الحكومة اليمنية: الميليشيات الحوثية وقوات صالح تقوم بحرب إبادة في تعز

القصف يستهدف مناطق جديدة.. وأنباء عن مقتل قيادات في جماعة الحوثي

يمنيون ينقلون مساعدات قادمة من الإمارات عبر ميناء عدن أمس تشمل الغذاء والأدوية والمواد الطبية (أ. ف. ب)
يمنيون ينقلون مساعدات قادمة من الإمارات عبر ميناء عدن أمس تشمل الغذاء والأدوية والمواد الطبية (أ. ف. ب)
TT

الحكومة اليمنية: الميليشيات الحوثية وقوات صالح تقوم بحرب إبادة في تعز

يمنيون ينقلون مساعدات قادمة من الإمارات عبر ميناء عدن أمس تشمل الغذاء والأدوية والمواد الطبية (أ. ف. ب)
يمنيون ينقلون مساعدات قادمة من الإمارات عبر ميناء عدن أمس تشمل الغذاء والأدوية والمواد الطبية (أ. ف. ب)

تصاعدت حدة قصف طائرات التحالف لمواقع ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وبدأت عمليات القصف تطال مناطق جديدة لم تقصف من قبل، إضافة إلى التركيز في الغارات الجوية على محافظة الحديدة، غرب البلاد.
وقصفت طائرات التحالف، أمس، مديرية الجعفرية في محافظة ريمة، الواقعة بين محافظتي الحديدة وصنعاء. وقال سكان في المنطقة، في اتصالات هاتفية مع «الشرق الأوسط»، إن القصف طال معسكرات ومخازن أسلحة أنشأها الحوثيون في وقت سابق. وأشارت المعلومات إلى مقتل عدد من القيادات الحوثية في القصف الذي استهدف ريمة، كما استهدف محافظة البيضاء في وسط البلاد والتي تشهد بعض مديرياتها مواجهات مع المقاومة الشعبية. كما استهدف القصف مدينة باجل في محافظة الحديدة، وعددا من المناطق بالمحافظة الساحلية، بعد يوم من غارات مكثفة استهدفت منطقة «الكيلو 16» وميناء الصليف، ودمرت مخازن كبيرة للأسلحة التابعة لقوات الحرس الجمهوري (سابقا)، وعاود طيران التحالف قصف مناطق عديدة في العاصمة صنعاء، منها مواقع في شارع جمال، وذلك بعد ساعات من الهدوء النسبي.
وفي المقابل، قصفت الميليشيات الحوثية وقوات صالح، وبصورة عنيفة، أمس، العديد من المواقع في المحافظات التي لم تقع تحت سيطرتهم، بعد. وقال شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، إن أحياء سكنية عديدة في مدينة تعز تعرضت للقصف العنيف، في الوقت الذي تواصل فيه المقاومة الشعبية بسط سيطرتها على معظم مديريات وأحياء المدينة. وتحدثت مصادر حقوقية في تعز عن مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص وإصابة العشرات من المدنيين في قصف الميليشيات للأحياء السكنية. وأكدت هذه المصادر أن الميليشيات تسعى إلى الضغط على المقاومة للاستسلام من خلال الاستهداف المكثف للأحياء السكنية.
وأصدرت الحكومة اليمنية بيانا، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، ناشدت فيه المجتمع الدولي وعلى رأسه مجلس الأمن والدول الشقيقة والصديقة الداعمة لمسار السلام وتعزيز الشرعية في اليمن «سرعة تضييق القرارات الدولية الخاصة بحماية المدنيين في اليمن، وانسحاب الميليشيات المسلحة التابعة للحوثيين وصالح من المدن فورا، تطبيقا لقرار مجلس الأمن (2216)». وقال البيان إن «مدينة تعز تتعرض لحرب إبادة واستخدمت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح قذائف الدبابات ومدفعية الهاون على الأحياء السكنية بشكل غير مسبوق خلفت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، وتركز القصف على أحياء آهلة بالسكان المدنيين العزل ولا يوجد فيها مسلحون». وأضاف بيان الحكومة اليمنية أن القصف «طال المساكن والمستشفيات، حيث قصفت ثماني مؤسسات صحية من مستشفيات ومستوصفات بتعز وعلى رأسها مستشفى الثورة العام، وهو المستشفى الرئيسي في المحافظة، حيث تم ضرب قسم أمراض النساء ومخازن الأدوية وقسم أمراض الكلى. ودمرت عشرات المساكن في أحياء تعز الآهلة بالعُزل، مثل حي الأخوة والشماسي وحوض الأشراف وشارع جمال وعصيفرة. وتركز قصف القوات العسكرية المتمردة من اللواء 22 حرس وكتائب من القوات الخاصة ومعهم ميليشيات تابعة للحوثيين، من المواقع المرتفعة والمطلة على المدينة، خاصة نقطة الدمغة في مطلع جبل صبر وقلعة القاهرة. وقامت هذه الميليشيات، بمساعدة شخصيات من السلطة المحلية، بمصادرة كل المشتقات النفطية من المؤسسات الصحية والمخابز المختلفة، في سياسة ممنهجة لقتل المواطنين وإيقاع أكبر الأضرار بالمدينة والسكان».
