رئيس الحكومة التونسية يعرض الحوار كحل للاحتجاجات المتنامية

قال إن الحكومات المتعاقبة كانت تعمل دون مخططات توجيهية

رئيس الحكومة التونسية يعرض الحوار كحل للاحتجاجات المتنامية
TT

رئيس الحكومة التونسية يعرض الحوار كحل للاحتجاجات المتنامية

رئيس الحكومة التونسية يعرض الحوار كحل للاحتجاجات المتنامية

عرض الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، في ندوة الولاة (مسؤولي الجهات) المنعقدة أمس في العاصمة، الحوار والنقاش كحل للاحتجاجات المتنامية في الجهات وفي القطاعات الإنتاجية، وأيضا لمحاصرة مظاهر الفوضى والإضرابات العشوائية. وقال الصيد إنه «لم يعد هناك مجال للإضرابات في ظل الوضع الراهن، وهو إجراء خاطئ وعواقبه وخيمة».
وأضاف خلال توقفه عند الوضع الاجتماعي الذي مثل محورا رئيسيا في كلمته أمام الولاة، أن «تنامي الإضرابات العامة في هذه الفترة تعد مثل الفوضى على المستوى الوطني، ولا تخدم مصلحة تونس»، داعيا الولاة إلى مضاعفة جهودهم، والتحرك الميداني للوقوف على مشكلات التونسيين والتعريف بسياسات الحكومة والإصلاحات الكبرى التي ستشمل البنى التحتية، والمنظومة الجبائية، وقانون الاستثمارات وإصلاح الصناديق الاجتماعية، والوضعيات العقارية التي تعطل الكثير من مشاريع التنمية.
وانتقد الحبيب الصيد الحكومات التونسية المتعاقبة على السلطة منذ سنة 2011، وقال إنها «كانت تعمل دون مخططات توجيهية، أو دراسات استشرافية، وتتخذ قرارات يومية حسب تطور الظروف الأمنية والاجتماعية»، وقال بهذا الخصوص إنه «لا يمكن مواصلة العمل بهذه الطريقة.. ولا بد من التفكير في مشاريع للسنوات الخمس المقبلة»، وتوقع أن تحتضن تونس نهاية السنة الحالية فعاليات مؤتمر وطني لتوفير التمويلات الضرورية لمخطط التنمية، الذي سيمتد من 2016 إلى 2020.
وبخصوص موجة الإضرابات التي عرفتها عدة مدن تونسية، وأبرزها مدن الحوض المنجمي، ومنطقة الفوار بولاية (محافظة) قبلي جنوب تونس، أشار الصيد إلى وضوح موقف الحكومة بشأن المطالب الاجتماعية للمحتجين.
وقال إنه «يمكن التفاوض بشأنها، لكن في نطاق الحوار والنقاش، لا الفوضى والإضرابات العشوائية». أما بخصوص قرار مجلس الوزراء اقتطاع أيام الإضراب غير القانوني من أجور المضربين، فقد أكد الصيد أن القرار «لا رجعة فيه».
ودافع الصيد عن توجهات الحكومة وسياساتها بقوله إنها «حاولت تلبية الحاجات قدر المستطاع، وبما توفر لها من إمكانات محدودة، كما التزمت في جزء كبير من تدخلاتها بالتزامات الحكومات التونسية المتعاقبة، ونفذت عدة اتفاقيات مبرمة قبل سنوات».
وفي تشخيصه للمشكلات المختلفة التي تعرفها عدة جهات، قال الصيد إن «الحكومة أجرت ثلاث عمليات تدقيق لمعرفة نوعية المشكلات وأسبابها، من خلال اختيارها لثلاث مناطق، تمثل الشمال والوسط والجنوب، وخلصت إلى وجود ميزانية تقدر بنحو ألف مليون دينار تونسي (نحو 500 مليون دولار) وجهت إلى الجهات، لكنها بقيت معطلة ولم يتم استغلالها بسبب تعطل إنجاز المشاريع على أكثر من مستوى».
ودعا الصيد الولاة إلى مغادرة مكاتبهم خلال فترات العمل الصباحية، والتنقل الميداني للمساهمة في إيجاد حلول للمشكلات التي لا يمكن حلها على المستوى المركزي، وقال موجها كلامه إلى المسؤولين في الجهات «إنكم همزة وصل بين الدولة والمواطنين ووسيلتها في تطبيق مخططات العمل الهادفة إلى تحقيق الأمن، ومقاومة غلاء المعيشة والنظافة والتنمية، والقضاء على البطالة»، مضيفا أن نجاح الدولة مرتبط بنجاحهم في إدارة شؤون الجهات.
وبهذه المناسبة كشف الصيد عن محتوى عدة تقارير أنجزتها الحكومة حول التنمية في تلك الجهات، وقال إن «مختلف مناطق تونس تزخر بطاقات وإمكانيات كبيرة غير مستغلة، وهو ما يفرض على المسؤولين في الجهات مزيدا من التحرك الميداني وتجاوز العمل البيروقراطي، ودعاهم إلى توطيد علاقاتهم مع مكونات المجتمع المدني وإشراكهم في اتخاذ القرارات».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».