خبراء: تسريع الجهود لمحاربة «جدري القردة» لم تحدث إلا عندما وصل أوروبا

صورة التقطت عام 1997 قدمتها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية لمريض بجدري القردة (أ.ب)
صورة التقطت عام 1997 قدمتها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية لمريض بجدري القردة (أ.ب)
TT

خبراء: تسريع الجهود لمحاربة «جدري القردة» لم تحدث إلا عندما وصل أوروبا

صورة التقطت عام 1997 قدمتها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية لمريض بجدري القردة (أ.ب)
صورة التقطت عام 1997 قدمتها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية لمريض بجدري القردة (أ.ب)

بينما تطرح السلطات الصحية في أوروبا وأماكن أخرى لقاحات وأدوية للقضاء على أكبر انتشار لجدري القردة خارج أفريقيا، يقر بعض الأطباء بواقع سيئ: لقد كانت الموارد لإبطاء انتشار المرض متاحة منذ فترة طويلة، لكن ليس للأفارقة الذين يحاربون المرض منذ عقود.
وأبلغت دول، من بينها بريطانيا، وإسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، وسويسرا، والولايات المتحدة، وإسرائيل، وأستراليا عن أكثر من 250 حالة إصابة بجدري القردة، العديد منها على ما يبدو مرتبط بنشاط جنسي في اثنين من بلدين أوروبيين. ولم يتم الإبلاغ عن أي وفيات.
تعرض السلطات في العديد من البلدان الأوروبية والولايات المتحدة تحصين الناس وتفكر في استخدام الأدوية المضادة للفيروسات. ستعقد منظمة الصحة العالمية يوم الخميس اجتماعاً خاصاً لمناقشة أولويات أبحاث جدري القردة والقضايا ذات الصلة.
وفي الوقت نفسه، أبلغت القارة الأفريقية عن أكثر من خمسة أضعاف عدد الحالات هذا العام، حسبما أفاد تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، اليوم (الأربعاء).
وذكر التقرير، أنه كان هناك أكثر من 1400 حالة إصابة بفيروس جدري القردة و63 حالة وفاة في أربعة بلدان يتفشى فيها المرض في أفريقيا، وهي الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو ونيجيريا - وفقاً للمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. ويقول مسؤولو الصحة، إن التسلسل حتى الآن لم يظهر أي صلة مباشرة بالتفشي خارج أفريقيا.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1528495853484269570
وينتمي جدري القردة إلى عائلة فيروسات الجدري، وتقدر فاعلية لقاحات الجدري بنحو 85 في المائة ضد جدري القردة، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ومنذ تحديد الحالات في وقت سابق من هذا الشهر، لقّحت بريطانيا أكثر من 1000 شخص معرّضين لخطر الإصابة بالفيروس واشترت 20 ألف جرعة إضافية، في حين يجري مسؤولو الاتحاد الأوروبي محادثات لشراء المزيد من لقاح الجدري من «بافاريا نورديك»، وهي الشركة المصنعة للقاح الوحيد من هذا النوع المرخص في أوروبا.
وأصدر مسؤولو الحكومة الأميركية نحو 700 جرعة من اللقاح للولايات التي تم الإبلاغ فيها عن حالات.
وتعد الشكوى من بعض الأطباء، أن مثل تلك الإجراءات السريعة في أوروبا لا تظهر في أفريقيا. وتقول الدكتورة أديسولا ينكا - أوغينلي، التي تقود مجموعة عمل مكافحة جدري القردة في نيجيريا، إنه لا يوجد حالياً لقاحات أو مضادات فيروسية تُستخدم ضد جدري القردة في بلدها. وقالت، إن الأشخاص المشتبه في إصابتهم بجدري القردة يتم عزلهم ومعالجتهم بطريقة تقليدية، بينما تتم مراقبة المخالطين لهم.
وفي السياق، يقول أحمد أوجويل، القائم بأعمال مدير مركز السيطرة على الأمراض في أفريقيا، إن أفريقيا بشكل عام لديها فقط «مخزونات صغيرة» من لقاح الجدري لتزويد العاملين الصحيين به عند تفشي مرض جدري القردة.
ومن جانبه، يقول الدكتور جيمي ويتوورث، أستاذ الصحة العامة الدولية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إن محدودية إمدادات اللقاح والأولويات الصحية المتنافسة تعني أن التحصين ضد جدري القردة لم يتم اتباعه على نطاق واسع في أفريقيا.
اقرأ أيضا: لقاحات كورونا ليست السبب... أبرز الشائعات حول «جدري القردة»

وتابع ويتوورث «إنه أمر غير مريح بعض الشيء أن يكون لدينا موقف مختلف تجاه أنواع الموارد التي ننشرها اعتماداً على مكان وجود الحالات». وأردف «إنه يكشف الفشل الأخلاقي عندما لا تكون هذه التدخلات متاحة لملايين الأشخاص في أفريقيا الذين يحتاجون إليها».
وتمتلك منظمة الصحة العالمية 31 مليون جرعة من لقاحات الجدري، معظمها محفوظة في البلدان المانحة وتهدف إلى الاستجابة السريعة لأي عودة ظهور للمرض، والذي تم الإعلان عن القضاء عليه في عام 1980. ولم يتم إطلاق جرعات من مخزون وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة لأي جدري قردة تفشي المرض في وسط أو غرب أفريقيا.
ويقول الدكتور مايك رايان، رئيس قسم الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، إن الوكالة تدرس السماح للدول الغنية باستخدام لقاحات الجدري لمحاولة الحد من انتشار مرض جدري القردة. وتدير منظمة الصحة العالمية آليات مماثلة لمساعدة البلدان الفقيرة في الحصول على لقاحات لأمراض، مثل الحمى الصفراء والتهاب السحايا، لكن هذه الجهود لم تُستخدم سابقاً في البلدان التي يمكنها تحمل تكاليف الحقن.
وقال أويويل توموري، عالم الفيروسات النيجيري الذي يشارك في العديد من المجالس الاستشارية لمنظمة الصحة العالمية، إن إطلاق لقاحات الجدري من مخزون الوكالة لمنع مرض جدري القردة من أن يصبح وباءً في البلدان الأكثر ثراءً قد يكون له ما يبرره، لكنه أشار إلى وجود تناقض في استراتيجية منظمة الصحة العالمية.
وقال توموري «كان ينبغي تبني نهج مماثل منذ وقت طويل للتعامل مع الوضع في أفريقيا. هذا مثال آخر على الحالات التي تكون فيها بعض البلدان أكثر مساواة من غيرها».
اقرأ أيضا: 4 أسئلة رئيسية حول تفشي «جدري القردة»
ويعاني معظم الناس المصابين بجدري القردة من أعراض تشمل الحمى والقشعريرة والتعب. لكن أولئك الذين يعانون من مرض أكثر خطورة غالباً ما يصابون بطفح جلدي على وجوههم أو أيديهم ينتشر في مكان آخر.
نشر الدكتور هيو أدلر وزملاؤه مؤخراً ورقة بحثية تشير إلى أن عقار تيكوفيرمات المضاد للفيروسات يمكن أن يساعد في مكافحة جدري القردة. تم استخدام الدواء، الذي تمت الموافقة عليه في الولايات المتحدة لعلاج الجدري، في سبعة أشخاص مصابين بجدري القردة في المملكة المتحدة من 2018 إلى 2021، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من التفاصيل للحصول على الموافقة التنظيمية.
قال أدلر، زميل باحث في كلية ليفربول للطب الاستوائي «إذا فكرنا في الحصول على هذه البيانات من قبل، فلن نكون في هذا الموقف الآن حيث لدينا علاج محتمل من دون أدلة كافية».
وأشار أدلر إلى أن العديد من الأمراض لم تجتذب أموالاً كبيرة إلا بعد أن أصابت أشخاصاً من الدول الغنية، فعلى سبيل المثال، على الرغم من التفشي الكارثي لفيروس إيبولا في غرب أفريقيا في الفترة من 2014 إلى 2016، وأصاب ما يزيد على 28 ألف حالة في غرب أفريقيا، لم تنشط السلطات الأميركية في تسريع الأبحاث والبروتوكولات لترخيص لقاح ضد إيبولا إلا بعد أن أصيب العديد من الأميركيين.
ويأمل جاي تشودي، خبير التنمية الذي يعيش في ولاية إينوجو النيجيرية، والتي أبلغت عن حالات جدري القردة منذ عام 2017، أن الاهتمام المتزايد قد يساعد أخيراً في معالجة المشكلة. لكنه مع ذلك أعرب عن أسفه لأن الأمر يتطلب عدوى في البلدان الغنية حتى يبدو الأمر ممكناً.
وقال تشودي «قد تعتقد أن الحالات الجديدة أكثر فتكاً وخطورة مما لدينا في أفريقيا. نحن نرى الآن أنه يمكن أن ينتهي مرة واحدة وإلى الأبد، ولكن لأنه لم يعد في أفريقيا فقط. الجميع الآن قلقون».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
TT

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)

أثار هجوم نيو أورليانز، فجر أمس الأربعاء، الذي استهدف محتفلين برأس السنة، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، إدانات دولية.