وقالت الحكومة إن «القصف الذي طال أحياء المدينة لم يكن موجها إلى أي مسلحين أو مقاومة مسلحة، بل استمر منذ مساء الأمس وحتى أمس الأحد، على أحياء سكنية آهلة بالمدنيين العزل، الأمر الذي صعب على طواقم الإسعاف أو فرق الإغاثة، إنقاذ المواطنين». وأشارت حكومة بحاح إلى أن عملية قنص الميليشيات تركزت عبر قناصة محترفين لقتل طواقم الأطباء وكل من يحاول إنقاذ الضحايا من المواطنين العزل؛ وقد وصل صباح الأحد إلى مستشفى الروضة بتعز أربعة من الشباب الذين قتلوا عبر القنص المباشر وهم يحاولون إنقاذ المواطنين في الشوارع. وأضافت أن عملية قتل المدنيين واستهداف الأحياء الآهلة بالسكان هي سياسة ممنهجة لهذه الميليشيات، وتجلت بشكل أساسي على أحياء مدن تعز وعدن ولحج والضالع، «حيث لا تزال هذه الميليشيات تحاصر أحياء عدن حتى اللحظة وتمعن القتل فيها».
واعتبرت الحكومة اليمنية أنه على المجتمع الدولي وفي مقدمته دول مجلس الأمن تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية من أجل حماية المدنيين العزل ووقف حالة من الإبادة الجماعية تعاني منها هذه المدينة.. «ولا يمكن وصف ما يحدث في مدينة تعز بغير مجزرة حقيقية يندى لها جبين الإنسانية، وعلى القوى الدولية أن تتحمل مسؤوليتها أولا في وقف العدوان غير المسبوق على المدنيين العزل في تعز وعدن، قبل الحديث عن أي خطوات لمحادثات سلام وسرعة التدخل لحماية المدنيين وإرسال لجنة تقصي فورية». وحمل مصدر في الحكومة «المسؤولية القانونية والأخلاقية للقوى الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن مسؤولية تطبيق القرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار رقم 2216 الذي يطالب الميليشيات الحوثية وأتباع علي عبد الله صالح بوقف آلة الحرب الهمجية وقتل المدنيين والانسحاب من المدن».
وفي محافظة مأرب، استمرت المواجهات المسلحة بين المقاومة الشعبية والقوات الموالية للشرعية الدستورية، من جهة، والميليشيات الحوثية وقوات صالح، من جهة أخرى. وقالت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» إن أكثر من 80 قتيلا وعشرات الجرحى سقطوا في صفوف الميليشيات الحوثية على يد المقاومة في مأرب. وأشارت المصادر إلى أن المواجهات احتدمت في مديرية صرواح، وهي أول مديرية تشهد المواجهات بين الطرفين، وذلك في إطار سعي الحوثيين السيطرة على محافظة مأرب النفطية المهمة. وتوقعت المصادر أن تتمكن المقاومة الشعبية والعسكرية في مأرب من السيطرة الكاملة على صرواح في غضون الساعات القليلة المقبلة، بعد أن تمكنت من السيطرة على مواقع عسكرية مهمة مطلة على المديرية. ويسعى الحوثيون إلى اختراق صرواح والتوجه نحو مدينة مأرب، عاصمة المحافظة.
ووصفت المصادر القبلية صمود أبناء مأرب أمام القوات المهاجمة، وقالت إن العديد من الزعامات القبلية توجد في الميدان لمواجهة الجماعات الحوثية، وإن المسلحين الحوثيين يعانون من انهيار في صفوفهم بصرواح، غرب مأرب، مما تسبب في فرار العشرات من مقاتليهم. وأشارت المصادر إلى أن المقاومة الشعبية بدا أنها تستطيع السيطرة على زمام الأمور في وتحرير صرواح كاملة من أيدي جماعة الحوثي المسلحة، وأن «هجومها على معاقل وأماكن الحوثيين التي يتمركزون فيها كان بهدف تحرير معسكر كوفل الاستراتيجي بصرواح وباقي المناطق التي يوجد فيها المسلحون الحوثيون والموالون للرئيس السابق علي عبد الله صالح».
على صعيد آخر، أكدت مصادر متطابقة في محافظتي شبوة وحضرموت وفاة أحمد علي باحاج، محافظ شبوة، متأثرا بجراحه التي أصيب بها في المواجهات بين المقاومة الشعبية والميليشيات الحوثية وقوات صالح. وقال المجلس الأهلي الحضرمي، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن باحاج توفي «وهو يقوم بدوره الوطني في مقارعة عصابات الفيد والإجرام الحوثية - العفاشية، التي اجتاحت أراضي شبوة وعاثت فيها قتلا وتدميرا». وأضاف البيان «نجدد تأييدنا الكامل لكل أبناء شبوة الأبطال ووقوفنا الثابت إلى جانبهم، في تصديهم البطولي ومقاومتهم الباسلة ضد العدوان الحوثي العفاشي الذي اجتاح أراضي شبوة ظلما وعدوانا وأسقط عاصمتها عتق».



غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)

حض المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قادة الجماعة الحوثية على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً تصميمه على حماية التقدم المحرز في خريطة الطريق اليمنية التي تجمدت بعد تصعيد الجماعة البحري منذ نهاية 2023.

وجاءت تصريحات المبعوث غروندبرغ، الخميس، عقب اختتام زيارة إلى صنعاء هي الأولى له منذ منتصف 2023، وسط آمال أممية بأن تقود مساعيه إلى التوصل إلى إحلال السلام وطي صفحة الصراع المستمر منذ انقلاب الجماعة الحوثية على التوافق الوطني في سبتمبر (أيلول) 2014.

وقال غروندبرغ في بيان إنه أجرى مناقشات مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين لتجديد المشاركة في العملية السياسية، مع التركيز على معالجة التحديات واستكشاف إمكانيات تعزيز السلام في سياق المنطقة المعقد.

وأكد المبعوث الخاص غروندبرغ خلال اجتماعاتهِ مع قادة الحوثيين على أهمية خفض التصعيد الوطني والإقليمي لتعزيز بيئة مواتية للحوار. وحث -بحسب البيان- على ضرورة الاتفاق على إجراءات ملموسة لدفع الحوار إلى الأمام بعملية سياسية لتحقيق السلام والاستقرار المستدامين في جميع أنحاء اليمن.

المبعوث الأممي إلى اليمن بعد وصوله إلى صنعاء يستعد لاستقلال السيارة (رويترز)

كما سلطت المناقشات الضوء على أهمية اتخاذ تدابير لمعالجة التحديات الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية، وفي الوقت نفسه تعزيز الاستعدادات لوقف إطلاق النار، وهي مكونات أساسية لخريطة الطريق والتوصل إلى حل سياسي يلبي تطلعات اليمنيين.

وقال غروندبرغ: «أنا مصمِّم على حماية التقدم المحرز حتى الآن على خريطة الطريق والتركيز على آفاق السلام في اليمن».

وأوضح البيان أن المناقشات حول ملف المعتقلين المرتبطين بالصراع استندت إلى التقدم المحرز خلال المفاوضات التي عقدت في سلطنة عُمان في يوليو (تموز) 2024، حيث أكد المبعوث الخاص أن الملف حيوي لبناء الثقة بين الأطراف والمضي قدماً في تنفيذ الالتزامات السابقة.

وشدد على أهمية إعطاء الأولوية لهذه القضية الإنسانية كخطوة نحو تعزيز الثقة التي يمكن أن تساعد في تمكين اتفاقات أوسع نطاقاً وتظهر الالتزام بجهود السلام.

حماية المجتمع المدني

أفاد البيان الصادر عن مكتب غروندبرغ بأنه استهل زيارته إلى صنعاء بزيارة منزل عائلة أحد الموظفين في مكتبه كان الحوثيون اعتقلوه تعسفياً في يونيو (حزيران) 2024.

وأعرب المبعوث عن خالص تعاطفه ومواساته لما تكبدته عائلة الموظف في هذه الفترة العصيبة، عارضاً دعمه لهم. وأطلع غروندبرغ العائلة -بحسب البيان- على جهود الأمم المتحدة لإطلاق سراح جميع الموظفين المعتقلين تعسفياً. كما أعرب عن تضامنه مع عائلات المعتقلين الآخرين، مدركاً لمعاناتهم المشتركة والحاجة الملحة للإفراج عن أحبائهم.

سيارة أممية ضمن موكب المبعوث الأممي غروندبرغ في صنعاء (إ.ب.أ)

وفي جميع مناقشاته، أكد غروندبرغ أنه حث الحوثيين بشدة على إطلاق سراح الأفراد المعتقلين من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية فوراً ودون قيد أو شرط. وأكد أن الاعتقالات التعسفية غير مقبولة وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

وشدد غروندبرغ بالقول «يتعين علينا حماية دور المجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني. فهم يقدمون مساهمات حيوية لتحقيق السلام وإعادة بناء اليمن».

وقبل زيارة صنعاء كان المبعوث اختتم نقاشات في مسقط مع مسؤولين عمانيين، ومع محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

أجندة الزيارة

في بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحمّل مجلس القيادة الرئاسي اليمني الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».