قال تيبو كورتوا بعد فوز ريال مدريد على ليفربول في نهائي دوري أبطال أوروبا: «لا أعتقد أنني أحظى بالاحترام الكافي، خصوصاً في إنجلترا». في الحقيقة، من الصعب إيجاد الكلمات التي تصف تألق الحارس البلجيكي في المباراة النهائية التي أقيمت بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث كان في أفضل حالاته وأنقذ تسعة تصديات في المباراة، بما في ذلك كرات خطيرة للغاية من ساديو ماني ومحمد صلاح. صحيح أن فينيسيوس جونيور هو من سجل الهدف الوحيد في المباراة، لكن كورتوا كان النجم الأبرز من دون أدنى شك. وكان كورتوا قد خسر مباراته السابقة له في نهائي دوري أبطال أوروبا - ضد ريال مدريد في 2014 عندما كان يلعب لأتلتيكو مدريد، لذلك كان مصمماً على أن يصبح بطلاً لأوروبا في نهائي هذا الموسم.
لكن ذلك لم يكن دافعه الوحيد، حيث قال كورتوا: «اليوم كنت بحاجة للفوز بالمباراة النهائية من أجل مسيرتي، ومن أجل كل العمل الشاق الذي قمت به لكي أكون محل احترام الجميع.
كانت هناك مجلة، في مارس (آذار)، لم تضعني في قائمة أفضل 10 حراس مرمى في العالم. لا أعتقد أنه يتعين عليها أن تضعني في المركز الأول، لكن من الغريب ألا تضعني ضمن المراكز العشرة الأولى. أعتقد أن الأمر يتعلق بالطريقة التي رحلت بها عن تشيلسي، لكنني فزت بالدوري الإنجليزي الممتاز مرتين، ولا أعتقد أنني أنال التقدير الذي أستحقه على ذلك، خصوصاً بعد أول سنة لي مع ريال مدريد. لقد سخر مني الكثيرون، لكنني هنا الآن كفائز، لذلك فهذه عودة لطيفة».
كورتوا ولقب دوري الأبطال (رويترز)
يبدو أن المبالغة في عدم تقديم الاحترام اللازم لكورتوا قد منحه الدافع اللازم لتقديم مستويات أقوى، لكن لديه وجهة نظر فيما يتعلق بالتقليل من شأنه، فعندما أعلنت مجلة «فرنس فوتبول»، التي تنظم حفل الكرة الذهبية، عن أفضل حارس مرمى في العام في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، جاء كورتوا في المركز الثامن بالتصويت، في الوقت الذي حصل فيه حارس أستون فيلا إميليانو مارتينيز على أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الأصوات التي حصل عليها كورتوا! وإذا كانت هناك أي شكوك حول ما إذا كان كورتوا يستحق أن يكون من بين الأفضل في العالم، فقد تبددت هذه الشكوك تماماً بعدما قاد الحارس البلجيكي ريال مدريد للفوز بدوري أبطال أوروبا بعد مستويات استثنائية طوال الموسم. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أنه أنقذ 58 تصدياً في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم - أكثر بـ17 تصدياً من جيرونيمو رولي حارس فيا ريال، أقرب منافس له بالقائمة، وأكثر بـ43 تصدياً من أليسون بيكر حارس مرمى ليفربول. لقد أنقذ أليسون 15 تصدياً في 13 مباراة، مقابل تسعة تصديات لكورتوا في المباراة النهائية وحدها.
في الواقع، أنقذ كورتوا 58 تصدياً في 13 مباراة بدوري أبطال أوروبا هذا الموسم، أكثر مما أنقذه إيدرسون في 37 مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز (57 تصدياً). كما أنقذ كورتوا 80 في المائة من التسديدات على مرماه في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، أكثر من أي حارس مرمى آخر في المسابقة - كما كان الأكثر حفاظاً على نظافة شباكه بخمس مباريات. لقد كان إحدى الركائز الأساسية في فريق ريال مدريد الذي لم يكن يستحوذ على الكرة كثيراً مثل منافسيه هذا الموسم.
ونظراً لأنه لا يُنظر إلى كورتوا على أنه حارس مرمى من الطراز الحديث، فإن ذلك الأمر يؤثر عليه كثيراً خلال المناقشات حول من هو أفضل حارس مرمى في العالم، في الوقت الذي يشيد فيه الجميع بإيدرسون وأليسون (مانشستر سيتي) ومانويل نوير (بايرن)، ويصفونهم بأنهم الأفضل في كرة القدم الحديثة التي تعتمد كثيراً على أن يجيد حارس المرمى اللعب بقدميه. إن الطريقة التي يلعب بها هؤلاء الحراس الثلاثة تكون أكثر إثارة ومتعة للمشاهد، لذلك فهم يحصلون على مكانة أعلى من كورتوا. وفي كرة القدم الحديثة التي تعتمد غالباً على الاستحواذ على الكرة، من المتوقع أن يقوم حارس المرمى بدور أكبر بقدميه عندما يكون فريقه هو المستحوذ على الكرة.
لقد أنهى إيدرسون الموسم بنسبة نجاح تمريرات بلغت 88.8 في المائة في الدوري الإنجليزي الممتاز، ليأتي في المركز الخامس والعشرين بين جميع لاعبي المسابقة هذا الموسم. كما بلغت نسبة نجاح تمريرات أليسون، وهو أحد الحراس الذين يجيدون اللعب بالقدمين وقت الحاجة أيضاً، 85.5 في المائة في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. ويتمتع هؤلاء الحراس ببراعة كبيرة في الاستحواذ على الكرة، وهو ما يساعد مدافعي فرقهم في التقدم والضغط على الخصم، كما يسمح للمهاجمين بالضغط من الأمام. ومع ذلك، فإن الوظيفة الأساسية لحارس المرمى هي منع الخصوم من التسجيل، وهو ما يفعله كورتوا بأعلى مستوى.
إنه لا يجيد اللعب بقدميه مثل بعض أقرانه من حراس المرمى، لكنه بارع للغاية في التصدي للتسديدات، وهو أمر حاسم لريال مدريد. لقد حصل ريال مدريد على لقب الدوري الإسباني الممتاز بفارق 13 نقطة كاملة عن أقرب منافسيه، وهو ما يعكس حقيقة أن المنافسة على اللقب لم تكن قوية من جانب الأندية الأخرى، لكن كورتوا لعب دوراً مهماً للغاية في تحقيق الفريق لهذا اللقب أيضاً، حيث أنقذ 93 تصدياً طوال الموسم - ولم يتفوق عليه في هذه الإحصائية سوى خمسة حراس مرمى في الدوري. وفي المقابل، أنقذ إيدرسون 57 تصدياً فقط (الأقل في الدوري الإنجليزي الممتاز) خلال الموسم الحالي الذي تُوج فيه مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
لقد تعرض الحارس البلجيكي لكثير من الاختبارات وقدم مستويات استثنائية وقاد فريقه للفوز بكثير من المباريات، وواصل تصدياته وعروضه الرائعة. بلغ عدد التسديدات على مرمى ريال مدريد هذا الموسم 120 تسديدة، أنقذ كورتوا 76 في المائة منها. كما تعرض لكثير من الاختبارات القوية في دوري أبطال أوروبا، حيث بلغ عدد التسديدات على مرمى ريال مدريد 15.8 تسديدة في المباراة الواحدة، وهي نسبة عالية جداً، لكنه تمكن من قيادة فريقه للفوز بلقب البطولة.
والآن، حصل كورتوا على الاحترام الذي يستحقه بعدما قاد «الميرنغي» للفوز بالبطولة الأقوى في القارة العجوز، وبعدما قدم أداء خرافياً في المباراة النهائية، وبالتالي فمن الإنصاف أن يتم التعامل مع حارس مرمى ريال مدريد على أنه أحد أفضل الحراس في العالم.
من الإنصاف التعامل مع كورتوا على أنه أحد أفضل الحراس في العالم
المبالغة في عدم تقديم الاحترام اللازم لحارس ريال مدريد منحته الدافع للتألق
من الإنصاف التعامل مع كورتوا على أنه أحد أفضل الحراس في العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة