الملك سلمان يحصن الوحدة الوطنية بمواجهة المحرضين على الكراهية

السيف: موقف الملك ورجال الدولة من جريمة القديح هو المتوقع من الحكماء.. وأملي أن يكتمل بإصدار قانون الوحدة الوطنية وتجريم إثارة الكراهية

الملك سلمان يحصن الوحدة الوطنية بمواجهة المحرضين على الكراهية
TT

الملك سلمان يحصن الوحدة الوطنية بمواجهة المحرضين على الكراهية

الملك سلمان يحصن الوحدة الوطنية بمواجهة المحرضين على الكراهية

حدد الخطاب الملكي الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف موقفًا حازمًا وجديًا في المعركة التي تخوضها السعودية ضد الإرهاب، فالخطاب الذي جاء بعد يومين من تفجير دموي إرهابي ضرب المصلين في مسجد بالقديح شرق السعودية، وضع الجريمة في سياقها، باعتبارها جريمة تمسّ أمن الدولة، وتستهدف تمزيق الصف الوطني وإثارة الاحتراب الداخلي. يتناسق الخطاب مع الجهود الحثيثة التي تقوم بها وزارة الداخلية، التي تمكنت في أقل من 24 ساعة من وقوع الجريمة من الكشف عن الجناة، وتفكيك خلايا مرتبطة بهم. وكانت الداخلية شفافة في تعاملها مع هذا الحادث، مثلما كانت شفافة بالنسبة لجريمة الاعتداء في الدالوة بالأحساء، في محرم الماضي، حيث كشفت عن خلية إرهابية مسؤولة عن الجريمة، ولم تدع مجالاً للشك في تحديد المسؤوليات.
في خطابه المهم، أكد خادم الحرمين الشريفين أن الجريمة لا تتوقف عند مرتكبيها، مهما كانوا مستفحلين في الجريمة والإرهاب، ولكنها تتعدى نحو القوى والشخصيات التي تحرض على العنف والتطرف وإثارة النعرات والانقسامات الداخلية. وقال الملك سلمان في برقيته لولي العهد وزير الداخلية: «إن كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة، وسينال عقابه الذي يستحقه، ولن تتوقف جهودنا يومًا عن محاربة الفكر الضال، ومواجهة الإرهابيين، والقضاء على بؤرهم».
ويأتي هذا الموقف بعد أقل من 4 أيام من تأكيد الملك سلمان لدى استقباله رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر العيبان، ورئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني، وعددًا من كبار المسؤولين، والمهتمين والمهتمات بحقوق الإنسان في القطاعين الحكومي والأهلي، أن المواطنين السعوديين متساوون في الحقوق والواجبات.
وقال الملك سلمان: «إن أنظمة الدولة تتكامل في صيانة الحقوق، وتحقيق العدل، وكفالة حرية التعبير، والتصدي لأسباب التفرقة ودواعيها، وعدم التمييز، فلا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى، فأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات، ولقد نص النظام الأساسي للحكم على أن تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية».
وأكد الملك سلمان أن «القضاء في مقدمة مؤسسات الدولة المعنية بحماية حقوق الإنسان، وقد أكدت أنظمة المملكة على استقلال السلطة القضائية، بما يكفل تحقيق العدالة وضمان حق التقاضي لجميع المواطنين والمقيمين».
وارتفعت بعد تفجير القديح الإرهابي دعوات من ناشطين سعوديين لسنّ قوانين لمكافحة وتجريم الكراهية والتحريض الطائفي، باعتبارها ضرورة لصون الأمن وضمان الاستقرار وحفظ التنوع والتعايش الداخلي.
وكان مجلس الشورى قد ناقش قبل نحو نصف عام (في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) سن مشروع تجريم الطائفية والعنصرية والقبائلية والمناطقية، وذلك بعد نحو 6 سنوات من طرح المقترح ذاته في المجلس.
وكانت مناسبة إعادة طرح الاقتراح للمناقشة ما وقع من عمل إرهابي في الأحساء (الدالوة). ويرى كتاب وناشطون سعوديون أن موجة عالية من التحريض الطائفي سبقت جريمة القديح، وأن عددًا من الدعاة ورجال الدين ما زالوا يمارسون تحريضًا صريحًا ومباشرًا ويطلقون دعوات للعنف والكراهية في المجتمع، غير مبالين بانقسامه وتفتيت وحدته، وبالتالي فالحاجة ماسة لقانون يكافح كل أشكال إثارة الكراهية، ويحمي الوحدة الوطنية.
وقال الكاتب السعودي المعروف الدكتور توفيق السيف، وهو من الشخصيات البارزة في القطيف، إن «موقف الملك حفظه الله ورجال الدولة من جريمة القديح هو المتوقع من الحكماء»، مضيفًا: «أملي أن يكتمل بإصدار قانون الوحدة الوطنية وتجريم إثارة الكراهية».
ومضى يقول: «توجيه الملك (حفظه الله) لسمو ولي العهد بشأن جريمة القديح يؤكد أن هذا الهجوم البربري جرح قلوب السعوديين جميعا، من القمة إلى القاعدة». وأضاف أن هذه الجريمة «كشفت أن التكفيريين ودعاة الكراهية أقلية معزولة، مهما علا صوتها، وأن السعوديين جميعا يد واحدة وروح متسامية فوق المناطق والمذاهب».



السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

اتفقت تركيا وسلطنة عُمان على الاستمرار في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما، وصولاً إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار، وأكدتا دعمهما لأي مبادرات للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، على غرار الاتفاق الذي تم التوصل إليه في لبنان.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إننا «نهدف لرفع حجم تجارتنا مع سلطنة عُمان إلى 5 مليارات دولار بما يتماشى وإمكاناتنا المتوفرة، وسندخل حقبة جديدة في تعاوننا بمجال الطاقة مع بدء إمدادات الغاز المسال من سلطنة عمان إلى تركيا اعتباراً من يوليو (تموز) 2025».

وعبر إردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك مع سلطان عُمان هيثم بن طارق عقب مباحثاتهما بالقصر الرئاسي في أنقرة، الخميس، عن سعادته باستضافته في تركيا في أول زيارة رسمية على مستوى سلطان عمان إلى تركيا، مشيراً إلى أنه يعتزم زيارة السلطنة في المستقبل.

وأعرب عن رغبته في الاستمرار في تطوير العلاقات التاريخية بين البلدين في جميع المجالات، وتقدم بشكره إلى سلطان عمان على تضامن بلاده مع تركيا في مواجهة كارثة الزلزال العام الماضي، وكذلك على جهوده لإحلال السلام من خلال تحمل المسؤولية في العديد من القضايا التي تهم منطقتنا، وخاصة الصراع في اليمن، وهي جهود تستحق الإعجاب.

إردوغان والسلطان هيثم بن طارق خلال المؤتمر الصحافي (الرئاسة التركية)

إطار مؤسسي

وقال إردوغان: «نريد توفير إطار مؤسسي لعلاقاتنا، ولهذا الغرض، ناقشنا الخيارات التي يمكننا الاستفادة منها، بما في ذلك آلية التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، وتم التوقيع على 10 وثائق لتعزيز تعاوننا في مجالات مثل العلاقات الخارجية والاقتصاد والصناعة والاستثمار والصحة والثقافة والزراعة والثروة الحيوانية».

وذكر أن التعاون في مجال الصناعة الدفاعية كان أيضاً على جدول الأعمال خلال الاجتماع، وقال إنهم فخورون بتفضيل سلطنة عمان للمنتجات الدفاعية التركية. وأشار إلى أن شركات المقاولات التركية لديها مشاريع بقيمة 7 مليارات دولار في سلطنة عمان حتى الآن، ويمكنها أن تقدم مساهمات ملموسة في إطار «رؤية عمان 2040».

وقال إردوغان إنه ناقش مع سلطان عمان القضايا والتطورات الإقليمية، لافتاً إلى أن إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مبادرة جديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يعد «خطوة متأخرة للغاية ولكنها مهمة».

وأكد أنه لا يمكن الوصول إلى السلام الإقليمي والعالمي ما لم يتحقق وقف فوري وعادل ودائم لإطلاق النار في غزة، وأن تركيا لن تتردد في بذل كل ما في وسعها لتحقيق الهدوء والسلام في غزة، وتعرب عن ترحيبها بوقف إطلاق النار في لبنان.

بدوره، أكد سلطان عمان هيثم بن طارق أن بلاده ستواصل عملها على تعزيز علاقتها مع تركيا في مختلف المجالات وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 5 مليارات دولار.

إرساء الأمن في المنطقة

وقال إنه ناقش مع الرئيس التركي العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية، وأكد أن الرغبة المشتركة للجميع هي إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. وأضاف: «علينا أن نعمل معاً لتعزيز التعاون الإقليمي، وفي هذا السياق، نود، كسلطنة عمان، أن نعرب عن دعمنا موقف تركيا من القضايا الدولية التي تهم منطقتنا». وأكد أن التعاون «يجب أن يستمر من أجل تحقيق حل الدولتين لفلسطين، ويجب تحقيق هذا الهدف من أجل إقامة العدل والسلام للجميع».

وكان إردوغان قد استقبل سلطان عمان، هيثم بن طارق، في مطار أسنبوغا في أنقرة يوم الخميس، وأقام مراسم رسمية لاستقباله بالقصر الرئاسي، وعقدا جلسة مباحثات ثنائية أعقبتها جلسة موسعة لوفدي البلدين جرى خلالها توقيع 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمي لسلطان عُمان (الرئاسة التركية)

وتبادل إردوغان وسلطان عمان أوسمة رفيعة المستوى، خلال مراسم أقيمت مساء الخميس في بالقصر الرئاسي، حيث قلّد إردوغان السلطان هيثم «وسام الدولة للجمهورية التركية»، وهو أرفع وسام في البلاد، وقلده سلطان عمان «وسام آل سعيد»، أرفع أوسمة السلطنة. وأقام إردوغان مأدبة عشاء على شرف سلطان عمان.