لماذا لا تُشكّل أميركا اللاتينية الحلّ للنقص العالمي في القمح؟

روسيا تعلن تصدير خمسين مليون طن من الحبوب في الموسم المقبل

لماذا لا تُشكّل أميركا اللاتينية الحلّ للنقص العالمي في القمح؟
TT

لماذا لا تُشكّل أميركا اللاتينية الحلّ للنقص العالمي في القمح؟

لماذا لا تُشكّل أميركا اللاتينية الحلّ للنقص العالمي في القمح؟

روسيا وأوكرانيا هما قوتان زراعيتان ويغذي إنتاجهما من القمح والذرة ودوار الشمس السوق العالمية. وأدى النزاع والعقوبات التي فرضت على روسيا إلى تقويض توازن الغذاء العالمي ما أثار مخاوف من حدوث أزمة خطيرة ستؤثر بشكل خاص على البلدان الأكثر فقراً. وتعطل تصدير إنتاج أوكرانيا من الحبوب خصوصاً الذرة والقمح بسبب القتال.
ويُنظر غالباً إلى البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأوروغواي على أنها «مخزن العالم» وأنها قادرة على الاستجابة للنقص العالمي في القمح بسبب الحرب في أوكرانيا، غير أن المناخ والتكاليف ونسبة الاستهلاك المحلي تحول كلها دون أن توفر هذه الدول نافذة للحل. وأدت العقوبات الدولية على روسيا التي تُعد رابع مُنتج عالمي للقمح، وتراجع الإنتاج بنسبة 30 في المائة في أوكرانيا التي تحتل المرتبة السابعة في تصنيف مصدري القمح العالميين، بالإضافة إلى تعليق الصادرات الهندية، إلى ارتفاع أسعار القمح. وتتنافس روسيا مع الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا لتزويد الشرق الأوسط وأفريقيا بالقمح. لكن لن تسهم الدول الأربع في أميركا اللاتينية، وهي أكبر منطقة لإنتاج القمح في العالم، في حل الأزمة العالمية.
ولدى العملاق الزراعي البرازيلي، من المتوقع أن تزداد المساحة المزروعة بالقمح بين 3 في المائة و11 في المائة هذا العام، بحسب مؤسسة «أمبرابا تريغو» للبحوث الزراعية البرازيلية. ويعزز الارتفاع القياسي لأسعار القمح وارتفاع الطلب و«توقع أحوال جوية ملائمة، تقديرات توسع المساحات المزروعة» التي قد تزيد من 2.7 مليون هكتار في 2021 إلى أكثر من ثلاثة ملايين هكتار بقليل في 2022، بحسب المصدر نفسه. لكن البرازيل التي يعيش فيها نحو 213 مليون نسمة ليست قادرة على تلبية الطلب المحلي الذي يصل إلى 12.7 مليون طن سنوياً ويواصل ارتفاعه.
وتتراجع صادرات الحبوب الروسية حالياً بسبب العقوبات التي تضرب الشبكة اللوجيستية والقطاع المالي بينما يشل هجوم الجيش الروسي صادرت أوكرانيا. روسيا لم تعد تستطيع بيع إنتاجها الزراعي وأسمدتها بسبب العقوبات الغربية. وأعلنت روسيا الجمعة أنها تعمل بهدف تصدير خمسين مليون طن من الحبوب في الموسم المقبل، في زيادة كبيرة عن الموسم الحالي على خلفية خطر حدوث أزمة غذائية بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا. وقال وزير الزراعة الروسي دميتري باتروشيف في مؤتمر أمس الجمعة إن روسيا قد تبدأ في بناء المزيد من السفن لتصدير الحبوب. وقال باتروشيف في منتدى للمصدرين في هذا القطاع: «في هذا الموسم (2021 - 2022) قمنا بتصدير 35 مليون طن من الحبوب بما في ذلك 28.5 مليون طن من القمح وبحلول نهاية العام الزراعي (30 يونيو (حزيران)) هدفنا أن نكون قد صدرنا 37 مليون طن من الحبوب». وأضاف، كما نقلت عنه رويترز أن «في الموسم المقبل (يبدأ في 01 يوليو (تموز) 2022) نقدر إمكاناتنا التصديرية بنحو 50 مليون طن». وتقدر روسيا أن محصول 2022 سيبلغ 130 مليون طن مقابل 121.4 العام الماضي. وينتج البلدان ثلث القمح في العالم. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه مستعد للمساعدة في «تجاوز أزمة الغذاء» شرط رفع العقوبات عن موسكو ما أدى إلى اتهامه بالابتزاز. وقال البيت الأبيض إنه لا تجري أي محادثات بشأن تخفيف العقوبات على روسيا من أجل ضمان استئناف صادرات القمح. واعترف مسؤول كبير في الكرملين الأسبوع الماضي بأن روسيا كانت تستعد لهذه الأزمة في وقت مبكر من أواخر 2021 حتى قبل اندلاع النزاع الأوكراني في فبراير (شباط) 2022 وهو أمر نفته موسكو في ذلك الوقت.

وتدفع تكاليف الخدمات اللوجيستية والنقل الداخلي المزارعين البرازيليين، خصوصاً في جنوب البلاد، إلى تصدير محاصيلهم، ما يؤدي إلى زيادة الواردات للاستجابة للطلب المحلي. وهذا يجعل البرازيل ثامن أكبر مستورد للقمح في العالم وهي تستورد 87 في المائة من احتياجاتها من الأرجنتين. لكن لا يمكن الاعتماد بشكل كامل على الأرجنتين التي يعيش فيها 45 مليون شخص، لأسباب تتعلق بالمناخ خصوصاً. ويقول المحلل في بورصة روزاريو الزراعية توماس رودريغيز زورو لوكالة الصحافة الفرنسية: «نتوقع تقلصاً بالمساحة المزروعة بنسبة 8 في المائة تقريباً. ويتوقع أن تُزرع 6.3 مليون هكتار مقابل 6.8 مليون في الموسم السابق». ويقول الخبير إن الانخفاض يعود إلى الجفاف الذي يضرب البلاد، ويقول: «إنه عامل مناخي مُقيد له تأثير على التراجع الذي لن تعوضه الأسعار» المرتفعة للقمح. ويضيف: «بشكل عام، نزرع القمح ونزرع بعده فول الصويا، لكن احتياطي المياه منخفض جداً، لذا لا يخاطر المزارعون بزراعة القمح في مواجهة احتمال انخفاض إضافي في احتياطي المياه لديهم لري البذور (الزيتية) في فصل الصيف». ويشير إلى أن المزارعين «يقولون إنهم سيخففون من استخدام الأسمدة» التي ارتفعت أسعارها كثيراً مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهذا بدوره «سيحد من الإنتاج».
ولا تتوقع دولتا باراغواي (7.5 مليون نسمة) وأوروغواي (3.5 مليون نسمة) اللتان لا تؤثران مثل البرازيل على الإنتاج العالمي، ارتفاعاً في الإنتاج. وتلفت وزارة الثروة الحيوانية والزراعة ومصايد الأسماك في أوروغواي إلى أن «القمح محصول مكلف، مكلف جداً». ويتوقع المزارعون حجم إنتاج «مماثلاً لحجم العام الماضي أو أعلى قليلاً» يسمح بتلبية حاجات الاستهلاك المحلي والحفاظ على الصادرات (مليون طن من القمح في عام 2021). ويتوقع هكتور كريستالدو، رئيس اتحاد المنتجين في باراغواي، استقرار الإنتاج. ويشير إلى أن باراغواي «هي البلد شبه الاستوائي الوحيد الذي يلبي طلبه الداخلي ويصدر القمح، لكن الكميات المنتجة لا تؤثر في الإنتاج العالمي». ويضيف: «نستهلك 700 ألف طن ونصدر 700 ألف طن أخرى»، 95 في المائة منها إلى البرازيل والباقي إلى تشيلي. في منتصف مايو (أيار) حين حظرت الهند تصدير القمح، وصل سعر الطن إلى 460 دولاراً وهو سعر قياسي في سوق يورونكست.


مقالات ذات صلة

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.