في حين يسود الغضب وتتوالى بيانات الاستنكار الكردية ضد بيان ما تسمى «الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية» الذي هدد أمن إقليم كردستان، تلتزم حكومة بغداد والقوى المتحالفة مع أربيل (الكتلة الصدرية وتحالف السيادة) الصمت حيال ذلك، الأمر الذي يعيد -بحسب مصدر مقرب من الحزب «الديمقراطي» الكردستاني- السؤال المتداول داخل أروقة الحزب عن «جدوى البقاء ضمن مظلة تحالف (إنقاذ وطن) مع الصدريين و(السيادة) إذا كانوا غير قادرين أو راغبين في الوقوف مع أربيل، حتى بإصدار بيانات الإدانة في أضعف الإيمان».
ويضيف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «أربيل والحزب (الديمقراطي) يدفعان ثمناً كبيراً على شكل هجمات وتهديدات متواصلة تصدر عن ميليشيات مرتبطة بالخارج، منذ الانخراط في التحالف الثلاثي قبل أشهر، من دون أن يحصلا حتى الآن على شيء في مقابل ذلك». ويرى المصدر أن «بيان ما تسمى (تنسيقية المقاومة) تقف خلفه الفصائل والميليشيات ذاتها التي تعادي الإقليم بذرائع كاذبة، وهي مرتبطة بدوائر استخبارية إقليمية، والغريب أنه صدر بعد عمليات اغتيال طالت مؤخراً ضابطين في (الحرس الثوري) الإيراني».
كان أمين عام «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، قد استبق بيوم واحد، بيان «تنسيقية المقاومة» بالهجوم على أربيل، متهماً إياها بـ«احتضان معسكرات للتدريب هدفها إحداث اضطرابات في محافظات الوسط والجنوب، وشخصيات رسمية وسياسية لديها علم بذلك، وهذه المظاهرات هدفها إضعاف المركز والحكومة، والعمل على تنفيذ الصدام المسلح تحت مسمى الكفاح». وذكر في تصريحات تلفزيونية أن «(الموساد) الإسرائيلي في أربيل انتقل من مرحلة جمع المعلومات إلى مرحلة تنفيذ العمليات، والجانب العراقي سكت تماماً أمام الأدلة التي قدمها المسؤولون الإيرانيون بشأن نـشاط (الموساد) المعادي له، والمنطلق من أربيل».
بدورها، أصدرت كتلة الحزب «الديمقراطي» الكردستاني في البرلمان الاتحادي، أمس الثلاثاء، بياناً، ردّت فيه على ما ورد في بيان «تنسيقية المقاومة». وقالت الكتلة في بيانها: «في الوقت الذي يمر فيه البلد في أزمة سياسية كبيرة، وتأخير تشكيل الحكومة الاتحادية، يحاول البعض تضليل الرأي العام، وجر البلاد إلى متاهات خطيرة، والتي تزامنت مع تحركات الحزب (الديمقراطي) الكردستاني خلال الأيام القليلة الماضية مع الأطراف السياسية العراقية والكردستانية، لإيجاد حلول وطنية للانسداد السياسي وفق الاستحقاقات الدستورية، والمضي بتشكيل الحكومة». واعتبرت الكتلة أن «التهديدات مرتبطة بأجندات خارجية»، وأضافت: «في الوقت الذي نستنكر فيه هذا البيان، وما يحمله من أكاذيب وتضليل، ندين وبشدة هذه التهديدات على أمن كردستان، ونؤكد أن هذا الأسلوب يبين إفلاسهم السياسي وأساليبهم الرخيصة التي تحرض على وتر الطائفية والتفرقة بين أبناء البلد الواحد». وطالبت الكتلة حكومة بغداد بـ«فتح تحقيق عاجل في الموضوع، ومحاسبة الجهات اللامسؤولة».
وأول من أمس، أصدر مجلس أمن إقليم كردستان، بياناً رد على «تنسيقية المقاومة»، وحذر من أن «أي عدوان على إقليم كردستان سيكون له ثمن باهظ». وقال بيان للمجلس إن «مجموعة غير شرعية تسمى (لجنة تنسيق المقاومة العراقية)، والتي نعرف من تقف خلفها بشكل جيد، وجهت في بيان عدداً من الاتهامات والتهديدات التي لا أساس لها ضد إقليم كردستان».
وأضاف: «هذه التهديدات ليست جديدة في مناطق مختلفة من العراق، وفعلت ما في وسعها حتى الآن من مكائد، ونجم عنها فقط الدمار والفوضى للعراق».
وتابع البيان بأن «أي عدوان على إقليم كردستان، وهو كيان دستوري في العراق، سيكون له ثمن باهظ. إن هذه المجموعات الخارجة عن القانون تشكل تهديداً لسيادة العراق وأمنه، وقد مهدت الطريق لنمو الإرهاب والآيديولوجية المتطرفة».
في شأن كردي آخر، دعت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «ممثلي الأحزاب السياسية في إقليم كردستان، إلى اجتماع مغلق مشترك (غداً الخميس)». وقالت البعثة في البيان: «مع اقتراب موعد انتخابات إقليم كردستان المقرر إجراؤها في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2022، فإن هذا الاجتماع يتيح فرصة طيبة وحسنة التوقيت لتبادل وجهات النظر مباشرة».
وكانت رئيسة البعثة الأممية جينين بلاسخارت قد انتقدت، في الإحاطة التي قدمتها أمام مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، الخلافات بين الأحزاب الكردية، واعتبرت أنها تلحق ضرراً بمصالح المواطنين في الإقليم. ويتحالف الحزب «الديمقراطي» الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني مع تيار الصدر وتحالف «السيادة» السني، بينما يتحالف حزب «الاتحاد الوطني» مع قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي.
ورغم خوض الحزبين جولة جديدة من المفاوضات قبل 3 أيام، للتوصل إلى صيغة لحل عقدة انتخاب رئيس الجمهورية الاتحادية التي جرت العادة على إسناده لشخصية كردية، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني عاد أمس، وتمسك بمرشحه لرئاسة الجمهورية ريبر أحمد في مقابل مرشح حزب «الاتحاد الوطني» برهم صالح، ما يؤشر إلى أن الخلافات بين الجانبين ما زالت جدية، ومن غير المتوقع حسم منصب الرئاسة، وتالياً الانتهاء من معضلة تشكيل الحكومة في القريب العاجل.
تهديدات ميليشياوية تختبر «التحالف الثلاثي» في العراق
تهديدات ميليشياوية تختبر «التحالف الثلاثي» في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة