المصممون الافتراضيون في أفريقيا يستعدون لأزياء عالم الميتافيرس

اعتماد الميتافيرس في القارة السمراء يمكن أن يضيف 40 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي

تصميم مستوحي من الفن القبلي من عمل مصممة الأزياء الافتراضية  إيديات شيول (خدمات تريبيون ميديا)
تصميم مستوحي من الفن القبلي من عمل مصممة الأزياء الافتراضية إيديات شيول (خدمات تريبيون ميديا)
TT

المصممون الافتراضيون في أفريقيا يستعدون لأزياء عالم الميتافيرس

تصميم مستوحي من الفن القبلي من عمل مصممة الأزياء الافتراضية  إيديات شيول (خدمات تريبيون ميديا)
تصميم مستوحي من الفن القبلي من عمل مصممة الأزياء الافتراضية إيديات شيول (خدمات تريبيون ميديا)

«بالنسبة لي، فإن الميتافيرس هو المعنى الحقيقي للحرية، وأقول ذلك لأنني مسلمة، فعندما كنت أعمل كرسامة في معظم دور الأزياء، كان عادةً ما يكون الانطباع الأول عني هو أنني أرسم فساتين إسلامية فقط أو أنهم يتساءلون عما إذ كنت أستطيع الرسم من الأساس، ولكن في عالم الميتافيرس فإنه لا أحد يهتم بشخصك، ولكن الاهتمام يكون فقط بما يمكنك القيام به، ولذا فقد أردت أن أفعل ما أحبه دون التعرض للقهر»، هكذا تقول إيديات شيول، وهي مصممة أزياء افتراضية من نيجيريا.
وفي عام 2018، توصلت شيول لبرنامج إلكتروني يسمى «Marvelous Designer» لمساعدتها في إنشاء نماذج وأقمشة ثلاثية الأبعاد، وذلك بعدما أصبحت مصممة أزياء افتراضية في بداية الأمر فقط لأنها لم ترغب في البحث عن وظيفة بعد تخرجها في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية من جامعة «لاوتيك» في نيجيريا.
وكمصممة تعمل بين صناعة الأزياء والألعاب، فإن شيول استطاعت أن تجمع عدداً كبيراً من العملاء محلياً ودولياً، وأطلقت علامتها التجارية الخاصة التي قامت بتسميتها «Hadeeart Atelie» من أجل إنشاء ملابس مطبوعة لعالم الأزياء وكذلك بعض العناصر اللازمة لعملاء صناعة الألعاب على منصات مثل «Decentraland»، كما عملت مع منصات «Spatial» و«OKC» لإنشاء إصدارات افتراضية من ملابسهم ومجموعاتهم، ولاستضافة عروض أزياء افتراضية، وتعاونت أيضاً مع أسماء كبيرة مثل مؤسسة «Fabricant»، وهي أول دار أزياء افتراضية، وذلك في مجموعة «Season 0» الخاصة بهم، كما تعمل حالياً على مشروع «The Hacedor»، وهو عرض أزياء افتراضي في عالم الميتافيرس، وذلك بالتعاون مع فريق آخر.
وتحمل تصاميم شيول بعض العناصر الجمالية النيجيرية، كما أنها تمثل جزئياً العارضات اللاتي يرتدين الحجاب، أو الأزياء القبلية.
ورغم أن عالم الميتافيرس هو مفهوم جديد نسبياً، وذلك في كل مكان بما في ذلك أفريقيا، فإن شيول هي جزء من مجموعة من المصممين الافتراضيين الأفارقة الذين يصنعون ملابس رقمية استعداداً لدخول هذا العصر الجديد.

                                           من تصميمات مصممة الأزياء الافتراضية  إيديات شيول (خدمات تريبيون ميديا)
ماهو الميتافيرس وما مدى قيمته في الواقع؟
تعريف الميتافيرس ليس مهمة سهلة، ولكن تشرح كاثي هاكل، وهي عالمة المستقبل التكنولوجي، التي يطلق عليها «عرابة الميتافيرس»، هذه التكنولوجيا على أنها عبارة عن «مزيد من التقارب بين حياتنا المادية والرقمية، أو عبارة عن مساحة افتراضية ليست فقط موازية للعالم المادي، ولكنها تتكون من عوالم مختلفة يتفاعل فيها المستخدمون مع بعضهم البعض باستخدام صور رمزية، حيث يمكن لهؤلاء المستخدمين ارتداء ملابس معينة من أجل حضور عرض أزياء، أو الذهاب في مغامرات، أو تولي الوظائف، وحتى التسوق وذلك فقط باستخدام سماعة رأس الواقع الافتراضي(في آر)».
ويبقى السؤال المهم هو «هل أفريقيا لديها مستقبل في عالم الميتافيرس؟»، ويقول تقرير صدر مؤخراً عن شركة «ميتا» إنه إذا تم اعتماد الميتافيرس في القارة السمراء وشهد نمواً بطريقة مماثلة لتكنولوجيا الهاتف المحمول، فإنه يمكن أن يضيف 40 مليار دولار إضافية إلى الناتج المحلي الإجمالي للقارة خلال العقد المقبل.

                                                         بدلات الفضاء من تصميم إيديات شيول (خدمات تريبيون ميديا)
مصممو الأزياء الافتراضية الأفارقة يدخلون عالم ميتافيرس
وعندما بدأت عائشة أولاديميجي في صنع فساتين أزياء افتراضية، فإنها لم تكن تعرف ما الذي ستفعله، إذ تقول: «كل ما كنت أعرفه هو أنني سئمت من البقاء في المنزل بسبب حالة الإغلاق الناتجة عن وباء كورونا، وكنت بحاجة إلى شيء جديد للحفاظ على عقلي».
وقد شاهدت أولاديميجي مجموعة ثلاثية الأبعاد لمصمم الأزياء الكونغولي أنيفا مفويمبا، وذهبت للبحث عن البرنامج المستخدم في تصميماتها، وعلى مدى عدة أسابيع، علمت نفسها كيف تكون مصممة أزياء افتراضية من منزلها.
وتبدو تصميمات أولاديميجي جذابة للغاية، إذ أنها تضمن فن العمارة والأزياء الراقية والنسيج، وفي العام الماضي، كان لديها مجموعة بعنوان «ECLECTIC» والتي كانت مستوحاة من المباني التجريبية في جميع أنحاء العالم، وتم عرضها في أسبوع الموضة الرقمية في نيويورك في وقت سابق من هذا العام، لكنها تعتقد أن صناعة الأزياء في أفريقيا ليست جاهزة لعالم الميتافيرس بعد، إذ تقول: «صحيح أن هناك حرية تعبير في عالم الميتافيرس ولكني أعتقد أنني رأيت القليلين فقط في صناعة الأزياء الذين هم على استعداد للتعلم والبدء في التحرك نحو هذا الاتجاه».
يتمتع المصممون الافتراضيون في أفريقيا بطموحات كبيرة فيما هو أبعد من الموضة توصلت المصممة الأفريقية ديلز إرينل لفكرة جديدة أثناء وباء كورونا، إذ تقول: «لقد كنت مشغولة للغاية باكتشاف شيء كبير، وأتذكر أنني سألت نفسي: ماذا لو تمكنا من إخبار الناس بالذهاب للتسوق باستخدام سماعة الواقع الافتراضي؟» ومن أجل العمل على تحقيق ذلك، فقد تواصلت مع الفنان الأفريقي نيي أوكيوو، وأنشأوا معاً فريقاً مكوناً من 30 فناناً يعملون في مجال الأعمال ثلاثية الأبعاد، ومطور ألعاب، ومصمم نماذج ثلاثية الأبعاد، وأطلقوا مشروع جديد يسمى «أسترا» من خلال شركتهم الإبداعية الناشئة «Thrill Digital».
ويعد «أسترا» هو أول مشاركة في عالم الميتافيرس من قبل المبدعين، ففي البداية، ظهر المشروع على شكل ستوديو أزياء رقمية للعديد من العلامات التجارية حيث يتم إنشاء نسخ ثلاثية الأبعاد للملابس الحقيقية التي تنتجها هذه العلامات، ولكنه أصبح الآن عبارة عن ميتافيرس، إذ يستخدم في مجال الألعاب والعملات الرقمية والأزياء، ويمكن للمستخدمين ممارسة الألعاب لكسب العملات المشفرة أو الذهاب للتسوق باستخدام صورهم الرمزية أو حضور الفعاليات من خلال ارتداء أدوات الواقع الافتراضي.
وتقول إرينل، التي تحرص على تعزيز نظام «بلوك تشين» (التعاملات الرقمية) في أجزاء أخرى من العالم، وليس في أفريقيا فحسب وذلك لخلق تجارب إنترنت أفضل، حيث ترى أن مستقبل «أسترا» يتمثل في اكتشاف طرق جديدة لتوفير المنفعة بشكل مستمر للأشخاص الموجودين في الميتافيرس، حتى يصبحون لا يرونه كلعبة أو وسيلة للتواصل الاجتماعي، بل باعتباره شيئاً مفيداً لهم في حياتهم اليومية».

هل صناعة الأزياء في أفريقيا جاهزة للتطور؟
يقال إن صناعة الأزياء في أفريقيا تبلغ قيمتها أكثر من 31 مليار دولار، إذ وصلت عائدات هذه الصناعة في العام الحالي لـ8.6 مليار دولار، مع توقع جمع إيرادات بقيمة 13.5 مليار دولار بحلول عام 2025 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 16.4 في المائة، ومع ذلك، فإنه لا يزال هناك تحيز مؤسف بين الجيل الجديد تجاه الملابس المستوردة، وذلك مقارنة بالعلامات التجارية الأفريقية المحلية، ولذا فإن الوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت الموضة الرقمية الأفريقية ستكون قادرة على الاستحواذ بفعالية على حصة كبيرة من هذه السوق، وذلك حتى لو كان الأمر على المستوى المحلي فقط.
* خدمات تريبيون ميديا


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.