أدى ظهور مرض «جدري القردة» أخيراً إلى تساؤل حول «كيفية الاحتراس منه»، ليفاجئنا الخبراء في إجابتهم على هذا السؤال بالقول بأن «من حصل على تطعيم الجدري، قبل أن توقف الدول استخدامه في حملات التطعيم الوطنية عام 1980 بعد استئصال الفيروس، سيكونون محميين بنسبة كبيرة من الإصابة بجدري القردة».
وعلى عكس لقاحات «كوفيد-19» التي تكون الأولوية في الحصول عليها لكبار السن باعتبارهم الأكثر عرضه للخطر، فإنهم قد يملكون مع الظهور الحالي لـ«جدري القردة» بعضاً من المناعة.
ويقول الدكتور لويجي فيروتشي، المدير العلمي للمعهد الوطني للشيخوخة، في تصريحات نشرها قبل يومين موقع صحيفة «نيويورك تايمز»، إن «أولئك الذين تم تطعيمهم قبل عدة عقود من الزمن بلقاح الجدري، يحافظون على مستوى عالٍ جداً جداً من الأجسام المضادة والقدرة على تحييد الفيروس». وأضاف أنه «حتى لو تم تطعيمهم قبل 50 عاماً، فيجب أن تظل هذه الحماية موجودة».
وتؤكد التحليلات المبدئية لأعمار المصابين في التفشي الحالي ما ذهب إليه فيروتشي؛ حيث إن أغلبهم من الشباب الذين لم تتح لهم فرصة الحصول على لقاح الجدري. وأوقفت أغلب دول العالم التحصين الروتيني ضد الجدري في 1980، بعد استئصال المرض، وأوقفته الولايات المتحدة في عام 1972، بينما واصل الجيش برنامج التطعيم حتى عام 1991 كإجراء احترازي ضد هجوم إرهابي بيولوجي.
لكن مع الظهور الحالي بدأت دول العالم تفتش في مخازنها بحثاً عن مخزون من اللقاح القديم، والذي يمكن أن يكون استخدامه في هذه المرحلة قاصراً على السكان المعرضين للخطر؛ حيث إن «الوضع الراهن لا يستوجب حملات تطعيم موسعة»، كما تقول شيرين النصيري، المسؤولة الطبية بوحدة التأهب لمخاطر العدوى والوقاية منها بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط في تصريحات لـ«الشرق الأوسط».
ورغم خروج المرض من قارة أفريقيا إلى 17 دولة حتى الآن، مسجلاً 157 حالة إصابة، حتى 25 مايو (أيار)، فإن النصيري تصف هذه الأعداد بأنها «ضئيلة». وتضيف أن «هذا المرض حتى الآن محدود الانتشار».
والفئات ذات الأولوية المرشحة للحصول على اللقاح، هم العاملون في مجال الرعاية الصحية والمخالطون المقربون للمصابين، كما توضح ماريا فان كيركوف، اختصاصية الأوبئة الرائدة في منظمة الصحة العالمية في مجال الأمراض الحيوانية المنشأ، في تقرير نشره قبل يومين موقع «دوان تو إيرث». وتضيف أن لقاح الجدري يمكن أن يمنع جدري القردة إذا تم إعطاؤه في غضون 4 أيام من التعرض للفيروس، ويحد من الأعراض إذا تم إعطاؤه في غضون أسبوعين.
وحث المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (ECDC)، مسؤولي الرعاية الصحية في 23 مايو على البدء في تقييم توفر لقاح الجدري، وصرحت الهيئة بأنه يمكن تخصيصه «للمخالطين الوثيقين المعرضين لخطر متزايد للإصابة بمرض شديد» بعد تقييم المخاطر. وبدأت المملكة المتحدة في تقديم لقاحات الجدري لمن يحتاجون إليها، حسبما نقل عن متحدث باسم وكالة الأمن الصحي البريطانية، لوكالة «رويترز» للأنباء: «ما زال عدد الأشخاص الذين عُرض عليهم اللقاح غير واضح». وتمتلك كندا أيضاً مخزوناً من لقاحات الجدري؛ لكن الرقم غير معروف. وصرحت كبيرة مسؤولي الصحة العامة في البلاد، تيريزا تام، في 20 مايو، بأنهم بصدد تحديد الفئات المعرضة للخطر، لمنحها لقاح الجدري.
ويقول تقرير موقع «دوان تو إيرث»، إن الولايات المتحدة لديها 100 مليون جرعة من لقاحين وافقت عليهما هيئة الغذاء والدواء، كجزء من المخزون الوطني الاستراتيجي.
وتشمل هذه اللقاحات «إيه سي إيه إم 2000»، المخصص للجدري، والذي طورته شركة «سانوفي باستور»، و«جينوس» المخصص للجدري وجدري القردة الذي طورته شركة «الشمال البافاري» الدنماركية. وتخطط الحكومة الإسبانية لشراء آلاف الجرعات من لقاح «جينوس» الذي يعطى فقط للمخالطين للحالات المؤكدة، وفق تقرير لصحيفة «إل باييس» الإسبانية.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» قبل يومين عن بول شابلن، الرئيس التنفيذي لشركة «الشمال البافارية»، قوله إن «عدة دول استفسرت عن لقاح (جينوس)، ويمكن تلبية الطلب الفوري من الحكومات في جميع أنحاء العالم من خلال المخزونات الموجودة». وأضاف شابلن للصحيفة أن «تلك الجرعات كانت فائضاً من عمليات الإنتاج السابقة، ولم يحدد عدد الجرعات المتاحة بالفعل».
ويمثل الحصول على جرعات من هذا اللقاح الجديد أولوية لمنظمة الصحة العالمية، لتوفيره للدول للاستخدام مع الفئات المعرضة للخطر؛ لكن «هناك حاجة لمزيد من الجهود وإتاحة الموارد المالية الكافية»، بحسب النصيري.
«جدري القردة» يُعيد الاهتمام بلقاح هجره العالم
بعض كبار السن حصلوا عليه قبل عقود
«جدري القردة» يُعيد الاهتمام بلقاح هجره العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة