنين الشهرية والحوالات التي تصل إليهم من الخارج إلى مصدر تمويل رئيسي لخزينتها».
- تبريرات
وذكرت «الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد»، في بيان، أن قرارها يأتي «استجابةً ضروريةً لتتمكن شركات الاتصالات من تنفيذ المشاريع المطلوبة منها (صيانة، تأهيل...) إضافةً إلى الإيفاء بالتزاماتها المالية بالقطع الأجنبي لشركات مزودي الخدمة العالمية، في ظل ارتفاع كبير بأسعار الطاقة».
وتحتكر «سيريتل» و«MTN» منذ أكثر من عشرين عاماً سوق الاتصالات الخلوية في سوريا بعقود طويلة الأجل قابلة للتمديد، وذلك بالشراكة مع «المؤسسة العامة للاتصالات» الحكومية وفق نظام الـ«B.O.T» ووصل عدد المشتركين فيهما إلى نحو 16 مليوناً، حسبما ذكر إياد الخطيب وزير الاتصالات مؤخراً.
ويعاني المشتركون في خدمات «سيريتل» و«MTN» و«الشركة السورية للاتصالات» منذ عدة سنوات من رداءة خدمات الاتصالات والإنترنت، وتفاقم الأمر أكثر في السنوات الأخيرة مع فترات الانقطاع الطويلة للتيار الكهربائي وصعوبة تأمين الوقود، إذ يشهد الكثير من المناطق في دمشق وبقية المحافظات غياباً شبه كلّي لهذه الخدمات.
وأشارت «الهيئة» في البيان إلى أنه في إطار عملها لضمان استمرار عمل شركات الاتصالات وخدماتها بما يتناسب مع الظروف الحالية الناتجة عن تداعيات «قانون قيصر» وارتفاع سعر الصرف، من دون أن تشكّل أعباءً ثقيلة إضافية على المواطنين، وبعد مفاوضات عدة جرت خلال الفترة الماضية ما بين «الهيئة» والمشغلين من شركتي «سيريتل» و«MTN» و«الشركة السورية للاتصالات» بناءً على طلب مقدّم من الشركات، تمت الموافقة رفع الأسعار.
وفي حين شددت «الهيئة» على أن قرارها «لا يستند بالمُطلق إلى دوافع ربحية وهو يهتم بشكل أساسي بضمان استمرار توفر خدمات الاتصالات»، تؤكد الإفصاحات المنشورة على موقع «سوق دمشق للأوراق المالية» أن «سيريتل» و«MTN» ربحتا منذ عام 2016 وحتى الربع الثالث من عام 2021 نحو 317 مليار ليرة سورية. وسبق أن رفعت «السورية للاتصالات» و«سيريتل» و«MTN» في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي أجور الخدمات للهاتف الثابت والخلوي وخدمة الإنترنت المنزلي، بنسب تراوحت بين 40 و110 في المائة.
وتم رفع أسعار الخدمات حينها من 13 إلى 18 ليرة لدقيقة خطوط الهواتف الخلوية مسبقة الدفع ومن 11 إلى 15 ليرة لخطوط لاحقة الدفع، ورفع باقات الإنترنت والخدمات المقدمة بنسبة وسطية تصل إلى 45 في المائة.


مقالات ذات صلة

«اجتماع عمّان» لوضع خريطة للحل في سوريا

المشرق العربي «اجتماع عمّان» لوضع خريطة للحل في سوريا

«اجتماع عمّان» لوضع خريطة للحل في سوريا

اتفق الاجتماع الوزاري العربي، الذي التأم في العاصمة الأردنية عمّان أمس، على تشكيل فريق من الخبراء من جميع الدول المشاركة، لوضع خريطة طريق باتجاه التوصل إلى حل في سوريا. وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، خلال مؤتمر صحافي، بعد الاجتماع الذي شارك فيه وزراء خارجية السعودية ومصر والعراق والأردن وسوريا، إن الاجتماع أطلق مساراً سياسياً جديداً محدد الأجندة، يسهم في حل الأزمة، وهو بداية للقاءات ستتابع للوصول إلى حل للأزمة السورية، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية.

