إجلاء أكثر من 200 مدني في حمص القديمة ومساع لتمديد الهدنة

28 عائلة معظمها من المسيحيين لا تجد مخرجاً منها

إجلاء أكثر من 200 مدني في حمص القديمة  ومساع لتمديد الهدنة
TT

إجلاء أكثر من 200 مدني في حمص القديمة ومساع لتمديد الهدنة

إجلاء أكثر من 200 مدني في حمص القديمة  ومساع لتمديد الهدنة

تواصلت عمليات إدخال المساعدات وإجلاء المدنيين من أحياء حمص القديمة أمس، بعد يوم من تعليقها بسبب «الصعوبات اللوجيستية». وتمكنت شاحنات المساعدات الغذائية من الدخول إلى المناطق المحاصرة على أن تُخرج الشاحنات نفسها عددا من المدنيين، وفق ما أعلن محافظ حمص طلال البرازي.
وقال البرازي إن بين المدنيين الذين كان مقررا إجلاؤهم «20 مسيحيا خرجوا مشيا على الأقدام من بستان الديوان إلى جورة الشياح»، في حين أعلن الهلال الأحمر السوري، فرع حمص، في صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك» تخطي عدد المدنيين الخارجين من حمص القديمة الـ200 شخص حتى الساعة الرابعة من بعد ظهر أمس، مشيرا إلى أن «العدد مرشح للارتفاع».
وجدد البرازي إبداء استعداد السلطات النظامية لتمديد الهدنة التي كان مفترضا أن تنتهي مساء أمس بعد تمديدها ثلاثة أيام، موضحا أثناء اجتماعه مع ممثل الأمم المتحدة في سوريا يعقوب الحلو لبحث وضع خطة لكيفية استخدام المعابر، أنه «قد يمدد وقف إطلاق النار في حمص إذا كان هناك المزيد من الناس الراغبين في مغادرة المدينة القديمة المحاصرة».
وقال البرازي: «إذا رأينا أنه من المناسب أو هناك ضرورة للتمديد فسوف ندرس الموضوع مع الأمم المتحدة ونطلب تمديده لفترة إضافية»، مشددا على أن «الحكومة السورية ليست متأكدة مما إذا كان هناك أشخاص يريدون الخروج، وإذا ما تأكد لنا ذلك فلا يوجد شيء يمنع أن نظل مستمرين لحين إجلاء آخر مدني يرغب في الخروج من المدينة القديمة وتأمين خروج آمن وسليم لهم».
وعلقت أول من أمس عمليات إجلاء المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية إلى مدينة حمص بسبب صعوبات «لوجيستية وفنية» بحسب ما أفاد البرازي نفسه، موضحا لـوكالة الصحافة الفرنسية أن من أبرز أسباب تعليق العمليات الإنسانية أن «الأحياء الخمسة التي يوجد فيها المدنيون الذين يجهزون أنفسهم للخروج ليست متقاربة».
وأظهر شريط فيديو نشره ناشطون معارضون على مواقع الإنترنت مجموعات أسرية وهي تندفع نحو المتاريس باتجاه مركبات الأمم المتحدة البيضاء وسط أزيز القذائف المتساقطة.
وتجري هذه العملية الإنسانية التي أخذت حيزا واسعا من البحث خلال الجولة الأولى من التفاوض بين وفدي النظام والمعارضة السوريين في جنيف في نهاية يناير (كانون الثاني)، بموجب اتفاق بين السلطات السورية ومقاتلي المعارضة بإشراف الأمم المتحدة. وبدأ تطبيق هدنة بين الطرفين المتقاتلين لهذا الغرض منذ الجمعة، لكنها خرقت مرات كثيرة ما أسفر عن مقتل 14 شخصا. وكان يفترض أن تنتهي الهدنة مساء الأحد الماضي، لكن مددت حتى مساء أمس بحسب الأمم المتحدة.
من جهتها، أبدت منظمة الهلال الأحمر السوري استعدادها لاستئناف إجلاء المدنيين من الأحياء المحاصرة وسط مدينة حمص، وقال مدير العمليات في المنظمة خالد عرقسوسي إن أعضاء فريق المنظمة ينتظرون ما سيتوصل إليه الاجتماع اليومي بين الأمم المتحدة ومحافظ حمص. وأضاف: «نأمل الحصول على بعض المواد الغذائية والتمكن من إجلاء أشخاص إضافيين». وأوضح أن بين الذين أجلوا من المدينة «أطفالا، وهذا أمر محزن جدا». وقال: «هذه هي المرة الأولى التي يرون فيها الموز»، مؤكدا وجود «فرق تهتم بالدعم النفسي هناك في محاولة للتعامل مع الحالات لدى خروجها». وأشار إلى أن فريق المنظمة «يحتاج كذلك إلى رعاية نفسية لأن الوضع عاطفي جدا ومؤثر».
ونبه عرقسوسي إلى وجود «صعوبات تتعلق بإيجاد طريق آمن لخروج مجموعة من العائلات في حي بستان الديوان في المدينة»، موضحا أنه «ما يزال هناك نحو 28 عائلة، معظمها من المسيحيين، يريدون الخروج ولكن لا يوجد طريق مؤدٍّ من مكان وجودهم إلى نقطة الخروج، لذلك نحن نضغط على الأمم المتحدة للحث على توفير معبر يمكنهم من الوصول إلى نقطة الخروج».
كما لفت إلى أن «الوضع الأمني أسوأ بكثير مما كان عليه في العمليات الإنسانية الأخرى التي نفذتها منظمة الهلال الأحمر، بالإشارة إلى حوادث إطلاق النار المتعددة التي أصابت نقطة الخروج من المنطقة». ورأى أن «نقطة الخروج من الحميدية هي مشكلة خاصة. فهناك مجموعات، سواء من هذا الجانب أو الآخر، ممن لا يريدون أن تجري العملية بسلاسة».
وتعد حمص موقعا استراتيجيا على تقاطع يقع بين الطريق السريع الذي يربط دمشق وحلب، والطريق الواقع غرب المعاقل الساحلية للنظام، وكانت حمص معقلا مبكرا للانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد، وأعادت القوات النظامية الهدوء فيها بشكل كبير في منتصف عام 2012، لكن المعارضين ما زالوا يتحصنون في المدينة القديمة والمناطق المجاورة مع وجود عدد من المدنيين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.