الأردن يسعى لتحويل مكامن الاستثمار إلى فرص حقيقية أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية

هيئة الاستثمار تعمل على ضمان ديمومة المناخ الاستثماري الجاذب وتنشيط الحركة الاقتصادية

جانب من العاصمة الأردنية عمان
جانب من العاصمة الأردنية عمان
TT

الأردن يسعى لتحويل مكامن الاستثمار إلى فرص حقيقية أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية

جانب من العاصمة الأردنية عمان
جانب من العاصمة الأردنية عمان

يتطلع الأردن لتشكيل جهة استثمارية عبر الاستفادة من الخصائص التي تتمتع بها البلاد، وتعزيز تلك الخصائص، عبر جهاز حكومي يعزز العمل الاستثماري من تهيئة البيئة وتقديم الخدمات المثلى للمستثمرين.
وجاءت هيئة الاستثمار تجسيدا لرؤى وتوجيهات الملك عبد الله الثاني ابن الحسين للعمل على تعزيز الاستثمارات في البلاد، عبر ما تقدمه من خدمات تتضمن توفير معلومات وافية عن الفرص الاستثمارية في البلاد، وتوفير دراسات جدوى أولية للمشاريع الواعدة، وتقديم خدمات التسجيل وترخيص الاستثمارات وغيرها من الخدمات للتسهيل على المستثمر من خلال النافذة الاستثمارية.
كما تعمل الهيئة على تنظيم منح الحوافز والمزايا وفقا لقانون الاستثمار، وتقديم خدمات الرعاية اللاحقة، ودعم ترويج الصادرات والمساهمة في فتح أسواق تصديرية جديدة وزيادة حصة الصادرات الأردنية في الأسواق العالمية.
وتتضمن الأهداف تشجيع وترويج الاستثمار المحلي والأجنبي، وضمان ديمومة المناخ الاستثماري الجاذب وتنشيط الحركة الاقتصادية، وتعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية وتنميتها وتنظيمها، وزيادة الصادرات وفتح أسواق جديدة، تقوم الهيئة بترويج وتشجيع الاستثمار وترويج الصادرات، بالإضافة إلى تنظيم المناطق التنموية والمناطق الحرة في البلاد.
وبحسب تقرير لهيئة الاستثمار الأردنية فإن موقع الأردن الاستراتيجي يسمح بالتنوع والتوسع في الأسواق الإقليمية والدولية مدعمًا ببنية تحتية متطورة من شبكات النقل وشبكات الاتصالات الحديثة، كما يعتبر الأردن نقطة انطلاق لدخول الأسواق المجاورة، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا سيما الأسواق العراقية والخليجية.
وأشار التقرير إلى أن عضوية الأردن في منظمة التجارة العالمية تضمن حق دخول السلع والخدمات الأردنية إلى 161 سوقا عالمية، كما أن الأردن طرف في اتفاقيات تجارة ثنائية وإقليمية تمنح الصادرات الأردنية فرصا لزيادة القدرة التنافسية لها على الصعيد الدولي بما يكفل الوصول إلى مليار مستهلك، وعلى الصعيد الثنائي، للأردن اتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأميركية، وسنغافورة، وتركيا، وكندا.
واتفاقيات التجارة الإقليمية تشمل أسواق 17 دولة عربية في إطار اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، والاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية الشراكة، بالإضافة إلى اتفاقية أغادير بين مصر والأردن والمغرب وتونس والتي تهدف إلى دعم مزيد من التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، كما تتضمن دول النرويج، وسويسرا، وأيسلندا، وليختنشتاين في إطار اتفاقية مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية.
تعمل هيئة الاستثمار على منح بطاقة المستثمر، وتقديم المساعدة في حل المشاكل والمعيقات التي تواجه الأنشطة الاقتصادية لدى بعض الجهات، في حين تتضمن القطاعات المشمولة للاستثمار كلاً من الصناعة، والفنادق، ومدن التسلية والترويح السياحي، والمستشفيات، والمراكز الطبية المتخصصة، ومزارع الأبقار، ومزارع الدواجن، بالإضافة إلى جميع الأنشطة الاقتصادية ضمن المناطق التنموية والمناطق الحرة.
ويشير التقرير إلى أنه تحقيقا للاستقرار والشفافية عند ترخيص المشاريع وحرصًا على توفير أعلى مستويات الخدمة للمستثمرين، فقد تم إعداد دليل الترخيص باعتماد نماذج مبسطة تتمثل ببطاقات خدمة شاملة للمعلومات المطلوبة للاستفادة من خدمات النافذة الاستثمارية المختلفة، في الوقت الذي تقدم خدماتها عبر مفهوم النافذة الاستثمارية، والتي توفر خدمة المكان الواحد لتسجيل وترخيص الأنشطة الاقتصادية في جميع أنحاء المملكة باستثناء منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وتضم النافذة مندوبين عن الجهات الرسمية المعنية مفوضين بصلاحيات تسجيل وترخيص المشاريع ويعملون تحت إشراف الهيئة، بالإضافة إلى كادر مؤهل من موظفي الهيئة المتفرغين لتيسير الإجراءات ومتابعتها.
وتتضمن خدمات النافذة الاستثمارية تسجيل الشركات، وتسجيل الأسماء التجارية، وتأسيس وتسجيل الشركات والأفراد في المناطق الحرة، وتسجيل المؤسسات المسجلة في المناطق التنموية والمناطق الحرة، وتسجيل النشاط الاقتصادي لدى دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، والموافقات اللازمة لمزاولة الأنشطة الاقتصادية، والتراخيص الإنشائية وأذونات الإشغال، ومنح رخصة مهن ولمدة ثلاث سنوات، ورخصة ممارسة النشاط الاقتصادي في المناطق التنموية والمناطق الحرة، وتقديم التسهيلات والحوافز، واستيفاء الرسوم والبدلات، ومنح الموافقات الخاصة باستقدام واستخدام العمالة، ومنح تأشيرات الدخول والإقامة للمستثمرين والعاملين وعائلاتهم، وتقديم المعلومات والمشورة الفنية.
يوفر قانون الاستثمار ونظام الحوافز الاستثمارية عددا من الإعفاءات والمزايا تتضمن إعفاء مدخلات إنتاج القطاع الصناعي والحرفي من الرسوم الجمركية، ورد الضريبة العامة على المبيعات على مدخلات الإنتاج للقطاع الصناعي والحرفي خلال 30 يوما، وإعفاء مستلزمات الإنتاج والموجودات الثابتة للقطاع الصناعي والحرفي من الرسوم الجمركية وتخفيض بنسبة الصفر على الضريبة العامة على المبيعات. ورد للضريبة العامة على المبيعات خلال 30 يوما على الخدمات اللازمة لممارسة النشاط الصناعي أو الحرفي. وقال التقرير بأن الاستثمارات الصناعية والحرفية قد تتمتع في مناطق محددة في البلاد بتخفيضات على ضريبة الدخل بنسبة لا تقل عن 30 في المائة. وبين التقرير أن الاستثمارات الأجنبية تتمتع بمجموعة من الحوافز والمزايا الممنوحة بموجب قانون الاستثمار منها الإعفاءات من الرسوم الجمركية والضريبة العامة على المبيعات وفي بعض الحالات تخفيضات على ضريبة الدخل، حيث لا قيود على تملك الأجنبي باستثناء بعض القطاعات التي تتطلب وجود شريك أردني. يبلغ الحد الأدنى للاستثمار الأجنبي 50 ألف دينار، باستثناء المساهمة في شركات المساهمة العامة، كما لا توجد قيود على ملكية المشاريع بالكامل بالنسبة للأجانب في المناطق التنموية والمناطق الحرة. ويعامل المستثمر الأجنبي كالمستثمر الأردني، ويتمتع بامتيازات وضمانات منها إمكانية إخراج رأس المال والأرباح من المملكة، والحماية ضد نزع الملكية وإمكانية اللجوء إلى آليات بديلة لتسوية النزاعات. وتستفيد الاستثمارات الأجنبية من إجراءات ميسرة للتسجيل والترخيص تقدمها النافذة الاستثمارية، بالإضافة إلى تسهيلات في منح تأشيرات الدخول والإقامة للمستثمر وللعائلات والموظفين وغيرها.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.