«الهجين التكتيكي» لغوارديولا وكلوب يهيمن الآن على كرة القدم الأوروبية

تغيرت عام 2008 والمديران الفنيان لمانشستر سيتي وليفربول قادا عملية التغيير

غوارديولا وكلوب قادا الطريق إلى كرة القدم الحديثة (غيتي)
غوارديولا وكلوب قادا الطريق إلى كرة القدم الحديثة (غيتي)
TT

«الهجين التكتيكي» لغوارديولا وكلوب يهيمن الآن على كرة القدم الأوروبية

غوارديولا وكلوب قادا الطريق إلى كرة القدم الحديثة (غيتي)
غوارديولا وكلوب قادا الطريق إلى كرة القدم الحديثة (غيتي)

ربما كان أكثر ما يثير الدهشة في هذا الموسم من وجهة النظر التكتيكية هو درجة الإجماع والتوافق. فمن الممكن أن تؤثر الإمكانيات المالية للأندية في نتائج بعض المباريات، وسيظل هناك دائماً لاعب بارع قادر على تغيير مسار المباريات بإمكانياته وقدراته الهائلة والقيام بأشياء استثنائية، لكن بالنسبة لتلك الأندية التي تتبع فلسفة معينة في اللعب، فمن الواضح تماماً أنها تلتزم بطريقة لعب معينة تعتمد على الدفاع المتقدم والضغط العالي على حامل الكرة والاستحواذ على الكرة لأطول فترة ممكنة.
وهناك ميل لتصوير الأمر وكأن هناك تعارض بين المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا والمدير الفني لليفربول يورغن كلوب، من خلال القول بأن أحدهما يركز على الاحتفاظ بالكرة، في حين يركز الآخر على سرعة استعادتها من المنافس. ربما يكون هذا منطقياً ومعقولاً، رغم المنافسة الشرسة بينهما خلال الموسمين الماضيين، لكن ربما يكون الأمر الأكثر أهمية هو أنه لا أحد يشكك حقاً في الطريقة التي يتم من خلالها الحكم عليهما. ومن الواضح تماماً الآن أن ما يمكن تسميته بـ«عصر الاستنزاف»، إن جاز التعبير، والذي شهد فوز اليونان ببطولة كأس الأمم الأوروبية، وكرة القدم التي كان يقدمها المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو، والمدير الفني الإسباني رافائيل بينيتيز، والمدير الفني الأسكوتلندي أليكس فيرغسون في سنوات المدرب البرتغالي كارلوس كويروز، قد مضى عليه وقت طويل للغاية.
لقد تغيرت كرة القدم في عام 2008. ولا يعود السبب في ذلك فقط إلى أن هذا هو العام الذي شهد تعيين غوارديولا على رأس القيادة الفنية لبرشلونة. فقبل ذلك الوقت، كانت مرحلة خروج المغلوب من دوري أبطال أوروبا قد شهدت تسجيل أكثر من ثلاثة أهداف في المباراة الواحدة مرة واحدة فقط، لكن منذ ذلك الحين لم ينخفض المتوسط إلى أقل من ثلاثة أهداف في المباراة الواحدة سوى مرة وحيدة. وقد حدث ذلك نتيجة اجتماع عدد من العوامل، من بينها بالطبع التحسينات الكبيرة التي طرأت على جودة الملاعب وأدوات التدريب والكرات التي تلعب بها المباريات، وهو ما يعني أن اللمسة الأولى يمكن أن تكون حاسمة في أعلى المستويات. كما أدى تحرير قانون التسلل إلى تراجع خطوط الدفاع، وتراجعت التدخلات العنيفة إلى حد كبير، وهو ما أدى إلى زيادة المساحات داخل الملعب، بالشكل الذي سمح للاعبي خط الوسط بالتقدم للأمام وتقديم مستويات أفضل بعدما كانوا يكتفون في السابق بالقيام ببعض الأدوار الخططية والتكتيكية ويتعرضون للكثير من الانتقادات.

                                                    غوارديولا وهنري ولقب دوري الأبطال 2009 (غيتي)
وفجأة أصبح من الممكن للفرق الأكبر، التي أصبحت أكبر نسبياً مما كانت عليه من قبل، أن تمارس سيطرة أكبر على المباريات أكثر من أي وقت مضى، وأن تفكر في أفضل طريقة لاستغلال المساحات داخل المستطيل الأخضر والاستحواذ على الكرة، بدلاً من تعطيل اللعب في خط الوسط. وقد أدى ذلك بدوره إلى الشعور بانزعاج كبير عندما تقابل الأندية القوية بعضها بعضاً وتجد صعوبات في الاستحواذ على الكرة. وكانت هذه أحد الأسباب التي جعلت لاعبي مانشستر يونايتد يفقدون الانضباط الخططي والتكتيكي في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا عام 2009 ويشعرون بالإهانة لأنهم لم يستحوذوا على الكرة سوى 40 في المائة فقط.
وفي العام التالي، أظهر إنتر ميلان الإيطالي بقيادة مورينيو أنه من الممكن الفوز (أو على الأقل الخسارة بفارق ضئيل بما يكفي للفوز في مجموع المباراتين) رغم استحواذك على الكرة بنسبة 19 في المائة فقط! لقد أصبح التكتل الدفاعي في الخلف، والتمركز الصحيح، والسماح للمنافس بالاستحواذ على الكرة كما يشاء لكن على بُعد 30 ياردة فقط أو أكثر من المرمى، طريقة قابلة للتطبيق للتفوق على الأندية التي تعتمد على طريقة الاستحواذ على الكرة. وبدأت كرة القدم تبدو في بعض الأوقات مثل كرة اليد. لكن كانت هناك طريقة أخرى، وهي تلك الطريقة التي يعتمد عليها كلوب، الذي لا يحب الاستحواذ السلبي على الكرة، ويفضل الضغط المتواصل والقوي على حامل الكرة بشكل جماعي مدروس بعناية، ثم التحول السريع من الدفاع للهجوم بمجرد الحصول على الكرة.
صحيح أن الأندية التي تلعب تحت قيادة غوارديولا تضغط على المنافس، لكن ليس بنفس الشراسة أو بنفس الرؤية المباشرة في كيفية استغلال الهجمات المرتدة السريعة. سوف يحصل الفريق على الراحة المناسبة إذا أتيحت له الفرصة لذلك، لكن إذا لم تكن هناك فرصة، فإن غوارديولا يكون سعيداً بإعادة تشكيل فريقه داخل الملعب وبدء العملية من مرة أخرى، وهو الأمر الذي قال إنه قد يستغرق 15 تمريرة. يركز غوارديولا على الاستحواذ على الكرة، بينما يعتمد كلوب على التلقائية وتفكير كل لاعب في الموقف الذي يواجهه داخل الملعب.
لكن مع تراجع آمال غوارديولا في دوري أبطال أوروبا وخسارته أمام المنافسين الذين يعتمدون على الهجمات المرتدة السريعة، أصبح يتعين عليه أن يغير طريقة اللعب بعض الشيء لمواجهة ذلك. وفي بعض المباريات، يبدو أنه كانت هناك نية واضحة من جانب غوارديولا للإبقاء على خمسة لاعبين خلف الكرة في جميع الأوقات، لكن في مباريات أخرى كان يتم التركيز بشكل أكبر على الضغط على المنافس بقوة، وهو الأمر الذي كان يمثل تهديداً كبيراً على مانشستر سيتي من خلال الهجمات المرتدة السريعة. في غضون ذلك، رأى كلوب الإرهاق المتراكم - الجسدي والذهني - لكرة القدم التي تعتمد على الضغط المتواصل على المنافس، واتخذ خطوات من أجل التحكم في وتيرة المباريات بشكل أكبر، والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء تعاقده مع تياغو ألكانتارا، الذي ربما يكون أكثر اللاعبين تميزاً في السابق تحت قيادة غوارديولا.
علاوة على ذلك، فإن توماس توخيل، وأنطونيو كونتي، وستيفانو بيولي، وتشافي، وجوليان ناغيلسمان، وتوماس فرانك، وبريندان رودجرز، وجيان بييرو غاسبريني، والغالبية العظمى من المديرين الفنيين المعاصرين يعتمدون بدرجات متفاوتة على الطريقة نفسها في اللعب. وتكون الاستثناءات، بين الأندية الكبرى، نادرة للغاية وتكون نتيجة الانبهار باللاعبين البارزين أصحاب الأسماء الكبيرة واللامعة، وغالباً ما يكون مصحوباً بسوء إدارة بشع! وحتى لو كان المدير الفني الألماني رالف رانغنيك يتمتع بسلطة أكبر، فمن الواضح أنه كان سيعاني بشدة لقيادة فريق يجد صعوبة في استيعاب كريستيانو رونالدو، الذي كان وجوده المزعزع للاستقرار في يوفنتوس أحد الأسباب التي أدت إلى العودة إلى المدير الفني الإيطالي ماكس أليغري مرة أخرى.
ويُعد ريال مدريد، حتى الآن، مثالاً رائعاً على الكيفية التي يمكن من خلالها للاعبين العظماء أن يحولوا نتائج المباريات فجأة لصالح أنديتهم بعدما كانت الأمور تسير ضدهم، لكن باريس سان جيرمان يعد المثال الأكثر إثارة للاهتمام لثقافة الاعتماد على اللاعبين المشاهير أصحاب الأسماء اللامعة، والاعتماد على ثلاثي هجومي مهاري للغاية يستلزم الدفع بخط وسط قوي للغاية من أجل القيام بالأدواء الدفاعية بأفضل طريقة ممكنة لتعويض عدم قيام هذا الثلاثي الأمامي بواجباته الدفاعية. أما الفلسفة الحقيقية الوحيدة الخارجة عن المألوف فتتمثل في الطريقة التي يلعب بها دييغو سيميوني مع أتليتكو مدريد، رغم أنه مع كل موسم يمر، يزداد الإحساس بأن هذا المشروع يتراجع بشكل ملحوظ.
من النادر في كرة القدم الحديثة أن تكون الخطوط واضحة للغاية. لقد طبق غوارديولا أسلوب اللعب الذي يستفيد من الظروف المتغيرة، ووجد كلوب طريقة للتغلب عليه من خلال الهجمات المرتدة السريعة، ثم غير غوارديولا خطته للتغلب على ذلك من خلال الجمع بين الاستحواذ على الكرة والتأمين الدفاعي تجنباً للهجمات المرتدة، وبالتالي فمن الواضح أن هذين المديرين الفنيين الرائعين قد استفادا كثيراً من وجودهما في الفترة نفسها من أجل تطوير أفكارهما التي ساعدت في تغيير شكل كرة القدم الحديثة.


مقالات ذات صلة

بوستيكوغلو: إصابة فيكاريو ضربة موجعة لتوتنهام

رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو (أ.ف.ب)

بوستيكوغلو: إصابة فيكاريو ضربة موجعة لتوتنهام

اعترف أنجي بوستيكوغلو، المدير الفني لفريق توتنهام هوتسبير، بأن الإصابة الخطيرة لحارس مرمى الفريق جوليلمو فيكاريو في كاحل القدم كانت بمثابة صدمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إلكاي غوندوغان (أ.ف.ب)

غوندوغان: الهزيمة أمام ليفربول قد تُنهي آمال السيتي في اللقب

أقرّ الألماني إلكاي غوندوغان لاعب وسط مانشستر سيتي الأربعاء أن الهزيمة أمام مضيفه ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز قد تُنهي آمال بطل المواسم.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية الاتحاد الإنجليزي قال إن اللاعب سيكون متاحاً للمشاركة في المباريات الثلاث المقبلة (رويترز)

الاتحاد الإنجليزي يلغي طرد نورغارد أمام إيفرتون

ألغى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الأربعاء بطاقة حمراء تلقاها كريستيان نورغارد لاعب برنتفورد خلال تعادل سلبي أمام إيفرتون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أموريم (أ.ب)

أموريم محبَط بسبب الالتزامات الإعلامية في مانشستر يونايتد

كانت الإشارة لافتة إلى حد ما في أول مقابلة لروبن أموريم مع شبكة «سكاي سبورتس» بعد المباراة، لكنها أثارت رداً بدا واضحاً.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية الحكم الإنجليزي ديفيد كوت خلال مباراة بين ليفربول وأستون فيلا (أ.ب)

نقاش مع صديق حول «بطاقة صفراء» يُخضع الحكم الإنجليزي كوت للتحقيق

يخضع ديفيد كوت، الحكم الموقوف عن التحكيم في الدوري الإنجليزي الممتاز، للتحقيق، من قبل الاتحاد الإنجليزي، بعد مزاعم بأنه ناقش إشهار بطاقة صفراء مع صديق له.

«الشرق الأوسط» (لندن)

خيسوس: طبيعي أن تكون المباراة «مشحونة»

خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
TT

خيسوس: طبيعي أن تكون المباراة «مشحونة»

خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)
خيسوس خلال المؤتمر الصحفي لنهائي السوبر السعودي (تصوير: مشعل القدير)

أشار البرتغالي جورجي خيسوس، المدير الفني لفريق الهلال، إلى إمكانية مشاركة البرازيلي مالكوم أمام النصر، في المباراة التي تجمعهما، اليوم السبت في كأس السوبر السعودي.

وقال خيسوس، في المؤتمر الصحافي الخاص بالمباراة: «مجدداً الهلال طرف في نهائي آخر ضد منافس قوي، ستكون مباراة قوية. ستظهر صورة الكرة السعودية التي وصلت إلى المستوى العالي، والعالم يشاهد».

وأضاف: «الفريقان يملكان لاعبين كثراً على مستوى عالٍ من الجودة، وبالطبع نبحث عن أن نظهر الوجه القوي للكرة السعودية».

وتابع: «المباراة ستكون منقولة على مستوى العالم ودول أوروبا والبرازيل، نرغب في أن نظهر أفضل صورة للكرة السعودية، نرغب في أن نظهر ما أظهرناه في الموسم الماضي».

وواصل: «في كل مكان بالعالم النهائيات والديربيات يكون فيها شد ذهني لا يمكن السيطرة عليه بالكامل، المستوى هذا من الصعب أن نتحكم خلاله في ردة الفعل. هناك بعض اللحظات التي يكون فيها شحن وهي طبيعية».

وبسؤاله عن موقف البرازيلي مالكوم من المباراة، أوضح خيسوس: «لقد تدرب مع الفريق اليوم، وبناءً على ذلك سنتخذ القرار الأنسب، كل شيء سيعتمد على التمرين الأخير».

وأردف: «مالكوم من أفضل اللاعبين الموجودين على مستوى الهلال والدوري، وبالنسبة لي بصفتي مدرباً معرفة مالكوم التكتيكية مهمة، وهو حل مهم لنا، يجعل الأمور أسهل».

ورفض خيسوس الحديث عن لاعبه سعود عبد الحميد الذي ارتبط بالانتقال إلى صفوف روما الإيطالي خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية.

وأكد: «الهلال يملك قائمة قوية من اللاعبين، وفترة الإعداد كانت من أجل العمل على استعداد اللاعبين، خصوصاً مثل الموجودين خارج الفريق الموسم الماضي؛ مثل حمد اليامي الذي كان بالشباب، ويملك إمكانات جيدة».

وواصل: «نحن معتادون على حب الجماهير الذي يتحرك معنا، لامسنا هذا الأمر العام الفائت، نحاول أن نمنحهم بطولة أخرى، وقفوا معنا، ودعمونا، ونحن موجودون لأجل إرضاء الجماهير».

وأتم خيسوس حديثه بالإشادة بمهاجمه ميتروفيتش، قائلاً: «إنه محترف على مستوى عالٍ داخل وخارج الملعب، بداية الإعداد كانت رائعة؛ إذ خسر بعض الوزن، ميتروفيتش مثال لنوعية المحترف المثالي».

من جانبه، يأمل الصربي ألكسندر ميتروفيتش، مهاجم الهلال في الفوز بكأس السوبر على حساب النصر.

وقال ميتروفيتش في المؤتمر الصحافي: «ستكون مباراة قوية ضد منافس قوي، لعبنا أمامهم في الموسم الماضي، ونتمنى أن نكون الطرف المنتصر».

وأفاد: «لا يوجد شيء اختلف في الإعداد لمواجهة النصر. إنها مثل أي مباراة أخرى، نركز على أنفسنا وتنفيذ تعليمات المدرب أفراداً ومجموعة».

وأكمل: «ستكون مباراة كبيرة حافلة بالحضور الجماهيري، نحن محظوظون بوجود الجماهير داخل أرضنا وخارجها».

واختتم: «السعادة ستكون أكبر إن انتصرنا مع تسجيلي للأهداف، ولكن الهدف الرئيسي إسعاد الجماهير والفوز باللقب».