روسيا تدرس «الخطة الإيطالية» للسلام في أوكرانيا

بوتين ولوكاشينكو لدى اجتماعهما في سوتشي أمس (ا.ب.ا)
بوتين ولوكاشينكو لدى اجتماعهما في سوتشي أمس (ا.ب.ا)
TT

روسيا تدرس «الخطة الإيطالية» للسلام في أوكرانيا

بوتين ولوكاشينكو لدى اجتماعهما في سوتشي أمس (ا.ب.ا)
بوتين ولوكاشينكو لدى اجتماعهما في سوتشي أمس (ا.ب.ا)

أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد جلسة محادثات «جادة ومعمقة»» مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، مضيفا أن النقاشات ركزت على مواجهة العقوبات الغربية المفروضة على البلدين، والتدابير المشتركة لتعزيز القدرات الدفاعية في مقابل تمدد حلف شمال الأطلسي.
وقال بوتين في مستهل اللقاء إن الاتفاق على «عقد اجتماع ثنائي في سوتشي أملته الظروف التي تتطلب مثل هذا الحديث الجاد والعميق، وأعني كل ما يتعلق بالقضايا الأمنية في المنطقة، وأمن بلدينا، وكل ما يتعلق بالاقتصاد». وزاد أنه رغم كل الصعوبات، فإن «الاقتصاد الروسي يتحمل تأثير العقوبات بشكل جيد، وجميع مؤشرات الاقتصاد الكلي الرئيسية تتحدث عن ذلك».
وأشار بوتين إلى أن «دولة الاتحاد تعد أساسا لمزيد من التطوير»، كما أشار إلى عملية التكامل التي قال إنها «بهدوء ومن دون تسرع وتهدف إلى تطوير المجالات الرئيسية وعلى رأسها التعاون الصناعي، والتعاون في الطاقة والزراعة».
بدوره وصف لوكاشينكو الوضع الحالي بأنه «وقت الفرصة». وتطرق الرئيس البيلاروسي إلى الوضع في أوكرانيا محذرا من «طموحات للغرب في اقتطاع أجزاء من هذا البلد». وزاد: «هناك أشياء غير متوقعة في أوكرانيا. نحن وأنتم قلقون، أنهم (الغرب) يتخذون خطوات تقسيم أوصال أوكرانيا».
وبحسب لوكاشينكو، فإن «البولنديين وحلف شمال الأطلسي مستعدون للمساعدة في استعادة السيطرة على غرب أوكرانيا، كما كان الحال قبل عام 1939». وأوضح أن «هذه هي استراتيجيتهم لغرب بيلاروسيا أيضاً. نحن نبقي أعيننا مفتوحة. كما قلت، لا يزال يتعين على الأوكرانيين ألا يسمحوا بفصل الجزء الغربي وأجزاء أخرى عن أوكرانيا».
على صعيد مواز، أعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا «لا تعد مصدر الخطر» بالنسبة إلى المخاوف من انتشار مجاعة في العالم، موضحا أن «المسؤولية عن المجاعة المحتملة ملقاة على عاتق العقوبات المفروضة على روسيا وعلى عاتق من فرضها». وقال بيسكوف: «لطالما كانت روسيا مصدرا للحبوب موثوقا به إلى حد كبير. كانت أوكرانيا أيضا مصدرا موثوقا به إلى حد ما. لا يمنع الجانب الروسي أوكرانيا من تصدير الحبوب إلى بولندا عبر سكك الحديد، تنطلق قطارات محملة بالأسلحة من هناك، ولا أحد يمنعها من تصدير الحبوب على متن نفس القطارات». وأضاف بيسكوف أن روسيا تتفق كليا مع مخاوف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن نشوء أزمة غذاء عالمية، والتي تحدث عنها خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، مذكرا بتصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال إن الانهيار الذي تشهده سوق القمح، سببه يعود إلى ما تم فرضه من عقوبات وقيود».
في الأثناء، نقلت وكالة أنباء نوفوستي الحكومية عن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو قوله إن موسكو تلقت خطة السلام التي اقترحتها إيطاليا و«تقوم حاليا بدراستها». وقال الدبلوماسي: «تلقيناها منذ وقت قصير وندرسها»، مؤكدا أنها ليست قيد المناقشة حاليا بين روسيا وإيطاليا. وأضاف «عندما ننتهي من دراستها سوف نعطي رأينا».
وكان وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو أعلن الجمعة أن بلاده اقترحت على الأمم المتحدة تشكيل «مجموعة تيسير دولية» لمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار «خطوة بخطوة» في أوكرانيا. بالنسبة إلى دي مايو فإن «مجموعة التيسير» التي اقترحتها الأمم المتحدة «يجب أن تحاول إعادة بناء الحوار بين طرفين هما في حالة حرب حالياً».
ولم تنشر تفاصيل هذه الخطة بعد، لكن صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية قالت إن الوثيقة التفصيلية التي سلمت للأمم المتحدة وضعها دبلوماسيون من وزارة الخارجية الإيطالية وهي تنص على أربع مراحل:
- وقف لإطلاق النار في أوكرانيا ونزع الأسلحة على الجبهة تحت إشراف الأمم المتحدة.
- مفاوضات بشأن وضع أوكرانيا التي ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي وليس حلف شمال الأطلسي.
- اتفاقية ثنائية بين أوكرانيا وروسيا بشأن شبه جزيرة القرم ودونباس (ستتمتع هذه الأراضي المتنازع عليها بحكم ذاتي كامل مع الحق في ضمان أمنها ولكنها ستكون تحت سيادة أوكرانية).
- إبرام اتفاقية سلام وأمن في أوروبا متعددة الأطراف بهدف رئيسي هو نزع السلاح ومراقبة الأسلحة ومنع نشوب نزاعات.
وكان رئيس الفريق المفاوض الروسي فلاديمير ميدينسكي قال إن روسيا مستعدة لاستئناف محادثات السلام مع أوكرانيا من دون أن يوضح ما إذا كانت لدى بلاده أفكار أو اقتراحات جديدة.
إلى ذلك، لم يستبعد رودينكو، احتمال بحث مسألة تبادل الأسرى الروس المحتجزين لدى أوكرانيا مقابل الجنود الأوكرانيين الذين تم احتجازهم بعد مغادرة مصنع «آزوفستال». لكن الدبلوماسي قال إن هذا يتعلق بآليات عمل المفاوضات التي تجريها وزارة الدفاع والفريق الروسي المفاوض لبحث خطوات لتسهيل الحوار بين الطرفين.
ميدانيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها دمرت في شمال غربي أوكرانيا شحنة من الأسلحة والمعدات العسكرية تابعة لوحدة أوكرانية كانت في طريقها إلى دونباس. وقال المتحدث باسم الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إن صواريخ بعيدة المدى عالية الدقة أطلقت من البحر، دمرت في منطقة إحدى محطات القطار في مقاطعة جيتومير، الأسلحة والمعدات العسكرية التابعة للواء الهجوم الجبلي العاشر للجيش الأوكراني والتي كانت تنقل من مدينة إيفانو - فرانكوفسك (غرب) إلى دونباس. وتابع في إيجاز لحصيلة العمليات خلال الساعات الـ24 الماضية أن صواريخ أطلقت من الجو دمرت أربعة مواقع قيادة، ومركز اتصالات لمجموعة العمليات التكتيكية «الشمال» في منطقة بلدة بخموت في دونيتسك و48 منطقة تجمع للقوات والمعدات العسكرية، ومنظومة صواريخ مضادة للطائرات، إضافة إلى ستة مستودعات للذخيرة في لوغانسك.
وذكر المتحدث أن الطيران الروسي استهدف 39 منطقة تجمع للقوات والمعدات العسكرية الأوكرانية، ودمر مستودعا للذخيرة في منطقة كراسني ليمان في لوغانسك، مضيفا أنه نتيجة الغارات الجوية تم القضاء على أكثر من 230 فردا من الفصائل القومية الأوكرانية وتعطيل 33 قطعة من المعدات العسكرية.


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».