دخلت أزمة تشكيل حكومة عراقية جديدة شهرها الثامن دون وجود مؤشرات على إمكانية إيجاد حل في وقت قريب. وفيما تقترب نهاية المهلة الثانية لمبادرة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، التي قدمها لخصومه في البيت الشيعي «الإطار التنسيقي» بتشكيل الحكومة من دونه، أعلن النواب المستقلون أنهم سيناقشون مبادرتهم التي أطلقوها مؤخراً مع زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني.
طبقاً لما أعلنه مقربون من بارزاني من قياديي الحزب، فهو يوشك على إطلاق مبادرة منذ أكثر من أسبوعين، لكن لم يكشف عن مضمونها بعد. من جانبه، أطلق رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، مبادرة خاصة بحل أزمة الانسداد السياسي داخل إقليم كردستان تمهيداً لتسويقها لبغداد في حال نجحت في إحداث تقارب بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني)، إذ يتمسك كل منهما بمرشح من حزبه لرئاسة الجمهورية.
وبالإضافة إلى مبادرات سابقة أطلقت من أكثر من زعيم وتكتل سياسي، منها مبادرة الإطار التنسيقي الشيعي ومبادرة التيار الصدري الخاصة بالنواب المستقلين ومبادرة زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، أعلن زعيم ائتلاف الوطنية رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، إطلاق مبادرة أمس (الأحد) دعا بموجبها إلى تشكيل حكومة مؤقتة.
يأتي إطلاق هذه المبادرات التي لم تسفر أي منها عن أي حل لأزمة الانسداد السياسي في وقت تم تجاوز الاستحقاقات الدستورية نتيجة فشل البرلمان في عقد جلسة كاملة النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية. وينص الدستور العراقي على أن انتخاب رئيس الجمهورية يتطلب حضور ثلثي أعضاء البرلمان، أي 220 من أصل 329 نائباً، وهو ما لم يتحقق بسبب الخلاف الحاد بين التحالف الثلاثي الذي يتزعمه مقتدى الصدر و«الإطار التنسيقي» الشيعي الذي يضم قوى سياسية وعدداً من الفصائل المسلحة القريبة من إيران. وبينما لم يتمكن تحالف الصدر الثلاثي من جمع أغلبية الثلثين فإن الإطار التنسيقي تمكن من تعطيل انتخاب الرئيس نتيجة امتلاكه الثلث المعطل.
إلى ذلك أعلنت اللجنة التفاوضية للنواب المستقلين أنهم حملوا مبادرتهم، التي تحظى بدعم أممي، إلى أربيل حيث سيلتقون زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني من أجل مناقشتها معه للخروج من الانسداد السياسي. وقال النائب المستقل في البرلمان حسين عرب لـ«الشرق الأوسط» إن «وفد النواب المستقلين التقى في أربيل كلاً من الزعيم الكردي مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ونيجرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان، حيث تمت مناقشة بنود مبادرتنا معهم بكل وضوح».
وأضاف أن «أجواء اللقاء كانت إيجابية تماماً حيث عبر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني عن ارتياحه لبنود المبادرة التي يراد منها إنهاء الانسداد السياسي وسرعة تشكيل الحكومة الجديدة»، مضيفاً أن «بارزاني تفاعل مع المبادرة ووعد بمناقشتها مع شريكيه السياسيين تحالف السيادة والتيار الصدري». وأكد عرب أن «الأجواء العامة، سواء في أربيل بعد لقائنا مع السيدين مسعود ونيجرفان بارزاني وفي بغداد حيث عقدنا عدة لقاءات مع قوى سياسية، تؤكد أن الجميع بات يدرك أهمية التوصل إلى حل سريع للأزمة، وهو ما نعمل عليه حالياً».
من جهته دعا «ائتلاف الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي إلى تشكيل حكومة مؤقتة تأخذ على عاتقها إجراء انتخابات بقانون جديد ومفوضية مستقلة. وقال الائتلاف في بيان إنه عقد اجتماعاً موسعاً بحضور علاوي، مع قيادات وكوادر الائتلاف تناول آخر مستجدات وتطورات الأوضاع في العراق في ظل الأزمة السياسية والدستورية. وأضاف أن الاجتماع «ناقش المبادرة الوطنية التي تقدم بها علاوي، وما تضمنته من مقترحات وحلول ترمي إلى تفكيك عقد الأزمة الحالية، وتوحيد الجهود الوطنية، بما يضمن الخروج من حالة الجمود السياسي». وأضاف البيان أن «الاجتماع أكد على ضرورة تحقيق مؤتمر وطني واسع للحوار والاتفاق على خريطة طريق تتضمن تشكيل حكومة مؤقتة، تأخذ على عاتقها بالتعاون مع السلطات الأخرى، تقديم حلول ناجعة للمشكلات التي يعاني منها العراق، والوصول إلى أرضية سليمة لإجراء انتخابات نزيهة بقانون جديد ومفوضية مستقلة».
وفي هذا السياق قال أستاذ الإعلام في جامعة «أهل البيت» غالب الدعمي لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا توجد حتى الآن مبادرة ناجعة يمكن أن نقول عنها إنها يمكن أن تمثل حلاً للأزمة السياسية». وأشار إلى أن «الإطار التنسيقي مثلاً يطلق أحياناً في اليوم الواحد أكثر من مبادرة، حيث يطلق زعيم تيار الحكمة مبادرة صباحاً ومن ثم يطلق الإطار مبادرة أخرى مساءً، لكنها في الواقع لا تمثل حلاً بل هي مجرد صياغة جمل لا أكثر». وأضاف الدعمي أنه «بالنتيجة لا توجد مبادرات بمعنى المبادرات، إذ هناك وجهة نظر للتيار الصدري واضحة تقول نريد حكومة أغلبية وطنية، بينما كل مبادرات الإطار التنسيقي لا تخرج عن فحوى واحد وهو الكتلة الأكبر ورئيس الوزراء». ورداً على سؤال حول مبادرة النواب المستقلين قال الدعمي: «حتى مبادرة المستقلين التي تمت صياغتها في جلباب التوافقية وبالتالي الإطار التنسيقي، وهو ما يعني أن المستقبل لا ينبئ بخير وربما هناك أمر يجري تدبيره من أجل خلق فوضى كبيرة يمكن أن تؤذي الجميع وربما تحرق الأخضر واليابس».
النواب المستقلون في البرلمان العراقي يبحثون مبادرتهم مع بارزاني
مع اقتراب نهاية مهلة الصدر لـ«الإطار التنسيقي»
النواب المستقلون في البرلمان العراقي يبحثون مبادرتهم مع بارزاني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة