تقاعُد مارك لورنسون يمثل نهاية حقبة البراءة في مجال تحليل المباريات

أعاد المشاهدين إلى حين كانت الرياضة على التلفزيون لا تزال تمثل ترفيهاً خفيفاً

مارك لورنسون أحد أقطاب التحليل الرياضي مع فريقه الاعلامي داخل الاستديو (غيتي)
مارك لورنسون أحد أقطاب التحليل الرياضي مع فريقه الاعلامي داخل الاستديو (غيتي)
TT

تقاعُد مارك لورنسون يمثل نهاية حقبة البراءة في مجال تحليل المباريات

مارك لورنسون أحد أقطاب التحليل الرياضي مع فريقه الاعلامي داخل الاستديو (غيتي)
مارك لورنسون أحد أقطاب التحليل الرياضي مع فريقه الاعلامي داخل الاستديو (غيتي)

قرر مارك لورنسون اعتزال العمل كمحلل للمباريات مع نهاية الموسم الجاري في هدوء شديد. وإذا كان لاعب ليفربول ديفوك أوريغي قد أقيم له حفل شرفي بعد إعلانه الرحيل عن ملعب «آنفيلد» في نهاية الموسم، وإذا كان الحكم مايك دين قد أُقيم له حفل وداع في أتلتيك وأُعدّ له خطاب مطول من 1500 كلمة، فإن ما حدث مع لورنسون يتناقض مع ذلك تماماً، حيث رحل الرجل في صمت ومن دون أي احتفال بما قدمه على مدار سنوات طويلة. في الحقيقة، يبدو الأمر غريباً بعض الشيء، حتى عندما نأخذ في الاعتبار حقيقة أن لورنسون لم يكن يظهر كثيراً على الشاشة منذ بعض الوقت. صحيح أنه كان لا يزال يعمل في العمل الإذاعي، وكان يظهر على الشاشة بشكل شبه منتظم في برنامج «فوتبول فوكس»، وكان يكتب عموده الأسبوعي لموقع «بي بي سي سبورت»، لكن نشاطه كان قد بدأ في التراجع بشكل مثير للفضول، بالنظر إلى أن –إذا فكرت في الأمر للحظة- معظم مشجعي كرة القدم في هذا البلد قد أمضوا مئات، إن لم يكن آلاف، الساعات في مشاهدة لورنسون على الشاشة على مر السنين.
لقد كان ذلك شيئاً رائعاً لفترة طويلة، حيث كنّا نستمع إلى هذه التجارب التي تشكّل الحياة بالنسبة لنا، وكانت تترك بصمات وذكريات لا تُمحى فيما يتعلق بانتصاراتنا وانتكاساتنا، ومتابعة مباريات كأس العالم وكأس الاتحاد الإنجليزي في ليالي السبت من كل أسبوع ونحن على الأريكة. لقد كانت موهبة لورنسون –والتي كانت موهبة حقيقية– تتمثل في التسلل بشكل خفي إلى غرف المعيشة لدينا من خلال كلماته البسيطة وتحليلاته القيمة للمباريات. لم تكن بحاجة للاستماع إلى ما كان يقوله لورنسون، الذي لم يكن يتحدث كثيراً على أي حال. ولولا تحركاته المفاجئة في بعض الأحيان وارتجاف شاربه، كان من الممكن أن تنسى أحياناً أنه كان يتحدث من الأساس! إنه لم يكن يُعنف أو «يدمر» أو يسخر من أي شخص. في الواقع، خلال 25 عاماً من مشاهدة لورنسون والاستماع إليه، لا يمكنني أن أتذكر رأياً واحداً مميزاً أعرب عنه، بخلاف انتقاده العرضي لادّعاء اللاعبين السقوط من أجل خداع الحكام.
وبالتالي، فإن اعتزال لورنسون هو في الحقيقة أكثر من مجرد خبر يمر مرور الكرام، نظراً لأن ذلك يمثل نهاية حقبة كاملة من تحليل المباريات، وحقبة كاملة من الرجال الذي يتحدثون عن كرة القدم على شاشات التلفزيون على أنها رياضة ترفيهية خفيفة وليست شيئاً ثقيلاً. وإذا كان لورنسون قد بدأ بالفعل يشعر وكأنه شخص جاء في غير زمانه المناسب، قبل فترة طويلة من اعتزاله العمل في تحليل المباريات للمرة الأخيرة، فإن السبب في ذلك يعود إلى أن التحول الكبير الذي طرأ على طريقة تحليل المباريات على الشاشة خلال العقد الماضي كان في جزء كبير منه رد فعل على النقاد من أمثاله.
لذلك، لدينا في هذا الأيام كريس ساتون النشيط والمفعم بالحيوية، الذي يبدو كأنه قد تم إرساله إلى استوديو البث بهدف صريح وهو محاولة تعريض نفسه للكمات لأسباب تتعلق بالتأمين! ولدينا أيضاً غاري نيفيل وجيمي كاراغر، اللذان يتعاملان مع تحليل المباريات على أنه ساحة للتعبير عن المشاعر التنافسية والآراء القوية التي يتم الإعلان عنها بشكل كامل. فيمكننا أن نرى نيفيل وهو يُعرب عن حزنه الشديد على الشيء الذي رأيناه للتوّ، كما يقول كاراغر إنه أكثر حزناً ومصدوم وغاضب. ويكرر غرايم سونيس ما قالاه للتوّ، لكن بلهجة اسكوتلندية، في الوقت الذي يضحك فيه ميكا ريتشاردز بشكل لا يمكن السيطرة عليه. وبعد ذلك، سينجح هذا التحليل لاحقاً في جذب أكثر من مليون مشاهدة على موقع «يوتيوب»! يعد هذا، من خلال الكثير من المقاييس، تحليلاً أفضل وأكثر إمتاعاً وأكثر إثارة وجاذبية، وبالتأكيد أكثر دقة وتحليلاً. لكن ما تغير هنا أيضاً هو الإحساس بالأداء: الابتسامة العريضة، والأداء المسرحي، ومعرفة الجميع بأن هذا كله من أجل العرض التلفزيوني فقط، وأن هؤلاء المحللين الذين يبدون غاضبين للغاية سيتحولون سريعاً بعد نهاية الفقرة إلى ارتداء ملابس مريحة والذهاب لتناول الكاري!
وتعمل برامج التحليل الحديثة على جذب المشاهد بشتى الطرق، فتطلب منه أن يستمر في مشاهدة القناة، وتخبره بأن روي كين سوف يقدم تحليلاً شيقاً وممتعاً بعد دقيقة من الآن، وأن ميكا ريتشاردز سوف يضحك كثيراً! من نواحٍ كثيرة، يشترك العصر الحالي لتحليل المباريات في الكثير من القواسم المشتركة مع الأيام الأولى للتلفزيون الملون في السبعينات من القرن الماضي، عندما كان النقاد يتجادلون علناً ويستخف بعضهم ببعض من أجل الرياضة! أما النقاش الرياضي المفضل لديّ فيأتي من كأس العالم لعام 1974 حيث بدأ جاك تشارلتون وديريك دوجان من قناة «آي تي في» مشاجرة لفظية حول قانون كرة القدم المتعلق بالعرقلة، وهي المشاجرة التي لم تنتهِ إلا عندما طُلب من المشاهدين إرسال بطاقات بريدية يقولون فيها أيٌّ من تشارلتون ودوجان على حق؟!
وأعرب دوغان عن إحباطه بعد فوز تشارلتون في استطلاع الرأي بنسبة 78 في المائة مقابل 22 في المائة، وقال: «حسناً، كثيراً ما كان الناس مخطئين من قبل. لقد أخطأوا في التصويت لحكومة حزب المحافظين بدلاً من حكومة اشتراكية في عام 1970».
وإذا نظرنا إلى الماضي، فإن نقاد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين –مثل لورنسون، وآلان هانسن، وآندي تاونسند- هم الذين يشعرون الآن كأنهم حالة شاذة فيما يتعلق بتحليل المباريات. وقبل كل شيء، يبدو الأمر كأنه قد مرّ وقت طويل على ذلك العصر الذي كان يبيع فيه المنتج نفسه، وعندما كانت كرة القدم تنمو وتتطور، وكان مانشستر يونايتد يفوز بكل شيء، وكانت الوظائف تدوم مدى الحياة، وعندما لم تكن بحاجة إلى إبداء رأيك بشأن بعض القضايا المثيرة للجدل مثل اللوائح الصحية الحكومية، أو أي شيء على الإطلاق. من نواحٍ كثيرة، كان لورنسون هو آخر هؤلاء المحللين. لقد رحل الآن، لكن لا يسعك إلا أن تشعر أنه قد أخذ معه بعض البراءة!


مقالات ذات صلة

رياضة عالمية أموريم  يحتفل بأخر فوز له مع سبورتنغ  في الدوري البرتغالي قبل رحيله (أ.ب)

هل يغيّر أموريم طريقة لعبه المفضلة في مانشستر يونايتد؟

أكبر تحدٍّ سيواجهه أموريم هو إعادة يونايتد للعب بالطريقة الهجومية الممتعة نفسها التي كان يقدمها في الأيام الخوالي.

رياضة عالمية روبن دياز في الهواء خلال مواجهة السيتي وساوثهامبتون (أ.ب)

دياز لمنتقدي مانشستر سيتي: واصلوا الشك في قدراتنا

زادت الشكوك حول قدرة مانشستر سيتي على الدفاع عن لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بعد تراجعه بفارق 5 نقاط عن ليفربول المتصدر.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية فان نيستلروي (إ.ب.أ)

مانشستر يونايتد: رحيل فان نيستلروي وطاقمه بعد التعاقد مع أموريم

أعلن نادي مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز رحيل رود فان نيستلروي وطاقمه التدريبي بعد توليه مسؤولية الفريق بصفته مدرباً مؤقتاً بعد إقالة إريك

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية ديفيد كوت (أ.ف.ب)

إيقاف الحكم كوت لتلفظه بعبارات مهينة تجاه كلوب

أوقفت هيئة التحكيم في الدوري الإنجليزي الحكم ديفيد كوت بعد قيامه بنشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يدلي فيه بتصريحات مهينة عن المدرب يورغن كلوب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.