«استدراج عروض» لمتمولين سوريين للحصول على الجنسية اللبنانية

بهدف الالتفاف على العقوبات المفروضة عليهم لقربهم من نظام دمشق

«استدراج عروض» لمتمولين سوريين للحصول على الجنسية اللبنانية
TT

«استدراج عروض» لمتمولين سوريين للحصول على الجنسية اللبنانية

«استدراج عروض» لمتمولين سوريين للحصول على الجنسية اللبنانية

قبل خمسة أشهر من انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون، بدأت معلومات تتسرب بقوة عن مرسوم تجنيس جديد قيد التحضير، تُمنح بموجبه الجنسية اللبنانية لمئات الأشخاص. وتردد أن المستفيدين المحتملين من هذا المرسوم هم رجال أعمال سوريون وعراقيون وغيرهم. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن «هناك استدراج عروض لمتمولين سوريين يهمهم الحصول على جواز السفر اللبناني مقابل أموال طائلة تدفع لقاء هذا الامتياز». وأكدت المصادر أن «مكاتب متخصصة بتخليص المعاملات، تنكب الآن على إنجاز المستندات المطلوبة لمرسوم التجنيس». وأشارت إلى أن هذه المعاملات «تشمل متمولين عراقيين موجودين في لبنان ورجال أعمال سوريين مقيمين في الخارج، كلفوا هذه المكاتب بالاستحصال على الأوراق والوثائق المطلوبة لهذا الغرض». وقالت إن «عشرات المتمولين السوريين يهمهم الحصول على جواز السفر اللبناني، الذي يمنحهم حرية التحرك في ظل العقوبات الدولية، تحديداً الأميركية التي تطال النظام السوري والمقربين منه»، ولفتت إلى أن «الجنسية اللبنانية تحرر هؤلاء إلى حد كبير في عملية التحويلات المالية في الخارج».
ولا تمر ولاية رئيس للجمهورية في لبنان إلا ويختمها بمرسوم تجنيس مماثل، يمنح بموجبه الجنسية لأشخاص وفق الاعتبارات التي يراها مناسبة، كما أن الرئيس عون استهل عهده بمرسوم مماثل شمل حوالي 200 شخص، أغلبهم من السوريين المقربين من نظام بشار الأسد، وتبين أن بعضهم مدرج على لائحة العقوبات الأميركية.
وفي موازاة التأكيد على جدية هذا الموضوع وتسريع وتيرة إنجازه، أوضحت مصادر مطلعة على أجواء قصر بعبدا، أن مرسوم التجنيس «ليس أولوية لدى الرئيس ميشال عون وفريقه، لأن اهتماماته تنصب حالياً على الاستحقاقات المهمة، وعملية الإنقاذ المالي الاقتصادي والإصلاحات التي توقف الانهيار». لكن المصادر اعترفت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك طلبات تجنيس مقدمة من قبل مستحقين، بعضهم تغلب عليهم الحالات الإنسانية، كالأشخاص المتزوجين من لبنانيات، لكن المرسوم ليس على نار حامية». واستدرك المصدر مذكراً بأنه «من حق الرئيس عون الدستوري أن يمنح الجنسية لمن يستحقها». وقال «في السنة الأخيرة لكل عهد يصدر رئيس الجمهورية مرسوم تجنيس، وهذا حق دستوري». وأعطى أمثلة على أن الرئيس ميشال سليمان «منح الجنسية لـ7 آلاف شخص، والرئيس إلياس الهراوي قدمها لـ300 ألف شخص، وقبله الرئيس أمين الجميل وغيرهم من الرؤساء».
وعلى الرغم من أن وزارة الداخلية تشكل معبراً إلزامياً لأي مرسوم مماثل، إلا أنها لم تتبلغ أي إشعار بذلك، وأشار مصدر في الداخلية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الوزارة «لم تتلق معلومات بهذا الشأن حتى الآن، خصوصاً أن مديرية الأحوال الشخصية معنية بالتدقيق بهذا المرسوم وبالأسماء التي يتضمنها، كما أن توقيع وزير الداخلية على المرسوم إلزامي».
ويغلب على مراسيم التجنيس هذه طابع الاستنسابية، فهي تقدم كـ«جوائز» لنافذين ومتمولين بدل إعطائها لمستحقيها، كما أن هذه المراسيم تفتقد إلى الدراسة الدقيقة، وإذ نفى الخبير في السياسات العامة زياد الصائغ، امتلاكه أي معلومات عن وجود مرسوم تجنيس جديد، تمنى لو يذهب اهتمام الدولة باتجاه إنقاذ البلد من الانهيارات. وعبّر الصائغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن أسفه، لأن «موضوع التجنيس يطرح عبر الاستنسابية وليس وفق المعايير القانونية والدستورية»، معتبراً أن «فكرة المعيارية سقطت، وهذا سيؤدي إلى سقوط الهيكل والدستور، بحيث يصبح البلد خاضعاً للمزاجية ويجعل الاستباحة مسموحة، وهذا يلغي المساحة العامة الأخلاقية ولا يبني العقد الاجتماعي والخير العام». ودعا البرلمان الجديد إلى أن «يأخذ دوره ويطرح المعيارية في مسألة مراسيم التجنيس وغيرها، بما يعيد الاعتبار للقانون والدستور، بل ينتقل إلى قانون للجنسية».
ويلفت زياد الصائغ إلى أن «أشخاصاً حصلوا على الجنسية اللبنانية منذ أكثر من 20 عاماً وهم باتوا لبنانيين أصيلين، وكل يوم يُطعن بجنسيتهم، وهناك من يشكك بلبنانيتهم ويطالب بنزعها (في إشارة إلى الطعن الذي تقدم به النائب السابق في كتلة التيار العوني نعمة الله أبي نصر بمرسوم التجنيس الصادر في عام 1994، الذي طالب بإبطاله)، وهذا يعيدنا إلى مسألة المعيارية». وحذر الصائغ من وجود «خطر حقيقي على الهوية اللبنانية من الباب العريض انطلاقاً من مفهومها النبيل، وهناك من يسمح بضرب هذا المفهوم بمنهجية مدروسة، بما يتعارض مع مبادئها الأخلاقية والدستورية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

غارات إسرائيلية تقتل العشرات في غزة وسط مساعٍ أميركية لوقف إطلاق النار

جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)
جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية تقتل العشرات في غزة وسط مساعٍ أميركية لوقف إطلاق النار

جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)
جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)

​أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأربعاء، أن 51 فلسطينياً قتلوا خلال الـ24 ساعة الماضية، فيما ارتفعت حصيلة القتلى الإجمالية إلى 45936 قتيلاً منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، قبل ستة عشر شهراً. وقالت الوزارة، في بيان، إن الجيش الإسرائيلي «يرتكب 6 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 51 شهيداً خلال الـ24 ساعة الماضية»، مشيرة إلى أن «حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 45936 شهيداً و109274 إصابة»، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وذكر مسعفون أن إحدى الغارات الجوية قتلت 10 أشخاص على الأقل في منزل متعدد الطوابق في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، اليوم الأربعاء، فيما قتلت غارة أخرى خمسة أشخاص في حي الزيتون القريب.

وفي مدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، حيث لجأ مئات الآلاف من الفلسطينيين، أسفرت غارة جوية إسرائيلية عن مقتل ثلاثة أشخاص. وفي جباليا، حيث ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، قال المسعفون إن غارة جوية قتلت أربعة أشخاص.

كما ذكر مسعفون أن الغارات الجوية الإسرائيلية قتلت 24 فلسطينياً على الأقل في أنحاء قطاع غزة، أمس الثلاثاء، وأصابت غارتان جويتان خياماً في المواصي، إلى الغرب من مدينة خان يونس بجنوب القطاع، مما أسفر عن مقتل 18 شخصاً. وكان من بين القتلى عدد من النساء والأطفال.

رجل من أقارب ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني اليوم (رويترز)

إلى ذلك، كثفت الولايات المتحدة جهودها للتغلب على نقاط الخلاف بين إسرائيل وحركة «حماس» للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ينهي الحرب، وفي حين تواصل إسرائيل قصفها، تبذل الولايات المتحدة وقطر ومصر جهوداً حثيثة، هي الأشد كثافة منذ شهور، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وقال مصدر قريب من المحادثات إنها المحاولة الأكثر جدية للتوصل إلى اتفاق حتى الآن، وفق ما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

ودعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى دفع الجهود مرة أخيرة للتوصل إلى اتفاق قبل مغادرته منصبه، ويرى كثيرون في المنطقة أن تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) هو موعد نهائي غير رسمي لتلك المساعي.

وقال المصدر لـ«رويترز»: «الأمور أفضل من أي وقت مضى، لكن لا يوجد اتفاق حتى الآن». لكن مع قرب انتهاء ولاية بايدن، يتهم كل جانب الآخر بعرقلة الاتفاق من خلال التمسك بشروط نسفت كل الجهود السابقة لتحقيق هدنة لما يزيد على عام.

وأمس الثلاثاء، تمسكت «حماس» بمطلبها المتمثل في إنهاء إسرائيل الحرب، وسحب كل قواتها من غزة لإطلاق سراح الرهائن المتبقين. وتقول إسرائيل إنها لن تنهي الحرب حتى تقضي على «حماس» مع تحرير جميع الرهائن. ووصفت «حماس» ترمب بالتهور عندما توعد بأن «أبواب الجحيم ستنفتح على مصراعيها» ما لم يتم الإفراج عن الرهائن بحلول موعد تنصيبه، ورداً على ذلك قال أسامة حمدان، القيادي في «حماس»، خلال مؤتمر صحافي في الجزائر، أمس الثلاثاء: «أظن أن رئيس الولايات المتحدة يجب أن يصدر تصريحات مسؤولة وأكثر دبلوماسية».