إقرار روسي بخوض «حرب شاملة وطويلة» وتنديد بـ«العدوان الغربي»

تقدم للانفصاليين في لوغانسك ودونيتسك والكرملين يتهم كييف بتجميد المفاوضات

باخموت في دونتسك كما بدت أمس بعد تلقيها ضربات روسية متتالية (رويترز)
باخموت في دونتسك كما بدت أمس بعد تلقيها ضربات روسية متتالية (رويترز)
TT

إقرار روسي بخوض «حرب شاملة وطويلة» وتنديد بـ«العدوان الغربي»

باخموت في دونتسك كما بدت أمس بعد تلقيها ضربات روسية متتالية (رويترز)
باخموت في دونتسك كما بدت أمس بعد تلقيها ضربات روسية متتالية (رويترز)

وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الضغوط الغربية على بلاده بأنها «عدوان»، قال إن «الغرب الجماعي الذي يكرهنا» يشنه على روسيا، في وقت أقر فيه وزير الخارجية سيرغي لافروف بأن بلاده تخوض «حرباً طويلة وشاملة». وقال بوتين خلال مشاركته في أعمال المجلس الاقتصادي الأوراسي، إن «عدداً من الدول غير الصديقة شنت عدواناً علينا».
وزاد أن «مزايا دورة الاندماج التي تسير فيها بلدان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تتضح بشكل خاص الآن، في ظل الوضع الدولي الصعب الحالي، وفي مواجهة العدوان العملي من جانب عدد من الدول غير الصديقة لنا». وأبدى ارتياحاً بأنه «على الرغم من الوضع الدولي الصعب والمواجهة التي أطلقها ما يسمى الغرب الجماعي، وبالرغم من حقيقة أن من يكرهوننا يحاولون وضع كل أنواع العقبات أمام اندماجنا، فإنه من الواضح لنا جميعاً أن هناك اهتماماً متزايداً بالاتحاد الاقتصادي الأوراسي من قبل كثير من الشركاء الأجانب».
في الوقت ذاته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن بلاده تواجه ما وصفها بـ«حرب شاملة»، متوقعاً أن تستمر «وقتاً طويلاً». وقال خلال اجتماع مع مسؤولي مناطق روسية، إن «الغرب أعلن حرباً شاملة علينا، ضد العالم الروسي بأسره». ويعد هذا أول إقرار من جانب وزير الخارجية الروسي بأن الحرب الجارية قد تمتد لفترات طويلة، وكان نائب رئيس مجلس الأمن القومي ديمتري مدفيديف قد لمح قبل ذلك إلى احتمال إطالة أمد الحرب، في حين واصلت وسائل الإعلام الرسمية الحديث عن «عملية خاصة على الأراضي الأوكرانية». ورأى لافروف أنه «يمكن القول بثقة إن هذا الوضع سيلازمنا لوقت طويل». وأضاف: «الولايات المتحدة وأتباعها يضاعفون جهودهم لاحتواء روسيا باستخدام مجموعة واسعة جداً من الأدوات، بدءاً بالعقوبات الاقتصادية الأحادية وصولاً إلى دعاية كاذبة إلى حد بعيد على مستوى الإعلام العالمي»، وندد بـ«عداء غير مسبوق لروسيا». وأشار إلى أن «ثقافة إلغاء روسيا وكل ما يمت بصلة إلى بلدنا بلغت حدّاً عبثياً»، مندداً بحظر كتّاب وموسيقيين وفنانين روس كبار في الغرب مثل تشايكوفسكي ودوستويفسكي وتولستوي وبوشكين. في غضون ذلك، أعلن المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا «مجمدة حالياً بقرار من كييف، ووفقاً للنهج الذي اختاره الجانب الأوكراني». وزاد أن «القيادة الأوكرانية، بشكل عام، تدلي باستمرار بتصريحات يتناقض بعضها مع بعض، وهو ما لا يسمح لنا بفهم كامل لما يريده الجانب الأوكراني بوضوح، وما إذا كان مستعداً لاتخاذ نهج رصين وإدراك الوضع الحقيقي للأمور على الأرض أم لا». وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعربت عن «شكوك» بشأن رغبة كييف في إيجاد حل سلمي للوضع الراهن في أوكرانيا، وأشار نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، في وقت سابق، إلى أن تصريح الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، بأن المفاوضات مع روسيا لا يمكن أن تستأنف إلا بشرط انسحاب القوات الروسية من أوكرانيا، هو تصريح يستحيل وصفه بـ«البناء». في الأثناء، كشفت وزارة الدفاع الروسية عن امتلاك روسيا «معلومات حول تنفيذ 10 مشاريع في أوكرانيا تضمنت العمل مع مسببات الأمراض ذات العدوى الخطيرة بشكل خاص وذات التأثير الاقتصادي».
وأشار إيغور كيريلوف، رئيس قوات الحماية من الإشعاع والكيماويات والبيولوجيا التابعة للقوات المسلحة الروسية، إلى إصدار البنتاغون أمراً بالعمل على رسم خرائط لمسببات الأمراض الخطيرة بشكل خاص على أراضي أوكرانيا، مع النقل الإلزامي لعينات السلالة إلى الولايات المتحدة. وقال المسؤول العسكري إن مكتب وزير الدفاع الأميركي أصدر مذكرة بشأن مشروع يحمل تسمية «يو بي2» لرسم خرائط لمسببات الأمراض الخطيرة بشكل خاص في أوكرانيا. ووفقاً للوثيقة، فإن المهمة الرئيسية لهذا المشروع هي جمع معلومات عن التركيب الجزيئي لمسببات الأمراض المنتشرة في أوكرانيا ونقل عينات السلالة. وأشار أيضاً إلى أن لدى روسيا إجمالاً معلومات حول تنفيذ عشرة مشاريع من هذا الطراز، تضمنت العمل مع مسببات الأمراض ذات العدوى الخطيرة والمؤثرة اقتصادياً بشكل خاص - حمى القرم الكونغو، وداء البريميات، والتهاب الدماغ الذي ينقله القراد، وحمى الخنازير الأفريقية. كما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن المعامل البيولوجية الأوكرانية كانت مرتبطة بشبكة يديرها البنتاغون للسيطرة العالمية على انتشار الأمراض المعدية، وقال كيريلوف: «أكد خبراء وزارة الدفاع الروسية حقيقة أن المختبرات البيولوجية الأوكرانية مرتبطة بنظام السيطرة العالمية على انتشار الأمراض المعدية». وأوضح أن إدارة الشبكة تتم من معهد والتر ريد لأبحاث الجيش في ماريلاند، مشيراً إلى أنه تم تشكيل الشبكة من قبل البنتاغون منذ عام 1997. وأضاف كيريلوف أنها تضم مختبرات للقوات البرية والبحرية، بالإضافة إلى قواعد عسكرية منتشرة في مناطق مختلفة من العالم.
ميدانياً، بدا أمس، أن قوات الانفصاليين في لوغانسك ودونيتسك حققت تقدماً ملموساً على عدد من المحاور، وأفاد مقر الدفاع الإقليمي في دونيتسك بأن قوات «الجمهورية»، بدعم من الجيش الروسي، فرضت سيطرة كاملة على مدينة كراسني ليمان. وجاء في بيان أنه «قامت مجموعة من القوات المسلحة لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين حتى تاريخ 27 مايو (أيار) الحالي، بدعم ناري من القوات المسلحة الروسية، بتحرير وفرض سيطرتها الكاملة على 220 بلدة، بما في ذلك مدينة كراسني ليمان» الواقعة شمال جمهورية دونيتسك.
وكان زعيم الانفصاليين في دونيتسك دينيس بوشيلين، قد أعلن قبل أيام، بدء التقدم لاقتحام مدينة كراسني ليمان، وأوضح في بيان، أنه «تعد 28 بلدة إجمالياً في شمال جمهورية دونيتسك محررة حتى اليوم. والآن تجري المرحلة النشطة لتحرير مدينة كراسني ليمان. ودخلت الوحدات الروسية بالتعاون مع قوات الشرطة الشعبية (لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك) المدينة نفسها. ويقع نحو نصف المدينة تحت سيطرة وحداتنا».
بالتزامن، أعلن أندريه ماروتشكو، ممثل وزارة الدفاع في لوغانسك أن قوات الميليشيا الشعبية في الإقليم نجحت في قطع الطريق أمام القوات الحكومية الاوكرانية ومحاصرة ما تبقى من هذه القوات في سيفيرودونتسك. وزاد أنه «في الوقت الحالي، في مدينة سيفيرودونيتسك تم قطع مسارات انسحاب القوات الأوكرانية، نظراً لوجود ثلاثة جسور كان يمكنهم الفرار من فوقها. تم تدمير أحد الجسور، ولن يصمد الثاني مطلقاً، ولن تنجح أي معدات في عبوره، وقواتنا تسيطر على جسر بروليتاري كذلك، وكل من يحاول مغادرة المنطقة سيتم تدميره».
وعلى الرغم من أن الجانب الأوكراني لم يقر بهذه التطورات في لوغانسك، لكن إذا صحت معطيات الانفصاليين فإنهم سيكونون قد فرضوا سيطرة كاملة مع هذا التطور على كل الحدود الإدارية لإقليم لوغانسك وفقاً للتقسيم الإداري الأوكراني قبل اندلاع المواجهات في عام 2014.


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».