بالحنين إلى الماضي وجذور تاريخية متأصلة، مجموعة من اللوحات التشكيلية والصور الفوتوغرافية ناجمة عن مشاركة 6 فنّانين، تروي عبق التراث في معرض «عيد وتهاويد» داخل مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء).
ويُشكل المعرض منعطفات تراثية ضمن تحوّلات عصرية بطابع حداثي، يستحضر من خلاله متذوقو الفنّ، التاريخ العريق الممزوج بأنفاس الطفولة مع أُحجية الجدّات وحنين الأمهات، كما يرسم المعرض حالة من التمازج الثقافي تتكئ على فلسفة التعاظم الفنّي بإيقاع الطقوس التراثية والعادات الشعبية.
منسقة المعرض تارة الدغيثر، بيّنت أن المعرض أسهم في خلق مساحة إبداعية بطابع جديد لدعم الفنانين والمصورين، عبر توثيق سلسلة عادات وتقاليد تعمل الأمهات والجدّات على تخليدها حفاظاً عليها من الاندثار أو النضوب، قائلة: «بمبادرة من مركز (إثراء)، انطلقت فكرة معرض (عيد وتهاويد)، حيث شكّلت لوحات وصور المشاركين أشبه ما يمكن تسميته (الحوار بين الأجيال)، فالماضي يعود لجذور التاريخ والحاضر مُطالب بالحفاظ على المخزون الثقافي المتمثّل بالعادات والتقاليد الشعبية، في الوقت الذي سيتحمّل المستقبل مسؤولية الديمومة لتناقل ذلك بين الأجيال».
وتصف الدغيثر المعرض بأنه «أيقونة تحاكي تحولات عميقة، ستترك أثراً في المشهد الثقافي الفنّي، ما يجعلنا أكثر تفاؤلاً في صناعة الفكر التراثي ليتوغّل بعمق في صفحات التاريخ»، فيما تجد المشاركة في المعرض رزان اليوسف أن ما عرضته في «عيد وتهاويد»، ما هو إلا حالة تعزز من التواريخ الهجرية ضمن مناسبات سنوية كالقرقيعان ومهرجان الدوخلة من عادات متوارثة يستوجب على الأمهات الحفاظ عليها عبر نقلها وترسيخها للأطفال بتهاويد وأهازيج خاصة.
الفنّانة آلاء الحارثي، إحدى المشاركات في المعرض، قامت بعمل بحث ميداني شمل سلسلة من الزيارات والمقابلات الشخصية وجلسات تدوين وتسجيل مع ذوات الخبرة من الجدّات والأمهات اللاتي ما زلن يمارسن هذا النوع من الغناء الحميمي مع أطفالهن (التهاويد)، بالإضافة إلى مقابلات مع خبراء في التاريخ الصوتي والثقافي، إلى جانب تعمقها في المقالات والكتب التاريخية القديمة؛ لأهمية التهويدات الثقافية والاجتماعية وكذلك علاقتها في الروابط التي تجمع بين الأم وطفلها، فالبحث الذي استمر شهرين، توصّلت الحارثي من خلاله إلى سلسلة أهازيج شعبية بدأت بتسجيلها؛ لتمنح زوّار «عيد وتهاويد» فرصة الاستماع إليها بعد اختيارهم لما يستهويهم، متطلّعة للوصول إلى ما يسمى «النضج الفنّي».
وأما الفنّان منير الحجي، فيضفي على المعرض لمسات فنّية عبر لوحته التي تحوي طقوس وقصص الدوخلة التراثية، موضحاً: «معرض (عيد وتهاويد)، يقدم أعمالاً فنّية تعبّر عن العادات التراثية في ضفتي المملكة غرباً وشرقاً»، وأشار الحجي الذي يعد من طليعة روّاد الحركة التشكيلية السعودية للتفاعل المُدهش بأروقة المعرض، قائلاً: «المعرض يعكس تاريخاً واقعياً يُسبغ البهجة والسرد بالألوان، فهناك مشاركون استخدموا خامات مختلفة عن بعضها يصعب توظيفها في الأعمال الفنّية».
«عيد وتهاويد»... روايات تاريخية لأُحجية الجدّات وحنين الأمهات
«عيد وتهاويد»... روايات تاريخية لأُحجية الجدّات وحنين الأمهات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة