«داعشية فلادلفيا» أمام المحكمة الأسبوع المقبل

سمت نفسها «بنت الخلافة»

كيونا توماس الأميركية السوداء المسلمة التي اتهمت في الشهر الماضي بالتخطيط للسفر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش في جلسة سابقة أمام المحكمة («الشرق الأوسط»)
كيونا توماس الأميركية السوداء المسلمة التي اتهمت في الشهر الماضي بالتخطيط للسفر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش في جلسة سابقة أمام المحكمة («الشرق الأوسط»)
TT

«داعشية فلادلفيا» أمام المحكمة الأسبوع المقبل

كيونا توماس الأميركية السوداء المسلمة التي اتهمت في الشهر الماضي بالتخطيط للسفر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش في جلسة سابقة أمام المحكمة («الشرق الأوسط»)
كيونا توماس الأميركية السوداء المسلمة التي اتهمت في الشهر الماضي بالتخطيط للسفر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش في جلسة سابقة أمام المحكمة («الشرق الأوسط»)

تبدأ في الأسبوع القادم في فلادلفيا (ولاية بنسلفانيا) محاكمة كيونا توماس، الأميركية السوداء المسلمة، التي اتهمت، في الشهر الماضي، بالتخطيط للسفر إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش ويتوقع، إذا أدينت، أن تحاكم بالسجن لفترة تصل إلى خمسة عشر عاما.
قبل شهرين، اعتقلت شرطة مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) توماس في منزلها في فلادلفيا بعد أن تابعتها لعام تقريبا بسبب نشاطاتها المتطرفة، وتبادلها رسائل مع أعضاء في منظمة «داعش».
وحسب صحيفة «فلادلفيا إنكوايارار»، قدمت شرطة «إف بي آي» وثائق أمام المحكمة بأن توماس كتبت، في حسابها في موقع «تويتر»، أنها تحلم بأن تموت «شهيدة» لمنظمة «داعش». وجمعت تبرعات في الإنترنت لمساعدة المنظمة، واشترت تذكرة للسفر إلى تركيا، ومن هناك إلى سوريا.
يبلغ عمر توماس 30 عاما، ومنذ أن اعتنقت الإسلام قبل خمس سنوات، ظلت ترتدي حجابا. ويوم إدانتها داخل المحكمة، كانت تلبس حجابا أسود كاملا، من الرأس إلى القدمين، وهو نفس الحجاب الذي كانت اعتقلت به.
حسب وثائق «إف بي آي»، كانت توماس تسمي نفسها في موقع «تويتر» أسماء على خلفية تنظيمية، مثل: «بنت الخلافة».
وفي سلسلة تغريدات، تراسلت مع عضو قيادي في «داعش» في سوريا. وعندما سألها إذا تقبل السفر إلى سوريا، والاشتراك في عملية انتحارية، أجابت: «سيكون هذا شيئا مدهشًا.. لا تحلم بنت بغير مثل هذا».
وكانت شرطة «إف بي آي» اعتقلت توماس بعد أن تابعت تغريداتها، وتصرفاتها، في منزلها، في منطقة فقيرة في شمال فلادلفيا.
وكانت توماس اشترت تذكرة طائرة للسفر إلى خارج الولايات المتحدة. وقدمت الشرطة صورة التذكرة إلى القاضي، وفيها أنها كانت تريد السفر، يوم 29 مارس (آذار) الماضي، من فلادلفيا إلى برشلونة. واشترت، أيضا، تأشيرة دخول إلكترونية لتركيا. وبحثت في الإنترنت عن خطوط حافلات من برشلونة إلى إسطنبول، نقطة العبور التي يفضلها كثير من الذين يريدون الانضمام إلى «داعش».
أمام المحكمة، قالت جانيفار إربيتير، المدعية الفيدرالية: «إذا لم تفتش الحكومة منزل المتهمة، بعد إذن من قاضٍ، كانت المتهمة الآن في سوريا. أو في طريقها إلى سوريا».
حسب ما نقلت قناة تلفزيونية محلية في فلادلفيا، يعيش في منزل توماس ولداها الصغيران مع جدتهما. وعند باب المنزل علم أميركي يرفرف مع الهواء. وعندما دقت الصحافية التلفزيونية الباب، خرجت امرأة وصرخت فيها محذرة: «اذهبي من هنا. وإلا، سأنادي الشرطة».
وحسب صحيفة «فلادلفيا إنكوايارار»، صارت توماس أول «داعشية أميركية». لكنها ليست أول إرهابية أميركية. وذلك لأنه توجد أشهر إرهابية أميركية في سجن في ولاية يوتا، وهي «جين الجهادية»، التي تقضى عشر سنوات في السجن بتهمة الاشتراك في مخططات إرهابية.
اسمها الحقيقي هو «كولين لا روس»، وبعد أن اعتنقت الإسلام، غيرت اسمها إلى «فاطمة لاروس». لكن، تظل وسائل الإعلام، ومواقع الإعلام الاجتماعي، تسميها «جين الجهادية».
في الشهر الماضي، أدانت محكمة في نيويورك امرأتين أميركيتين بتهمة التخطيط لتصنيع قنبلة ووضعها في سباق رياضي هناك.
وفي الشهر الماضي، أيضا، أصدرت وزارة العدل الأميركية تقريرا عن الحرب ضد «الإرهاب الداخلي»، جاء فيه أنه، خلال العامين الماضيين، وجهت اتهامات بالإرهاب إلى ثلاثين مواطنا ومواطنة أميركية. منهم ثمانية عشرة مواطنا لمحاولة الانضمام إلى منظمة «داعش». وبهذا، صارت توماس أول مواطنة أميركية تتهم بمحاولة الانضمام إلى «داعش».
في ذلك الوقت، قال جيه جونسون، وزير الأمن الداخلي: «يمثل كثير من هؤلاء حالة «لونلي وولف» (الذئب المنعزل، أي تصرفات فردية تلقائية). وتخدعهم الدعايات الإرهابية في الإنترنت، وخصوصا الإعلام الاجتماعي».
في محاكمة توماس في فلادلفيا، قدمت الشرطة فيديوهات تبرهن على دور الإعلام الاجتماعي في تجنيدها، وغيرها من الإرهابيين والإرهابيات في الولايات المتحدة. من بين هذه الفيديوهات: فيديو شاب متطرف يحمل بندقية، ويقول: «اسألوا أنفسكم. أحمل أنا هذا السلاح في سبيل داعش. ماذا تفعلون أنتم؟»
وفيديو فيه جثث، وجماجم، وحرائق، وتفجيرات. وعلقت عليه توماس: «أريد إجازة أبدية، أريد شيئا واحدا (الاستشهاد)».
ومراسلات مع مجاهدين في الخارج، من بينهم: عضو في «داعش» في سوريا، وشيخ كبير في السن ومتطرف في جامايكا، في البحر الكاريبي».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.