خليل أبو عبيد لـ «الشرق الأوسط» : مواقع التواصل تكافئ التافه

أغنيته الجديدة «فرحة عمري» «تسبح مع التيار»

الفنان اللبناني خليل أبو عبيد (الشرق الأوسط)
الفنان اللبناني خليل أبو عبيد (الشرق الأوسط)
TT

خليل أبو عبيد لـ «الشرق الأوسط» : مواقع التواصل تكافئ التافه

الفنان اللبناني خليل أبو عبيد (الشرق الأوسط)
الفنان اللبناني خليل أبو عبيد (الشرق الأوسط)

خطرت في بال خليل أبو عبيد فكرة أغنية الأفراح. أراد غناء يصلح للرقص في الزفاف والمتعة الفنية في اليوميات العادية. يحاول الفنان اللبناني الاقتراب من بساطة الشارع ولسان إنسانه. يصارح «الشرق الأوسط» بما يقلقه: «غزوة التفاهة»! يكاد يصاب بتلف أعصاب وهو يقرأ أرقاماً بالملايين تنالها «طرطوقة» هابطة عنوانها «بدي حشّش» مثلاً، أو عناوين ذكرها لا يليق. يصدر أغنية «فرحة عمري» كتأكيد على أن الأغنية «السهلة» لا تعني الابتذال، وفيها من الجمال ما يقرّبها من الذوّاقة.
الأغنية من كلماته وألحانه، توزيع مارك عبد النور، إخراج الكليب لكريستال سكاف، وإنتاج «بلاتينوم ريكوردز» التابعة لـ«إم بي سي». رقي من كل الجهات. ثمة أغنيات يتطلب إنصافها الاستماع إليها أكثر من مرة، فالإصغاء الأول لا يكون كافياً لعناق القلب. هذه الأغنية تتربّع واثقة من امتلاك المقومات. إنه الصيف وموسم الالتحاق بالأقفاص الذهبية. وخليل أبو عبيد يقدّم للعروس والعريس جديده البسيط ذات المعنى. لا خواء، لا صفّ كلمات، ولا مجاراة للعدمية.
تخطر له فكرة الأغنية من دون تخطيط مسبق أو تعمّد حصر الأفكار، «فجأة في السيارة أو خلال استراحة، وقد ألمحها في الحلم». ثم يطوّرها. خليل أبو عبيد أمام تحدٍ: «أحاول البقاء قريباً من الناس فتبلغ أغنياتي الجميع. لو عاد الأمر لي، لفضّلتُ جوّ ألبوم (بعدن). أنفتح على التغيير مع الحفاظ على رصانتي».
يحاول كبح غضب يشتعل في داخله، وكلما تعلو النبرة يضبط تصاعدها. أخبرته مغنّية تتخذ من «تيك توك» ذريعة للشهرة أنها شاءت معاندة السائد، علماً بأنها تعرف النتيجة. حمّلت مقطعاً من أغنية راقية لأصالة بصوتها، فلم تدرّ عليها بملايين المشاهدات التي اعتادت الأغنية الهابطة على التفضّل بها. مسحت الفيديو! يضرب مثالاً للدلالة على الرداءة، ويلجم انفعاله: «لا أريد أن أبدو متطرفاً، لكنها معضلة متعلقة بالثقافة. المشكلة الكبرى أنّ منصات (السوشيال ميديا) تكافئ التافه، وهذا ليس اجتهادي. قرأتُ مقالاً في أميركا عن عداء المنصات الاجتماعية للثقافة، كأنها تمتص المعنى وغايتها موجّهة لضرب العقل».
يتساءل باستنكار كيف يمكن لأغنية مسجّلة في الاستوديو، «بنت عيلة»، ومتعوب عليها، ألا تحصد إعجابات تستحقها، فيما الأغنية الهابطة تلقى التهافت وتُحطّم الأرقام. ينقل خلاصة مغنّية الـ«تيك توك»: «التفاهة تساوي الشهرة».
سؤال من باب الاستفزاز: ألا يغويك التنازل؟ ألا تستلقي في خيالك فكرة الاستسهال فتصل أسرع؟ يقطع الطريق على احتمال سوء الظن به: «لا أستطيع. عندها سأغيّر المصلحة». يتحدث عن «مقدار من الوعي الموسيقي والإنساني يحصّنني كفنان من الانزلاق». أسفه على فنانين «لديهم الوعي، لكن سرعان ما تستميلهم الشهرة السهلة. تنطبق عليهم مقولة (مكره أخاك لا بطل) وهم يسيرون وفق قاعدة (الغاية تبرر الوسيلة)».
يميّز بين الشعبي والهابط: «غاية الأغنية الشعبية الوصول إلى كل الناس، وهي غيرها الأغنية (المُبهدلة). لفيروز ووديع الصافي أغنيات شعبية لا تعرف طعم غبار السنوات. الفنان الحقيقي يختار مكانته».
لم يطل غيابه هذه المرة، فقد مضى نحو ستة أشهر على إصداره الأخير، «حكايتي». والغياب ليس خياره، «بل لأسباب إنتاجية». يتذمّر من تكاثر المغنّين: «مطرب لكل ثلاثة أشخاص!»، ويرى الابتعاد مضراً، «فكيف بازدواجية معايير المنافسة وتدخّل سلطان المال؟». لا شيء يؤلم خليل أبو عبيد، الفنان، أكثر من هذه الحقيقة: «الأغنية البطلة بالكاد تعيش لشهر. وثمة أغنيات رصينة تعيش لأسبوع، وأخرى تموت في مهدها. الوصول اليوم هو لمن يدفع أكثر».
قبل تمادي الأزمة الفنية، لم يمانع بيع كلماته وألحانه إلى غير فنانين. الآن، «تغيّر الوضع. سوق الفن كارثية وسوق الأغنية أيضاً. أفضّل أن أكتب وألحّن لنفسي. مع التجربة، أتأكد من أن البعض يشعر بالامتعاض لكوني فناناً وملحناً وكاتب أغنيات. قلة فقط تدعم نجاح الآخر وتصفق له. الباقون يمتهنون المضايقات».
خليل أبو عبيد ممن يرفضون «المال السهل»، «كأن أغني في أماكن هابطة أو أتنازل عن المستوى». يعترف بصعوبة الإنتاج، ومع ذلك: «سأظل أحافظ على الغناء ولن أبدّل قناعاتي». في «فرحة عمري»، «قررتُ السباحة مع التيار والتغريد داخل السرب، فقدّمت الشعبي، متمسكاً برفضي أغنيات الشتيمة والنشاز».
يغضبه ألا يسمع أغنية ذات مستوى في السهرات، «إم الشعر الأحمر وإم الشعر الأشقر، ورديات مثيرة للغثيان». غضبه مبرر: «أغار على الفن. أين كان في لبنان وأين يصبح، والوضع إلى أسوأ. أتعب لإصدار الأغنية وأحاول الإبقاء على الكلمة الجميلة والموسيقى المحترمة، وفي النهاية: وجود خجول! جملة هابطة واحدة تضمن ملايين المشاهدات. إنها المهزلة».
يشعر بالإحباط، هو الذي بدأ العزف على البيانو في سن الرابعة، وتخصّص في اللاهوت والفلسفة وعلم النفس، ويكمل حالياً الدكتوراه في العلوم الموسيقية. لكن، رجاء، لا تكن ممن يذعنون لليأس. يجيب بأنه يقدّم فناً يحبه ويتمسك به، «ولو شئتُ الاستسلام، لفعلتُ من قبل. أبذل جهدي وأراهن على الأمل. الباقي تقرره الأيام».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

