«الحفيد»... معالجة مسرحية جديدة لصراع الأجيال

تدور في إطار كوميدي مغاير للفيلم الشهير

مسرحية الحفيد تدور أحداثها في إطار ساخر
مسرحية الحفيد تدور أحداثها في إطار ساخر
TT

«الحفيد»... معالجة مسرحية جديدة لصراع الأجيال

مسرحية الحفيد تدور أحداثها في إطار ساخر
مسرحية الحفيد تدور أحداثها في إطار ساخر

«نجح الإنسان في اكتشاف الكون لكنه عجز عن اكتشاف نفسه»، تعد هذه العبارة إحدى أشهر مقولات الكاتب الروائي المصري عبد الحميد جودة السحار (1913 - 1974) لكنها أيضاً تعد مفتاحاً لفهم فلسفته في محاولة اكتشاف النفس البشرية بتناقضاتها الصارخة وهو ما تجلى في روايتيه الشهيرتين «الحفيد» و«أم العروسة».
وفيما يتناول العمل الأول صراع الأجيال في إطار عائلي ساخر من خلال زوجين رزقا بسبعة أولاد ويشتاقان لأول حفيد لكن الابنة الكبرى «زينب» التي تزوجت أخيراً تمتنع عن الإنجاب حسب اتفاق أبرمه معها زوجها الشاب الذي يحمل أفكاراً غير تقليدية بمعيار هذا العصر في بداية السبعينيات، مما يشكل صدمة لجيل والد زوجته، فإن العمل الثاني يركز على مأزق أسرة مصرية بسيطة لا يستطيع رب عائلتها «حسين» أن يدبر الموارد المالية اللازمة لتجهيز ابنته للزواج حين يتقدم لطلب يدها شاب مناسب ينال إعجابها.
وبمجرد تحويلها إلى فيلم سينمائي عام 1974. أصبحت رواية «الحفيد» أحد أشهر أيقونات الدراما الاجتماعية والتي جسدها على الشاشة نجوم بارزون على غرار نور الشريف وكريمة مختار وعبد المنعم مدبولي وميرفت أمين، ومن إخراج عاطف سالم، كما سبقتها رواية «أم العروسة» التي حققت نجاحاً اعتبره متابعون «أقل» من «الحفيد»، حينما تحولت إلى فيلم للمخرج ذاته عام 1963 من بطولة تحية كاريوكا وعماد حمدي.
تستلهم مسرحية «الحفيد» التي تعرض حاليا على المسرح القومي بحي العتبة بالقاهرة الروايتين معاً من خلال دمج القصتين في إطار كوميدي خفيف، فهل أراد مخرج العرض يوسف المنصور أن يراهن على المضمون مستغلاً النجاح الساحق لفيلم «الحفيد» وبقاءه في الذاكرة منذ ما يقرب من نصف قرن؟

لوسي ظهرت بأكثر من إطلالة في أزمنة متعددة

طرحنا السؤال على المنصور، فأوضح أنه ربما كانت تحمل هذه الفرضية شيئاً من الوجاهة لو كان يعتمد نفس الرؤية السينمائية التي عرفها الجمهور عبر الفيلم لكن هذا لم يحدث مطلقاً، فقد قام ببناء معالجته على عدة افتراضات تبدأ بـ«ماذا لو»، متخيلاً ماضياً لم يتم التطرق له لهذه الشخصية أو تلك، كما تطرق إلى مستقبل متخيل مسكوت عنه، فضلاً عن تقديم مشاهد وأحداث في الروايتين لم يتطرق الفيلمان إليها.
ويضيف المنصور في تصريح إلى «الشرق الأوسط»: «أردت تقديم كوميديا مختلفة تتضمن تقديم عدة رسائل ولكن في إطار نقدي اجتماعي ساخر، خصوصاً أن الروايتين تعتبران عملين مكملين لبعضهما بعضاً وكأنهما جزء أول، وجزء ثان، وهو ما لم ينتبه إليه كثيرون».
المسرحية من بطولة النجمة الاستعراضية لوسي التي ساهم وجودها في تعميق الطابع الغنائي الترفيهي للعمل، مما أضفى الكثير من البهجة، وفق متابعين.
وتجسد لوسي بمرونة وحساسية ثلاث شخصيات تنتمي لثلاث مراحل عمرية هي مرحلة الصبا والشباب ثم الزوجة الأربعينية وأخيراً بدايات الشيخوخة.
واستخدم المخرج تكنيك الفلاش باك أو «الرجوع إلى الخلف» فنجد البطلة تنتقل في لحظات من فتاة صغيرة إلى عجوز وبالعكس.
ينتمي العرض إلى المسرح الاجتماعي عبر بطولة جماعية وتنوع في الشخصيات مع مجموعة من الفنانين المعروفين إلى جانب لوسي مثل تامر فرج، وعابد عناني، مع تلاعب واضح بفكرة الزمن بهدف رصد المتغيرات التي طرأت على الأسرة، والمجتمع في مصر خلال قوس زمني واسع، يبدأ بحقبة الثمانينات وينتهي في زمننا الحالي.
كما يبدو العمل وكأنه يقدم إجابة لسؤال افتراضي مركب ومهم: كيف تم التعارف بين (زينب) و(حسين) بطلي الفيلم، اللذين ارتبط بهما الجمهور على مدار ما يقرب من نصف قرن، وكيف كانت مشاعرهما حين رُزقا بأول مولود، ثم كيف ينظران إلى حصاد العمر وهما في سنوات الشيخوخة؟.
ويؤكد مخرج العرض يوسف المنصور أن مثل هذه التساؤلات تحمل إضافة تتجاوز ما استقر في أذهان الجمهور خصوصاً مع تكثيف الجرعة الكوميدية التي لا تتوقف عند فكرة «الضحك للضحك»، بل تأتي محملة برسائل على درب الفكر والاستنارة على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

هل تعزز «الاشتراكات المدفوعة» العوائد المالية لوسائل الإعلام؟

رويترز أعلنت عام 2021 لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة (رويترز)
رويترز أعلنت عام 2021 لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة (رويترز)
TT

هل تعزز «الاشتراكات المدفوعة» العوائد المالية لوسائل الإعلام؟

رويترز أعلنت عام 2021 لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة (رويترز)
رويترز أعلنت عام 2021 لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة (رويترز)

أثار إعلان شبكة «السي إن إن» ووكالة «رويترز» إطلاق نظام «الاشتراكات المدفوعة»، تساؤلات حول فاعلية النموذج الربحي هذا، لا سيما، أن ثمة تجارب سابقة في هذا الصدد لم تنجح، بل حتى «السي إن إن» و«رويترز» كانتا لهما تجارب لم تأتِ بثمار.

الشبكة والوكالة أعلنتا مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة على مواقعهما الإلكترونية، وفي حين حصرت «السي إن إن» الخدمة داخل الولايات المتحدة، اتجهت «رويترز» للكشف عن أن هذه الخدمة ستطلق في كندا بوصفها خطوة أولى، ثم إلى دول أوروبا والولايات المتحدة حتى تشمل جميع دول العالم خلال فترة لم تحدّدها.

وتتضمّن الخدمة المدفوعة قراءة عدد من المقالات بالمجّان لحين دفع اشتراك عدّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» مناسباً (4 دولارات شهرياً لكل منهما)، وغازلت الشبكتان مستخدميهما بعروض مُسبقة شملت إمكانية متابعة محتوى حصري يضمّ خدمات وثائقية وتحليلات خاصة، كما ستوفر للمشتركين تنسيقاً يومياً للمحتوى، مع تقليل الإعلانات.

وفقاً لشبكة «السي إن إن» سيبقى بعض المحتوى متاحاً مجانياً، مثل الصفحة الرئيسية والأخبار العاجلة والقصص المباشرة وصفحات الفيديو المتداولة وبعض المقالات، في حين لم تحدّد «رويترز» ما إذا كانت الاشتراكات المدفوعة ستشمل جميع أنماط المحتوى أو لا.

الدكتور السرّ علي سعد، الأستاذ المشارك في تخصّص الإعلام الجديد بجامعة أم القيوين في دولة الإمارات العربية المتحدة، عدّ «الاشتراكات المدفوعة» «اتجاهاً أكثر استقراراً يمكن للمؤسسات الإعلامية التحوط به من تقلبات سوق الإعلام الرقمي». وذكر أن «نموذج الاشتراكات المدفوعة مقابل المحتوى، هي فكرة طُرحت منذ أزمة جائحة كوفيد - 19 التي تسببت في تقليص حجم الإنفاق الإعلاني، غير أن الأوضاع السياسية الراهنة عزّزت لدى المستخدم قيمة الخبر والمعلومة الدقيقة، ومن ثم التوقيت ملائم لاجتذاب المستخدمين الذين يتوقون لمحتوى مميز».

جدير بالذكر أن تجارب «الاشتراكات المدفوعة» التي يترقب نتائجها صُناع الإعلام الآن لم تكن الأولى، بينما في محاولة سابقة اتجهت «السي إن إن» لهذه الخدمة عام 2022 غير أنها لم تكتمل.

«رويترز» أيضاً لها سابقة في هذا الاتجاه، ففي عام 2021 أعلنت لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة مقابل محتوى خاص؛ لكن تنفيذ الفكرة توقف بسبب نزاع مع شركة بيانات وتحليل السوق العالمية «ريفينيتيف» Refinitiv التي عدّت اتجاه «رويترز» مخالفاً لاتفاقية توزيع الأخبار بينهما. ثم عادت «رويترز» لطرح نموذج الاشتراك في 2023 بعد تسوية النزاع على نحو يسمح بإطلاق منتجات مدفوعة يتشاركها كلا الطرفين («رويترز» و«ريفينيتيف»).

ثم إن الاتفاقية السابقة أتت بثمارها، ومهّدت لتوسيع خدمات الاشتراكات المدفوعة، إذ أعلنت «رويترز» في أغسطس (آب) الماضي، توقعها نمو الإيرادات بنحو 7 في المائة خلال عام 2024.

في هذا الشأن قالت الدكتورة سارة نصر، الأستاذ بقسم الإذاعة والتلفزيون في المعهد العالي للإعلام وفنون الاتصال بمصر، إن توقيت إطلاق الخدمات المدفوعة «يعكس أهمية الأخبار والتحليلات الإخبارية وسط وضع عالمي ساخن يشهد حروباً وتغييرات سياسية».

ولفتت نصر إلى أن «وسائل الإعلام العربية تواجه متغيرات حثيثة ومتسارعة سواءً على مستوى الأحداث السياسية التي تعزز قيمة الخبر والمعلومة الدقيقة وأهمية سرعة الوصول للمستخدم، وأيضاً التحديات الخاصة بتغيير قواعد الربح التي تغيرها منصات التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر، ما يضيق الخناق على المؤسسات».

وفيما يخص المحتوى، قالت الأكاديمية المصرية إن «أي وسيلة إعلام تخطط لإدراج نظام الاشتراكات المدفوعة، عليها أولاً أن تبرهن قدرتها على تلبية احتياجات الجمهور لتبرير ما ينفقه مقابل الخدمة. فالطريق الأسهل لإقناع الجمهور هو إرضاؤه، وهذا يتطلب عملاً مستمراً ومحتوى متنوعاً يشمل الأخبار، ومواد العرض الجذابة، والتفاعلية، مع اعتماد قوالب تقديم مبتكرة».