سنوات السينما

راي ليوتا
راي ليوتا
TT

سنوات السينما

راي ليوتا
راي ليوتا

راحلان كبيران: راي ليوتا وبول هوبكنز
توفي في غضون أيام قليلة فارقة ممثلان سينمائيان لافتان هما راي ليوتا وبول هوبكنز. ليوتا الأعلى حظاً من النجاح وبل قام ببطولة أفلام بينما هوبكنز بقي عنصراً مسانداً في أكثر الأحوال. هذا لا يحط من قيمة هوبكنز كممثل، فهو واحد من عشرات ألوف الممثلين حل العالم الذين امتلكوا الموهبة ولم يمتلكوا الفرص المناسبة.
راي ليوتا (1954 - 2022) هو الممثل الذي اختاره مارتن سكورسيزي ليشارك روبرت دينيرو وجو بيشي بطولة Goodfellas سنة 1990.
هذا الفيلم هو واحد من أفلام سكورسيزي التي دارت حول العصابات الإيطالية. وكان ليوتا ذكر في بعض أحاديثه أنه طالما، حين كان صغيراً، أحب أن يلعب دور رجل العصابات. لكننا سنجد حفنة قليلة من بين أفلامه الـ83 تنتمي إلى أفلام العصابات، والكثير من تلك الأفلام قدّمته في أدوار بوليسية متعددة خارج إطار الغانغسترز.
الشيء المثير في طريقة تنفيذه الأدوار هو أنه، حتى في الأدوار الإيجابية، كان كثيراً ما يعكس ذاتاً مضطربة في ذاته. إنه كما لو كان يحاول أن يخفي أو يسيطر على وتر فالت إذا ما تركه على سجيّته سبب الخوف للمحيطين به.

                                                                            بول هوبكنز
كان «غودفيلاز» رابع فيلم مهم له وكان عليه أن يبرهن عن جدواه أمام شريكيه الأكثر خبرة بيشي ودي نيرو، وفعل ذلك بامتياز وانتقل من بعد هذا الفيلم ليسبر غور أعمال مهمّة أخرى. مباشرة بعد فيلم سكورسيزي ظهر في «شيء وحشي» (1986‪، ‬ Something Wild) لجوناثان دَمي لاعباً دور سجين سابق يعود إلى حياة زوجته السابقة. ‬
هو أيضاً في «لا مهرب» و«كورينا، كورينا» و«كوب لاند» والعديد سواها. في عام 1989 عرض عليه المخرج تيم بيرتون لعب شخصية باتمان. رفض ثم شعر بالندم.
في فيلم The Wild Bunch لسام بكنباه (1969) يدخل بو هوبكنز مصرفاً لسرقته مع أفراد العصابة التي يقودها ويليام هولدن. يكتشف أفراد العصابة أنهم وقعوا في فخ رجال القانون ومجموعة المرتزقة التي تمت الاستعانة بها لقتلهم.
هولدن وستة من رجاله يفرون ويبقى بو هوبكنز في المصرف فارضاً على الموظفين الغناء معه. بعد حين ينتهي دوره قتيلاً.
هوبكنز المولود سنة 1938 والمتوفى قبل نهاية الشهر الماضي بثلاثة أيام، ظهر في أكثر من مائة دور في السينما وفي التلفزيون. «ذا وايلد بنش» ليس سوى أحدها وعلى صغر دوره يترك انطباعاً رائعاً ومحبباً كما لو كان يملك قلب طفل في جسد كبير. استخدمه سام بكنباه بعد هذا الفيلم مرّتين الأولى في «The Getaway” سنة 1972 والثانية في «نخبة القتل» سنة 1975. لكن ظهر أيضاً ما «جسر عند رماغون» (1969) و«أميركان غرافيتي» (1973) كما «مدنايت أكسبرس» وهي جميعاً (وسواها أيضاً) بعيدة عن منوال أفلام العنف.
قمّة حضوره كانت ما بين 1969 و1979 لكنه بقي غالباً في إطار الأدوار المساندة عاكساً شخصية ودودة حتى عندما لعب دور القاتل. وكما رفض ليوتا دوراً تحت إدارة بيرتون، رفض هوبكنز دوراً اختاره كونتن تارنتينو، منتجاً، له وذلك في فيلم «من الغسق إلى الفجر 2». السبب: «لم يخبروني أن التصوير سيقع في جنوب أفريقيا».



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.