السعودية تعرض نموذجها الإصلاحي في «دافوس»

عرضت السعودية نموذجها الإصلاحي في المنتدى الاقتصادي العالمي، كاشفة النقاب عن التقدّم المحرَز في تحقيق أهداف «رؤية 2030»، واستعدادها للتربع على قائمة أكبر 15 اقتصاداً في العالم.
وفي جلسة حوارية بعنوان «آفاق السعودية»، الأربعاء، كشفت مساعد وزير السياحة الأميرة هيفاء بنت محمد، ووزراء الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، والاستثمار خالد الفالح، والمالية محمد الجدعان، والاتصالات وتقنية المعلومات عبد الله السواحة، عن التقدّم المحرَز في مختلف القطاعات لتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتعزيز المرونة.
63 مليون زائر
أكّدت الأميرة هيفاء بنت محمد، أن المملكة سجلت 63 مليون زيارة خلال العام 2021، ارتفاعاً من 41 مليوناً في 2018. وقالت خلال الندوة «عندما أطلقنا استراتيجية السياحة الوطنية في 2019، انطلقنا من 41 مليون زيارة في 2018 تشمل الزيارات الدينية، لنصل إلى 63 مليون زيارة في 2021». وأضافت «نحن لم نتعاف فحسب، بل حققنا زيادة مدفوعة بالسياحة المحلية».
ولفتت مساعدة وزير السياحة إلى أن السعودية احتلت المرتبة الثانية في تقرير المنتدى الاقتصادي حول التقدم السياحي، معتبرة القطاع من أبرز المجالات التي حققت فيها السعودية أداءً مميزاً، مشيدة بالتقدم المحرَز في بيئة الأعمال على وجه الخصوص. وقالت «تمكنّا من تعديل القرارات والسياسات، ونحن الآن بين أفضل 10 دول في بيئة الأعمال في قطاع السفر والسياحة».
واستشهدت بالتقدم المحرَز على مستوى تأشيرات الدخول واستحداث الرخص، وقالت «كان يتطلب الحصول على رخصة لمزاولة أي نشاط سياحي في السعودية أسبوعين في السابق. أما اليوم، فيتطلب 120 ثانية فقط عبر الإنترنت. أما التأشيرة الإلكترونية، فتتطلب 5 دقائق للحصول عليها، والأمر سيان لاستخراج تأشيرة عند الوصول».
وأكّدت الأميرة هيفاء، رداً على سؤال «الشرق الأوسط» حول هدف جذب 100 مليون زائر سنوياً بحلول 2030، أن قطاع السياحة يمر بتحول مستمر، لافتة إلى أن هدف 100 مليون يشمل الزائرين المحليين والدوليين. وقالت «أطلقنا التأشيرة الإلكترونية في عام 2019، ونشهد إصلاحات باستمرار ليس من منظور تنظيمي فحسب، بل من منظور البنية التحتية كذلك»، لافتة إلى مشاريع النقل العام، وافتتاح فنادق جديدة.
وعدّت الأميرة القطاع الخاص «جوهرياً»؛ «فنحن نعمل مع شركائنا وأصحاب المصلحة منذ البداية». وأشارت في هذا السياق إلى أن شركة «ماريوت» ستزيد استثماراتها في المملكة، في حين أعلنت مجموعة فنادق IHG أنها سترفع قيمة استثماراتها بنسبة 600 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقالت الأميرة، إن الوزارة تولي أهمية خاصة للوجهات السياحية ذات أولوية، وتعمل على الارتقاء بمستوى البنية التحتية اللازمة لخدمة رحلة الزائر.
إلى ذلك، توقّفت المسؤولة السعودية عند أهمية التدريب الذي يواكب الاستثمارات المتزايدة التي يشهدها قطاع السياحة السعودي، مشيرة إلى أن برامج التدريب بلغت 33 برنامجاً هذا العام، ارتفاعاً من 15 العام الماضي. وأوضحت «لقد عقدنا شراكات مع أفضل مدارس الضيافة في العالم، سواء كانت في أوروبا أو الولايات المتحدة أو في آسيا. وقمنا بتدريب 110 آلاف شخص حتى الآن. ونواصل توسيع برامج التدريب؛ إذ بلغ عدد المستفيدين منها في الربع الأول من هذا العام أكثر من 35 ألف شخص».
تنويع الاقتصاد
من جانبه، أكد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن الأمن الطاقوي لا يتعارض مع مكافحة التغير المناخي، لافتاً إلى أن الطلب على الطاقة سيستمر وفق تقديرات الخبراء وأن السعودية سترفع قدرات الإنتاج. وأضاف «آخر ما نرغب فيه هو التركيز على التغير المناخي دون ضمان أمن الطاقة والتطور الاقتصادي».