غزة تترقب الهدنة... وإسرائيل تنتظر الأسرى

جنود إسرائيليون يحمّلون دبابة على شاحنة نقل على الحدود مع قطاع غزة أمس (أ.ب)
جنود إسرائيليون يحمّلون دبابة على شاحنة نقل على الحدود مع قطاع غزة أمس (أ.ب)
TT

غزة تترقب الهدنة... وإسرائيل تنتظر الأسرى

جنود إسرائيليون يحمّلون دبابة على شاحنة نقل على الحدود مع قطاع غزة أمس (أ.ب)
جنود إسرائيليون يحمّلون دبابة على شاحنة نقل على الحدود مع قطاع غزة أمس (أ.ب)

يدخل اتفاق غزة حيّز التنفيذ في مرحلته الأولى صباح اليوم (الأحد)، بعدما تطلّب شهوراً من الدمار والموت، فانتظر الغزيّون سريانه على أمل «هدنة» تكفيهم شر القتل والتشرد والبحث عن لقمة عيش وشربة ماء، في حين تنتظر إسرائيل إطلاق أسراها لدى حركة «حماس»؛ حيث من المقرر أن يُطلق 3 منهم بعد الظهر.

وإذ بدأت إسرائيل بالفعل سحب قواتها من القطاع، سارعت «حماس» إلى إعلان استعدادها لنشر قواتها، في إشارة واضحة منها إلى أن هدف رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لم يتحقق في القضاء نهائياً عليها، ومنعها من العودة إلى حكم القطاع.

في المقابل، أكد الرئيس محمود عباس ضرورة تولِّي دولة فلسطين مسؤولياتها الكاملة في القطاع. وقال، في اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الحكومة الفلسطينية مستعدة لتسلُّم المعابر.

من جهته، أكد نتنياهو أن إسرائيل لن تمضي قُدماً في اتفاق وقف النار في غزة قبل تسلُّم قائمة بأسماء 33 رهينة ستطلق «حماس» سراحهم في المرحلة الأولى من الاتفاق. في حين أفادت صحيفة «هآرتس» العبرية بأن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أعلن استقالته من الحكومة احتجاجاً على الاتفاق.