صراع «القوات» والوطني الحرّ» يوتّر الجامعات والشارع المسيحي

جهات تقلل من أهميته وأخرى تحذر من تفاقمه

TT

صراع «القوات» والوطني الحرّ» يوتّر الجامعات والشارع المسيحي

لم ينته الصراع السياسي في لبنان بين الأحزاب بانتهاء الانتخابات النيابية، بل إن تداعياتها لا تزال مستمرة بين مناصري الأحزاب، وهو ما ظهر عبر خلافات بين مناصري «القوات اللبنانية» من جهة، ومناصري «التيار الوطني الحرّ» من جهة ثانية؛ ما يعكس عمق الصراع السياسي على الإحجام في الشارع المسيحي.
وكان أول اختبار لهذا الانقسام المستمر على وسائل التواصل الاجتماعي إشكالات في فروع الجامعات في المناطق ذات الأكثرية المسيحية، آخرها الخلاف الذي وقع الأسبوع الماضي في فرع كلية الحقوق والعلوم السياسيّة التابعة للجامعة اللبنانية في منطقة جلّ الديب (شرق بيروت)، على خلفية محاولة طلاب من «التيار» إزالة صور رئيس «القوات» سمير جعجع والرئيس اللبناني الراحل بشير الجميّل؛ ما استدعى تدخل القوى الأمنية وعناصر من الجيش لضبط الأوضاع.
وفي حين قلل الطرفان من أبعاد هذه الإشكالات، باعتبارها «آنية ويمكن تخطيها بسرعة»، تباينت آراء الطرفين حول أسبابها ومن يقف وراءها، فاعتبر عضو المجلس السياسي في «التيار الوطني الحرّ» وليد الأشقر، أن ما حصل «ليس جديداً عن مشهد الجامعات، خصوصاً في مواعيد الانتخابات الطالبية»، مشيراً إلى أن «إشكالاً مماثلاً حصل في ساحة ساسين في الأشرفية، على أثر تعليق صورة بدري ضاهر (مدير عام الجمارك اللبنانية المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون والموقوف في ملف انفجار مرفأ بيروت)، حيث جرت إزالة الصورة، بعدما اعتبر بعض (القواتيين) ومنهم النائب غسان حاصباني بأنها تستفزّ أهالي ضحايا انفجار المرفأ».
ولم يخف الأشقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن هذا التصعيد «يعبّر عن خيبة سياسية لدى جمهور القوات، الذي أوهمه سمير جعجع (رئيس حزب القوات اللبنانية) بأنه بات يملك الأكثرية النيابية المسيحية بعد الانتخابات، بينما أظهرت الوقائع عكس ذلك، وأن الأكثرية ما زالت عند التيار الوطني الحرّ، بغضّ النظر عن التحالفات التي أتت بنبيه بري رئيساً لمجلس النواب والياس بو صعب نائباً له».
ويبدي حزب «القوات اللبنانية» اطمئنانه إلى استيعاب ما يحصل ويشدد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات شارل جبور، على أن «أشكال الجامعة اللبنانية استثناء؛ إذ لا عودة إلى أجواء التشنّج». وبرر ما حصل بأن «الطلاب والقطاع الشبابي ما زال تحت وقع حالة التعبئة والتجييش التي كانت سائدة خلال مرحلة الانتخابات، والتحركات التي تقع في بعض الصروح الجامعية تبقى إشكالات محدودة، بخلاف المشهد القائم عند الطرف الآخر، الذي تستخدم فيه الأسلحة والقذائف الصاروخية (في إشارة إلى التوترات التي تحصل في مناطق نفوذ «حزب الله» في البقاع والضاحية الجنوبية)»، معتبراً أن «الاختلاف السياسي حقّ ونحن سنحافظ على أدبيات العمل السياسي الذي يبني الدولة، ويجنّب الصدامات في الشارع».
التوترات على الأرض بين الفريقين المسيحيين الأقوى، رغم محاولات احتوائها، سبقتها حملات متبادلة على وسائل التواصل الاجتماعي، استخدم فيها الناشطون عبارات استعادت أيام الحرب الأهلية، ورأى وليد الأشقر أن هذا السجال «ليس جديداً، خصوصاً بعد انتخابات رئيس المجلس النيابي ونائبه، التي أثبتت أن الأكثرية ليست بمتناول جعجع الذي لم يحصل مرشحه لمركز نائب رئيس مجلس النواب على أكثر من 38 صوتاً». وقال «إذا استمر هذا الخطاب وتجاهل الحقائق قد نشهد مزيداً من التصعيد، لا سيما مع استحقاق تشكيل الحكومة، كما أن الاستشارات الملزمة لتسمية رئيس حكومة، ستثبت أن أي فريق لن يضمن 65 صوتاً ليكون صاحب القرار في تشكيل الحكومة». ورأى الأشقر، أن الوضع السياسي قد يشهد تأزماً يرتدّ على الأرض ما لم يتم تدارك الأمور، خصوصاً أن جعجع يشترط عدم الجلوس مع (حزب الله) على طاولة مجلس الوزراء، ما يجعل الصورة ضبابية جداً».
ويرفض أي طرف التسليم بتفوّق الطرف الآخر عليه بنتيجة الانتخابات النيابية، وقال شارل جبور «نحن كقوات لبنانية في موقع المنتصر؛ لأن الأكثرية المسيحية انتقلت من أكثرية مؤيدة لسلاح (حزب الله) إلى أكثرية نيابية تؤمن بمشروع بناء الدولة».
وذكّر بأن التيار الحرّ ورئيسه جبران باسيل «في موقع المأزوم لأن عهدهم انتهى إلى الفشل وأنهى البلد»، مشدداً على أن القوات اللبنانية «في حالة تصاعدية وهم بحالة تراجع مستمرّ، وإن تصويت 65 نائباً لبرّي لا يعني أنهم الأكثرية لأن هذه الأكثرية متحرّكة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

نعيم قاسم يقر بخسارة «المقاومة» طريق إمدادها السوري

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
TT

نعيم قاسم يقر بخسارة «المقاومة» طريق إمدادها السوري

الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)

اعترف الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم بخسارة طريق إمداد حزبه عبر سوريا، لكنه اعتبره «تفصيلاً صغيراً»، مراهناً على إمكانية «عودة المعبر» أو «البحث عن طريق جديد».

وفي كلمة أتت مفاجئة في توقيتها، استبعد قاسم أن «يؤثر ما حصل في سوريا على لبنان»، وقال إن حزبه «قوي ويتعافى»، مشدداً على استمرار عمله المسلح، معلناً أنه سيتعاون في إخلاء جنوب الليطاني من السلاح والمسلحين.

وشدد قاسم على أن «شرعية المقاومة تأخذها من إيمانها بقضيتها مهما كانت الإمكانات، والمقاومة قد تستمر 10 سنين أو 50 سنة وهي تربح أحياناً وتخسر أحياناً أخرى والمهم استمرارها في الميدان».

واعتبر أن «العدو أدرك أن الأفق في مواجهة مقاومة (حزب الله) مسدود فذهب إلى اتفاق إيقاف العدوان». وقال: «نحن منعنا العدو من تحقيق الشرق الأوسط الجديد عبر بوابة لبنان، ولولا صمود المقاومين لوصلت إسرائيل إلى بيروت وبدأت خطواتها اللاحقة من استيطان وتوطين». وشدّد على أن «الاتفاق هو لإيقاف العدوان وليس لوقف المقاومة، وهو محصور في جنوب الليطاني»، وأضاف: «المقاومة لا تربح بالضربة القاضية على عدوها، وإنما بالنقاط، والمهم استمرارها مهما كانت إمكاناتها محدودة».

وعرض قاسم لبرنامج عمل «حزب الله» في المرحلة المقبلة، قائلاً: «إن برنامج عملنا في المرحلة المقبلة هو تنفيذ الاتفاق في جنوب نهر الليطاني وإعادة الإعمار وانتخاب الرئيس، والحوار الإيجابي حول القضايا الإشكالية، ومنها ما هو موقف لبنان من الاحتلال (الإسرائيلي) لأرضه؟ وكيف نقوّي الجيش اللبناني؟ وماهية استراتيجية الدفاع اللبنانية؟».

ولفت قاسم إلى أن «الحكومة هي المعنيّة بمتابعة منع الخروقات (الإسرائيلية)، واللجنة المعنية بمتابعة الاتفاق معنية أيضاً»، وقال: «لقد صبرنا خلال هذه الفترة على مئات الخروقات (الإسرائيلية) من أجل أن نساعد على تنفيذ الاتفاق ولنكشف العدو ونضع كل المعنيين أمام مسؤولياتهم»، وأضاف: «نحن في (حزب الله) نتابع ما يحصل ونتصرّف حسب تقديرنا للمصلحة ومجريات الأمور».

وعن الوضع السوري، شدّد قاسم على أن دعم «حزب الله» لسوريا كان باعتبارها «خصماً لإسرائيل»، مشيراً إلى «دورها في تعزيز قدرات المقاومة». وقال إن «سقوط النظام السوري على يد قوى جديدة يفرض انتظار استقرار الأوضاع لتقييم توجهها». وأعرب عن أمله بأن يكون النظام الجديد «متعاوناً مع لبنان بشكل متكافئ، وأن يشارك جميع الأطراف في صياغة الحكم بما يحقق المصلحة العامة للمواطن السوري». كما دعا إلى إعلان إسرائيل عدواً وعدم الانجرار نحو التطبيع معها.

وتمنى «التعاون بين الشعبين والحكومتين في سوريا ولبنان، وأن تعتبر هذه الجهة الحاكمة الجديدة في سوريا (إسرائيل) عدواً».

ولفت قاسم إلى أن «(حزب الله) خسر في هذه المرحلة طريق الإمداد العسكري، لكن هذا تفصيل، فيمكن أن نبحث عن طرق أخرى، ويمكن أن يأتي النظام الجديد ويعود هذا الطريق، ويمكن أن نبحث عن طرق أخرى، والمقاومة مرنة وعليها أن تتكيف مع الظروف لتقوية قدراتها».