اعتراض المجر يُسقِط البطريرك الروسي من قائمة العقوبات الأوروبية

كيريل وصف بوتين بـ«معجزة إلهيّة» ودعم حرب أوكرانيا

بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية كيريل يحادث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كاتدرائية موسكو، 24 أبريل (أ.ب)
بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية كيريل يحادث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كاتدرائية موسكو، 24 أبريل (أ.ب)
TT

اعتراض المجر يُسقِط البطريرك الروسي من قائمة العقوبات الأوروبية

بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية كيريل يحادث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كاتدرائية موسكو، 24 أبريل (أ.ب)
بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية كيريل يحادث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كاتدرائية موسكو، 24 أبريل (أ.ب)

بعد يومين من المفاوضات الماراثونية بين مندوبي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لوضع اللمسات الأخيرة والاتفاق على التفاصيل العملية لحزمة العقوبات السادسة التي أقرّتها القمة الأخيرة ضد روسيا، وفي طليعتها الحظر الجزئي والتدريجي للنفط الروسي، فاجأت المفوضية أمس (الجمعة) عند إعلانها النص النهائي للحزمة الجديدة بسقوط اسم بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية كيريل من قائمة الشخصيات الخاضعة لهذه العقوبات بعد أن كان مدرجاً عليها، وعلى رغم إصرار كييف الشديد على إدراجه.
وأفادت مصادر دبلوماسية إلى «الشرق الأوسط»، بأن المجر أصرّت في اللحظات الأخيرة من المفاوضات على حذف اسم كيريل من قائمة العقوبات، وهدّدت بنقض الاتفاق في حال إبقائه على القائمة لاعتباره «أكثر من مجرد زعيم روحي». وقالت المصادر، إن ثمّة شكوكاً حول وقوف الرئاسة الفرنسية بشكل غير مباشر وراء هذه الخطوة التي وُضعت في خانة بودابست، وذلك ضمن السياق الذي كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حدّده منذ فترة بقوله «ليس المطلوب إذلال روسيا». ويؤكد الذين رافقوا المشاورات الجانبية في القمة الأوروبية الأخيرة مطلع هذا الأسبوع، أن رئيس الوزراء المجري فكتور أوربان حرص على إقصاء كيريل من حزمة العقوبات الجديدة «مهما كان الثمن»، وأن الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني لم يبديا اعتراضهما على ذلك. لكن من هي هذه الشخصية التي يجمع المراقبون على أنها الحليف الأقرب والأقوى للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورافعته الشعبية الأساسية في الحرب التي أعلنها على أوكرانيا؟
عندما كان المجمع الأرثوذكسي منعقداً أواخر يناير (كانون الثاني) 2009 لانتخاب بطريرك موسكو وعموم روسيا، وصفت وسائل الإعلام المعارضة كيريل بأنه «مرشح السلطة». ومنذ اليوم الأول لانتخابه، بدأ بتحويل الكنيسة الروسية إلى ماكينة سياسية – دينية في خدمة فلاديمير بوتين الذي قال عنه كيريل، إنه «معجزة إلهيّة» نزلت على روسيا بعد الأزمة التي نشأت عن انهيار الاتحاد السوفياتي في تسعينات القرن الماضي.
يعود الفضل إلى كيريل في إحياء المفهوم البيزنطي «سيمفونيّا» الذي يقوم على التكامل والتكافل التام بين الدولة والكنيسة، وهو الذي كان سبّاقاً دائماً إلى تبريك الحروب «المقدّسة» التي كان يشنّها الرئيس الروسي في سوريا، أو «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا. وهو لم يتردد في وصف الدول التي صنّفها الكرملين «معادية» بأنها «قوى الشر»، داعياً الروس إلى الالتفاف حول قائدهم لمحاربة «أعداء الخارج والداخل».
وُلد كيريل، مثل بوتين، في سانت بطرسبورغ (لينينغراد سابقاً) والتحق بالمعهد الإكليريكي في التاسعة عشرة من عمره، ليصبح رئيساً لدائرة العلاقات الخارجية وهو ما زال في الثانية والأربعين؛ الأمر الذي رأى فيه كثيرون يد المخابرات الروسية (كي جي بي) التي كانت منصّة فلاديمير بوتين للوصول إلى الكرملين. في تلك الفترة، أُطلق على كيريل لقب «متروبوليت التبغ» بسبب ما كان يدور من حديث عن متاجرته بالتبغ الذي كانت الكنيسة معفاة من الضرائب المفروضة عليه، وجنيه ثروة طائلة من وراء ذلك. وشاعت صور له يحمل ساعات باهظة الثمن، أو مشاركاً في حفلات على يخوت فاخرة.
وعندما خلف كيريل البطريرك ألكسيو الثاني الذي كان أعاد بناء الكنيسة الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أعلن أن الحركات النسائية تشكّل خطراً داهماً على المجتمع. ومع وصوله إلى سدّة البطريركية، تماهى كيريل مع الكرملين في الدفاع عن الهوية القومية والقيم المحافظة ضد الليبرالية الغربية. وبعد أن رسّخ تحالفه مع بوتين مباركاً التعديل الدستوري الذي يتيح للرئيس الروسي أن يبقى في السلطة حتى العام 2036، راح يروّج لفكرة أن بيلاروسيا وأوكرانيا بلدان شقيقان يفترض بقاؤهما تحت عباءة موسكو وليس كدولتين منفصلتين عنها، مشدّداً دائماً على فكرة «العالم الروسي» Russkij Mir الذي يقوم مركزه السياسي في موسكو ومهده الروحي في كييف. ويعتبر كيريل أن الحضارة الروسية شهدت النور في كييف مع عمادة الأمير فلاديمير الأول عام 988، وأن أوكرانيا ما كان يجب أن تنفصل عن الأم الروسية أبداً.


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».