وعدّ الإبراهيم، أن إيرادات النفط تدعم جهود تنويع الاقتصاد السعودي التي تتواصل «بقوة»، مشيداً بتحقيق السعودية أعلى نمو فصلي في الناتج المحلي الإجمالي منذ 2011، خلال الربع الأول بمعدل 9.6 في المائة.
وكان الإبراهيم قد أكّد في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال «دافوس»، أن السعودية تولي اهتماماً خاصاً بتسريع معدلات نمو القطاع غير النفطي، باعتباره المؤشر الرئيسي لنجاح سياسات استدامة النمو وتنويع الاقتصاد. وقال «شهدنا تسجيل هذا القطاع نمواً بمعدل 4.7 في المائة العام الماضي، ونسعى للحفاظ على هذا النمو أو تجاوزه هذه السنة».
3 عوامل جذب
من جهته، وفي إطار جهود المملكة لاجتذاب الاستثمارات، قال وزير المالية، محمد الجدعان، إن السعودية وفّرت 3 عوامل أساسية للمستثمرين، هي المصداقية والقدرة على التنبؤ بالأحداث والشفافية.
وعدّ الجدعان، أن الإصلاحات التي طبقتها السعودية سمحت بالتقدم على صعيد القدرة على التنبؤ بالأحداث مقارنة بالسابق، فيما سيضمن عامل الشفافية إتاحة البيانات للجمهور للاطلاع عليها.
وتحدّث الجدعان عن «الصدمة الاقتصادية الثنائية» التي واجهتها السعودية، جرّاء أزمة «كورونا» والتراجع الكبير في أسعار النفط، مشيراً إلى أن الإصلاحات التي رافقت «رؤية 2030» والتي تخص تنويع الاقتصاد بشكل كبير «سمحت لنا بالحفاظ على انضباطنا المالي، رغم اتّخاذ قرارات صعبة قمنا بمشاركتها مع الجمهور والقطاع الخاص». وعدّ الجدعان، أن هذه الإجراءات نجحت في تعزيز الثقة.
استثمارات أجنبية مليارية
يرى وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن الاستثمار الأجنبي المباشر هو المحفّز الأساسي لتعزيز إجمالي الاستثمارات، وجذب التكنولوجيا والمعرفة والشركاء العالميين. وقال، إن السعودية تسعى لرفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 5.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لافتاً إلى أنها قُدّرت بـ20 مليار دولار في 2021. إلى ذلك، كشف الفالح عن أن غالبية الاستثمارات التي تشهدها السعودية هي في قطاعات جديدة، كالتكنولوجيا والسياحة والنقل الكهربائي وغيرها.
وقال الفالح، إن السعودية ماضية في طريقها لتصبح ضمن أكبر 15 اقتصاداً في العالم، لافتاً إلى أنها تقدمت في العديد من المؤشرات المتعلقة بـ«رؤية 2030»، ومتوقّعاً أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 1.6 إلى 1.8 تريليون دولار، ارتفاعاً من ترليون دولار متوقعة هذا العام.
وتوقّف الوزير السعودي عند مشروع افتتاح مصنع شركة «لوسيد» المصنعة للسيارات الكهربائية في السعودية، والذي يتوقّع أن يشهد تجميع 150 ألف سيارة كهربائية في السعودية سنوياً. وكشف الفالح، عن أن هذا المصنع سيكون واحداً من ثلاثة مصانع ضخمة لتجميع السيارات في السعودية.
نهضة رقمية
قال عبد الله السواحة، وزير الاتصالات السعودي، إن بلاده قدّمت نموذجاً إصلاحياً يبعث على التفاؤل، في خضمّ الأزمات التي يواجهها العالم. وعدّ أن «رؤية 2030» سخّرت الموهبة والتكنولوجيا لتحسين وتعزيز الإنصاف والنمو والاستدامة.
فيما يخص الإنصاف وإغلاق الفجوة الرقمية، قال السواحة، إنه تمّت زيادة نسبة النساء في قطاع التقنية من 7 إلى أكثر من 29 في المائة، وهي نسبة تتجاوز المعدلات الأوروبية والأميركية.
بالنسبة للاستدامة، استشهد السواحة بتحقيق «أرامكو» و«سابك» أدنى كثافة كربونية في عمليات الإنتاج والنقل والتكرير.
أما فيما يخصّ النمو، فقال السواحة «بينما كان العالم يمرّ بأصعب سنة منذ 90 عاماً، صنّف المنتدى الاقتصادي العالمي السعودية في المرتبة الأولى عالمياً في مجال النهضة الرقمية».
ووصف الوزير النمو الذي حققته بلاده بـ«الهائل»، لافتاً إلى أن قطاع التكنولوجيا المالية وحده حقق نمواً بنسبة 200 في المائة.