تعز تتظاهر لفك الحصار الحوثي بالتزامن مع اجتماعات عمّان

TT

تعز تتظاهر لفك الحصار الحوثي بالتزامن مع اجتماعات عمّان

تظاهر آلاف اليمنيين في مدينة تعز، أمس (الأربعاء)، للمطالبة بفك الحصار الحوثي المفروض على المدينة منذ سبع سنوات، وذلك بالتزامن مع بدء اجتماعات ممثلي الحكومة والميليشيات الحوثية في العاصمة الأردنية عمان، برعاية مكتب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لمناقشة الملف نفسه، في سياق استكمال تنفيذ بنود الهدنة الإنسانية التي تطوي أيامها الأخيرة، وسط توقعات بتمديدها شهرين آخرين. وفي حين شددت الحكومة اليمنية على ضرورة الإسراع بفك الحصار عن المدينة ذات الكثافة السكانية الأعلى دون قيد أو شرط، أعلن مكتب المبعوث الأممي بدء اجتماعات عمان بين ممثلي الحكومة والميليشيات الحوثية، غداة انتهاء مشاورات أجراها المبعوث لبحث مسارات الشق الاقتصادي.
ومع اقتراب الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة وبدأ سريانها في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، من نهايتها لا يزال تنفيذ الشق الخاص بفتح المعابر والطرقات في تعز وغيرها من المناطق عاثراً مع تأخر انعقاد الاجتماع بين ممثلي الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية.
وفي ظل الحملات الحقوقية التي قادها ناشطون يمنيون طيلة الأسابيع الماضية، توج سكان مدينة تعز هذه الضغوط الداعية لفك الحصار عن المدينة، أمس، بتسيير مظاهرة حاشدة شارك فيها الآلاف، حيث شددوا على إنهاء المعاناة المقيمة منذ نحو سبع سنوات.
وأكد المشاركون في المظاهرة أنهم يرحبون بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة؛ لكنهم عبروا عن أسفهم لحرمانهم من الاستفادة من الهدنة، وأكدوا تشديدهم على سرعة فتح كل طرقات محافظة تعز.
وقال بيان صادر عن المظاهرة إن «استمرار إغلاق طرقات تعز تترتب عليه أعباء ومخاطر ومعوقات إنسانية استثنائية، وحرمان المحافظة في المديريات الواقعة تحت سلطة الحوثي من الاستفادة من الخدمات الصحية والتعليمية في مدينة تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية».
ودعا البيان إلى «ضرورة تحييد الجوانب الإنسانية من الصراع والسماح بضخ المياه من الآبار الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والدوائية دون قيد أو شرط».
وفيما يأمل سكان المدينة المحاصرة أن تفضي الاجتماعات الجارية في الأردن إلى الاتفاق على فتح جميع المعابر والطرقات في تعز، يرى ناشطون يمنيون أن يشمل فتح الطرق جميع مناطق التماس بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية.
وقبل وصول الوفد الحكومي المفاوض إلى عمان، عقد، الثلاثاء، لقاء مع رئيس الحكومة معين عبد الملك في العاصمة المؤقتة عدن، حيث قدم عبد الملك الملاحظات والتوجيهات للوفد الحكومي، وفق ما ذكرته المصادر الرسمية.
وشدد رئيس الوزراء اليمني على أهمية التركيز على رفع الحصار الحوثي الغاشم والمفروض على محافظة تعز منذ أكثر من سبع سنوات، بعد تنفيذ الحكومة كل ما عليها من التزامات بموجب مقتضيات الهدنة الأممية. وأشار إلى أن «مماطلة ميليشيات الحوثي وتنصلها من تنفيذ ما يخصها وفق الهدنة يضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام مسؤوليتهما في تسمية من يعرقل السلام ويعمق معاناة اليمنيين الإنسانية واتخاذ عقوبات رادعة ضد الميليشيات».
وجدد عبد الملك حرص مجلس القيادة الرئاسي والحكومة على تحقيق السلام وفق المرجعيات المتفق عليها، وبذل كل ما يمكن لإنجاح الهدنة الأممية، متهماً الميليشيات بأنها تنصلت من كل التزاماتها.
وضمن التوجيهات التي قدمها رئيس الحكومة اليمنية للوفد المفاوض، طلب «عدم السماح لميليشيات الحوثي بتشتيت النقاشات في المباحثات كعادتها، والتركيز على رفع حصارها المفروض على تعز بشكل عاجل ودون أي شروط».
وكان اتفاق الهدنة التي بدأت في الثاني من أبريل الماضي لمدة شهرين نصّ على وقف شامل لإطلاق النار، وتسيير رحلات من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى القاهرة وعمان بواقع رحلتين أسبوعياً، مع السماح بدخول 18 سفينة وقود إلى الحديدة، والشروع في محادثات لفك حصار تعز وفتح الطرق الحيوية.
وفي حين بدأت بالفعل الرحلات إلى الأردن، حققت الجهود الأممية قبل يومين اختراقاً جديداً مع موافقة السلطات المصرية على التنسيق لتسيير الرحلات إلى القاهرة من مطار صنعاء الخاضع للميليشيات الحوثية في الأيام المقبلة، خصوصاً إذا ما تم التوافق على تمديد الهدنة وفق ما هو متوقع من تلميحات الحكومة وقادة الانقلاب الحوثي.
ويسعى المبعوث الأممي إلى بلورة مسارات متعددة لبدء نقاشها استناداً إلى الهدنة القائمة، وتشمل المسار الاقتصادي والإنساني والمسارات العسكرية والأمنية والسياسية، وسط تقديرات تشير إلى وجود صعوبات شديدة لا تزال تعترض طريق التوصل إلى سلام دائم في اليمن، خصوصاً مع إصرار الميليشيات الحوثية على تثبيت واقعها الانقلابي وتكريس قوتها العسكرية.
وكان المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أنجز، الثلاثاء الماضي، اجتماعاً استمر يومين مع خبراء اقتصاديين يمنيين من مختلف الخلفيات للتشاور معهم حول أولويات عملية السلام متعددة المسارات.
وبحسب بيان رسمي بثه الموقع الرسمي للمبعوث، ركزت النقاشات على تحديد أهم القضايا التي يجب معالجتها في المسار الاقتصادي لأي حوار ينشأ بين الأطراف في المستقبل وفي المسار الاقتصادي لعملية متعددة المسارات تقودها الأمم المتحدة.
وتضمنت هذه القضايا - وفق البيان - «مسألة تنسيق السياستين المالية والنقدية، وتحقيق الاستقرار في سعر صرف العملة في كل أنحاء اليمن، والإيرادات الحكومية، وتمويل رواتب الخدمة المدنية، وارتفاع تكاليف السلع بسبب القيود المفروضة على حرية التنقل وازدواجية الضرائب، وإعادة الإعمار، والدين العام، إضافة إلى المسائل الاستراتيجية الأخرى ذات الأولوية».


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.