تقرير: إغلاق كورونا عزز فرص التجسس على الموظفين خلال العمل عن بُعد

الممارسة يحدها القانون في بعض الدول أبرزها فرنسا

رجل يعمل من منزله خلال جائحة كورونا (أرشيفية - رويترز)
رجل يعمل من منزله خلال جائحة كورونا (أرشيفية - رويترز)
TT

تقرير: إغلاق كورونا عزز فرص التجسس على الموظفين خلال العمل عن بُعد

رجل يعمل من منزله خلال جائحة كورونا (أرشيفية - رويترز)
رجل يعمل من منزله خلال جائحة كورونا (أرشيفية - رويترز)

تتيح التقنيات الحديثة لمديري الشركات التجسس سراً على موظفيهم خلال العمل من بعد، وخلافاً للولايات المتحدة حيث يشهد هذا الأمر ازدياداً، يضبط القانون في فرنسا إلى حد كبير هذه الممارسات، فيما تقف النقابات لها بالمرصاد.
وتكثر الوسائل المستخدمة للتأكد مما إذا كان الموظفون موجودين فعلاً خلال وقت العمل، بدءاً من العلامة الضوئية التي تبين ما إذا كانوا «أونلاين» على منصات التواصل المهنية، وصولاً إلى برامج التجسس.
وعند تحميل هذه البرامج على أجهزة الكومبيوتر التابعة للموظفين، تستطيع الإدارة الاطلاع على أدق تفاصيل عملهم بفضل تقنيات عدة من بينها تسجيل نقراتهم على لوحة المفاتيح أو التقاط صور للشاشة ترسل كل خمس دقائق إلى المدير.
وعززت عمليات الإغلاق الناجمة عن جائحة كوفيد - 19 عمل الشركات المتخصصة ببرامج التجسس في العالم. وتشير شركة «هاب ستاف» الأميركية عبر موقعها الإلكتروني إلى أنها تتعامل مع نحو 600 ألف زبون نشط في العالم. لكن رغم ذلك، تحظر فرنسا استخدام برامج مماثلة لأنها مخالفة لقانون حماية البيانات.
ويقول كزافييه ديلبورت، وهو مدير الأبحاث في اللجنة الوطنية لتكنولوجيا المعلومات والحريات، المسؤولة عن ضمان حماية البيانات الشخصية في فرنسا، إن «صاحب العمل ملزم إبلاغ الموظفين» عند تنزيل برامج التجسس على أجهزتهم.
ويتعلق أحد هذه البرامج مثلاً «بالحد من دخول بعض المواقع لأسباب مرتبطة بالأمان»، على ما يوضح ديلبورت الذي يؤكد أن هذا البرنامج «ينبغي ألا يصبح تحققاً منتظماً عن المواقع التي يتصفحها الموظف».
وتشير اللجنة الوطنية لتكنولوجيا المعلومات والحريات إلى أن «الدعاوى التي رفعت في شأن أدوات مراقبة أجهزة الكومبيوتر من بعد نادرة». وفي سنة 2021، رفع الموظفون «أقل من عشر» دعاوى لدى الجهة الفرنسية المختصة بحماية البيانات الشخصية.
اقرأ أيضا: مضايقات إلكترونية خلال العمل عن بُعد
ويوضح كزافييه ديلبورت أن معظم الدعاوى المرفوعة (أكثر من 80 في المائة منها) تتمحور على «المراقبة التقليدية بالفيديو» في مكان العمل، وليس الاستخدام الخبيث لبرامج التجسس أو تشغيل كاميرا الويب سراً. أما الـ20 في المائة المتبقية من إجمالي الدعاوى المرفوعة، فيتعلق جزء منها بتحديد الموقع الجغرافي للمركبات التابعة للشركة.
أما النقابات، فتركز على الطابع السري لبرامج التجسس المصممة بطريقة يصعب على الموظفين اكتشافها. وترى صوفي بينيه، وهي أمينة عامة لإحدى أبرز النقابات، أن «هذه الوسائل تطفلية وسرية بشكل كبير لدرجة أن بعض الموظفين لا يدركون إطلاقاً أنهم تحت المراقبة».
وتشير صوفي كذلك إلى الأساليب التقليدية في المراقبة، من بينها مكالمات مفاجئة يجريها المدير مع الموظف أو توبيخه عندما لا يرصد «أونلاين» أثناء دوام العمل.
ويعتبر برتران ماهيه، وهو مسؤول نقابي آخر، أن «الميل» للتجسس على الموظفين يعكس أولاً فشلاً لدى إدارة الشركة. ويقول «إن الانتهاكات من جانب الموظفين موجودة، لكنها نادرة مقارنةً بتلك المسجلة من جانب الإدارة».
ويشير ماهيه إلى تزايد «ثقافة المراقبة» التي يرى أنها شائعة أكثر في الشركات الصغيرة نظراً إلى تقليص حجم القوى العاملة فيها ونقص المعرفة بالقوانين.
ويلفت إلى أن كل الأساليب التي تتيح إثبات أن الموظف منكب على عمله مضللة، مشيراً إلى «عدم إثبات أي رابط بين ساعات عمل الموظف وكفاءته».
ويؤكد أن «مراقبة الموظفين تحمل نتائج عكسية، وقد تؤدي إلى انعكاس الضغوط التي يعانيها المدير على فرق عمله»، معتبراً أنها ممارسة تتعارض مع فكرة «زيادة إنتاجية» الموظفين التي روج لها مطورو برامج التجسس.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».