المشرق العربي عقوبات أوروبية على كيانات سورية

عقوبات أوروبية على كيانات سورية

أعلن الاتحاد الأوروبي، الاثنين، فرض حزمة عقوبات جديدة ضد أفراد ومنظمات على صلة بالنظام السوري. وذكر «الاتحاد»، في بيان نشرته الحكومة الهولندية، أن حزمة العقوبات تشمل مسؤولين من النظام السوري متورطين في تهريب المخدرات على نطاق واسع، وعقوبات ضد مسؤولين عن «قمع الشعب وانتهاك حقوق الإنسان»، وعقوبات تتعلق بصفقات اقتصادية مع روسيا يعدّها الاتحاد «مضرة» بالشعب السوري. وقرر «مجلس الاتحاد» إدراج 25 فرداً و8 كيانات في إطار الإجراءات التقييدية للاتحاد الأوروبي في ضوء الوضع في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي المبعدون من لبنان... تنتظرهم حواجز النظام

المبعدون من لبنان... تنتظرهم حواجز النظام

يتربص بالباحثين السوريين عن ملاذ آمن هرباً من الأوضاع الكارثية داخل سوريا، مهربون يتقاضون مبالغ مادية لتهريب من يريد إلى لبنان، ووفقاً لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فإن العشرات من السوريين الذين دخلوا لبنان خلسة، تم ترحيلهم من قبل السلطات اللبنانية خلال الأيام والأسابيع القليلة الفائتة. وحسب «المرصد»، فإن أجهزة النظام الأمنية وحواجزه على الحدود السورية - اللبنانية، اعتقلت أكثر من 39 شخصاً من الذين جرى ترحيلهم من الأراضي اللبنانية منذ مطلع شهر أبريل (نيسان) الحالي، بذرائع كثيرة، غالبيتها لتحصيل إتاوات مالية بغية الإفراج عنهم. وقبل أيام معدودة، اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، شابين يتح

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريا: مليون دولار وأسلحة في «مزرعة البغدادي» بالرقة

سوريا: مليون دولار وأسلحة في «مزرعة البغدادي» بالرقة

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن وحدة مشتركة من «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات الأميركية، عثرت على أموال وذهب خلال الأيام الفائتة، في مزرعة واقعة بمنطقة «كسرة فرج» في أطراف الرقة الجنوبية، وتعرف باسم «مزرعة البغدادي»، وذلك لأن أبو بكر البغدادي كان يمكث فيها إبان قيادته تنظيم «داعش» الإرهابي على المنطقة. ووفقاً للمرصد، فإن المداهمة جاءت بعد معلومات للأميركيين و«قسد» بوجود مخبأ سري، حيث عُثر عليه بالفعل وبداخله 3 غرف مموهة بشكل دقيق، وفيها 4 براميل مملوءة بكميات كبيرة من الذهب وأموال تقدر بنحو مليون دولار أميركي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الكويت تنفي تقارير حول زيارة مزمعة لوزير خارجيتها إلى سوريا

الكويت تنفي تقارير حول زيارة مزمعة لوزير خارجيتها إلى سوريا

نفت وزارة الخارجية الكويتية، اليوم (الثلاثاء)، تقارير إعلامية عن اعتزام الوزير سالم عبد الله الجابر الصباح زيارة سوريا الخميس المقبل، حسبما أفادت «وكالة أنباء العالم العربي». وأكدت الوزارة في بيان «عدم صحة ما تم تداوله من قبل صحف محلية ووكالات» عن القيام بهذه الزيارة، وشددت على «ضرورة تحري الدقة وأخذ المعلومة من مصادرها الرسمية والموثوقة». وكانت صحيفة «القبس» الكويتية قد نقلت في وقت سابق اليوم عن مصدر حكومي لم تسمه، القول إن وزير الخارجية الكويتي سيقوم بزيارة رسمية لسوريا يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

مقتل شخص وإصابة 2 في السويداء بانفجار قنبلة يدوية

تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية-د.ب.أ)
تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية-د.ب.أ)
TT

مقتل شخص وإصابة 2 في السويداء بانفجار قنبلة يدوية

تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية-د.ب.أ)
تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية-د.ب.أ)

أفادت قناة «الإخبارية السورية»، اليوم الأربعاء، بمقتل شخص وإصابة 2 في السويداء بانفجار قنبلة يدوية.


«التشاور والمصالحة» تدعو قادة الانتقالي لخفض التصعيد والانخراط السياسي

جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)
جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)
TT

«التشاور والمصالحة» تدعو قادة الانتقالي لخفض التصعيد والانخراط السياسي

جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)
جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)

دعا مسؤول يمني قادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى المبادرة باتخاذ إجراءات سياسية وعسكرية تفضي إلى التخلي عن التصعيد المرفوض وطنياً، وإقليمياً، ودولياً، والانخراط في حوار سياسي بعيداً عن فرض المشاريع السياسية بقوة السلاح.

وأوضح أكرم العامري، نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن كثيراً من قادة المجلس الانتقالي «يمتلكون الفهم، والإدراك، والقدرة على تقييم الواقع، والظروف الداخلية، والخارجية، والمصالح الجيوسياسية للإقليم وتشابكاتها، إلى جانب الأبعاد الدولية»، معرباً عن أمله في «أن تلقى الدعوات إلى خفض التصعيد مبادرة، وتعاطياً إيجابياً، بما ينعكس بصورة مباشرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية المتدهورة».

جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)

الانتقالي لا يزال شريكاً

وأوضح العامري، ويشغل أيضاً الأمين العام لـمؤتمر حضرموت الجامع، أن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يزال شريكاً سياسياً رئيساً في إطار الشرعية، وهي قناعة الدولة وقيادتها، ممثلة برئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، إلى جانب مختلف القوى السياسية، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن على قيادة المجلس الانتقالي المبادرة «باتخاذ إجراءات سياسية وعسكرية يتخلون فيها عن التصعيد السياسي، والعسكري المرفوض وطنياً، وإقليمياً، ودولياً»، لافتاً إلى أن هذا الرفض عكسته مواقف معلنة صادرة عن أكثر من 41 دولة، ومؤسسة دولية، من بينها الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية.

ودعا العامري إلى العودة إلى العمل السياسي المشترك القائم على التوافق، والشراكة وفق المرجعيات الحاكمة، وفي مقدمتها اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة، والانخراط «بمسؤولية وجدية في حوار سياسي ترعاه الدولة عبر مؤسساتها، يناقش مختلف القضايا، ويُفضي إلى تطمينات وضمانات متبادلة»، مع التأكيد على ضرورة التخلي عن «استراتيجية فرض المشاريع السياسية، وتحقيق المكتسبات بقوة السلاح».

أكرم العامري نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة الأمين العام لمؤتمر حضرموت الجامع (الشرق الأوسط)

التعاطي إيجابياً

قال نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة إن المجلس الانتقالي الجنوبي يُعد كياناً سياسياً مؤثراً، مشيراً إلى أن كثيراً من قادته «يمتلكون الفهم، والإدراك، والقدرة على تقييم الواقع، والظروف الداخلية، والخارجية، والمصالح الجيوسياسية للإقليم، وتشابكاتها، إلى جانب الأبعاد الدولية، وتحديد أولويات المصلحة للمشروع، والكيان السياسي».

وأضاف أنه «استناداً إلى ذلك، نأمل أن نلمس مبادرة، وتعاطياً إيجابياً مع متطلبات خفض التصعيد المعلنة»، مؤكداً أن هذه المتطلبات «ستنعكس بآثار إيجابية على الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية المتردية التي يعاني منها المواطنون»، لافتاً إلى أن هذه الأوضاع «بدأت تشهد تعافياً نسبياً بفعل حالة الاستقرار النسبي السائدة خلال الفترة الماضية».

فرض الاستقرار في المحافظات الشرقية

وتحدّث أكرم العامري عن حالة واسعة من التوافق الوطني، والإقليمي، والدولي حول أهمية دعم الجهود الرامية إلى فرض الاستقرار في حضرموت، والمهرة، ومنع انزلاقهما نحو مزيد من الفوضى، والصراعات.

وقال إن «عدم استجابة المجلس الانتقالي الجنوبي لمتطلبات خفض التصعيد، والانسحاب من حضرموت، والمهرة، سيقود حتماً إلى مزيد من الاحتقان الداخلي، واتساع دائرة الرفض المجتمعي لوجوده العسكري بوصفه سلطة موازية للدولة»، محذّراً من أن ذلك من شأنه أن يشكّل «تهديداً جدياً لمصالح طبيعية للجوار الإقليمي».

لقطة من مقطع فيديو لمراقبة الشحنة العسكرية قبل أن يضربها التحالف قرب ميناء المكلا أول من أمس (رويترز)

وأضاف أن هذا الوضع «يستوجب على الدولة ومؤسساتها، وبالشراكة مع الحلفاء، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، إعادة فرض الاستقرار وسلطة الدولة والقانون في تلك المحافظات، باستخدام جميع الوسائل المتاحة».

التعايش المجتمعي

وأكد العامري أنه «منذ نشأة المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، جرى التعايش مجتمعياً وسياسياً بصورة سلمية ومدنية، ورغم الخلاف والتباين السياسي، لم تشهد حضرموت والمهرة أي صدام خشن بين أبنائهما، حتى في أشد مراحل الخلاف»، مشيراً إلى أن «النسيج المجتمعي لم يتعرض للتهديد إلا بعد اجتياح المحافظتين في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، عبر قوات عسكرية قدمت من خارجها».

وشدد على أن «أبناء حضرموت والمهرة لن ينجرّوا إلى صراع داخلي مهما بلغت حدة التباينات السياسية، متى ما تُرك الملف الأمني والعسكري والإداري بأيديهم، بعيداً عن أي تدخل من قوى عسكرية من خارج المحافظتين»، لافتاً إلى أن هذا التوجه يفسر دعمهم لتولي أبناء تلك المناطق، عبر قوات درع الوطن، مسؤولية الملفين الأمني والعسكري، «بما يشمل إخراج أي قوات عسكرية أخرى، وإعادتها إلى مناطق تمركزها السابق».


مفوضة أوروبية: خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة المساعدات

شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
TT

مفوضة أوروبية: خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة المساعدات

شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)

قالت المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات حاجة لحبيب، اليوم الأربعاء، إن خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة وصول المساعدات المُنقذة للحياة إلى القطاع.

وأضافت لحبيب، في حسابها على منصة «إكس»: «كان موقف الاتحاد الأوروبي واضحاً، فلا يمكن تطبيق قانون تسجيل المنظمات غير الحكومية بصيغته الحالية».

وأكدت المفوضة الأوروبية ضرورة إزالة كل العراقيل التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية، قائلة: «القانون الدولي الإنساني لا يترك مجالاً للالتباس، فالمساعدات يجب أن تصل إلى محتاجيها».

كانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت عن الحكومة قولها، أمس الثلاثاء، إنها تعتزم سحب تراخيص عشرات المنظمات الإنسانية؛ منها «أطباء بلا حدود»، و«أكشن إيد»، و«أوكسفام»، بدعوى «صلتها بالإرهاب».

ويواجه عدد من منظمات الإغاثة الدولية خطر إلغاء تسجيلها، مما قد يُجبرها على الإغلاق أو يفرض قيوداً على عملها في غزة والضفة الغربية في غضون 60 يوماً إذا لم تمتثل بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي للمعايير الجديدة التي وضعتها السلطات الإسرائيلية.