السودان: المكون العسكري يستعجل «حواراً مباشراً» مع القوى السياسية

تزامناً مع تجدد احتجاجات عنيفة في الخرطوم

جانب من مظاهرات نظمها سودانيون وسط الخرطوم الأسبوع الماضي (رويترز)
جانب من مظاهرات نظمها سودانيون وسط الخرطوم الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

السودان: المكون العسكري يستعجل «حواراً مباشراً» مع القوى السياسية

جانب من مظاهرات نظمها سودانيون وسط الخرطوم الأسبوع الماضي (رويترز)
جانب من مظاهرات نظمها سودانيون وسط الخرطوم الأسبوع الماضي (رويترز)

أقر الاجتماع المشترك بين الآلية الأممية الأفريقية والقادة العسكريين في السودان، أمس، ضرورة الإسراع في الحوار المباشر مع الأطراف السودانية، والانتهاء منه في فترة زمنية محددة، للوصول إلى اتفاق يسمح بإدارة الفترة الانتقالية. وفي غضون ذلك تظاهر أمس آلاف السودانيين على مقربة من القصر الرئاسي بالخرطوم للتعبير عن رفضهم سيطرة الجيش على السلطة، والمطالبة بعودة مسار الانتقال المدني.
وقال مجلس السيادة الانتقالي في بيان، أمس، إن الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة (إيقاد)، ناقشت مع القادة العسكريين، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وشمس الدين كباشي، وإبراهيم جابر، الحوار بين الأطراف السودانية. فيما أكد عضو مجلس السيادة، إبراهيم جابر، في تصريح صحفي، الدعم الكامل للمجهودات التي تبذلها الآلية الثلاثية لإنجاح الحوار بين الأطراف السودانية، وتسهيل مهمتها. وقال إن الاجتماع مع وفد الآلية الثلاثية «يأتي ضمن عملية التشاور المستمرة بين الجانبين، وفي إطار تسهيل الحوار السوداني للتوصل إلى اتفاق لإدارة الفترة الانتقالية». مبرزا أن اللقاء تناول أيضا ضرورة الإسراع في بدء حوار مباشر، والانتهاء منه خلال فترة زمنية محددة.
من جانبه، أوضح مبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن ولد لبات، أن الآلية قدمت رؤية مفصلة لمقاربتها لعملية الحوار السياسي السوداني، وأنها جاهزة للإسراع بالعملية السياسية. مشيرا إلى أنها أجرت حواراً صريحاً وبناءً مع أعضاء مجلس السيادة من العسكريين، أكدت خلاله جاهزيتها لتسريع العملية السياسية.
وحث ولد لبات الجهات المسؤولة على اتخاذ إجراءات مشجعة لإجراء الحوار، وذلك بإطلاق سراح ما تبقى من المعتقلين السياسيين، وخاصة منسوبي لجان المقاومة، معبرا عن ارتياحهم في الآلية للردود التي تلقوها بالخصوص، ولما توصل إليه الاجتماع من نتائج.
وتجري الآلية الثلاثية حاليا حوارات غير مباشرة مع الأطراف السودانية، قصد التوصل إلى تقارب في وجهات النظر قبل الدخول في مفاوضات مباشرة لحل الأزمة السياسية في البلاد.
في غضون ذلك، وتزامنا مع اجتماع الآلية الأممية الأفريقية بالخرطوم أمس، تظاهر الآلاف على بعد مئات الأمتار من القصر الرئاسي للمطالبة بعودة الجيش للثكنات وتسليم السلطة للمدنيين. ونجحوا في اختراق الطوق الأمني، وسيطروا على تقاطع «شروني» مع شارع القصر، على الرغم من القمع العنيف الذي استخدمته قوات الأمن، التي انتشرت بكثافة، وسدت كل المداخل والطرقات المؤدية إلى وسط الخرطوم باستخدام السيارات العسكرية والأسلاك الشائكة.
وشهد وسط العاصمة اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، التي أطلقت الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى القصر الرئاسي. وأغلقت منذ الصباح جسر «المك نمر»، الرابط بين مدينتي بحري والخرطوم، بحاويات الشحن الضخمة، لكن على الرغم من ذلك استطاعت الجموع المحتشدة الوصول إلى جسر الحديد، إلا أن قوات الجيش نجحت في سد مدخل الجسر، ومنعتهم من العبور إلى الخرطوم.
وكانت لجان المقاومة (تنظيمات شعبية في المدن والأحياء) قد دعت أمس إلى تظاهرة مليونية، رفضا لاستيلاء الجيش على السلطة، وللمطالبة بعودة مسار الحكم المدني الديمقراطي الذي يقوده المدنيون. ورصدت «الشرق الأوسط» احتجاجات في ضاحية «بري» شرق العاصمة، والتي دأبت على الخروج في تظاهرات يوميا لإرهاق القوات النظامية، وتشتيت تركيزها من المناطق الأخرى، كما تجمع الآلاف في شارع الأربعين «بمدنية أم درمان، التي شهدت مطلع الأسبوع الحالي أحداث عنف واسعة، خلفت قتيلا وعشرات الإصابات بالرصاص الحي، وعبوات الغاز المسيل للدموع».
وهاجمت قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع التظاهرة منذ بدايتها بمنطقة باشدار جنوب الخرطوم قصد تفريقها وتشتيتها، قبل أن تتحرك صوب القصر الرئاسي وسط العاصمة، بيد أن المتظاهرين أعادوا ترتيب صفوفهم، وانطلقوا في عدة مسارات وشوارع أخرى ليصلوا عند بداية شارع القصر. وعند تقاطع شروني وشارع القصر، بالقرب من كلية الطب جامعة الخرطوم، تمركزت قوات الأمن وأطلقت الغاز المدمع بكثافة، كما استخدمت مضخات المياه لوقف تقدم المتظاهرين نحو بوابة القصر .
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية) في بيان على صفحتها الرسمية بـ«فيسبوك» إن قوات الأمن قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع أمام مستشفى «الجودة» جنوب الخرطوم، ما أدى لاختناق المرضى، بينهم حالات حرجة ويتعالجون من أمراض مزمنة. كما أصيب الطاقم الطبي والمرافقون باختناق.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

حكومة شرق ليبيا تحظر احتفالات «رأس السنة»

أحد ميادين مدينة بنغازي (صندوق التنمية والإعمار)
أحد ميادين مدينة بنغازي (صندوق التنمية والإعمار)
TT

حكومة شرق ليبيا تحظر احتفالات «رأس السنة»

أحد ميادين مدينة بنغازي (صندوق التنمية والإعمار)
أحد ميادين مدينة بنغازي (صندوق التنمية والإعمار)

حظرت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، بقيادة أسامة حمّاد، رسمياً، مظاهر الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية كافة، وأمرت «بعدم السماح ببيع السلع المرتبطة بالاحتفال، أو إدخالها إلى البلاد، من بينها شجرة الميلاد وتمثال بابا نويل والصلبان»، في قرار أثار ردود فعل غاضبة.

وقال جهاز البحث الجنائي، بشرق ليبيا، الأحد، إنه «تنفيذاً لتعليمات وزير الداخلية بالحكومة الليبية اللواء عصام أبوزريبة، يتم منع الاحتفال بما يسمي عيد رأس السنة»، وأوضح أنه بناء على ذلك كُلف رئيس جهاز البحث الجنائي اللواء حسن الجحاوي، إدارة فروع: الظواهر السلبية والتحري والاستدلال والدوريات والتمركزات الأمنية ومكافحة التزييف والتزوير والآداب العامة بعدم السماح بدخول وبيع جميع السلع المرتبطة بالاحتفال برأس السنة».

وفي منتصف الأسبوع الماضي، شنّ جهاز الحرس البلدي بمدينة بنغازي، شرق ليبيا، حملة على المحال التجارية المخصصة لبيع الألعاب وأدوات الزينة والأغراض المتعلقة باحتفالات رأس السنة، وصادرها وأمر بعدم بيعها، بداعي أنها «مخالفة للدين».

ويأتي قرار الحكومة التي يترأسها حمّاد، بعد أزمة أخرى أثارها حديث حكومة عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس، عن تفعيل شرطة الآداب، بداعي «انتشار الظواهر المنافية لقيم المجتمع الليبي في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي».

وتعاني ليبيا من انقسام حكومي حاد، ولديها حكومتان؛ الأولى في شرق ليبيا برئاسة حمّاد، وتحظى بدعم البرلمان و«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، والثانية في غربها بقيادة الدبيبة.