فيما يأتي أبرزها:

فرنسا

أبدى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تعاطفه «مع الشعب الأميركي الذي نشاطره الألم»، مؤكداً عبر منصة «إكس» أن المدينة التي «ضربها الإرهاب غالية على قلوب الفرنسيين».

وأسس مستعمرون فرنسيون نيو أورليانز، وقد وقع الهجوم في الحي الفرنسي الشهير بالمدينة.

كذلك، قدّم كريستيان إستروسي، رئيس بلدية مدينة نيس الجنوبية التي تعرضت لهجوم دهس عام 2016 أدى إلى مقتل 86 شخصاً، تعازيه.

وقال إن «المأساة التي وقعت في نيو أورليانز، المدينة الشقيقة لنيس، تذكرنا بشكل مؤلم بالمأساة التي شهدناها... أفكارنا مع العائلات والأرواح التي راحت ضحية عملية الدهس في احتفالات منتصف العام الجديد».

المملكة المتحدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عبر «إكس» إن «الهجوم العنيف الصادم في نيو أورليانز مروع».

وأضاف: «تعاطفي مع الضحايا وعائلاتهم وأجهزة الطوارئ وشعب الولايات المتحدة في هذا الوقت المأسوي».

الصين

قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحافي: «صدمنا بهذا الهجوم العنيف»، مضيفة أن «الصين تعارض كل أعمال العنف والإرهاب التي تستهدف المدنيين».

وتابعت: «نحن حزانى على الضحايا، ونعرب عن تعاطفنا مع أسرهم ومع المصابين».

أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عبر «إكس» إنه «روّع بالهجوم الذي وقع في نيو أورليانز بالولايات المتحدة الذي أودى بحياة أبرياء وأدى إلى إصابة العديد من الأشخاص».

وأضاف: «نحن على ثقة بأن المسؤولين عن هذا العمل الفظيع سيحاسبون. إن العنف والإرهاب وأي تهديدات لحياة الناس ليس لها مكان في عالمنا، ويجب عدم التسامح معها. نقدم تعازينا الصادقة لأسر الضحايا... أوكرانيا تقف بجانب الشعب الأميركي وتدين العنف».

الاتحاد الأوروبي

عدّت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عبر منصة «إكس» أن «لا عذر لعنف مماثل»، مبدية «حزنها الكبير».

وأضافت: «نحن نتضامن بشكل كامل مع الضحايا وعائلاتهم خلال هذه اللحظة المأسوية».

الأمم المتحدة

دان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم «بشدة» و«قدم تعازيه لأسر الذين فقدوا أرواحهم»، «كما تمنى الشفاء العاجل للجرحى» بحسب بيان صادر عن الناطق باسمه.

ألمانيا

قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، عبر «إكس»: «إنها أخبار فظيعة من نيو أورليانز».

وأضاف: «أشخاص يحتفلون تؤخذ حياتهم أو يصابون بسبب كراهية لا معنى لها. نحن نحزن مع عائلات الضحايا وأصدقائهم، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين».

إسرائيل

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عبر «إكس»: «أشعر بحزن كبير إزاء الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز».

وأضاف: «أقدم خالص التعازي لأسر الضحايا. أتمنى الشفاء العاجل للمواطنين الإسرائيليين المصابين وجميع الجرحى... لا مكان للإرهاب في عالمنا».

تركيا

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان: «نحن نشعر بحزن عميق جراء الهجوم الذي وقع في نيو أورليانز في الولايات المتحدة».

وأضافت: «نتقدم بتعازينا لأسر وأصدقاء الذين فقدوا أرواحهم... نأمل في أن يتم الكشف عن دوافع الهجوم في أقرب وقت ممكن، وأن تتم محاسبة المسؤولين عنه».